الديون

الثروات المائية بالمغرب بين مطرقة محدودية الموارد و سندال منطق السوق

تقديم 

الماء هو الحياة و الحق في الماء يعني الحق في الحياة و قد شكل الماء عبر كافة العصور و بالنسبة لكافة الحضارات الإنسانية التي تطور معظمها حول تجمعات مائية )النيل دجلة و الفرات …) ثروة إنسانية ذات أهمية قصوى. كما أجمعت كل الديانات و التقاليد و الأعراف على قدسية الماء.

 

لكن في إطار الهمجية المعولمة التي تعيشها الإنسانية، همجية السوق التي تطمح بل تعمل على تبضيع كل شىء لم يسلم الماء من جشع الرأسمال بحيث أصبح مجالا للمضاربة تحتكره مجموعة صغيرة من الشركات العملاقة بشكل يهدد حياة البشر بالإضافة إلى المشاكل البنيوية الموضوعية  المرتبطة بالتغيرات المناخية و ارتفاع الطلب على الماء نظرا للنمو الديمغرافي و التطور الصناعي و الفلاحي.

أمام هذه الوضعية تعالت مجموعة من الأصوات المناضلة في العالم تنادي بمقاربة جديدة للماء و قد شكل “بيان الماء” الصادر سنة 1998 و تأسيس شبكة الجمعيات من أجل عقد عالمي حول الماء في مجموعة من البلدان الإنطلاقة الحقيقية لمحاربة النظرة الإقتصادوية التي تحاول المؤسسات المالية و التجارية العالمية فرضها على الماء كسلعة و تعويضها بمقاربة إنسانية تعتبر الماء كثروة مشتركة عمومية و عالمية.

سنحاول من خلال هذا العرض التدقيق أولا في مفهوم “الثروة المشتركة العمومية” لنقف بعد ذلك على وضعية الموارد المائية في العالم و التناقضات الصارخة التي يعرفها ثم التركيز على الثروات المائية التي يتوفر عليها المغرب و المشاكل التي تتهددها. سنحاول بعد ذلك الوقوف عند تجارب خوصصة الخدمات المائية بالمغرب الذي اعتبره تقرير البنك العالمي “بطلا في منطقة الشرق الأوسط وبلدان شمال إفريقياMENA ، فهو يتوفر على مؤسسات لتوزيع الماء الصالح للشرب في المدن حيث تعتبر أفضل المؤسسات التي يتم تدبيرها في المنطقة، كما أنه استطاع اجتذاب القطاع الخاص لتوفير التمويل والخبرة الضروريين لتدبير هذا القطاع” حسب تعبير نفس التقرير الصادر شهر مارس 2008 لنختم بعد ذلك بمجموعة من التوصيات.

  1.       I.      الماء كثروة مشتركة عمومية و عالمية

ما معنى ثروة مشتركة عمومية و عالمية ؟  

حسب ريكاردو بتريلا Ricardo Petrella (1)  الثروة المشتركة العمومية هي نقيض الثروة الخاصة. بالنسبة للاقتصاديين فإن الثروة الخاصة يمكن تعريفها بخاصيتين أساسيتين: التنافس و الإقصاء.

فالاستحواذ على ثروة أو شيء ما يتم من خلال التنافس على ذلك مع الآخرين. ثم أن الامتلاك هذه الثروة يعني بالضرورة إقصاء الآخرين من استعمال هذا الشيء أو هذه الثرة.

 

من هنا يمكن تعريف الثروة المشتركة و العمومية من خلال مميزاتها الأساسية سأذكر أهمها:

 

ü      الضرورة و انعدام إمكانية التعويض : يعتبر الماء خير مثال لذلك فهو ضروري للحياة و لا يمكن تعويضه بأي شيء آخر. وقد توحدت كل الحضارات و التقاليد الإنسانية في تقديسها للماء و وصفته بمنبع الحياة بل الحياة بعينها.

ü      المسؤولية الجماعية : الثروة المشتركة و العمومية هي مسؤولية الجميع نظرا لحيويتها وحدها السلطات العمومية و الجماعية يمكنها الحفاظ على هذه الثروة و تسييرها في إطار من التضامن المجتمعي.

ü      التكامل:  الملكية الجماعية لهذه الثروة المشتركة لا يمكن أن تتم دون تحكم جماعي و عمومي بعمليات الإنتاج، التدبير [1]و المراقبة بشكل مندمج. في غياب تحكم تام في هذه العمليات الثلاث لا يمكن الحديث عن سيادة فعلية للشعب خاصة في مجتمعنا الحالي الذي يرتكز بشكل أكبر فأكبر على المعلومات المعارف و التكنولوجيا. إن تفويت أحد هذه العمليات إلى الخواص و لو لمدة محدودة 30 أو 25 سنة يعني بالضرورة تفويت إمكانية القرار 5السياسي- من المجال العمومي إلى الخواص الذين سيكنون الوحيدين الذين راكمو ما يكفي من المعارف في المجالات لتقنية و العلمية و التكنولوجية و مجالات التدبير اللازمة من أجل اتخاذ القرار.

ü      الديمقراطية : الثروة العمومية تستجيب للقواعد الديمقراطية على الأقل بالنسبة للدول التي تدعي أأن أنها كذلك في حين أن الثروات الخاصة تخضع لقوانين السوق الذي لا يعترف لا بديمقراطية و لا بحقوق الإنسان.

 

إذن الثروة العمومية المشتركة هي مجموع المبادىء كالحرية، العدالة والكرامة  و المؤسسات كالمحكمة، الأمن و الخيرات الغابة، الماء، الهواء، الثقافة … التي هي ملك للجميع و يتم تسيرها جماعيا بشكل يضمن الحق في حياة كريمة لكل المواطنين و كذا الأجيال القادمة.

 

يتميز الماء كذلك بالإضافة إلى كونه ملكا مشتركا و عمومي بالعالمية و هذه مسألة جديدة بحيث إلى حدود اليوم لم يتم تعريف الترواث العمومية إلا من داخل الدولة القومية باستثناء ما قامت به اليونسكو حيت تم إحداث مفهوم  التراث العالمي للإنسانية بالنسبة للمواقع الأثرية. بما أن الحق في الماء يعادل الحق في الحياة و هو ما يجب ضمانه لجميع البشر و بما أن 260 من بين 267 حوض مائي عالمي هي أحواض مشتركة بين مجموعة من الدول فإنه من الصروري أن يتم تدبير إشكالية الولوج الماء بطريقة لا تعترف بالحدود القومية أو السياسية.

 

 

  1.    II.      الثروات المائية في العالم : توزيع متفاوت و تناقضات بالجملة

 

رغم أن الماء يشكل 70 في المائة من سطح الأرض (الكوكب الأزرق) فإن معظم هذه المياه مالحة على شكل بحار و محيطات بنسبة 97.5 في المائة في حين لا تتعد نسبة المياه العذبة الصالحة للاستعمال المباشر 1 في المائة معضمها على شكل جليد (69 في المائة). و تقدر كمية المياه العذبة من أنهار و بحيرات و مياه جوفية القابلة للإستعمال حوالي 900 كيلو متر مكعب. لكن و نظرا لسوء توزيع سكان العالم و التفاوت الكبير في كميات الماء المتوفرة محليا تعاني أجزاء كبيرة من العالم من نقص متزايد في الماء خاصة مناطق الشرق الأوسط، شمال إيفريقيا و أجزاء من أمريكا الوسطى.

كما يعرف توزيع هذه الثروات المائية عبر العالم تناقضات كبيرة نذكر أهمها :

ü      1.5 مليار من سكان العالم لا يتوفرون على ماء صالح للشرب

ü      2.4 مليار من سكان العالم لا يتوفرون على صرف صحي

ü      بالتالي،  30 ألف حالة وفاة يومية بسبب أمراض ناتجة عن  غياب ماء صالح للشرب و شبكات للصرف الصحي

ü      نصف الفلسطينيين لا يتوفرون على ماء في حين أن كل المستوطنات الإسرائيلة تتوفر على نسبة ربط 100 في المائة بشبكة الماء الصالح للشرب

ü      85 في المائة من الأنهار الفرنسية هي ملوثة

ü      الإستهلاك اليومي للدول النامية تقدر بحوالي 20 لتر في اليوم في حين تبلغ النسبة 213 في إيطاليا و 600 لتر يوميا في الولايات المتحدة الأمريكية

ü      في البرازيل التي تمثل 11 في المائة من الموارد العالمية من المياه العذبة ، 45 مليون برازيلي لا يتوفرون على ماء صالح للشرب.

