النضالات في المغرب

أمام ظلم الحاكمين و طغيانهم يصبح عصيانهم و مقاطعة منتوجاتهم واجبا وطنيا

أمام ظلم الحاكمين و طغيانهم يصبح عصيانهم و مقاطعة منتوجاتهم واجبا وطنيا

“لا تغيير حقيقي بدون فعل ذاتي للمضطهَدين ينبع من فهمهم
واستيعابهم ومن تم تفاعلهم مع واقعهم الملموس”

باولو فريري(1921-1997)

منذ مدة ليست بالقصيرة وخاصة بعد تحرير أثمان المحروقات والتراجع عن دعم المواد الأساسية وتفاقم غلاء المعيشة عرف المغرب محاولات عديدة وتلقائية لعدد من المواطنات (ين) من أجل تنظيم حملات مقاطعة لمنتوجات يملكها أشخاص نافذين في الدولة كشركة أفريقيا للمحروقات، التي يملكها أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري “الدائم”[1] وأحد اغنى رجالات المال في العالم[2] ، والذي رآكم ثرواته بالاستفادة من قربه من القصر. هذا الوزير الذي يتحمل مسؤولية مباشرة في تدمير ما تبقي من سيادتنا الغذائية عبر فرض نموذج فلاحي تصديري ( مخطط المغرب الأخضر)، يخدم مصالحه ومصالح الفلاحين الكبار الذين يمثلهم ويزيد من معاناة الفلاحين الفقراء وأسرهم. كما أن “المغرب الأخضر” يزيد من استنزاف الثروات المائية والتربة وتلويثهما عبر تشجيع نموذج انتاجوي يفاقم استغلال البشر والمجال البيئي علي حد السواء.

لقيت الدعوة الأخيرة لمقاطعة ثلاتة منتوجات: حليب سنطرال لشركة دانون وماء سيدي علي لعائلة بنصالح [3]رئيسة نقابة الباطرونا ومحروقات  شركة أفريقيا لعائلة أخنوش، نجاحا كبيرا وتعاطفا شعبيا واسعا ليس فقط علي شبكات التواصل الاجتماعي و لكن كذلك علي ارض الواقع. خلق نجاح هذه التجربة ارتباكا واضحا وتخوفا كبيرا لدى المسؤولين عن هذه الشركات وحلفائهم، وقادوا حملة تشويه واستهزاء بها، زادت من إصرار المواطنات والمواطنين على إنجاح حملتهم.

ولم  يتردد مسؤول احدى هذه الشركات في نعت المقاطعين/ات باللاوطنيين، وهي تهمة يستعملها الحاكمون في بلادنا مرارا ومنذ سنوات ضد كل من قام بفضح مخططاتهم وناضل من أجل الدفاع عن حقوقه[4] ، في حين أنه اليوم و أمام استبداد الحاكمين بالقرار الاقتصادي والسياسي وضربهم لمصالح الأغلبية من شعبنا، يصبح عصيانهم و مقاطعة منتوجاتهم واجبا وطنيا.

