الديون

عشرة أسباب للنضال ضد العولمة الرأسمالية

1\نحن ضد العولمة الرأسمالية لأنها تعبر في جوهرها عن طموح الرأسمال إلى الحرية المطلقة، ضدا عن أية اعتبارات أخرى. إنه البند الأول (و الوحيد بدون شك) لدستور الرأسمال العالمي. و كلامنا ليس بالتجريد. فكل القمم التي تعبأنا ضدها و كل المؤسسات التي نناضل ضدها، من المنظمة العالمية للتجارة إلى اللجنة الأوربية، تجتمع في الأخير حول هدف واحد: رفع كل الحواجز التي تعيق حرية تنقل الرأسمال، استثماره أينما شاء، سحبه وقتما شاء. فكل ما من شأنه إعاقة حرية الرأسمال يوضع خارج القانون و ينعت بالغير فعال و المعيق للاقتصاد. يصرح محامو هذا النظام بأنه هو طريق نحو “عولمة سعيدة” (كما تجرأ و ادعى أحد الإيديولوجيين الفرنسيين)، أي باختصار، أننا سندخل إلى “العالم الأروع“.

 

2\نحن ضد هذه العولمة لأنها تناهض أي تطور متناغم Homogène. إن النجاحات العابرة و المحلية التي كانت تقدمها المؤسسات الدولية لا تجيب عن التسلسل الطويل للأزمات التي ضربت منذ 10 سنوات البلدان التي كانت تعتبر كأنبه التلاميذ: من الميكسيك إلى الأرجنتين مرورا بكوريا، روسيا و أخريات. خلف هته الأزمات، نشهد اتساعا مهولا للفوارق الطبقية، سواء داخل البلدان أو بين البلدان المتنافسة. إنها النتيجة المباشرة للعولمة الرأسمالية التي تقحم شغيلة العالم في تنافسية مباشرة. فالذين يستطيعون الاندماج في القطاعات المعولمة لا يمكنهم ضمان استمرار ذلك إلا بقبولهم للحد الأدنى لمستوى الأجور، و هذا ما يسميه الرأسماليون “امتيازا”. أما الباقون، فمصيرهم التهميش لعدم تمكنهم من الرقي للمستوى الذي تفرضه المنافسة العظمى hyperconcurrence  و بالتالي يفقدون عملهم و دخلهم و الإمكانيات الضامنة للحاجيات الأولية.

 

3\نحن ضد هذه العولمة لأنها بمثابة رافعة عظمى للتراجع عن الحقوق الاجتماعية، بما في ذلك في البلدان المتقدمة. فحجج من قبيل التنافسية و المساومة بهجرة المنشآت الصناعية أو الخدماتية Délocalisation و الرضوخ لإكراهات اقتصادية جشعة، تترجم بتقهقر اجتماعي يطال كل من ظروف العمل و وضعية المأجورين و التغطية الاجتماعية و أنظمة التقاعد. تتقوى السياسات النيوليبرالية المطبقة في كل بلد على حدة بفضل ضغط التنافسية و تنسيقاتهم في إطار مؤسسات مثل الاتحاد الأوربي…

 

4\      نحن ضد هذه العولمة لأنها لااجتماعية بطبيعتها. ففي كل أرجاء العالم يتم تثبيت ما تصطلح عليه منظمة العمل الدولية ب “اللاأمن الاقتصادي” أي مرونة العمل، الهشاشة، البطالة، خفض العائدات الاجتماعية التي تنضاف كلها على الحيف الاجتماعي و بالتالي يتم تحميل الشغيلة عبأ “المخاطر” التي يتباكى من هولها الرأسماليون. لأول مرة في تاريخ الرأسمالية يجد الشباب أفاقهم متقهقرة مقارنة بالأجيال السابقة. لم يعد للأفراد أي تحكم في مصيرهم و خاضعون لتقلبات التطورات الاقتصادية التي لا يتحكمون فبها.

 

5\     نحن ضد هذه العولمة لأنها تنظم عملية ضخمة للنصب على الثروة التي تنتجها الشغيلة عبر العالم. يصرح الرأسمال بشكل علني أنه يفضل نموا هزيلا إذا كان ذلك هو شرط الحفاظ على معدلات ربح عالية. لكنه يراكم هذه الأرباح في مجال ضيق أكثر فأكثر. و يوزعها من خلال الدوائر المالية وسط شريحة من المضاربين ضيقة أكثر فأكثر.

