الديون

المديونية البنكية للأسر المغربية: تفقير لزيادة أرباح البنوك الخاصة

نشر بنك المغرب تقريره السنوي حول الإشراف البنكي الذي يرصد تطور نشاط البنوك والمؤسسات المالية الأخرى ومردوديتها[1]. ونجد أيضا ضمن هذا التقرير، نجد نتائج التحقيق السنوي لدى البنوك وشركات القروض الاستهلاكية، والذي غطى 9 بنوك و13 شركة قروض استهلاكية تستحوذ على 99% من حصص السوق فيما يخص قروض السكن وقروض الاستهلاك. ويتعلق الأمر بديون الأسر المغربية.

 

تطور المديونية البنكية للأسر

مع نهاية دجنبر 2014، بلغ جاري المديونية البنكية للأسر 282 مليار درهم، ممثلة 31% من الناتج الداخلي الخام (صفحة 82) وهي ما فتأت ترتفع سنة بعد أخرى. بلغ إذن معدل المديونية البنكية للأسر 38.600 درهم، وقد تضاعف مرتين منذ بداية الألفية.

تتشكل الحصة الكبيرة من المديونية البنكية للأسر من قروض السكن بنسبة 64% (181 مليار درهم) ثم قروض الاستهلاك بنسبة 36% (101 مليار درهم).

 

ففي ظل دولة لا تضمن دخلا لائقا وخدمات اجتماعية، تتحمل الأسر المغربية إذن أعباء ديون تؤديها مدى حياتها لتضمن سكنا اقتصاديا وتلبي حد أدنى من ضروريات العيش. فمستوى الدخل الفردي الخام بالمغرب هزيل جدا ولا يتجاوز 26.400 درهم سنويا. وتصنف أغلب تقارير المؤسسات الدولية المغرب في الرتب المتأخرة عالميا في قطاعي التعليم والصحة حيث لا تمثل ميزانية الصحة سوى نسبة 4% من الميزانية العامة (مقابل 17% في الولايات المتحدة الأمريكية و11% في البلدان الأوروبية). ويبلغ عدد السكان الذين يعيشون تحت عتبة الفقر حوالي 3 مليون نسمة (سنة 2008)، ومعدل البطالة 9,3% (سنة 2014) من الساكنة النشيطة التي لا تبلغ سوى 12 مليون نسمة[2].

شعب تعاني غالبية شرائحه من دخل هزيل وبطالة مستفحلة وهشاشة معممة يستدين لتنمية أرباح بنوك خاصة جشعة. فقد حققت البنوك مع نهاية 2014 ربحا صافيا بمبلغ يفوق 10 مليار درهم (صفحة 43)، وتضخمت أصولها لتصل إلى 1103 مليار درهم ممثلة 119% من الناتج الداخلي الخام (صفحة 27). ولا أدل على ذلك حركة ضحايا القروض الصغرى ذات الغلبة النسائية التي اضطرت إلى تعليق تسديد ديونها إزاء مؤسسات القروض الصغرى التي تفرض معدلات فائدة عالية على نساء لا دخل لهن. فقد ارتفعت أصول هذه المؤسسات هي أيضا سنة بعد سنة لتصل إلى حوالي 6,5 مليار درهم (صفحة 62) محققة ربحا صافيا بمبلغ 222 مليون درهم (صفحة 63).

 

أرباح البنوك ومؤسسات القروض تأتي أيضا من قروضها للمقاولات غير مالية (خاصة وعمومية)، حيث بلغت المديونية البنكية للمقاولات غير المالية 463 مليار درهم مع نهاية 2014، وهو ما يمثل نسبة 58% من مجموع القروض التي منحتها هاته المؤسسات المالية (صفحة 89).

 

واجهت الدولة نضالات حركة ضحايا القروض الصغرى بالتجاهل والقمع حيث تابعت قضائيا ناشطيها، تاركة هؤلاء المفقرين الذين يعدون بالآلاف يواجهون أخطبوط مؤسسات القروض الصغرى التي تلجأ إلى جميع أنواع الابتزاز والتهديد لإرغام الضحايا على أداء مستحقات قروضهم. لكنها بالمقابل تحرص على مساعدة المقاولات التي تعرف صعوبات ظرفية عبر خلق “صندوق تمويل المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة”، في 2014، بغلاف مالي بلغ 1,2 مليار درهم على أساس أن يبلغ 3,6 مليار درهم في السنتين المقبلتين (صفحة 143).

ومن جهة أخرى تواصل الدولة استدانتها العمومية الداخلية والخارجية التي تضخمت بشكل مهول (81% من الناتج الداخلي الخام مع نهاية 2014) وتخضع الفئات الشعبية والأجراء لبرامج تقشفية تعمق أوضاع الفقر وعدم استقرار شروط الحياة. فخدمات الدين العمومي تعادل أكثر من 12 مرة ميزانية الصحة، وأكثر من 3 مرات ميزانية التربية الوطنية.

 

ما انفكت جمعية أطاك المغرب تتضامن مع نضالات ضحايا القروض الصغرى ضد مؤسسات القروض الصغرى وتساندها منذ بروزها مع أواسط 2011 بمنطقة الجنوب الشرقي، ومنها تنظيم قافلة دولية في أبريل 2014 إلى هذه المنطقة بمشاركة منظمات أجنبية (الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث) ووطنية. وعلينا تكثيف الجهود للتعريف بخطورة هذه القروض التي يرزح تحتها المفقرين في صمت، خاصة النساء، وبشكل واسع في جميع مناطق المغرب. كما تشكل مديونية الأسر ثقلا كبيرا على الأجراء وتمتص أجورهم الهزيلة أصلا. لذا يجب أن تكثف أطاك المغرب مساندتها للنضالات العمالية من أجل الدفاع عن القدرة الشرائية ورفع الأجور والمطالبة بالسلم المتحرك للأجور، أي ربط الأجور بتطور أسعار المواد والخدمات لدى الاستهلاك. وأخيرا لا بد من التعبئة للمطالبة بإلغاء الديون العمومية التي تنهب مداخيل البلاد من قبل المؤسسات المالية الدولية والبنوك الخاصة وتحكم علينا بالتبعية والتخلف.

24 يوليوز 2015

 

[1] . بنك المغرب، التقرير السنوي 11 حول الإشراف البنكي برسم سنة 2014، 15 يوليوز 2014. يوجد بالفرنسية على الرابط التالي:

[2] – أزيكي عمر، “في بعض الأسس الهيكلية لمشروع قانون المالية لسنة 2015: الجزء الثاني: لا تنمية حقيقية دون وضع حد لنظام الاستحواذ على الثروات”. 26 دجنبر 2014. https://attacmaroc.org/?p=2341

 

أزيكي عمر

الكاتب العام لجمعية أطاك المغرب-عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث.

زر الذهاب إلى الأعلى