الديون

منظور توجيهي عام لتدخل اطاك المغرب في حركة 20 فبراير

أطــــاك المغــــــرب

في مواجهة العولمة الليبرالية

عضو الشبكة الدولية لإلغاء

 ديون العالم الثالث

منظور توجيهي عام لتدخل اطاك المغرب في حركة 20 فبراير

بعد ان عانى الشعب المغربي عقودا من الاستبداد  ومن سياسات اقتصادية لفائدة اقلية نهبت الوطن واستغلت عرق كادحيه، وبفعل السيرورات الثورية التي تفجرت بالمنطقة العربية و المغاربية، تجتاح المغرب موجة نضالات اجتماعية و سياسية لم يشهد لها مثيلا من حيث الامتداد الجغرافي ونوعية المطالب ووحدتها .

فمنذ ظهور حركة 20 فبراير بانت قوة هذه الحركة فيما يلي :

  • كونها مستندة على قاعدة شبابية وهو ما يجعلها مفتوحة على فعل دينامي يستطيع احداث تحول فكري وقيمي وسياسي في الجيل الصاعد حاليا.
  • كون الانتماء اليها مبنيا على القناعة الفردية (وليس تمثيلية الاطارات كما هم الشان بحركة مناهضة الغلاء) وهو ما يفتح المجال امام بعض الافراد النقديين لاحزابهم او جمعياتهم (دون تحمل اي مسؤولية لكونهم غير مندوبين لها ) كما انه صيغة ستكون معبرة اليوم عن اتفاق جماعي غير رسمي للتيارات المنخرطة في هذه الحركة ، لكنه وضع مناسب لاحداث تحول الحركة من غلبة المنتمين الى احزاب وجمعيات ، الى غلبة من لا تسييس سابق لهم . وهذ الاخير هو الوضع المأمول حدوثه .
  • كونها تربط بين المطالب الاجتماعية والسياسية وتطرح شعارات مطلبية موحدة لجميع الفئات المفقرة من الشعب ، وتتجاوز بوحدتها التنظيمية والمطلبية ازمة تشتت وتذرير ولا تزامن النضالات الاجتماعية بالمغرب .
  • ميزتها الخاصة كأول حركة جماهيرية في تاريخ بلادنا بعد استقلال 56،شاملة لاغلب مناطق المغرب وتخوض نضالات موحدة ومتزامنة، على ارضية مطالب سياسية واضحة ضد الاستبداد ومن اجل تحقيق الديموقراطية .
  • مرونتها التنظيمية : السلطة للجمع العام المحلي للمدينة اضافة الى لجان وظيفية ذات مهام متنوعة كالتنظيم والاعلام واليقظة والتعبئة يتطوع الافراد للمساهمة فيها بشكل مباشر ومفتوح . هذا النوع من المرونة التنظيمية تساهم في توسيع حجم مشاركة الناس في القرارات ، وهي ايضا اداة لايقاف امكانية الهيمنة السياسية لطرف او اطراف على الحركة .

هذه المواصفات هي ما يجعل حركة 20 فبراير نوعية ، ويفرض ايضا خطة تدخل موحد لجميع شباب الحركة لانجاح اول فرصة فعلية لبناء حركة جماهيرية على ارضية الكفاح لتحقيق الديموقراطية السياسية ومواجهة السياسات النيوليبرالية .

في المطالب :

–     لا يجب علينا المساهمة في بعض الدعوات الهادفة الى تدقيق المطالب وتعميق النقاش حول بعضها من قبيل التعارض بين الملكية البرلمانية والدستور الديموقراطي والمجلس التاسيسي . علينا فهم طبيعة 20 فبراير كحركة مكونة اليوم في اغلبيتها المطلقة من اعضاء تيارات سياسية او جمعوية ، اي الجسم الذي تسيس قبل 20 فبراير وانتظم في اطارات قائمة . ويسود بين هؤلاء اختلافات في المطالب والبدائل التي تراها .  ومن شأن اي تدقيق وتفصيل في المطالب خاصة السياسية باتجاهات اكثر جذرية ان يؤدي الى تشظي الحركة وفقدان مكانتها الاعتبارية كونها تجمع جميع الرؤى حول مطلبين عامين : ضد الاستبداد السياسي ومن اجل تحسين الاوضاع الاقتصادية للمضطهدين . ناهيك عن ان هذا النجذير للمطالب سيكون قفزا على المستوى الضعيف راهنا لهذه الحركة ، اذ ما زالت هذه الاخيرة بطيئة في استقطاب فعاليات جديدة وجمهور عريض من المنتسبين كما وقع في تجارب مصر وتونس … الخ

–     علينا ترك الارضية المطلبية للحركة تتسم بالعمومية التي تطبعها حاليا للحفاظ على وحدتها ، ادراكا منا ان الانغراس الجماهيري للحركة هو الذي سيطور المطالب ويفصلها حسب ميزان القوى بين الحركة والحكام المستبدين .

–     علينا الدمج الدائم للمطلب السياسي مع المطالب الاجتماعية . فان كان علينا خوض نضالات اجتماعية لكسب الجماهير العريضة لمعركتنا ، ان نسعى لربط هذه المطالب مع مطلب النضال ضد من يطبق برامج التفقير لرفع مستوى وعي الجماهير وللحفاظ على جوهر الحركة الساعية الى سؤال من يحكم البلد كاشكالية مركزية للنضال الحالي .

في التنظيم :

يسود في اوساطنا تصور تنظيمي مبني على المرونة ورفض لاي هيكلة تنظيمية وطنية للحركة . هذا التصور ينبني على كون الجمع العام المحلي هيئة وحيدة للتقرير ويفرز هذا الجمع العام لجانا وظيفية لتنفيذ قراراته وهذه الاخيرة تضم كل الفاعلين بتعدد تصوراتهم ورؤاهم السياسية والجمعوية مع العلم ان الانخراط في الحركة فردي وليس قائما على التمثيلية . اما القرارات الوطنية فمبنية على تفاعل الجموعات المحلية مع الدعوات الصادرة من منطقة او اخرى .

هذا التصور يجب تطويره من زاوية ضرورة نضال وطني منظم لحركة 20 فبراير . فالشكل الحالي للاتفاق على برنامج النضالات الوطنية قاصر على برنامج تطوير مراكمة تنظيمية وبرنامجية للحركة . ولكن مع ضرورة الحفاظ على الروح المرنة للتنظيم .

المقصود بهذه الروح المرنة هو تنظيم الحركة الجماهيرية بطريقة تحول دون بنائها بتوافقات بين الاطراف السياسية المنخرطة فيها ، وتكون كاشكال تنظيمية تمكن من مشاركة الافراد الآخرين غير المنتمين لاحزاب وتنظيمات من التمثيل في الاجهزة التنظيمية . لكن هذه الروح المرنة للتنظيم لن تنجح من طبيعة الحال دون توسع جماهيري لحركة 20 فبراير .

الى حدود مستوى التراكم الحالي للحركة فالشكل الحالي لتنظيمها مناسب لهذا المستوى، لكن في المستقبل يمكن مثلا الدعوة لتنظيم ملتقى وطني كجهاز تنظيمي للاتفاق على البرنامج الوطني ، يضم 5 منتدبين غير دائمين على الاكثر ينتدبهم كل جمع عام محلي دون إحداث اي جهاز تنفيدي وطني لانه غير ذي مبرر . ان جدوى هذا الشكل التنظيمي الوطني هو ضرورة وجود جهاز للاتفاقات الوطنية كما انه سيساهم في تطويرها وفي مراكمة توسعها التنظيمي .

كما انه علينا تحصين الحركة ضد اي انحراف برنامجي ، حيث ان بعض التيارات التي تدرك انها لن تقتل الحركة بنقدها من الخارج ، تسعى لتشليك الحركة من الداخل عبر جرها لمستنقع المأسسة التنظيمية والحوارات ومع السفارات الاجنبية ومع مؤسسات الدولة . وهو ما تبين بعد دعوة لجنة المنوني لشباب الحركة ، وايضا خطر الاستبدالية الذي يجسده المجلس الوطني للدعم . ومهما كنا حاذقين في الاجراءات التنظيمية فلن نحصن الحركة بها . الحصانة الوحيدة هي مرونة التنظيم ، والتوسع والانغراس الجماهيري . وان حصل هذا الاخير فلن تنجح خطط المتآمرين مهما كانت “شطارتها”.

وجب علينا استحضار المضامين الواردة بهذه الفقرة بشكل دائم لنكون في مستوى تنفيذها الى جانب الآخرين في الحركة. لكن تقييما فعليا لنجاحنا اليوم ،يجب ان يقاس بالضبط ، بقدرتنا على توسيع القوة التنظيمية لحركة 20 فبراير بكل منطقة عبر خلق لجن بكل احياء المدينة (لجن احياء وليس لجن تقنية للتعبئة)عوض حصر قوتها التنظيمية في جمع عام مركزي. فلجن الاحياء تتيح امكانية مشاركة واسعة لجمهور عريض من الناس في النضال بشكل لا يتيحه الاكتفاء بجمع عام مركزي للمنطقة، وهو ما برهنت عنه تجربتي البيضاء واكادير التي يجب نقلها للمناطق الاخرى.

في أشكال النضال

ابدعت الحركة لحد الآن العديد من اشكال وانماط الاحتجاج وهي تختلف حسب المناطق، لكن المهم هو ان تكون هذه الاشكال كلها محكومة بهدف انغراس جماهيري وتوسع في القاعدة الشعبية. لكن بلوغ اشكال النضال الاكثر قوة كالاضراب العام والعصيان المدني الشامل ليس رهين رغبة ذاتية بقدر ما سيكون افرازا لتطور طبيعي لصيرورة النضال بشكل ملموس، دون ان ننسى ان تطور اشكال النضال سيكون تتويجا لسيرورة عمل تعبوي احتجاجي في الاحياء الشعبية بالمدن.