  • أمام تدمير الحاكمين لجل الخدمات والمرافق العمومية وعلى رأسها التعليم بضرب مجانتيه وما تبقى من جودته وتشجيعهم ودعمهم للقطاع الخاص بأموال الشعب وتصريح أحد المداويخ من وزرائهم (لي بغا يقري ولادو يخلص) يصبح عصيانهم ومقاطعة منتوجاتهم واجبا وطنيا.
  • أمام تدمير الحاكمين لجل الخدمات والمرافق العمومية وعلى رأسها الصحة وفتحها أمام الخواص ومن ضمنهم أحد “المداويخ” من وزرائهم[5] من أجل مراكمة المزيد من الأرباح على حساب صحة وسلامة المواطنات (ين) يصبح عصيانهم ومقاطعة منتوجاتهم واجبا وطنيا
  • أمام تواطئ الحاكمين وتحالفهم مع مستعمرينا القدامى والجدد من أجل نهب واستغلال خيراتنا يصبح عصيانهم و مقاطعة منتوجاتهم واجبا وطنيا
  • أمام عنصرية الحاكمين ضد الأغلبية من شعبنا وتحقيرهم لثقافاتنا الشعبية وأشكال المعرفة الموروثة عن أجدادنا وتعميقهم وتشجيعهم للهيمنة الثقافية الاستعمارية خاصة الفرنسية التي لم تتوقف منذ الاستقلال الشكلي٬ يصبح عصيانهم و مقاطعة منتوجاتهم واجبا وطنيا
  • أمام بيع الحاكمين لخيرة مؤسساتنا الوطنية بالتقسيط لفائدة رساميل خاصة وطنية وأجنبية همها الوحيد مراكمة الأرباح والتضحية بسيادتنا الوطنية في مجالات حيوية كالطاقة والماء يصبح عصيانهم ومقاطعة منتوجاتهم واجبا وطنيا
  • أمام تواطئ الحاكمين المكشوف مع شركات عالمية كشركة ليديك الفرنسية بالبيضاء التي تبث تورطها في فضائح مالية واجتماعية وبيئية وباعتراف مؤسسات الدولة كالمجلس الأعلى للحسابات[6] ، ومعاناة الساكنة من الزيادات المتكررة في الأسعار وحرمان الآلاف من حقهم في الربط الاجتماعي وتحويلها لمليارات الدراهم إلى الشركة الأم بفرنسا بصفة غير قانونية يصبح عصيانهم ومقاطعة منتوجاتهم واجبا وطنيا
  • أمام تعنت الحاكمين واستبدادهم بالقرار من أجل تنفيذ مشاريع يصعب تبرير جدواها وأولويتها اليوم وتعد استفزازا للأغلبية من شعبنا[7] كمشروع التيجيفي والقمر الاصطناعي يصبح عصيانهم ومقاطعة منتوجاتهم واجبا وطنيا
  • أمام تبني الحاكمين للخيار السهل والجبان في اقتراض ديون من المؤسسات المالية العالمية التي تمتص خدمتها ثلث ميزانية الدولة وتضرب سيادتنا نظرا للشروط التي تصاحب تلك الديون كما ترهن مستقبلنا ومستقبل أبنائنا يصبح عصيانهم ومقاطعة منتوجاتهم واجبا وطنيا.
  • أمام جبروت شركات القروض الصغرى واستغلالهم لفقر الاسر بنسب فوائد مضاعفة[8] بدعوى محاربة الفقر يصبح قرار وقف تسديد هذه الديون وعصيانهم ومقاطعة منتوجاتهم واجبا وطنيا
  • أمام توجه الحاكمين نحو الدول إفريقية الأخرى من أجل الترويج لمنتجاتهم وتوسيع مشاريع شركاتهم وخدمة مصالهم الخاصة ومصالح حلفائهم الغربيين[9] في حين أن قبولنا كما قبول كل الآفارقة بالعيش بشكل تضامني وتكاملي كأفارقة هو الحل الوحيد للعيش بكرامة و حرية كما عبر عن ذلك توماس سانكرا [10] يصبح عصيانهم و مقاطعة منتوجاتهم واجبا وطنيا

يعد النجاح الكبير للحملة الأخيرة لمقاطعة بعض المنتجات انتصارا للكادحين كما يعبر عن مدى تزايد وعي المواطنات (ين) بمصالحهم كما تعد خطوة مهمة في سيرورة انخراطهم/هن الواعي من أجل تحررهم/هن من كافة أشكال الاضطهاد واستعادة تحكمهم/هن في مصيرهم/هن واستعادة سيادتهم على ثرواتهم الطبيعية التي يواصل الحاكمون سلبها من أجل مراكمة مزيد من الارباح بتواطؤ مع مستعمرينا القدامى والجدد.