ü      نسب تبذير الماء في العالم كبيرة بحيث 40 في المائة من المياه المستعملة في الفلاحة تضيع بسبب التبخر.

 

  1. III.      الثروات المائية في المغرب : طاقات مائية محدودة و طلب متزايد

 

تشير مختلف الدراسات والتقارير إلى أن متوسط الحصة السنوية للمواطن المغربي ، من الموارد المائية المتجددة و القابلة للتجدد تتجه نحو الانخفاض المستمر فبعد ما كانت تفوق ثلاثة آلاف متر مكعب خلال بداية الستينيات من المتوقع أن تنزل إلى أقل من 500 متر مكعب في أفق سنة 2020 هي حصة تعتبر عالميا كحد لبداية الخصاص المطلق في الماء « Stress hydrique » الشيء الذي يشير إلى أن البلاد ستواجه  وضعية مستمرة لندرة المياه.

 

تبلغ الإمكانيات الإجمالية للموارد المائية بالمغرب حوالي 29 مليار متر مكعب منها 20 مليار متر مكعب يمكن استخراجها و استخدامها بشكل معقول. و تمثل المياه السطحية نسبة الثلثين 2/3 لكن ه\ه المياه مرتبطة اشد ارتباط بالتساقطات المطرية التي تعرف تراجعا و تفاوتا كبيرا في السنوات الخيرة.

 

(جدول يوضح حجم الموارد المائية بالمغرب، و يبين نسبها القابلة للاستعمال من عدمه و حصيص كل من المياه السطحية مقارنة بالجوفية، تجدونه أعلى الصفحة)

 

تشكل المياه الجوفية حوالي 4 مليار متر مكعب كما يتوفر المغرب على 80 فرشاة مائية في حين أن جزءا كبير من المخزون الغير قابل للتجديد هو في طريقه للزوال و هو ما ستكون له انعكاسات خطيرة اجتماعيا و اقتصاديا خاصة في العالم القروي الذي لا يستفيد اليوم إلا 50 في المائة من سكانه من الماء الصالح للشرب في حين تفتقد نصف المدارس في العالم القروي للماء.

  يتوفر المغرب على 110 سد كبير بسعة إجمالية تقدر ب 15.6 مليار متر مكعب و قد شكلت هذه السدود في السنوات الأخيرة صمام أمان رغم تكلفتها الباهظة على المستوى المالي ، السياسي ،الاجتماعي و البيئي  و هي تساهم ب 69 في المائة من الماء الصالح للشرب.

لكن ضعف الصيانة و عدم انتظام التساقطات جعل نسبة التخزين للمياه في تلك السدود لا تتجاوز 55 في المائة و هذه النسبة مرشحة للانخفاض نظرا لتراجع التساقطات المطرية و ارتفاع نسبة الحجم الغير المستعمل من هذه السدود بسبب الترسبات في باطنها.

أمام التطور الديمغرافي و التغير في نمط الحياة و عادات الاستهلاك لدى المغربة خاصة في المدن و ضواحيها تطورت الحاجيات من الماء إلى حوالي 11.5 مليار متر مكعب مقسمة على الشكل التالي :

(انظر إلى التمثيل البياني المدرج بالصورة أعلى الصفحة)

و من المنتظر أن ترتفع الحاجيات المائية بالمغرب إلى أكثر من 15.5 مليار متر مكعب في أفق  2020 و بالنظر إلى الإمكانيات المتوفرة أصبح من الضروري البحت عن موارد جديدة :

ü      إعادة استعمال المياه بعد معالجتها و هو ما يمكنه توفير حوالي 900 مليون متر مكعب

ü      تحلية ماء البحر رغم تكلفتها المالية الباهضة

فقط تراجعت الموارد المالية بمقدار الثلث و من المنتظر أن يتزايد هذا التراجع نظرا للتغيرات المناخية التي لم تعد اليوم محط جدل رغم التعتيم و الضغط الذي تمارسه اليوم المؤسسات المالية و الشركات المتعددة الاستيطان على العلماء و المتخصصين. لكن الجدل اليوم هو حول نسب ارتفاع الحرارة ما بين 2 و 6 درجات خلال المائة سنة القادمة و هو ما يعني تراجع التساقطات و ارتفاع الطلب في القطاع الفلاحي.

