المخططات الليبرالية

الرأسمال المالي المغربي يستنزف جيوب المواطنين

 

الرأسمال المالي المغربي يستنزف جيوب المواطنين

أعلنت الشركات الخمس والسبعين (75) المدرجة في بورصة الدار البيضاء عن أرباح صافية بقيمة 30 مليار درهم خلال سنة 2017  بنمو يقدر 12،2في المائة مقارنة مع سنة 2016. تم توزيع الأرباح على المساهمين في الشركات المدرجة بالبورصة على منحى مرتفع وصل إلى 22 مليار درهم. ثروة ستصل لجيوب الرأسمال المالي المضارباتي المغربي. هذه الأرباح الهائلة وتوزيعها على المساهمين يتم في سياق اقتصادي واجتماعي صعب بالنسبة الطبقات المتوسطة والفقيرة ما يؤكد مجددا الانفصام الذي يمثله الرأسمال المالي عن الاقتصادي “الحقيقي”. مما يجعل حملة المقاطعة الحالية ذات راهنية  وهي تعبير مجتمعي واعي عن رفض وتنديد أمام تكديس الثروة لدى حفنة من رأسمالية “المحاسيب”.

أرباح الأبناك   

25 في المائة هي نسبة الربح الصافي لدى الأبناك الست المدرجة في بورصة في 2017 ( اسبوعية لافي ايكو، عدد 25 ماي 2018). هذا رقم لا يمكن إلا أن يكون مستفزا في بلد عرف اقتصاده الإجمالي نموا لا يتجاوز.4،1 في المائة.  الأبناك المعنية حسب ترتيب أرباحها الصافية هي كالتالي: التجاري وفا بنك  (6،6 مليار درهم) و البنك الشعبي (2،8 مليار) و البنك المغربي للتجارة الخارجية (2،03 مليار) و القرض الفلاحي (575 مليون درهم) و القرض العقاري والسياحي ( 435 مليون درهم).  نسب الأرباح الجد مرتفعة هاته تفسر أيضا بمستويات ربح قياسية للفروع الأفريقية للبنوك الثلاث الأولى، حيث أصبحت إفريقيا جنوب الصحراء البقرة الحلوب لرأسمال المالي المغربي منذ الخمس السنوات الأخيرة. تجدر الإشارة، أن أرباح القطاع البنكي ل 2017 ليست غير اعتيادية، حيث حققت 19 بنك المتواجد بالمغرب (المدرجين بالبورصة أو غيرها) نسبة ربح مماثلة في 2016، وصلت ال20 في المائة، حسب التقرير السنوي لبنك المغرب. ولم تقف مستويات مراكمة الأرباح للرأسمال للمالي عند هذا الحد، حيث وصلت لدى قطاع القروض الاستهلاكية إلى 30 في المائة و شركات الإيجار الطويل المدة، نسبة 24 في المائة.

مقارنة أرباح الشركات الغير مالية والمالية تبين أن نسبة الأرباح تصل إلى الضعف. فهل يوازي مستوى الأرباح مستوى المساهمة في “الثورة الوطنية المنتجة” ؟ الجواب: لا. حيث تساهم الشركات المالية بنسبة 4،7 في المائة بينما الشركات الاقتصاد “الحقيقي” ب38،5 في المائة.

” شكرا الدولة ومارسا ماروك”

ورغم مستويات الربح المشار إليها أعلاه مازال الرأسمال المالي يطلب المزيد من الإعفاءات الضريبة والإصلاحات من أجل تحرير السوق المالي. فبالنسبة للفاعلين في قطاع البورصة (شركات الوساطة، المستثمرين المؤسساتيين من صناديق تقاعد وشركات تأمين) سنة 2017 كانت حسب أقوالهم “متوسطة” مقارنة مع 2016. في تلك السنة عرفت البورصة انتعاشا مضارباتيا وتشكيل بداية فقاعة مالية. السبب:  التهافت على البورصة بسبب نزول نسب الفائدة الخاصة بأصول الديون العمومية الداخلية. حيث فضل المستثمرون المؤسساتيين

(Zinzins)

والذين يرسمون ملامح السوق المالي، بعمليات شراء كبيرة للأسهم خاصة في عملية خوصصة “مارسا ماروك”.  وبذلك عرفت أسهم البورصة ارتفاعا ب30 في المائة (التقرير السنوي للبورصة). حيث عرفت قطاعات مثل “النقل” ارتفاعا في ثمن أسهمه ب80 في المائة، نمو مريب كانت وراءه الصفقة-الهدية المقدمة من طرف الدولة من خلال خوصصة “مارسا ماروك” وإدراجها بالبورصة. قطاع العقار ممثلا من خلال شركتي “الضحى” و”فضاءات السعادة” حققت أسهمهم ارتفاعا ب73 في المائة، قطاع “التغدية والانتاج” عرف ارتفاعا ب53 في المائة. أمام قطاع الغاز والبترول (إفريقيا غاز، طوطال) فكان الارتفاع ب49 في المائة. لا تعليق.

فعوض التسهيلات الضريبية التي تنالها المجموعات الكبرى، وخاصة الرأسمال المالي، نطالب نحن في الجمعية، مع مجموعة من المنظمات بسن ضربية تصاعدية على الأرباح الكبيرة ونؤكد على تدقيق الديون العمومية من أجل إلغاء أقسامها غير الشرعية، خاصة أن الأبناك استفادت من الديون الداخلية من أجل تحقيق أرباح مريحة لعقود..

كل هذه الأرقام ومستويات الربح التي يعرفها الرأسمال المالي تفوق عشرات المرات نمو الاقتصادي الحقيقي. وتؤكد الانفصام مع اقتصاد “الكازينو” الذي تمثله البورصة عن واقع الغالبية الساحقة للمغاربة اليوم، واقع يتسم بغلاء في المعيشة، تدهور مهول في مستويات الخدمات العمومية الأساسية وقمع لكل الحركات الاحتجاجية المطالبة بالخروج من هذا الوضع الاجتماعي والاقتصادي المأزوم. في الآن نفسه يتفنن الاستبداد في تحسين شروط الاستغلال لصالح طبقته الاجتماعية.

صلاح الدين المعيزي، عضو أطاك المغرب 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى