دروس الإكوادور في إلغاء الديون غير المشروعة
إريك توسان في 29 ماي 2013.
إنه لأمر بالغ الأهمية النظر فيما يمكن أن تفيد التجربة التي شهدتها الإكوادور في السيرورة الجارية في تونس وبلدان أخرى عديدة | 1 |. وهذا هام بوجه خاص بالنسبة للحركات والمنظمات السياسية التي تريد تبنى مسألة الديون. ما هو على المحك هو الحد بشكل كبير من عبء الديون، ومن ثمة منح تونس فرصة الحصول على وسائل تحسين ظروف معيشة السكان على نحو بليغ ، وتحسين البنية التحتية ، وتجويد إمكانات البلد الاجتماعية والاقتصادية ، والحفاظ على الطبيعة. بات هذا ممكنا في إطار استعادة سيادة وكرامة البلد وشعبه بعد الثورة التي وقعت في ديسمبر 2010 – يناير 2011.
شعب الإكوادور ضد الديون
منذ متم سنوات 1990، بدأت جملة حركات اجتماعية إكوادورية، خصوصا Jubilé 2000 غواياكيل ( أهم المدن التجارية وأكبر ميناء بالإكوادور)، تنظيم الحملات ضد الديون غير العادلة المطلوبة من البلد. كانت مواقف هذه الحركات الاجتماعية في البداية معتدلة للغاية وغامضة. على سبيل المثال، ذهبوا إلى اجتماع لنادي باريس في عام 1998 معتقدين إمكان التفاوض حول إعادة هيكلة الديون الإكوادورية والحصول على إعفاء مهم جدا. بعد عامين تقريبا ، أدركوا أن نادي باريس لم يكن لديه استعداد للتفاوض وأنه وافق على المناقشة فقط من أجل مسائل العلاقات العامة. في الفترة 2001-2002، بدأت لجنة الغاء ديون العالم الثالث CADTM الدولية ومركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (CDES) إطلاق حملة حول المسألة الخاصة من ديون الاكوادور المتعلقة ببيع النرويج بواخر صيد من النرويج للإكوادور.أعدت المجموعتان ملفا لإثبات أن الدين إزاء النرويج دين غير مشروع لأن النرويج لم تبع البواخر للاكوادور لخدمة مصالح هذا البلد بل بقصد حل أزمة قطاع تصدير هام بالنسبة للنرويج، وهو أحواض بناء السفن.كانت النرويج تبحث عن بلدان تسعى لشراء بواخر صيد، لكن ما اشتراه الإكوادور لم يستعمل قط للصيد بل لنقل موز إحدى أكبر أثرياء للبلد. هذا مثال ملموس عن كيفية الشروع بالحملة ضد الديون: من خلال استهداف دين معين، وإدخال مفهوم الديون غير المشروعة. و نجحنا في التحالف مع المنظمة النرويجية SLUG وإدخال مفهوم الافتحاص لتوضيح حقيقة المطلوب من الإكوادور. جرت هذه الحملة في سياق تعبئات اجتماعية كبيرة في أواخر سنوات 1990 وبداية سنوات 2000 ، مع العديد من الحركات الشعبية المهمة جدا التي تخلصت من رئيسين نيوليبراليين في 2000 تم في 2005.
كانت هناك احتجاجات كبيرة في سنوات 1990، لكن، في عام 2000، أطيح بالرئيس النيوليبرالي بواسطة تعبئة شعبية، على اثر انتخابات، و استبدل برئيس آخر، لوسيو جوتيريز، الذي نظم حملة ببرنامج مناهض لصندوق النقد الدولي، برنامج يساري ومعاد للولايات المتحدة. لكن غير خطابه تماما بعد انتخابه قائلا: “أنا أفضل صديق للولايات المتحدة، شافيز هو عدونا.” سبب هذا سخط وإحباطا وانتفاضة شعبية جديدة في عام 2005. اضطر الرئيس للهرب من القصر الرئاسي في طائرة هليكوبتر ، قبل إرساء حكومة انتقالية، كان فيها رافائيل كوريا ،الذي سينتخب رئيسا للجمهورية في دجنبر 2006 ، وزيرا للمالية، في سياق كان سعر النفط مرتفعا.