 

  1. IV.      تجارب خوصصة الخدمات المائية بالمغرب

1       التدبير المفوض

لقد اتخذت خوصصة خدمات الماء بالمدن المغربية الشكل القانوني المسى “تدبير مفوض” و هو مفهوم جديد نسبيا ظهر لأول مرة في فرنسا سنة 1992 و قد تم تطبيقه بالمغرب مند سنة 1997 في غياب أي إطار قانوني حيث أن القانون المنظم له لم يرى النور إلا في أواخر سنة 2005 من خلال قانون 54/05.

وهناك ثلاثة أنواع رئيسية من التدبير المفوض :

ü       اتفاقات الخدمات Les ententes de services

و هو شكل من أشكال المقاولة من الباطن بحيث تعقد بعض المؤسسات العمومية اتفاقات مع شركات خاصة من أجل تقديم خدمة محدودة أو عمل معين لا يشكل إلا مرحلة من مراحل الانتاج و لمدة محدودة كدلك لا تتجاوز 3 سنوات : عقد الصيانة، الحراسة إلخ …

ü       اتفاقات الكراء  L’affermage ou location-bail

في هذه العملية يتم إبرام عقد بين المفوض –المالك-  و المفوض له –المكتري-  يتمكن بموجبه هذا الخير تدبير و استعمال كل ممتلكات المؤسسة موضوع العقد 5الكراء- لمدة معينة ما بين 7 و 20 سنة مقابل مبلغ كراء يصرف بصفة دورية. هذا النوع من التدبير لا يقوم المفوض له بالاستتمار في البنيات التحتية الذي يبقى من اختصاص المفوض و يكتفي فقط بنفقات الاشتغال Fonctionnement  .

ü       التفويت La concession

و هو الأكثر شعبية في حالة المغرب، و يتميز هذا النوع من التدبير المفوض بتكلف المفوض له باستثمارات في البنيات التحتية و توسيع مجال الخدمات إضافة إلى عمليات التدبير و الصيانة كما يتميز هذا النوع من العقود بطول المدة التي تتراوح ما بين 20 و 30 سنة بشكل يضمن مرد ودية مريحة Payback بالنسبة للمفوض له الذي يتمتع باستقلالية شبه تامة.

 

2       تفويت قطاع توزيع الماء و الكهرباء: حالة ليديك

سنة 1997 استولت شركة لليونيز ديزو على الوكالة المستقلة لتوزيع الماء و الكهرباء بالبيضاء و تجدر الاشارة إلى أن هذا التفويت لا يشكل إلا عودة سيطرة الشركات الفرنسية –المستعمر القديم/الجديد- على هذا القطاع  مند سنة 1914  و إلى غاية 1964 عن طريق شركة SMD –الشركة المغربية للماء و الكهرباء- و تقدم الشركة المتعددة الاستيطان التي تنتمي لها ليديك  سوييز في موقعها على الإنترنيت شركة SMD كشركة أم أصلية انطلقت من رحمها لتقتسم  اليوم مع غريمتها فيوليا حوالي 250 مليون زبون عبر العالم.

و تشكل في نظري توقيع اتفاقية تفويت قطاع توزيع الماء و الكهرباء بالبيضاء رمزا مهما في مسلسل تعميق سيطرة الشركات المتعددة الاستيطان على اقتصاد المغرب من خلال سيطرتها على مجالات حيوية كالاتصالات الماء و انتاج الكهرباء …بعد القضاء على كافة المعارضين لهذه السياسات الاقتصادية التبعية و استقطاب تم تدجين جزء كبير منهم كما تزامن توقيع هذه الاتفاقية مع تجربة التناوب التوافقي حيث ارتفعت بعدها وثيرة خوصصة المؤسسات العمومية.

