الاتفاقات الاستعماريةالديون

قرض جديد، قيد جديد 100 مليون دولار من البنك الدولي للبرلة سوق الشغل

قرض جديد، قيد جديد

100 مليون دولار من البنك الدولي للبرلة سوق الشغل

 

   في أولى خطوات تنزيل الشراكة الإستراتيجية بين المغرب والبنك الدولي لفترة 2014- 2017ـ وافق مجلس مديري هذا الأخير على منح المغرب قرضا بقيمة 100 مليون دولار، في إطار ما أطلق عليه البنك برامج الإقراض من أجل سياسات التنمية.

   الغرض في هذا القرض ، حسب البنك ، هو “تحقيق التوافق بين المهارات التي يتم تعلًمها في الجامعات والتدريب المهني من جهة وبين ما يحتاجه سوق العمل من جهة اخرى”. (بيان صحفي، 2014/08/26، موقع البنك الالكتروني).

وقد سبق للبنك الدولي في إطار الشراكة الإستراتيجية السابقة 2010- 2013 أن منح المغرب قرضا بنفس التكلفة، ولنفس الأهداف : “خلق مزيد من الوظائف في المغرب بالتوفيق بين المهارات المهنية ومناهج التعليم العالي وبين احتياجات سوق العمل”. (بيان صحفي، 2012/06/12، موقع البنك الدولي الالكتروني).

   شراكتان وقرضان ورغم ذلك لا تتردد تقارير البنك الدولي من التنبيه إلى البطالة كقنبلة اجتماعية يجب تفادي انفجارها : “مازالت البطالة تمثل تحديا خطيرا أمام التنمية في المغرب…”. (سيمون جراي، المدير القطري لمنطقة المغرب العربي بالبنك الدولي، موقع البنك الالكتروني).

  يسعى البنك الدولي إلى تبليل الفتيل وإزاحة مسؤولية واقع البطالة عن عاتق سياساته، لذلك يعمل على  إكثار البرامج التي تدعي نية محاربة البطالة وإيهام الشباب بقرب التشغيل، لكن في نفس الوقت تحميلهم مسؤولية بطالتهم لعدم قابليتهم للتشغيل.

 

مشروطيات القروض

 

   رغم ادعاء البنك أن “برامج الإقراض من أجل سياسات التنمية” مبتكرات مالية جديدة إلا أنها في الحقيقة تندرج ضمن روح سياسات الإقراض التي تعامل بها البنك مع دول العالم الثالث التي تعاني من أزمة مديونية. وتندرج تحت بند “مشروطيات القروض”، ويعني ذلك أن الحصول على القروض مشروط بتطبيق سياسات البنك النيولبرالية.

   إصلاحات سوق العمل لإضفاء المرونة على ظروف العمل وموائمة قدرات العمال مع حاجات السوق المتقلبة، من بين أهم برامج الإصلاح التي فرضها البنك معية صندوق النقد الدولي، على برامج التعليم في بلدان العالم الثالث، منذ بداية تطبيق برامج التقويم الهيكلي. وهي نفس شروط قروض الشراكة الإستراتيجية الحالية بين البنك والمغرب؛ “هذا القرض سيساعد طلاب السلك العالي والتكوين المهني اكتساب الكفاءات اللازمة لسوق الشغل. كما سيعمل على دعم  تطوير برامج للشغل أكثر فعالية وادماج عدد كبير من العمال ذوي الدخل المحدود الذين يشتغلون في القطاع غير المهيكل في منظومات عمل مهيكلة”. (بيان صحفي، 2012/06/12، موقع البنك الدولي الالكتروني).

 

ما ذا يقصد البنك الدولي بتنمية المهارات؟

 

   ينطلق البنك الدولي من مسلمة أساسية مفادها أن سبب البطالة هو عدم قدرة الشباب على الاندماج في سوق شغل لها متطلبات خاصة، على هؤلاء الشباب أن يكيفوا معها مهاراتهم وكفاءاتهم إن أرادوا أن يحافظوا على “القابلية للتشغيل”.

   يفترض البنك أن فرص العمل موجودة وما على الشباب إلا تنمية المهارات قصد التمكن من ولوج أفضل إلى سوق الشغل، ويستبعد كليا أن تكون فرص الشغل المعروضة أقل بكثير من الطلب على الشغل.