يكتسي موضوع الديون أهمية لأن الحركات الاجتماعية قادت حملة حول الديون منذ 7 إلى 8 سنوات. بصفته وزيرا للمالية، بادر رافائيل كوريا إلى تخصيص المداخيل الإضافية المتأتية من ارتفاع أسعار النفط للإنفاق الاجتماعي على التعليم والصحة. غير وارد بتاتا أن يمتص سداد الديون عائدات النفط الإضافية. هذه الديون غير مشروعة، وبالتالي وجب أن يستفيد السكان من مداخيل الصادرات و الضرائب المترتبة. رد البنك العالمي وصندوق النقد الدولي بشدة رافضين توجيه الأموال المتاتية من النفط الى الإنفاق الاجتماعي. وهدد البنك العالمي بوقف مد الاكوادور بالقروض إذا ما اتخاذ مثل هذا الإجراء. رفض R.Correa الرضوخ لإملاءات البنك العالمي، ودافع عن موقفه في الحكومة. وفضل الاستقالة على سحب المرسوم الذي يدافع عن مصالح البلد، وبذلك عاد إلى المعارضة. أطلق الرئيس المؤقت، الذي حل محل جوتيريز، لجنة تدقيق للحسابات، لكن بصلاحيات محدودة جدا.بيد أنها قامت بعمل دراسة هام لديون الإكوادور ساهم هذا في توسيع الاهتمام بمسألة الديون .
في عام 2006، ترشح كوريا في الانتخابات الرئاسية، مقدما:
1 – ضرورة تغيير جذري لدستور البلد لإرساء ديمقراطية سياسية أساسية؛
2 – ضرورة أنهاء الديون غير المشروعة.
لقد كانت رسالته هي: “انتخبوني رئيسا و ألتزم باتخاذ تدابير لضمان توقف البلد عن أداء ديون غير مشروعة.”
وأعلن أيضا أنه إذا انتخب رئيسا، سوف يزيل القاعدة البحرية الأمريكية بالايكوادور . كان المقصود ايضا استعادة البلد السيادة و الكرامة. كما أنه سيضع حدا للمفاوضات مع الولايات المتحدة الخاصة باتفاق تبادل حر.هكذا كانت الموضوعات الرئيسية لحملة كوريا هي: الديمقراطية السياسية، التغيير الدستوري، وإلغاء الديون غير المشروعة، واسترداد السيادة بإنهاء وجود الجيش الأمريكي على أراضيه ووقف مفاوضات اتفاق التبادل الحر مع الولايات المتحدة.
إلغاء رافائيل كوريا لديون كريهة
انتخب كوريا في ديسمبر 2006، وخاض معركة في فبراير ومارس 2007، من أجل استفتاء على دستور جديد. فاز بالاستفتاء فيما كانت المعارضة كلها و وسائل الإعلام ضده. الخطوة التالية هي تسوية الديون … من مايو 2007. كانت مبادرة كوريا الأولى طرد ممثل للبنك العالمي الدائم في الاكوادور. كانت الرسالة واضحة: انتهك البنك العالمي سيادة الإكوادور في عام 2005، ما أدى إلى استقالة كوريا. البنك العالمي يتدخل في شؤون البلد، أخرج إذن! البنك العالمي، إرحل ! في يوليو 2007، احدث كوريا بمرسوم رئاسي لجنة تدقيق. تمثل بها من الجانب الإكوادوري ممثلو المجتمع المدني “من أسفل”، أي الحركات الاجتماعية، ومن الجانب الآخر، أربع أجهزة من الدولة: محكمة الحسابات، وهيئة مكافحة الفساد، ووزارة المالية والاقتصاد ، ووزارة العدل. يضاف إليهم ستة ممثلين أجانب خبراء في مجال الديون. وبهذه الصفة كنت عضوا في اللجنة المفوض لها تحليل الدين العام الداخلي والخارجي بين عامي 1976 و 2006. كانت لدينا سلطة الحصول على جميع المعلومات اللازمة لعملنا في تدقيق الحسابات من أجل إعداد تقرير حول الديون غير المشروعة وتقديم توصيات للحكومة والدولة.
لقد عملنا أربعة عشر شهرا ثم قدمنا النتائج والتوصيات للحكومة. وكانت لدينا، خلال هذه المدة ثلاث اجتماعات مع رئاسة الجمهورية والحكومة، التي درست توصياتنا واستنتاجاتنا طيلة شهر ونصف. وفي نوفمبر 2008، أعلن الرئيس من جانب واحد وقف سداد الديون التجارية، أي تلك الديون على شكل سندات التي تباع في الأسواق المالية، والمستحقة في عام 2012 وفي 2030.
تركت الاكوادور الأسواق المالية ، لمدة ستة أشهر، دون إخبار. لقد تركتها في ريبة كاملة . وقد اتخذ هذا القرار دون أن يعرض مسبقا على الرأي العام. كلف الاكوادور بنك لازارد، بنك دولي مشهور، ليعيد شراء السندات من السوق الثانوية للديون نيابة عن الدولة دون إعلان دلك رسميا. سمح هذا للإكوادور بشراء قسم كبير من السندات ومن ثم تقديم عرض لحاملي السندات المتبقية، تلك التي لم يتم بيعها بعد لبنك لازارد. عرضت الحكومة لشراء السندات35٪ من قيمتها، لكنها كانت قد اشترت جزء بـ 20٪ من قيمتها. تم تقديم العرض في أبريل 2009، وفي يونيو 2009، أعلنت الاكوادور رسميا انها أعادت شراء 91٪ من السندات. وانتهى العرض، ولن يتم شراء 9٪ من السندات المتبقية. لقد كان لدى أصحاب السندات ما يكفي من الوقت لبيعها للدولة. في الختام، كلفت العملية حوالي 900 مليون دولار اشترت بها الحكومة 3.2 مليار دولار من السندات. 7 مليارات دولار هو الاقتصاد الإجمالي، إذا احتسبنا السندات المشتراة بسعر مخفض والفوائد التي لم يعد مطلوبا أدائها حتى عام 2030. ومكن ذلك استخدام تلك الأموال للزيادة جذريا في الإنفاق العام وخاصة في مجال الصحة العامة والتعليم والبنية التحتية. إذا نظرنا إلى الميزانية الأكوادورية، نرى أنه منذ 2009-2010، بدأت تنخفض النفقات الموجهة لفائدة خدمة الدين جذريا، وأن النفقات التي توجه لزيادة الإنفاق الاجتماعي النافع ترتفع بطريقة هامة للغاية مما سمح بتحسين ظروف حياة السكان. هذا ما يفسر أيضا إعادة انتخاب كوريا عام 2009 لولاية أخرى في ظل الدستور الجديد. لقد انتهت فترة ولايته في أوائل عام 2013. وتقدم للانتخابات من جديد وأعيد انتخابه بـ 57٪ من الأصوات، بزيادة كبيرة للأصوات لولايته الثالثة أكثر من الولايتين الأوليين!
ما هي الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها؟
يعود فوز كوريا بانتخابات عام 2006 أساسا لخوضه الصراع ضد البنك الدولي ومسألة الديون غير المشروعة. لقد كان واحدا من الموضوعات الرئيسية لحملته الانتخابية، وعلى هذا الأساس فاز بتأييد شعبي كبير جدا. الدرس الأول هو التالي: يمكن لمنظمة أو مرشح أو جبهة منظمات، مثلا الجبهة الشعبية المعارضة، إقناع جزء كبير من الرأي العام بدعمها للوصول للحكم من أجل اتخاذ تدابير تضع حدا لأداء الديون غير المشروعة. هذا ممكن إذا كان مرفق بعمل تحتي تكون قد قامت به لسنوات الحركات الاجتماعية. هذا هو ما تقوم به RAID-أتاك-CADTM، لمدة 10 سنوات حتى الآن. وهذا ما تقوم به أيضا جمعية ACET بين المهاجرين التونسيين في فرنسا. إنه عمل يمهد الطريق، ويفتح العقول. إن الحديث عن الديون مهمة للغاية للوصول إلى الرأي العام التونسي وإظهار أنه موضوع رئيسي. درس آخر مهم من المثال الاكوادوري هو أنه لا ثقة بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
صندوق النقد الدولي: الجزرة والعصا