لوحظ منذ بداية حركة 20 فبراير استبطان العديد من ناشطيها لفكرة تنظيم اعتصام مركزي كشكل راق لهذه الحركة من اجل فرض تحقيق مطالبها. وفي نظرنا يشوب هذه الفكرة تشوش كبير وسوء فهم للمبررات التالية:

–     تعتمد فكرة الاعتصام على استبطان نموذج ميدان التحرير بمصر كخلفية نموذجية، لكنها تتناسى الفارق النوعي المتجسد في كون اعتصام ميدان التحرير تتويجا لمشاركة شعبية واسعة جدا في نضالات احياء القاهرة وفي كافة المدن قبل تتويج هذه المشاركة الهائلة في اعتصام ميدان التحرير.

–     نمذجة اعتصام ميدان التحرير تؤدي الى تناسي الفوارق في الوضع السياسي بين مصر والمغرب، ففي مصر يتعلق الامر بحالة سياسية جعلت مطلب اسقاط رأس النظام مطلبا شعبيا في سياق نهوض شعبي واع بحفز مباشر من الثورة التونسية. لكننا في المغرب بصدد بروز حركة سياسية ديموقراطية وتعددية لكنها ما زالت ضعيفة في الانخراط الشعبي، وذات رؤية مطلبية “اصلاحية” تركز على عناصرالمحيط الفاسد للنظام وليس لمطلب احداث قطيعة سياسية جذرية مكان في وعي اوسع جماهير المغرب على الاقل اليوم. ليس هذا التحليل تنقيصا من قيمة هذه الحركة لان الامر يتعلق بوضع سياسي صنعت ملامحه منذ حكومة تناوب 1998 والانتقال السلس للحكم المرفوق بانفتاح سياسي، متحكم فيه، لكنه استطاع امتصاص الغضب الشعبي الناتج عن نظام سنوات الرصاص.

–     تناسي ان خصوصيات كل بلد وسياقه السياسي الخاص يؤدي الى اختلاف اشكال النضال. فقد سقط نظام زين العابدين دون اعتصام وفق النموذج المصري، كما ان اليمن اليوم تعيش على ايقاع عصيان مدني يتوسع يوما بعد يوم ، اما في سوريا فالحركة تتطور وفق صيغة التظاهر اليومي بالشوارع رغم القمع الدموي، وفي ليبيا تطورت الانتفاضة الشعبية الى الصيغ المسلحة منذ بداياتها. فلكل بلد صيغ خاصة لا يمكن لاحد التنبؤ بها لكونها مرتبطة بالشكل الخاص لنظامه السياسي ودرجة تسارع تناقضاته الداخلية اضافة الى مستوى الوعي الشعبي ودرجة الاستعداد الواسع للنضال لدى الجماهير العريضة.

وباختصار فان تسارع الدعوة لاعتصام مركزي في الشروط الحالية للحركة هو جواب خاطئ على مسألة خاطئة هي مقولة “استنفاذ الحركة لاشكال النضال” وينبع هذا الاحساس من خلال اعتبار التظاهر بكل مدينة اسبوعيا شكلا روتينيا يجب تجاوزه. والخطأ هنا هوأن ما يجب تجاوزه ليس هذه الاشكال وانما هو ضعف الانخراط الجماهيري الواسع. لذلك فما من جواب على هذه الاشكالات سوى تحلي المناضلين بطول النفس واقتناعهم بأن معركة النضال ضد الاستبداد ليست مسالة اسبوعين او شهرين، بقدر ما هي مرتبطة بدرجة كسب عموم الشعب ليدخل حلبة النضال، مهما استغرقت هذه العملية”الروتينية” من زمن.

إن حركة 20 فبراير تنمو بشكل طبيعي وتتصاعد وتيرتها ومستوى مشاركة الشعب في نضالاتها. فليتسم المناضلون بطول النفس الذي تقتضيه المرحلة، وليكونوا على استعداد لاي تغير مفاجئ في ميزان القوى ليس فقط باتجاه موجة قمعية قاسية، ولكن ايضا بالانتباه لعاملين اساسيين:

–     الاول هو مستوى تنامي حركة اجتماعية من اجل مطالب اقتصادية تقوت نضالاتها بحفز من السياق السياسي الذي خلقته حركة 20 فبراير(النضال من اجل حق السكن-نضالات ابناء المدن الفوسفاطية-نضالات جماهير القرى-نضال مجموعات المعطلين-نضالات فئات التعليم-التلاميذ-النساء السلاليات-النضالات العمالية المشتتة بكل مناطق المغرب …الخ)

–         الثاني هو عوامل الحفز ورفع المعنويات الشعبية التي ستنتج عن سقوط نظام آخر في اليمن او سوريا او ليبيا او البحرين.

ختــــــــاما

ليست هذه الورقة اجابة برنامجية مكتملة حول اشكالات التغيير الذي تسعى حركة 20 فبراير لتحقيقه، بقدر ما ان دورها يكمن فقط في فتح النقاش ليشارك الجميع في بلورة موحدة للاجابات. ان الغاية هي فتح جسور النقاش بين جمعية اطاك المغرب والشباب المناضل داخل حركة 20 فبراير .

20 ماي 2011

 

زر الذهاب إلى الأعلى