“الإنسان الذي لا يناضل من أجل قضية سيسقط بسبب أي قضية”. مالكوم ايكس
“المعرفة لا تنشأ إلا من خلال الابداع ثم الابداع، من خلال البحث الدائم
والمتواصل الذي لا يهدأ ولا يستكين، والذي يسعى إليه البشر،
في تفاعلهم مع العالم، ومع بعضهم البعض” باولو فريري، “التعلم مع المقهورين”.[i]
هاذ النهار كان عندي ديال البكا وأنا مسافر من ورزازات لبروكسيل. كان عندي الوقت شايط وقلت نتلاها شوية في إنترنيت، ولكن النتيجة كانت ساعات من البكاء. والله يتا بكييت حتى بردت . واقيلا خاصني نبدل سميتي ونولي جواد البكاي (وهو لقب أول وزير حكومة بعد الاستعمار المباشر، المهم لا علاقة هاذ السمية بموضوع بكائي
).
في الحقيقة بكيت على جوج حوايج:
- الفيديو ديال المرحوم مصطفى البراهمة المهندس لِّي وهب حياتو من أجل تغيير جذري في المغرب.
- واحد المسلسل في نيتفليكس سميتو: “عندما يرونا When They See Us“.
حين يشير الحكيم إلى القمر يركز العبيط على الأصبع
أولاً بكيت حتى طبت، والله منين سمعت شهادة مصفى البراهمة على جودة التعليم ومكانة المعلمين من لي كنا صغار أنا دخلت نقرى في 1982 ولقيت نفسي تماما في ما تحدث عنه البراهمة.
بكييت لان ما قامت به الطبقات الحاكمة في حق تعليم بنات وأولاد الشعب جريمة كاملة الأوصاف وجب محاسبتهم عليها لأنهم ضيعو أحلام ملايين من الأطفال والأسر وفوق داكشي كاملو ضيعو أحلامنا كشعب
نعم وجدت نفسي كثيرا في هذه الشهادة الجميلة للمرحوم مصطفى البراهمة، خاصة حديثه عن حب وشغف المعلمين والأساتذة وتشجيعم وكذلك معاقبتهم لنا من أجل أن نكون أحسن المتعلمين
حين كان التعليم حلم شعب بأكمله: الأسر الأطفال وكذلك الأساتذة
أنا مدين جدا في تعليمي للعديد من الأساتذة وكذلك الأطر التعليمية من حراس عامون و مديرين… الذين لم يترددوا في تشجيعي رغم قساوتهم بعض الأحيان. لن أنسى مدير ثانوية ابن البناء المراكشي بالحي المحمدي مثلا من لي كان كيقول لي “شوف شرب القهوة بزاف و ما تنعسش و توجد باش تجيب الأقسام التحضيرية للمهندسين واحنا راه معولين عليك”.
منذ مستوى الابتدائي كنت دائما أحس بمسؤولية أن أكون مخير في القراية ليس فقط ليا و لوالدتي التي توفيت مبكرا (في سن 12 عشر) أو أبي العامل الميكانيكي في المكتب الشريف للفوسفاط الذي ضحى بصحته من أجلنا السبعة أطفال، ولكن مسؤولية كذلك أمام أطر التعليم و حتى الجيران!!
هذا فكرني في مقطع كتباتو الكاتبة المناضلة وواحدة من مؤسسات النسوية السوداء black feminism بيل هوكس Bell hooks في كتابها الرائع: “التعليم من أجل الرقي: التعليم كممارسة للتحرر Teaching to Transgress : education as practice of freesom”[ii]:
“كان جميع مُعلمينا تقريبًا في مدرسة بوكر تي واشنطن من النساء السود. كنّ ملتزمات برعاية الفكر لنصبح باحثات ومُفكرات وعاملات في المجال الثقافي – كسود نستخدم “عقولنا”. تعلمنا مُبكرًا أن إخلاصنا للتعلم، ولحياة العقل، كان فعلًا مُضادًا للهيمنة، ووسيلة أساسية لمقاومة كل استراتيجية من استراتيجيات الاستعمار العنصري الأبيض. مع أنهم لم يُعرّفوا أو يُفصّلوا هذه الممارسات نظريًا، إلا أن مُعلميّ كنّ يُطبّقن أسلوبًا تربويًا ثوريًا للمقاومة مُناهضًا للاستعمار بعمق. داخل هذه المدارس المُنفصلة، حظي الأطفال السود، الذين اعتُبروا استثنائيين وموهوبين، برعاية خاصة. عمل المُعلمون معنا ومن أجلنا لضمان تحقيق مصيرنا الفكري، ومن خلال ذلك الارتقاء بالعرق. كان مُعلميّ في مهمة”
للأسف تم تدمير التعليم العمومي بشكل ممنهج عبر مسلسل طويل من الخوصصة، الله ياخد الحق في من دمر هاذ التعليم الذي تحدث عنه البراهمة و استفدت منه شخصيا، الله يأخذ الحق في الحاكمين الذين حولوا التعليم إلى سلعة مما أدى إلى اغتراب[iii] المعلم و المتعلم
زاد طلع لي الدم اكثر من لي شفت أن الصحفي اختار كعنون لهذا الفيديو : البراهمة يحفظ القرآن

للأسف ما يهم هدا الصحفي هو تسجيل “بوز” أن البراهمة الماركسي حافظ القرآن. وانا أقول: وْمْن بعد واش براهمة جا من روسيا بغيته يكون حافظ الزابور. كلنا حفظنا بعض من القرآن ونفتخر بذلك وماركسيتنا و مناهضتنا لكل أشكال الظلم الاجتماعي الاقتصادي البيئي والثقافي تجد جذورها في هويتنا وثقافاتنا الأفريقية الأمازيغية العربية والإسلامية كذلك وقولها وعمر بها فمك
إن تصالحنا مع هويتنا و تخلصنا من نظرتنا الاستشراقية و المستعمِرة لهويتنا بمختلف أبعادها وخاصة الإسلامية منها شرط أساسي لتحررنا كما ذكرني تعليق الصحفي بمثل فرنسي شهير يقول “حين يشير الحكيم إلى القمر يركز العبيط على الأصبع
نحن “في نظرهم” مجرمون حتى يثبت العكس
من بعد مسحت دموعي قلت الله ينعل الشيطان و قلت نتفرج في واحد المسلسل في نيتفليكس كنت تيليشارجيتو ولكن ماشفتوش. سميتو: “حين يرونا!” يروي الفيلم قصة حدثت في منطقة هارليم الشعبية الشهيرة وذات الأغلبية الملونة في نيويورك في ربيع عام 1989، يتم القبض على خمسة مراهقين ملونين واستجوابهم وإجبارهم على الاعتراف بتورطهم في اغتصاب امرأة بيضاء في سنترال بارك بينما أنهم كانوا أبرياء.