كما تميزت الفترة الأخيرة بإبداعات شعبية من الأسفل لا من ناحية الشعارات أو أشكال الاحتجاج أو أشكال التنظيم الذاتي الديمقراطي، ولنا في حراك الريف وحراك جرادة خير مثال. كلها مؤشرات إيجابية تدعو للتفاؤل وتعبر على القوى النضالية الكامنة ضد كل اشكال الظلم والقهر التي تعاني منها الأغلبية من شعبنا. وجب علينا كمناضلات (لين) الترحيب بها والانخراط فيها والتعلم منها بكل تواضع ووضع كل ما تعلمناه في منظمات النضال والتضحيات الكبرى التي قدمها خيرة بنات وأبناء هذا الوطن في خدمة التغيير الشامل لوضعية المقهورات والمقهورين من شعبنا. إن الانخراط الفعال للمناضلات(ين) كما يؤكد على ذلك باولو فيريري[11] يجب “أن ننطلق من واقع المقهورين الملموس ومن انشغالاتهم وتمثلاهم  كما هي من أجل حفز ممارسة واعية متجهة نحو الفعل النقدي المستمر في أفق تحررهم

م.جواد (مناضل أطاك المغرب)

البيضاءـ 29 أبريل 2018

 

[1]  أخنوش يشغل هذا المنصب منذ سنة 2007 في ظل ثلاثة حكومات وحتى بعد انتفاضة 2011 التي أرغمت الحاكمين على اصلاح ولو شكلي للدستور وتنظيم انتخابات مبكرة وتمكين الإسلاميين الموالين لهم من شغل قيادة حكومتي 2011 و2017. لعب أخنوش دورا محوريا في تشكيل الحكومة الحالية واستطاع فرض كل شروطه على الإسلاميين المنبطحين بعدما عطل تشكيل الحكومة (بلوكاج) لمدة تزيد عن أشهر

[2]  في الصفحة المخصصة لعائلة أخنوش على موقع مجلة فوبرس الأمريكية والمتخصصة في تتبع أثرياء العالم تقدر ثروثه ب20 مليار درهم آي 20 ألف مليار سنتيم و يحتل المرتبة 12 من بين مليارديرات افريقيا. يمكن الاطلاع على كل هذه المعطيات على الرابط التالي : https://www.forbes.com/profile/aziz-akhannouch/

[3] تحتل  عائلة بنصالح المرتبة 27 في لائحة اثرياء القارة الافريقية حسب مجلة فوربس: https://www.forbes.com/profile/mohamed-bensalah/

[4]في وطنية الحاكمين : لا يتردد الحاكمون ونخبتهم  المتواطئة في المزايدة كل ما أتيحت لهم الفرصة بشعار الوطنية و دفاعهم عن المغرب. كما لا يترددون في استعمال هذه الورقة ضد كل من يفضح ادعاءاتهم وظلمهم ومخططاتهم للاستيلاء والسلب ليتم نعته بالخائن والعميل وصاحب أجندة خارجية” انظر مقال: الشعب المغربي تحت نير الطواحين الثلاث : الاستبداد السياسي، و الليبرالية الاقتصادية/الاستعمار الجديد، والتغيرات المناخية

[5] يعد الوزير الحفيظ العلمي الرئيس السابق لنقابة الباطرونا ومجموعته الكبيرة سهام أحد أكبر المستفيدين من عملية فتح المؤسسات الصحية أمام الخواص. و يحتل حفيظ العالمي المرتبة 50 في لائحة اثرياء قارتنا حسب مجلة فوربس

[6] آنظر مقال : خروقات ليديك : من يوقف النزيف ؟ و هل من بدائل ؟ والذي  يتضمن خلاصات اهم الخروقات التي سجلها تقرير المجلس الأعلى للحسابات ل 2009 ضد شركة ليديك

[7] انظر مقال : مشروع القطار الفائق السرعة استفزاز لمشاعر المغاربة

[8] آنظر الدراسة الميدانية التي قامت بها جمعية اطاك المغرب بعنوان “لقروض الصغرى: الفقراء يمولون الأغنياء

[9]  آنظر مقال المغرب قاعدة التغلغل الاستعماري الجديد في أفريقيا

[10]توماس سانكرا رئيس بوركينافاسو الذي اغتاله الاستعمار الفرنسي نهاية تماننيات القرن الماضي نظرا لقيادته لمشروع تقدمي بديل معادي لأشكال الاستعمار الجديد

[11]  آنظر مقال : كتاب “بيداغوجيا المقهورين” لباولو فريري أداة تحررية لكل المقهورين و للذين يناضلون إلى جانبهم

زر الذهاب إلى الأعلى