الديون

الإرهاب من شيم الامبرياليين

ولأول مرة في تاريخ المغرب تكتفي المقاربة الرسمية في مثل هذه الأحداث ، بإعلان الحدث وكونه مدبرا ، وبان لجنة تحقيق منصبة في البحث عن الجهة التي دبرت الحادث الجبان ، ولم تمد أصبع اتهامها ، كما المرات السابقة .وكان ذلك مقصودا ، إذ تركت المبادرة لأزلام الاستبداد من الحزبيين والنقابيين والجمعويين والإعلاميين .

وبالفعل أنتج هؤلاء الأزلام وابلا من التحاليل والمقاربات والاتهامات ، وكل ما يجعل الرأي الوطني يقف عند الحدث بإمعان ولا يبرحه . وحين تمتزج التحاليل المبيتة ، عن قصد أو من دونه ،تخلق أجواء الاتهام ، وقد يكون المتهم حركة 20 فبراير الشبابية في شخص ثلة من الشباب المدمن على تناول أقراص الهلوسة ، والمأجورين .

ومن بين المقاربات المضحكة تلك التي تتهم الجزائر أو القذافي ، وكان هؤلاء لهم من الوقت ما يكفي ليفكروا في إثارة القلاقل في بلد آخر ، في حين أن هذه الأطراف المتهمة تغرق شيئا فشيئا في هيجان مد شعوبها .

فالطبقات السائدة تنهار جزئيا في كل من مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن ، وانهيارها ذاك يمس بمصالح الامبريالية الدولية ، لهذا فان إيقاف المد الشعبي الذي انبثق أول مرة من شمال إفريقيا ، ويتوسع كالنار في الهشيم ، ويضرم النار في عدة دول عربية ، هو من مهام الامبريالية الدولية ووكلاءها المحليين .

لقد فتحت الانتفاضات الشعبية، المنجزة منها والقائمة ،الباب على مصراعيه أمام الشعوب المنتفضة لإثارة قضية التبعية للغرب بشكل أو بآخر ، الأمر الذي يهدد بشكل مباشر النظام العالمي الجديد ، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا ، هذا النظام الذي اعتمدته الامبريالية لنهب خيرات الأرض وعرق العباد .

فالامبريالية الدولية بقيادة أمريكية وصهيونية ، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، كانت في حاجة إلى خلق عدو وهمي .وقد كانت تفجيرات الأبراج بقلب أمريكا، السيناريو الذي قدمت فيه الامبريالية ضحايا أبرياء ، وكان هذا العدو هو الإرهاب وتنظيم القاعدة أساسا . هذا الأمر سمح للامبريالية بان تتحرك عبر العالم كيفما تشاء ، وتستحوذ على مصادر الطاقة باسم محاربة الإرهاب ، تقتل وتبيد وتفجر وتعتقل بمعتقل ” كوانتانامو ” ، تقوم بكل ذلك باسم محاربة الإرهاب، وانسجاما مع مصالحها عبر العالم، وتنمية لتلك المصالح .

لقد تسارعت ، بعد القولة الشهيرة لبوش الابن ” إما معي وإما مع الإرهاب ” ، عملية إقحام الدول التابعة للمعسكر الشرقي ، ودول عدم الانحياز ، ودول الجنوب عموما ، في السوق الدولية الحرة، حيث السيادة للرأسمال ، وتخلت اغلب الدول عن سيادتها باسم العولمة والخوصصة ، وارتبطت بالمركز الامبريالي عبر التقويمات الهيكلية لاقتصادياتها الداخلية ، التي فرضتها المؤسسات المالية الدولية مالكة الديون التي كبلت بها تلك الدول .

إن التقويمات الهيكلية لاقتصاديات الدول مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب ، وكل الدول العربية ، لم تزد شعوب تلك الدول سوى فقرا وجهلا ومرضا .فبالإضافة إلى سيادة الاستبداد في كل الدول التابعة ، الفاقدة لسيادتها ، تئن تلك الشعوب من جراء أوضاع اجتماعية مزرية دامت عقودا ، فلا خيار لها للخروج من تلك الأوضاع غير الاحتجاج .

إن عدم قراءة انفجار مقهى اركانة بمراكش ، وكذا انفجار بعين الدفلة بالجزائر يوم 29 ابريل 2011 ، في هذا السياق الدولي، الذي تشاهد فيه الامبريالية الدولية بأم عينها كيف تنتفض الشعوب ضد مستبديها ، وبان تلك الانتفاضات قد تؤدي إلى ثورات تقطع مع النظام العالمي الجديد، الذي ترعاه تلك الامبريالية ، هو تغليط أو نقص في التحليل ، لان القضية اليوم ليست قضية طوائف أو أحزاب ، كما كان الأمر في السابق ، بل قضية شعوب ، قضية شعب بكل تنوعاته الفكرية والإيديولوجية ، ينهض وينتفض ضد أوضاع الاستبداد والاستغلال ، ولان ” تسونامي ” الشعبي المتدفق اليوم هو موجه أساسا للطبقات السائدة ، سواء بالدول التابعة أو بدول المركز الامبريالي عموما .

 

                                                احسين 29/04/2011

زر الذهاب إلى الأعلى