إن مشروع خطاب النوايا الذي تريد الحكومة التونسية أن ترسله لصندوق النقد الدولي | 2 |، أصبح علنيا الآن لأن إذاعة Shems (شمس) نشرته على موقعها على الانترنت، ويظهر أن المسألة متعلقة باقتراض نحو 2.7 مليار دينار تونسي من صندوق النقد الدولي في ظل شروط تقول الحكومة التونسية أنها مستعدة للرضوخ لها. نعلم جيدا أنه في الواقع، اجتمعت بعثة صندوق النقد الدولي مع السلطات التونسية وأملت عليها قسم كبير من مضمون الرسالة، خصوصا الإلتزامات التي يجب تبنيها في الإجراءات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يحددها الصندوق . إنه نفس الشيء منذ 20 إلى 30 عاما. تشمل الوثيقة التي صارت عامة، الميزات التقليدية لسياسة صندوق النقد الدولي. من جهة، سيقرض صندوق النقد الدولي 2.7 مليار دينار دون سداد لمدة ثلاث سنوات ونصف. يعد هذا، بالنسبة لأي حكومة “جزرة” رائعة. يمكن للحكومة أن تقدم هذا للسكان على أنه علامة على ثقة المنظمات الدولية الرئيسية. يعطي هذا للبلاد إمكانية الحفاظ على علامة جيدة أو تعديلها من طرف وكالات التصنيف. أصبحت الأموال تدخل وليس مالا يخرج. ثقة الدائنين الدوليين، وثقة المؤسسات الدولية ، هكذا يأتي المال. يمكن للحكومة أن تستثمر أفضل الفرص لتحسين إدارة المؤسسات. على مستوى الرأي العام، هناك عموما، شكوك، لا بل انتقادات فيما يخص إدارة البنوك العامة والخاصة. إذا كانت الحكومة تتحدث عن افتحاص للبنوك، فإن هذا يمكن أن يعطي انطباعا أنها ستقوم بإصلاح البنوك، ونظام التقاعد، ونظام الدعم المخصص للمواد ذات الأولوية (PPN) وللخدمات. و بالتالي، كتبت الوثيقة بطريقة حذرة، لأن السكان في تونس اليوم في نشاط دائم. والأحزاب والحركات المعارضة منتبهة جدا للإجراءات التي يمكن أن تؤثر على الظروف المعيشية للسكان. أدخلت الحكومة صندوق النقد الدولي خلسة، هو ليس حاليا دائنا رئيسيا لتونس. لكن كما يقول المثل الشعبي ، يلوح بالجزرة ويخفي العصا.
“إستراتيجية الضفدع”
حاليا، تطبق في تونس استراتيجية، تعرف في الخطاب الداخلي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بأنها “استراتيجية الضفدع”. إذا رميت ضفدعا في وعاء من الماء المغلي، سوف تقفز خارج الوعاء بسرعة. ولكن إذا وضعتها في وعاء من الماء البارد الذي يسخن تدريجيا، فإنها لن تكشف درجة الحرارة التي ينبغي عندها القفز فتموت. في بعض البلدان، لا يطبق صندوق النقد الدولي والبنك الدولي استراتيجية الصدمة ولكن استراتيجية الضفدع، يعني هذا العمل تدريجيا بهدف شل الجسم الاجتماعي بنفس الطريقة التي شل بها الضفدع. لن يدرك حتى أنه خدر بواسطة السياسات الليبرالية الجديدة، بفعل نوع العلاج الذي خضع له المجتمع. تبين الوثيقة توقع تطبيق “استراتيجية الضفدع” في تونس، لكن هذا لن يمنع صندوق النقد الدولي لاحقا من تطبيق استراتيجية الصدمة إذا ما تقوى موقعه في البلاد. نرى أيضا بشكل واضح جدا في هذه الوثيقة أن صندوق النقد الدولي لم يأتي وحده، بل مع البنك الدولي، الموجود قبلا في البلاد. وتنص الوثيقة على أن البنك الدولي سيشارك في تدقيق حسابات البنوك، وتقديم النصائح بشأن السياسة الضريبية وإصلاح نظام الدعم. فيما يتعلق بالدعم، نعثر في الوثيقة على الخطاب الكلاسيكي للمؤسسات المالية، حيث وفقهم أن يستفيد من الدعم المعمم قسم من الناس لا يحتاجونه، وهو أمر لا يخلو من الصحة تماما. إنما هو خطاب شعبوي من البنك الدولي لإنهاء الإعانات بدعوى استهداف صارم للسكان الأكثر احتياجا وتقديم الدعم المالي المباشر لهم. إنها سياسة البنك الدولي في جميع البلدان مدة 10 سنوات حتى الآن: استبدال أنظمة الدعم بالمساعدات المالية المباشرة.
