الديون

الشعوب تنتفض تباعا

هذا التحالف الذي يجد صكه في الخضوع لمنطق السوق، الذي لا يراعي الأخلاق الإنسانية، كما يحول الإنسان نفسه إلى سلعة قابلة للبيع والشراء. تحالف جهنمي يزيد الفقراء فقرا والأغنياء غنى. يستغل البشرية حتى النخاع، ويدمر الكوكب، بيتنا.خرجت الجماهير الشعبية الاسبانية لتقول لا لتدمير البشرية ، لا لتسليع الإنسان ، لا لأوضاع البؤس وفقدان الكرامة . خرجت تلك الجماهير ، ولم تصدق الامبريالية الدولية ذلك، فحاول إعلامها الرسمي وغير الرسمي تحريف واقع الحال الاسباني ، وإغراق الساحة الإعلامية بوابل من المقاربات لما يجري باسبانيا . لقد انتقلت شرارة حراك الشعوب إلى أوروبا ، ومن اسبانيا ستنط تلك الشعلة إلى باقي الدول الأوروبية .

إن كل مقاربة لا تضع ما يحدث في اسبانيا في إطار الحراك الشعبي الذي بدا يأخذ بعدا امميا ، هي مقاربة ناقصة أو مخادعة . فالقول بان الانتفاضات الشعبية التي انفجرت في شمال إفريقيا والشرق الأوسط ، لا تعني شعوب أوروبا ، وبقية شعوب العالم ، هو قول سخيف . لان ما يجمع أولا بين شعوب العالم قاطبة هو خضوعها لنمط إنتاج أساسه الاستغلال، ولا تختلف تلك الشعوب سوى في درجة وشكل ذلك الاستغلال.

لقد اظهرت الانتفاضات الشعبية بكل من تونس ومصر كون القضاء على الاستبداد السياسي لا يعني مطلقا قطف الشعب الثمار الاقتصادية والاجتماعية لانتفاضته . إن خلف الاستبداد السياسي القائم بدول شمال إفريقيا والشرق الأوسط وبقية دول الجنوب ، تقف الامبريالية الدولية متمترسة ضد كل ما من شانه أن يمس بمصالحها عبر العالم .

فالمطالب الاجتماعية في كل من تونس ومصر ، لا يمكن أن تلبى في سياق بقاء تعاقدات الدولة الدولية ، مع البنك النقد الدولي ، ومنظمة التجارة العالمية على الخصوص .فخضوع الدول ، التي استطاعت شعوبها أن تسقط رموز الاستبداد و الفساد المتربعة على رأس تلك الدول ،للتقويم الهيكلي بسبب الديون ، يجعل شعوب تلك الدول المنتفضة في مواجهة مباشرة مع التواجد الامبريالي ، المتجسد عبر سياسة الخوصصة ، وإعفاء الدولة من الإنفاق على كل ما هو عمومي يخدم المواطنين . ومعركة الخدمات الاجتماعية لا يمكن أن تتخلى عنها الشعوب المنتفضة، وتلك التي ستنتفض في المستقبل.إن منظمة التجارة الدولية هي منظمة امبريالية بامتياز . فالاتفاقية الدولية الخاصة بالخدمات الاجتماعية ، قد زجت بشعوب العالم داخل سوق لا ترحم ، وأصبحت الشركات المتعددة الجنسيات أو العابرة للقارات ، دكاكة الامبريالية ، تتحكم في الأمن الصحي والغذائي والبيئي والتربوي والثقافي والعقائدي للإنسان أينما وجد على سطح هذا الكوكب .

إن المواجهة المقبلة في بلدان الجنوب ، ستكون ضد الشركات المتعددة الجنسيات ، وضد كل تعاقدات الدول الدولية التي تمس بسيادة الشعوب .

 

                                                 احسين 19/05/2011    

 

زر الذهاب إلى الأعلى