 

6\      نحن ضد هذه العولمة لأنها تسعى لجعل كل شيء سلعة. لا يكتفي الرأسمال بالمطالبة بحق التنقل بحرية في المناطق و القطاعات حيث يستطيع جني أرباح مرتفعة، بل أيضا للظفر بقطاعات اقتصادية كانت فالتة إلى حد ما من سيطرته. فالأراضي التي يسعى إلى احتلالها ليست بجغرافية: إنها الخدمات العمومية التي يسعى إلى النفاذ إليها و “تحريرها” من منطق الحاجيات الاجتماعية. فلا يجد الرأسمال أي مبرر حتى تفلت الصحة، التعليم، الطاقة، النقل، الاتصالات، الثقافة، و حتى الأعضاء الحية من قبضته. فالرأسمال يعتبر أن هته مجالات أخرى للتوسع و أي تقدم في هذا الاتجاه يعمق أوتوماتيكيا الفوارق الاجتماعية، و هذا المنطق سهل الاستيعاب: فإذا أصبحت الصحة سلعة يعني ذلك أن المرء يعالج حسب دخله و ليس حسب حالته المرضية.

 

7\      نحن ضد هذه العولمة لأنها عاجزة عن تلبية الحاجيات الأولية. إن قرابة نصف البشرية تعيش من الزراعة. و عوض أن يتم دعم الفلاحة التقليدية بالإمكانات اللازمة، تتم مواجهتها بشكل غير متكافئ بسلع الفلاحة الرأسمالية Agrobusiness ذات الإنتاجية العالية جدا و التي تلقى إعانات الدعم. و يتم حرمان البلدان حتى من حق حماية هذه القطاعات من التنافسية. أكثر من مليار من ساكنة المعمور لا يجدون ماءا صالحا للشرب في الوقت الذي نشهد فيه تقاسما مضبوطا للموارد المائية من قبل بعض الشركات المتعددة الاستيطان التي تضغط بقوة (خصوصا عن طريق المنظمة العالمية للتجارة) حتى تًفتح لها الخدمات العمومية و الحضرية. يخضع الماء أكثر فأكثر لمنطق السوق و بالتالي يحرم الفقراء منه كما يجد آخرون فواتير هته الشركات الاحتكارية Quasi-monopoles ترتفع باستمرار.

 

و أخيرا، إن أدوية محاربة السيدا لا توزع على من هم بحاجة إليها، بل ليست لهؤلاء إمكانية شراءها لأن الصناعة الدوائية ترفض أي منطق ما عدى منطق السلع، و بالتالي فالذي يهمها هو مردودية رساميلها قبل متطلبات الصحة العمومية.

 

8\        نحن ضد هذه العولمة لأنها عاجزة على مواجهة التهديدات البيئية. إن ادعاء الرأسمالية أنها قادرة على حل المشكل بطريقتها، بفضل حلول سلعية مثل تشكيل سوق لحقوق التلويث Droits à polluer لا يرقى لمستوى التحديات. فهي عاجزة على وضع تخطيط لاستهلاك الطاقة و الآليات التكنولوجية الضرورية لإمكانية تنمية مقتصدة تلبي في نفس الآن حاجيات الساكنة العالمية التي ستتضاعف خلال السنين القادمة.

 

9\      نحن ضد هذه العولمة لأنها تحرم المواطنين الذين لا ينتمون للطبقات الحاكمة من أية إمكانية للتحكم في مصيرهم و تنفيذ أولوياتهم. فهي تحرم الدول الخاضعة من سيادتها و ذلك بإجبارها على المصادقة على معاهدات تحرمها من أية إمكانية لضبط الرسام و بالتالي تفرغ الديمقراطية البرجوازية من أي مضمون فعلي.

 

10\نحن ضد العولمة لأن التنافس بين الرساميل يتحول بالضرورة إلى حروب ضد الشعوب. فالفوضى Désordre الذي تسببها و رفضها تلبية حاجيات اجتماعية غير مربحة و تهميش بلدان و قارات بكاملها كل ذلك يسلب الشعوب أملها و بالتالي يتم اللجوء إلى القوة كحل وحيد “لضبط” نظام يمضي إلى الهاوية.

 

 ميشيل هوسون

 Michel HUSSON

    تعريب: مجموعة أطاك الدار لببيضاء- لجنة الإعلام

 

زر الذهاب إلى الأعلى