 

سنة بعد ذلك و إعمالا بمدأ “ضرب لحديد ما حدو سخون”  تم تفويت نفس القطاع بالرباط لفائدة مجموعة إسبانية-برتغالية تم استدراجها بعد ذلك من طرف شركة فيفاندي عبر فرعها فيفاندي واتر VIVENDI WATER سنة 2002 و التي ستصبح بدورها فيوليا VIOLEA ENVIRONNEMENT

 

في نفس السنة، 2002 فيوليا المغرب استفادت من عقد لتدبير المفوض لخدمات توزيع الماء و الكهرباء بمدينتي تطوان و طنجة بعد خلق شركة موحدة اختير لها من الأسماء أمنديس و بالتالي و في ظرف 5 سنوات و دون أي تقييم وجد المغاربة 4 من اكبر مدنهم مسيرة من طرف شركات خاصة و هو ما يشكل رقم معاملات يقدر ب 8 مليار الدرهم أي ما بين 2 حتى 2.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام.

بطبيعة الحال لم يفت المسئولين الحكوميين و أبواق الليبرالية و حتى الإعلاميين كلاب الحراسة الجدد حسب تعبير جورج حليمي من التبشير بمزايا هذه التفويتات على العديد من المستويات :

ü      المجال التقني

ü      المردودية المالية

ü      تعميم الاستفادة و الربط بالنسبة للماء الصالح للشرب

ü      تطوير إمكانيا الاستثمار

ü      خلق فرص شغل

لكن لم تمر سنوات طويلة حتى ظهرت حقيقة و “مزايا” هذه التفويتات، فبعد عمليات ذر الرماد بالعيون من خلال تزيين وكالات الأداء و تكثيف الحملات الإعلانية، سرعان ما اكتشف سكان المدن التي همتها عمليات الخوصصة هاته الآثار الكارنية لتلك العمليت بحيت عرفت أسعار الفواتير الماء و الكهرباء في تلك المدن ارتفاعات صاروخية كانت أحد أحم أسباب الاحتجاجات التي عرفها المغرب و ما زال يعرفها من> خريف 2006. كما سجل ضعف كبير في نسبة الربط في هذه المدن نظرا لإرتفاع تكاليف الربط.

 

و تشكل الاختلالات و التجاوزات التي عرفها غقد تدبير هذا القطاع بالبيضاء من طرف شركة ليديك خير مثال على ذلك. بحيت من بين أهم الاختلالات التي تم تسجيلها من طرف لجنة الخبرة التي تم تشكيلها بداية سنة 2008 أي عشر سنوات بعد توقيع العقد و 5 سنوات بعد سنة 2002 التي من المفترض أن تتم فيها مراجعة هذا العقد :

ü      حرمان العديد من البيضاويين من حقهم في الولوج إلى ماء صحية و ذات جودة مقبولة بحيت لم يتجاوز عدد المستفيدين 11465 خلال الخمس سنوات الأولى عوض 45  ألف التي التزمت بها ليديك

ü      خصاص كبير في حجم الاستثمارات المنجزة خلال الخمس سنوات الأولى بلغ 2.8 مليار درهم.

ü      تحويل أرباح مقنعة على شكل خدمات تقنية مبالغ فيها تجاوزت 775 مليون درهم خاصة عبر شركة ليديك سيرفيس التي انشئت خصيصا لهذا الغرض

ü      توزيع ارباح تقدر ب 460 مليون درهم خلال سنوات 2003-2005 دون احترام مقتضيات العقد الذي ينص على ان توزيع الرباح لن يتم إلا بعد مرور 10 سنوات.

ü      تملص ليديك من التزاماتها اتجاه العمال العرضين السابقين للراد و التي التزمت بترسيمهم كما تؤكد على ذلك رسالة الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي المومجهة لوزير الداخلية و التي يطالب فيها بإدماجهم.

 

3       خوصصة مياه عيون جبال الأطلس : حالة بن صميم

قرية بن صميم هي قرية صغيرة تبعد بـ6 كلم عن أزرو وحوالي 10 كلم عن إيفران يبلغ سكانها حوالي 3000 نسمة يعيشون أساسا على الفلاحة و تربية المواشي (5000 رأس) و هي أنشطة تعتمد أساسا على الماء. في السنين الأخيرة و أمام التراجعات المطرية و التغيرات المناخية التي تحدثنا عنها في الفقرات السابقة عرفت عين بن صميم تراجعا في صبيبها مما دفع السكان إلى تنظيم فلاحتهم و تقسيم المساحات المزروعة إلى قسمين و سقيها بالتناوب.

في سنة 2001 حل بالقرية  مستثمر فرنسي يدعى أنه قد حصل على كل التراخيص الضرورية لتشييد مصنع في القرية لتعبئة ماء العين الموجودة هناك في قارورات مخصصة للبيع  لفائدة شركة تدعى  « Euro-Africaine des eaux » . و قد حصلت هذه الشركة على تفويت لمدة 30 سنة من الاستغلال من طرف الدولة التي تملك 60 في المائة في حين تعود ملكية الباقي إلى الجماعات المحلية و اازاية السلالية. و بطبيعة الحال حصل هذا المستثمر بسهولة كبيرة على رخص من أجل بناء مصنعه.

لكن سكان القرية الذين استشعروا خطر هذه العملية على قوتهم و قوت أسرهم، وقفوا بنضالية كبيرة ضد هذا المشروع من خلال مسيرات احتجاجية و وقفات متواصلة كان آخرها مسيرة 30 مارس 2008. و قد وقفنا كمناضلين لأطاك المغرب من خلال مشاركتنا في المسيرة الناجحة ليوم الأحد 20 يناير 2008  التي نظمها سكان القرية و التي عبرت مسافة 10 كيلومترات الفاصلة بين العين و القرية على الكفاحية التي تميز سكان هذه القرية بحضور متميز للشباب و النساء. كان لإصرار سكان بن صميم الفضل في التعريف بمعركتهم العادلة على المستوى المحلي، الوطني و الدولي كما كان لهم الفضل الكبير في إعادة طرح نقاش في غاية من الأهمية حول ملكية الماء و مدى مشروعية خوصصته و من له الحق في اتخاد مثل هذه القرارات (السلطة، المنتخبين، الشيوخ ..) التي ترهن مصير كافة السكان و كدى الأجيال القادمة.

من خلال المعلومات المتوفرة فإن الشركة التي يتواصل بنائها تنوي تعبئة 100 مليون لتر من الماء سنويا في قارورات معتمدة على إحصائيات حول مخزون العين تعود إلى السبعينات متجاهلة النقص الواضح الذي عرفه هذا المخزون في الفترة الأخيرة و المقدر ب 30 في المائة بالنسبة للفترة الممتدة ما بين 1986 و 2000 ليصل الصبيب اليوم بين 10 و 20 لتر في الثانية.

و تجدر الإشارة إلى أن العديد بما فيهم السكان و المناضلين المتتبعين لهذا الملف خاصة رفاقنا في جمعية العقد العالمي للماء أكمي المغرب  يشككون  في هوية هذه الشركة المدعوة « Euro-Africaine des eaux” و لا يستبعدون كونها شركة غطاء société écran لمجموعة عالمية بتحالف/تواطىء مع مسئولين محليين لا تريد الإفصاح عن هويتها . و تقترح الشركة تقنيات جديدة « un processus original » ستمكنهم من توزيع هذه الماء المعدنية في كافة أنحاء المغرب و بأثمنة جد مناسبة.

 

4       تفويت خدمات السقي الزراعي : حالة سبت الكردان

في سابقة أولى من نوعها في المغرب تم تفويت خدمات سقي محيط سبت الكردان بإقليم تارودانت لشركة خاصة تدعى أمنسوس Amensouss لمدة 30 سنة. و يتضمن هذا المشروع بناء و استغلال المنشئات المائية من أجل سقي 10 ألاف هكتار وذلك بإنشاء قناة رئيسية يبلغ طولها 90 كلم ستربط بين المنطقة و سد أولوز 108 Mm3  ثم سد المختار السوسي 50 Mm3 إضافة إلى 345 كلم من القنوات الثانوية للسقي و هو ما سيسمح بتزويد المنطقة بحجم إجمالي من الماء يقدر ب 45 مليون متر مكعب سنويا.

 

تجدر الإشارة إلى أن الشركة المستفيدة من هذا التفويت تتكون مجموع-شركات ترأسها الشركة الأخطبوط أوناONA   ثم  صندوق التدبير و الادخار CDG بالإضافة إلى شركتين فرنسيتين هما BRL و InfraMan. علما أن القنوات التي سيتم وضعها لن تكون مصنوعة من الإسمنت المسلح هذه المرة ولكن من مادة  البوليستير المقوى بخيوط زجاجية PVR و ستتكلف بصنعها شركة أمنتيك Amitech Maroc التي تملكها أونا كذلك بشراكة مع شركة سعودية “إعمالا بمدأ خيرنا و خير بلادنا ما يديه غيرنا”. و قد حصلت هذه الشركة على صفقة أولى بميلغ 360 مليون درهم و هي في انتظار صفقة ثانية بالنسبة لنفس المشروع الذي خلقت من أجله و بفضله في الحقيقة. !!

 وتبلغ التكلفة المالية لهذا المشروع 987 مليون درهم تساهم فيه الدولة بدعم عبر صندوق الحسن الثاني بلغ 237.5 مليون درهم إضافة إلى قرض بنسبة 1 في المائة لمدة 20 سنة من طرف نفس الصندوق!!! في حين تبلغ مساهمة شركة أمنسوس 432 مليون درهم أم الباقي فسيتحمله الفلاحون المستفيدون من هذا المشروع بحيت يبلغ ثمن الربط بشبكة السقي ب 8000 درهم للهكتار.

فلاحو سبت الكردان سيجدون نفسهم كذلك مجبرين على دفع 1.48 درهم للمتر المكعب الواحد عوض 0.25 درهم التي يؤديها نظرائهم في مناطق أخرى من المغرب.

 هكذا إذن يطبق المغرب توصيات البنك العالمي بتشجيع الشركات بين القطاع العام والقطاع الخاص PPP (Partenariat

 pubilque privé) شراكات تؤكد مبدأ خوصصة الأرباح و تشريك الخسائر الذي طبع مسلسل الخوصصة ببلادنا منذ انطلاقه سنة 1993.

الجديدة –  أبريل 2008

م.جواد (عضو أطاك المغرب)

المراجع :

  • كتاب :  الماء ثروة مشتركة عمومية  

 L’eau, bien commun public Alternatives à la “pétrolisation” de l’eau” de Riccardo Petrella

Editions de l’Aube avril 2004   Prix  

  • التقرير الفرعي حول الماء  50 سنة حول المغرب الممكن

Ressources en eau et bassins versants du Maroc : 50 ans de développement (1955-2005)

DE : ALI AGOUMI ABDELHAFID DEBBARH

  • كتاب : التدبير المفوض للماء : الخيارات

LA GESTION DÉLÉGUÉE DE L’EAU : LES OPTIONS

Marcel Boyer, Université de Montréal et CIRANO Michel Patry, École des HEC et CIRANO

Pierre J. Tremblay, CIRANO

 

  • مقال : خوصصة الماء بالمغرب  لرئيس أكمي المغرب : ذ مهدي لحلو يناير 2008
  • مقال  الماء و المدينة بالمغرب : خدمة عمومية محلية في تحول  للأستاذة Béatrice ALLAIN-ELMANSOURI
  • ملف خاص لجريدة الصباح بعنوان الخطايا الكبرى لمملكة جون بييرإرمونو في عددها 2413 بتاريخ 12-13 يناير 2008
  • مجلة “ممكن” لأطاك المغرب العدد الأول
  • جريدة L’économiste
  • جريدةLa vie économique
  • جريدة الأحداث المغربية

 

  • مواقع إلكترونية :

 

  •  
    • الموقع الرسمي لكتابة الدولة المكلفة بالماء : www.water.gov.ma
    • موقع جمعية العقد العالمي حول الماء أكمي المغرب:

 http://www.acme-eau.org/ACMEMaroc

  •  
    • موقع البنك العالمي : http://web.worldbank.org


[1] ريكاردو بتريلا Ricardo Petrella: مناضل و مفكر إيطالي أحد رموز الحركة من أجل عولمة بديلة و أحد مؤسسي الحركة من أجل عقد عالمي حول الماء. أستاذ في جامعة لوفان الكاثولكية ( بلجيكا) . من أشهر مؤلفاته : L’eau, bien commun public 2004

 

زر الذهاب إلى الأعلى