الشبابالمخططات الليبرالية

ضد الخدمة الإجبارية وضد الإجهاز على طفيف المكاسب التضامن النضالي ضروري وملح

 

ضد الخدمة الإجبارية وضد الإجهاز على طفيف المكاسب

التضامن النضالي ضروري وملح 

يحصد المغرب، في السنوات الأخيرة، رضا المؤسسات المالية وارتياحها لتقدم إنجازاته النيوليبرالية القاسية. إشادة بتقليص نفقات صندوق المقاصة ودعوة لإتمام تفكيكه ومزيد من خفض للنفقات العمومية للتحكم في عجز الميزانية[1].  في نفس الوقت تواصل الدولة الاقتراض بكثرة، وتقلص الفتات الموجه للفقراء. إجراءات تظهر بجلاء مدى تدخل المؤسسات المالية في الاقتصاد الوطني وتبعية البرجوازية المحلية للمانحين.

ما يدفع المؤسسات المالية لإبداء الارتياح هو رفع اليد عن القطاعات العمومية وتقديمها لرؤوس الأموال الخاصة. لاسيما القطاعات الحيوية التي لم يطلها بشكل كاف الاستثمار الخاص منها قطاع الصحة الذي يشهد في الآونة الأخيرة مقدمات إتمام هجوم الدولة عبر تمرير قانون الخدمة الإجبارية، ومقاومة بطولية للطلبة الأطباء لهذا المشروع.

النيوليبرالية تدق طبول الحرب والطلبة يقاومون

يخوض طلبة الطب معركة تاريخية ضد تملص الدولة من التشغيل وخوصصة قطاع الصحة عبر محاولتها الجادة تمرير “قانون الخدمة الإجبارية” الذي يخضع الطلبة المتخرجين بعد انقضاء سنوات الدراسة للعمل بالسخرة مدة سنتين بالمناطق النائية.

على إثر رفض طلبة الطب لهذا المشروع الساعي لتدمير صحة الكادحين وتفويتها لرجال الأعمال، قاطع الطلبة الدروس في كليات الطب والتدريب الميداني وقد شملت كل الأفواج بدون استثناء.

تدخل المقاطعة بحر هذا الأسبوع شهرها الثالث، وفي بدايات  المعركة قامت الوزارة بالتفاوض مع الطلبة والأطباء المقيمين والداخليين حول ما هو مدرج في ملفهم المطلبي. مفاوضات لم تحقق أي شيء، لتستمر المقاطعة والمسيرات الجماهيرية الموازية، كما هو شأن مسيرة الرباط  يوم 28 أكتوبر التاريخية التي عرفت مشاركة الآلاف والتحاق بعض العائلات لدعم كفاح أبنائها.

سعت الدولة وتسعى لإفشال هذا الزخم النضالي المتميز والمنبعث بعد مدة ركود تلت انتفاء الحالة النضالية الاستثنائية التي مثلتها حركة 20 فبراير. شمل التدخل جبهات عدة، منها، الاقتحام الأمني لكلية الطب في الرباط وبعض المحاولات البائسة باستدعاء العائلات للضغط على أبنائها لوقف النضال ضد الخدمة الإجبارية. مع ما صاحب ذلك من تبخيس لنضال الطلبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وحتى بعض المواقع الالكترونية الصفراء المسخرة لغرض الهجوم على أشكال نضال طلبة الطب.

لماذا يجب أن نتضامن مع الطلبة الأطباء؟

تمر تعديات الدولة والشركات الخاصة على ما تبقى من طفيف المكاسب الاجتماعية دون مقاومة شعبية ذات شأن [2]، ودون تضامن فعال قادر على معادلة موازين القوة ونصرة كفاح المحتجين. تعديات مدعومة بترسانة قانونية للإجهاز على كل بارقة أمل في المقاومة منها: الفصل 288 من القانون الجنائي وظهير التسخير (13 سبتمبر 1938) و مرسوم فبراير1958 بالنسبة للموظفين[3].