مع ذلك، إذا قمنا بتقييم دقيق لهذه السياسات، نجد أنه ببعض البلدان، شهدت بعض القطاعات تحسنا طفيفا، لكن الهدف من تلك السياسات هو خفض مبلغ الإنفاق العام في شكل إعانات دون تنظيم فعلي، ودون تحسين كبير، لظروف حياة أولئك الذين هم في أشد الحاجة لها. تتحدث الوثيقة بشكل صريح جدا عن خفض الضرائب التي تدفعها الشركات. لكن لتقبل الحقنة، يقال مجددا أن لا أثر على المجتمع بفعل خفض الضرائب. كيف يقدمون الأمر؟ ستخفض الضريبة على الشركات، وفي نفس الوقت، سيتم حذف بعض المزايا الضريبية بحيث تصبح الشركات خاضعة للضريبة بما فيه الكفاية. النتيجة بديهية: مع خفض الضرائب، سوف تنخفض أيضا مداخيل الضرائب على الشركات الكبرى الوطنية والدولية خلال العام ونصف العام أو العامين القادمين. وسيتم بالتالي تعويض انخفاض الموارد بزيادة في الضريبة على القيمة المضافة. لذلك سوف يدفع كل الناس الفاتورة، ولا سيما أفقرهم، بما في ذلك العاملين في القطاع غير الرسمي. إذا كان صحيحا أن القطاع غير الرسمي لا يدفع الضرائب على الدخل، فإن عماله يستهلكون وبالتالي يدفعون الضرائب على كل المنتجات الاستهلاكية. على الجبهة الشعبية والحركات الاجتماعية أن تحاول إقناع العمال في القطاع غير الرسمي بأنه من مصلحتهم دخول القطاع الرسمي إذا تم إصلاح نظام الضريبة على القيمة المضافة. حيث بإمكانهم استرداد جزء من ضريبة القيمة المضافة، إذا ما أعلنوا حقيقة عن مداخليهم. إذا ما دخلوا القطاع الرسمي ستخلق فرص عمل قانونية هامة وستتوفر الاموال التي ستذهب الى نظام التقاعد، وإلى الحماية الاجتماعية، الخ.
تنص الوثيقة أيضا على الحاجة إلى إصلاح معاشات التقاعد، ولكن دون أن تحدد كيف. مع ذلك، من المعروف جيدا أن فلسفة إصلاح نظام معاشات التقاعد بالنسبة للبنك الدولي هو عادة تشديد شروط استفادة الناس من التقاعد.
لذلك من المهم جدا القول أن الديون التي ستقترضها تونس من صندوق النقد الدولي ديون غير مشروعة. هده الديون هدية للحكومة الحالية لأنها لن تسددها لمدة ثلاث سنوات ونصف ولأن العبء سيكون على الحكومة المقبلة وجميع المواطنين التونسيين خلال ثلاث سنوات ونصف. من ناحية أخرى، يضاف إلى هذا تأثير الإصلاحات التي التزمت السلطات الحالية بتحقيقها.
لا للديون التونسية الكريهة
بالعودة إلى دروس الأكوادور، إذا أرادت المعارضة التونسية فعلا أن تستعيد البلاد كرامتها بشكل نهائي، واستقلالها ، وسيادتها وأن يتم توزيع الثروات بشكل يراعي احترام معايير العدالة الاجتماعية، والقيام بإصلاحات لضمان استعادة السلطات العامة التحكم بالأولويات الاستراتيجية لتنمية البلاد، فمن الأهمية التأكيد على ضرورة افتحاص الديون، ورفض أداء الديون الكريهة. لدى تونس حجة أقوى بكثير مما كان لـدى Correa عندما جاء إلى السلطة. تعود الديكتاتورية التي شهدتها الإكوادور لأزيد من 25 سنة. والديون التي كانت على الاكوادور اقترضتها حكومات طبقت السياسات الليبرالية الجديدة، لكنها حكومات منتخبة ديمقراطيا. وقد تمت إزاحتها من قبل احتجاجات شعبية ولكن كانت هناك انتخابات. لقد ورثت تونس ديون نظام بن علي، وهي ، بلا شك في نظر القانون الدولي، ديون كريهة.
بالإضافة إلى القرض الذي تستعد الحكومة التونسية لطلبه من صندوق النقد الدولي، ينبغي أيضا استنكار وانتقاد جميع القروض منذ سقوط بن علي.
لدى المجتمع المدني الشعبي التونسي، وقوى المعارضة التي تريد حلا يقيم العدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية من الحجج ما لم يتوفر ل Correa وللذين دعموه.
لا تضيعوا هذه الفرصة! عززوا عمل الافتحاص، انطلاقا من من هم أسفل المجتمع ، ومن المعارضة ، ومن حركات نضال المواطنين!
حاولوا طبعا مع البرلمانيين المستعدين للانخراط في هذا العمل، الذي يمكن القيام به في تعاون وثيق مع الحركات الاجتماعية ومع جميع القوى التي تريد كشف حقيقة الديون!
اجعلوا معركة رفض أداء الديون الكريهة راية مهمة في سياستكم اليومية. حاولوا الارتقاء بوعي المواطن والمواطنة التونسيين العاديين، الذين لا يدركون تلقائيا تأثيرات الديون على حياتهم اليومية.
حاولوا بالملموس إبراز عبء هذه الديون على ميزانياتهم، وعلى المشاكل التي يواجهونها كي يتمكن أطفالهم من الذهاب إلى المدرسة بكرامة، وكي يحظو بالذهاب إلى الجامعة يوما، وبحيث عند تخرجهم تكون لديهم فرصة للعثور على وظيفة تطابق شهادتهم.
يجب أن نوضح للسكان أنه ليحصل دلك لا بد من رفض أداء الديون الكريهة.
لا يمكن خلق فرص عمل على نطاق واسع ، ولا يمكن تحسين الصحة العامة، ولا يمكن تحسين البنية التحتية للبلاد بواسطة القروض المسمومة للبنك الافريقي التنمية وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والأسواق المالية والجهات المانحة الثنائية. ولا يمكن أيضا أن نشكر دولا مثل ألمانيا أو فرنسا، التي تقول أنها ” تتنازل عن الديون التي اقرضها لكم وأنها ستحولها إلى صناديق تعويض”. | 3 | إن ديون الدول الداعمة لبن علي، التي على تونس، هي اليوم ديون بغيضة ويجب إلغائها، ولا يمكن استبدالها. إن الاستبدال هو تبييض للديون الكريهة. إذا أرادت ألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا | 4 |، وباقي الدول الغربية الأخرى، مساعدة تونس، فلتقدم هبات مباشرة، ولتضع الأموال في صندوق تونسي للتنمية تحت رقابة الحركات المناضلة والمجتمع المدني التونسي من أجل إقامة مشاريع تنمية معدة بمشاركة السكان التونسيين. فلتأتي الاموال من جديد، وليتم وضعها في صندوق شفاف تحت الرقابة الشعبية، وليخصص لمشاريع يرى الناس مباشرة أنها تحسن ظروف عيشهم.
هذا ما يجعل نافعة، لتونس، تجربة تبعد عنها 10000 كم.
إذا كنتم أنتم التونسيين والتونسيات، تطلبون خبرتنا ودعمنا، فسنمدكم بها، وسيكون الأكوادوريون على استعداد لمساعدتكم . خذوا كل هذه المقترحات وتبنوا المعركة ضد الديون، اجعلوها معركتكم، بهذا بمقدوركم الانتصار، وتغيير المجتمع التونسي حقا.
ملاحظات
|1| هدا المقال تحرير لندوة نشطها اريك توسان في تونس يوم 31 مارس 2013. قام بالتحرير نيغينا فنيترا Nirina Fenitra. تمت مراجعة النص من طرف دانييل ساباي وداميان ميي Danielle Sabai et Damien Mille. الفيديو الأصل متوفر على الرابط التالي: : http://cadtm.org/Les-lecons-de-l-Eq…
|2| للاطلاع على رسالة النوايا: http://nawaat.org/portail/wp-conten…
|3| أنظر http://cadtm.org/Le-CADTM-le-collec…
|4| أنظر http://cadtm.org/La-Belgique-doit-a…