بكائي كان أولاً تأثرا وتعاطفا مع هؤلاء المراهقين وأسرهم. وهذه ليست المرة الأولى التي بكيت بعد مشاهدة فيلم أو مسلسل أو حتى وثائقي. ولكن ماعرفتش علاش تخيلت أنا ما حدث لهدوك الأطفال الملونين وعائلاتهم من طرف نظام عنصري رأسمالي بطريركي ظالم في دولة تعتبر نفسها متقدمة هو نفسه ما تعرض له وما يتعرض له شباب Genz212 الذين تم القبض عليهم بعد احتجاجاتهم المشروعة من طرف نظام حكار بطريركي رأسمالي تابع وتخيلت حجم الإهانة التي تعرض لها الشباب وعائلاتهم خاصة الفقراء منهم من طرف عناصر الشرطة!!! للأسف يتم التطبيع مع هذه الممارسات بدعوى شغب هؤلاء الشباب و قيامهم المزعوم بأعمال شغب.
يجب أن نتذكر ولو حتى قبلنا تجاوزا أن بعض هؤلاء شباب رد بعنف خلال المظاهرات لا يوازي حتى 1 من ألف سنوات من العنف الطبقي والاحتقار والتهميش لهؤلاء الأطفال وعائلاتهم. يجب أن لا نبرر أي من الممارسات القمعية التي ينتهجها المخزن ضدهم وضد عائلاتهم ونندد بالأحكام القاسية التي حوكموا بها بسرعة البرق!!!
لنتحمل مسؤوليتنا اتجاه جيل ز:
اكتشفت كذلك أنه في الحقيقة الموضوعين سبب حزني مرتبطان بعضهما ببعض. فشباب جيل ز الذي خرج منذ 28 شتنبر 2025 ليتم قمعه طالب ويطالب أولاً بتعليم جيد ومجاني للجميع وخدمات صحية جيدة ومجانية للجميع. فهل أصبح هذين المطلبين تهمة؟ وهل تمكن منا الخوف والجبن لدرجة التخلي عن أطفالنا بعد استفراد المخزن بقمعهم بسبب مطالبهم المشروعة. في 23 مارس من سنة 1965 لم يتردد الآباء والامهات بالبيضاء ومدن أخرى من النزول إلى الشارع ًمساندة لأبنائهم بعدم تم قمعهم في اليوم الأول من طرف نظام الدكتاتور الحسن الثاني!
وجب على جيلنا اليوم بعد أن خلف موعده مع التاريخ في 2011 أن يساند بكل إمكاناته جيل ز لكي ينجح فيما فشلنا فيه بالارتكاز على ما نجحنا فيه
ورزازات- بروكسيل – 19 أكتوبر 2025
جواد المستقبل مناضل أطاك المغرب
[i]هذه هي النسخة الاصلية بالإنجليزية “Knowledge emerges only through invention and re-invention, through the restless, impatient continuing, hopeful inquiry human beings pursue in the world, with the world, and with each other,”
للمزيد من المعلومات حول هدا الكتاب الهام جدا life changing book يمكن الرجوع لمقالي حوله بعنوان : كتاب “بيداغوجيا المقهورين” لباولو فريري أداة تحررية لكل المقهورين و للذين يناضلون إلى جانبهم
[ii] كتاب اكثر من رائع انصح بقراءة كما كل كتب بيل هوكس. يمكن تحميل النسخة الانجليزية مجانا على الرابط التالي : https://commons.princeton.edu/eng574-s23/wp-content/uploads/sites/348/2023/03/hooks-Teaching-to-Transgress.pdf
[iii] الاغتراب هو حالة من الانفصال والشعور بالغربة، سواء عن الوطن أو الذات أو المجتمع أو حتى عن العمل. ينتج الاغتراب عن شعور الفرد بفقدان المعنى والقيمة في حياته، وعدم قدرته على التأثير في محيطه، والشعور بالعزلة، مما يجعله غريباً عن نفسه وعن واقعه. يعرّف كارل ماركس الاغتراب في سياق الرأسمالية بأنه انفصال العامل عن منتوج عمله، وعن عملية الإنتاج نفسها، وعن الطبيعة البشرية، وعن زملائه العمال. يحدث هذا نتيجة لـ الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج التي تسلب العامل منتوج عمله وتجعله مجرد أداة لتحقيق الربح، مما يؤدي إلى شعوره باللامعنى وعدم تحقيق الذات.