في الأيام الجارية يقاتل آلاف الطلبة الأطباء ضد سياسات التقويم الهيكلي في معسكر معزول تماما عن باقي جبهات القتال الاجتماعية ولا ريب أن الطلبة الأطباء غير قادرين على مواصلة المعركة على هذا النحو.( عزلة ومقاطعة مفتوحة وغياب بدائل أخرى وضعف التضامن العمالي والشعبي…)

لأسباب عدة منها :

  • ضعف التجربة النضالية للطلبة الأطباء في خوض معارك مفتوحة بهذا الشكل.
  • الواجب أن تتم الدعوة إلى ضرورة انخراط شغيلة الصحة في النضال ضد الخدمة الإجبارية وأن يعلن إضراب وطني في القطاع إلى حين التراجع النهائي عن الخدمة الإجبارية، عزلة المعركة واقتصارها على المعنيين بها دون الدعوة إلى توحيد الجهود مع مكونات فتية في مضمار النضال وأخرى لها تجربة طويلة ليس في مصلحة أي حركة مكافحة.( حتى الثورات إن بقيت معزولة تحصد الفشل والخيبة)
  • هناك منظمات وحركات نضالية ذات تجربة غنية في التنظيم والاحتجاج أصابها الوهن والضعف بسبب العزلة والانحسار… ( على سبيل المثال لا الحصر الجمعية الوطنية لحملة الشهادات في المغرب)
  • قد تطول مدة المقاطعة دون نيل المطلوب ويبدأ الإحباط يتسرب إلى النفوس، وقد يجتهد الخصم في القادم من الأيام في إعداد خطط وتكتيكات لاستدراج المضربين إلى شراكه القاتلة (تجميد الخدمة الإجبارية أو توقيع اتفاقيات شكلية سرعان ما ستتبرأ منها الحكومة القادمة مثل ما جرى مع معطلي المحضر وحتى قد يعلن سحب الخدمة مؤقتا…)
  • الأشكال النضالية التي يقوم بها طلبة الطب غير كابحة لعجلة الاقتصاد، أي أن تأثير الإضراب محدود وبعيد عن نقاط ضعف الخصم (النقل يتحرك في كل اتجاه بحرا وجوا وبرا، والعمال يعملون والآلة تشتغل وتذر الأرباح…) زد على ذلك أن العيادات الخاصة ستستفيد من كل ما يجري عبر تكثيف ساعات العمل للأطباء واستنزاف جيوب الفقراء.
  • تاريخ شعبنا حافل بمعارك زاخرة لقطاعات عدة ظلت معزولة وبعيدة عن أي تضامن لمنظمات النضال المكافحة سواء أكانت نقابات عمالية أو جمعيات حقوقية… فكان لها نصيب من الهزيمة والإحباط مثل معركة: عمال الطريق السيار سنة 2011  ومعركة الأساتذة المطالبين بالترقية بالشهادات(يعدون بالآلاف) والمعارك اليومية للمجموعات المعطلة المرابطة بالعاصمة التي سحقت بفعل غياب التضامن…
  • تعمل الدولة على تمرير تعدياتها على طفيف المكتسبات الاجتماعية بالتعاون مع زمرة البيروقراطية النقابية والأحزاب الليبرالية وما يسمى جمعيات المجتمع المدني التي تلعب دورا في كبح نضالات المستاءين والساخطين عبر تدخلها بمشاريع تنموية صغيرة. أي أن الدولة تعمل على تجنيد كل ما هو ممكن لتنفيذ التزاماتها الدولية مع المانحين الكبار أسياد القرار الفعليين من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي.

معركتنا جميعا…

قطعت معركة الطلبة الأطباء أشواطا مهمة ضد الخدمة الإجبارية بعيدا عن أي تضامن فعلي وميداني من النقابات التي أصدرت بلاغات خرساء لا تسمن ولا تغني أمام ما تختزنه من قوة عمالية جبارة مقيدة بأغلال بيروقراطية. المعركة تهم كل الديمقراطيين المنافحين عن خدمات مجانية وجيدة في قطاع الصحة.

الرأسمال يسعى إلى الاتجار في صحتنا وتحقيق الربح على حساب معاناتنا بالزج بقطاعات وشرائح واسعة تحت رحمة أصحاب العيادات الخاصة الباهظة الثمن.

معركتنا جميعا في الدفاع عن الصحة للمطالبة بزيادة الدعم والإنفاق العام لتجهيز المستشفيات والمستوصفات بالمعدات اللازمة سواء في المدن أو القرى أو المناطق النائية وتوظيف الأطر الطبية…

معركتنا جميعا للوقوف ضد خوصصة آلامنا وأوجاعنا لرجال الأعمال الناهبين واللصوص.

هوامش:

 

[1]  أيوب الريمي، المغرب يتقدم ب 16 نقطة في مؤشر مناخ الأعمال، موقع هسبريس، الأربعاء 29 أكتوبر سنة 2014.

 

[2] طلبة الطب: من أجل تضامن فعال لصد العدوان، موقع جريدة المناضل

 

[3]نادي التثقيف العمالي، الإضراب مقنن مند قديم الزمان، جريدة المناضل عدد1 سنة 2004.

 

 

 

علــي ازناك

أطاك المغرب

مجموعة كلميم والنواحي

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى