النضالات في المغرب

الصهريج-واركي، إقليم قلعة السراغنة :شهيد يسقط، وصرخات غضب في مسيرات الجوع

 تفشى وباء كورونا بالمغرب ثم طُبِّق الحجر الصحي كما جرى احداث ” صندوق تدبير جائحة كورونا -كوفيد-19″ لتوزيع دعم هزيل يتراوح بين 800 و1200 درهم، خصص للفئات الاجتماعية الهشة، ممن يتوفرون على بطاقة “راميد”، والفئات التي تشتغل بالقطاع غير المهيكل،  علاوة على توزيع دعم مباشر على الأسر المتضررة تَمَثَّلَ ببعض المواد الغذائية.

عرفت عملية الاستفادة من الدعم المادي اقصاء فئات واسعة من الأسر المتضررة بصورة مباشرة من الجائحة، وتستعمل الدولة هذا الفتات الهزيل لإطفاء جذوة الغضب المتقدة في أعماق المجتمع.

اُسْتُغِلَّ توزيع الدعم الهزيل، من قبل بعض خدام الدولة المحليين في كسب الولاءات. بالمقابل أقصيت الأغلبية الساحقة من الفقراء القابعين في ضنك العيش، مع تسجيل السخاء الكبير الذي حظي به كبار الأغنياء من صندوق كورونا تحت اشراف الدولة.

ابانت السياسات الليبرالية التي باشرها المغرب منذ عقود، عن حجم الكارثة الاجتماعية التي خلفتها (تلك السياسات): بطالة جماهيرية، هشاشة، أحزمة فقر وتردي المعيش اليومي للمواطنين…في حين استفاد رجال الأعمال من هذه السياسات وكانت آثارها عليهم نعيما وغنى.

تهميش وفقر دائمين

وعلى غرار باقي المناطق المهمشة بالمغرب، جرى اقصاء جزء هام من مواطني ومواطنات منطقة الصهريج-واركي، إقليم قلعة السراغنة من الاستفادة من الدعم الهزيل، حيث لم يرض كادحو هذه المناطق بالمزيد من الإذلال،  لتنفلت الجموع من عقال الخوف(من القمع و الفيروس معا)،  مفجرة حالة من الاحتجاج والسخط الشعبيين،  حيث خرجت الجموع الجائعة للاحتجاج والصراخ بصوت عالٍ،  يوم 17 ماي والاعتصام أمام مقر قيادة الصهريج بالموازاة مع توزيع “الدعم”.

كان من نتائج هذا الإقصاء المهين والحاط من الكرامة.. وهذا التهميش و”الحكرة” سقوط أحد ابناء المنطقة، الحسين العطار، شهيدا، حيث تفاجأ بإقصائه المتعمد، وقد كان طيلة اليوم يطالب السلطات المكلفة بالتوزيع بحقه في الاستفادة بمعية باقي السكان المقصيين من الدعم الهزيل، إلى أن سقط  مغشيا عليه  ليفارق الحياة أمام مقر القيادة في مشهد يقطع نياط القلوب.
فقد استدعت السلطات المحلية بعض السكان لتوزيع فتات “الدعم” وفق لوائح جرى اعدادها مسبقا، وشهدت العملية اقصاء العديد منهم، ضمنهم الحسين العطار، بالرغم من أنه من الفئة التي جرى احصاؤها من أجل الاستفادة.

تبقى وفاته جريمة ووصمة عار على جبين دولة الاستبداد وسلطاتها وما تنهجه من سياسات نيوليبرالية لم تخلف سوى كمٍّ هائلٍ من العوز والفقر.

إن أغلب سكان اقليم قلعة السراغنة في حاجة لدخل قار يكفي لتلبية الحاجيات  المعيشية الأساس بصورة دائمة، وايجاد بدائل لتوفير لقمة العيش  بعد أن أغلقت أمامهم كل سبل الانعتاق..

ما يقع في جماعة الصهريج ليس أمرا معزولا عن باقي جماعات اقليم قلعة السراغنة، فقد سبقته مهزلة  توزيع فتات “الدعم” بجماعة واركي في شهر أبريل، (عبارة عن كيس دقيق، علبة شاي وقالب سكر)، وحتى هذا الفتات جرى توزيعه حسب الولاءات السياسية، الانتخابوية والعائلية.. ونفس الشي وقع في كل جماعات الاقليم حيت جرى اقصاء أغلبية الأسر من التوصل بهذا “الدعم”

مسيرات رافضة لـ “الحكرة” ومحتجة على المهانة
أثارت هذه الاجراءات السلطوية سخطا شعبيا واسعا، وزادها تفجرا سقوط الحسين العطار شهيدا بسبب الاحساس بالحكرة، حيث شهدت المنطقة مجموعة مسيرات احتجاجية لمواطنين ومواطنات مشيا على الأقدام يوم الاثنين 18 ماي 2020 باتجاه عمالة قلعة السراغنة احتجاجا وتنديدا بجريمة مقتل الشهيد، وبالإقصاء من الاستفادة من “الدعم” وقد شاركت في المسيرات  مجموعة من دواوير جماعات الصهريج واركي ولمزم والنواحي، وجرى ارجاع المحتجين من حيث أتوا بوعد من السلطات بأن يحضر عامل الاقليم في اليوم الموالي بالمنطقة، في حين التقت دواوير جماعة اولاد خلوف  في مسيرة متجهة نحو عمالة ازيلال، جرى وقفها من قبل سلطات دمنات.

هكذا تعمق جائحة كورونا واجراءات الحجر الصحي التي صاحبتها، الأزمة الاقتصادية والاجتماعية  المتفاقمة، والتي هي حصيلة  الخيارات السياسية والاقتصادية النيوليبرالية المتبعة، مثلما عمقت فشل ما سمي “نموذجا تنمويا”، وبدأت تبعات الأزمة تلقي بثقلها على الفئات الشعبية الأكثر تضررا خاصة بالقرى المهمشة للفلاحين الصغار والرعاة.

 و تأتي هزالة الدعم وعدم استفادة جميع الفئات منه، متزامنة مع  آثار موسم الجفاف المؤثرة بصورة كبيرة على الفلاحة المعيشية للكادحين، ليزيد كل ذلك من حدة الأزمة، ويولد احساسا بالحكرة والظلم الاجتماعيين.

 هذه أبرز الأسباب التي دفعت المتضررين المباشرين من الأزمة الى الانتفاض والخروج في مسيرات احتجاجاية شعبية بالمنطقة، وذلك بالتزامن مع احتجاجات أخرى بمختلف مدن المغرب وقراه، نذكر منها مسيرة الجوع الحاشدة بمنطقة زحيليكة باقليم الخميسات، اضافة الى احتجاجات بإقليم تاونات وبمنطقة تارجيست بالحسيمة…وطالما لا تزال الأزمة قائمة وتتعمق، ستستمر الاحتجاجات وتتوسع رقعتها حاليا وما بعد كورونا، لذلك ملقى على عاتق الشباب المتعلم والمعطلين وكافة المناضلين والمناضلات مسؤولية تحفيز نضالات الكادحين ونصرتها وتخصيبها بمطالب وبدائل تهم السيادة الشعبية على خيرات وثروات المنطقة والبلد بصورة عامة، سيرا على طريق وضع حد  للاستبداد والاستغلال واحلال مجتمع قائم على الكرامة والعدالة الاجتماعية محلهما.

اطاك المغرب

مجموعة مراكش

 

زر الذهاب إلى الأعلى