   نشر ، بموقع البنك الدولي على الانترنيت ، تقريرعن اجتماع ممثل البنك بوزارة التشغيل والتكوين المهني بتونس جمعته بممثل الوزارة والمنظمات غير الحكومية ورجال الأعمال. وقد بدأ التقرير بسؤال مضلل هو: ما هي سياسات سوق العمل النشطة؟ هل يمكن أن تساعدني في العثور على وظيفة؟

   اعترض أحد ممثلي شركات التدريب الخاصة قائلا: “بوسعنا مساعدة الوكالة الوطنية للتشغيل على تدريب الباحثين عن وظيفة. لكن المشكلة هي أنه ليست هناك وظائف”. وأورد التقرير اعتراض المدير العام لبرامج التشغيل الحكومية: “هذا الكلام غير صحيح تماما”. وأكد المدير قائلا “إن بياناتنا الإدارية تكشف أن هناك زهاء 150 ألف وظيفة شاغرة كل عام في تونس- لكن لا يتم شغل أكثر من 20 في المائة منها.” وواصل المدير العام قائلا، “دوركم في ظل الإصلاح الجديد هو رصد مواقع هذه الوظائف وتزويد الأفراد بالمهارات والقدرات التي تتطلبها… الحكومة ستدفع لكم مقابل هذه الخدمات، ليس فقط وفقا لقدرتكم على تدريب الأفراد، بل أيضا طبقا لقدرتكم على وضعهم بالوظائف الرسمية. والوكالة الوطنية للتشغيل لا تستطيع أن تفعل هذا وحدها”. (ما هي سياسات سوق العمل النشطة؟ هل يمكن أن تساعدني في العثور على وظيفة؟، دييغو ف. إنجل-أوردينولا، 03/12/2013، موقع البنك الالكتروني).

  بهذا المنظور إذن لا يتحمل البنك الدولي أي وزر في نسب البطالة العالية التي يعاني منها المغرب- كغيره من بلدان العالم الثالث- بينما يقع كل الوزر على الشباب الذين لا يستطيعون تنمية مهاراتهم وعجزهم على الاندماج في سوق الشغل وفق متطلبات هذا الأخير.

   ويدعي ممثلو البنك أن هذه السياسة لها آثار إيجابية ولكن مع الحرص على البقاء في إطار الأماني فقط: “نتيجة للإصلاحات التي ساندها هذا المشروع نأمل أن نرى مزيدا من المواطنين يعملون في وظائف أكثر إنتاجية في ظل أوضاع عمل أفضل”. (نادين بوبار، رئيسة فريق العمل بالبنك الدولي في مشروع تنمية المهارات والتوظيف، (بيان صحفي، 2014/08/26، موقع البنك الالكتروني).

   أوضاع أفضل للمقاولات طبعا التي ستستفيد من الإنتاجية العالية.

 

القروض لفرض المزيد من التوجهات النيوليبرالية

 

   ينتقد البنك الدولي نظام خلق الوظائف بالمنطقة كونه يرتكز على القطاع العام بالأساس؛ ” معدلات هائلة من التوظيف الذي يتسم بتدني القيمة المضافة، ومع قطاع عام مازال في معظم البلدان مصدرا لأغلب الوظائف في القطاع الرسمي”. (نظام الإدارة والتوظيف في القطاع العام بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بقلم ليدا بتيديني، 09/05/2012، موقع البنك الالكتروني).

   ولا ينسى البنك أن يوجه سهام نقده إلى “الشباب المتعلم الذين يواصلون انتظار وظائف “مريحة” في القطاع العام بدلا من تعريض أنفسهم لآليات العرض والطلب المدفوعة باعتبارات السوق. (نظام الإدارة والتوظيف في القطاع العام بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا..).

   ويخلص البنك إلى أنه أصبح التعامل مع هذه المشاكل والتحديات أولوية رئيسية للسياسات أمام كل حكومات المنطقة تقريبا، داعيا إلى “التصدي لتحديات التوظيف، سيتطلب أن تركز المنطقة على كل من الكم والكيف للوظائف التي تم توفيرها حديثا”.

   التوظيف العمومي هو المستهدف الأساسي من كل هذا الجدال ، والتقارير والمقالات المنشورة على موقع البنك الالكتروني، يجب تذويب شحم فيل الوظيفة العمومية، مع ضمان أن توجه الأموال التي يتم تحريرها لسداد الديون الخارجية ودعم القطاع الخاص.. فبالنسبة للبنك الدولي، القطاع العام لا يقوم إلا بـ”مزاحمة استثمارات القطاع الخاص من خلال استخدام موارد كان ينبغي بالأحرى أن يستخدمها القطاع الخاص”. (نظام الإدارة والتوظيف في القطاع العام بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا..).

   لا يفرض البنك الدولي إجراءاته فحسب بل يحمل الكادحين تكلفة تطبيق هذه الإجراءات، فبوساطة قرض سيتم أداء فوائده من المالية العمومية سيتم تحرير التوظيف والتشغيل لصالح رأس المال.

علي أموزاي

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى