الشباب

“ديون أطاك”: شهادة بمناسبة الذكرى العشرين للجمعية

لجمعية أطاك المغرب دين علينا. كعضوين بالجمعية منذ 2006 كنا محظوظين أن نعيش تجربة نضالية ساهمت بشكل حاسم في تكوين شخصيتنا اليوم. هذه الفترة كان لها تأثيرا إيجابيا على مسارنا المهني والشخصي. بالإضافة للتقييم الرسمي الذي قدم عن تجربة الجمعية، سنساهم من خلال هذه الشهادة في تقديم قراءة شخصية لمسيرة أطاك من منظور ذاتي. الهدف هنا ليس بتاتا تمجيد الجمعية أو الاحتفال بذواتنا، بل فقط التأكيد على أن مسيرة الجمعية خلال عقدين من الزمن ساهمت في تغييرنا بشكل أو باخر، ابتداء من دروس يومية في الحياة وصولا الى قناعات نضالية ومبدئية تنير الأفق في الأزمنة القاتمة.

مدرسة النضال والحياة

في سنة 2007، كمجموعة محلية كنا نشارك في تجربة ” التنسيقية ضد غلاء الأسعار”. أنذاك كنا طلبة بأحد معاهد الصحافة بالبيضاء. للتعبئة لأحد المسيرات قمنا بتوزيع نداء للمواطنين قرب المعهد وكنا حريصين على ألا نقوم بذلك داخل بنايات مؤسستنا التعليمية. بعد الظهر جرى استدعاء ماجدولين من طرف المدير وتعرضت لاستنطاق من طرفه. وأصبحنا شخصين “خطرين” من منظور الإدارة. في هذه اللحظة “الطريفة” فهمنا ما معنى أن تكون “مناضلة” أو “مناضل” في سياق استبدادي. قبل رقابة الدولة هناك عدد كبير من الأشخاص يقومون بدور الرقيب بالمجان. نضالنا ضد غلاء الأسعار كان بسيط وذا مشروعية، ولكن كان مزعج الى حد بعيد. واصلنا نضالنا فخورين بحمل وسم ” المناضلين”. دخلنا الحياة المهنية في قطاع أقبر أي فكرة للنضال. شغيلة قطاع الصحافة تقتصر على خوض معارك هامشية.

يردد المناضلون دائما على أن العمل المدني والسياسي هو مرادف لكم هائل من التضحيات المادية والمعنوية. وهو شيء صحيح لا لبس فيه. في المقابل انتمائنا لمنظمة أطاك كان فرصة للتعلم والانفتاح الفكري. فالجمعية تفتح أفاق التفكير والتحليل خارج النسق السائد. وأيضا تتوفر على شبكة كبيرة من العلاقات يطبعها احترام متبادل. وحتى لا ننسى: فأول من قدم لنا المساعدة مهنيا هو “يوسف مزي”. وأول من ساعدنا على فهم قضايا الهجرات هي “لوسيل دوما”.  ولولا الحديث مع “زينة أوبيهي” وباقي الأساتذة أعضاء الجمعية لما طورنا وعينا بواقع التعليم بالمغرب. ولعل اللقاء ب “علي أحموت” من طنجة كان فرصة مهمة من أجل قياس مدى خوصصة الصحة. التعرف على منظور العمل النسائي داخل الجمعية ساعدنا على ربط النضال من أجل المساواة مع النضالات من أجل العدالة الاجتماعية.  أما الحضور والفعل الميداني لمناضلة من طينة “سعاد كنون” فكان حاسما في تكوين منهج عملنا كصحفيين يعطيان الكلمة أولا للناس. سعاد كانت ولازالت مدرسة في ممارسة الصحافة كفعل انساني. داخل الجمعية كنا نمارس الصحافة بدون وعي لكونها صحافة بعيدة عن النسق الرسمي والنمطي للصحافة التي تدرس بالمعاهد. الجمعية كانت ولا تزال تتيح للقاء بالمواطنين مباشرة كانت فرصة لا تعوض للإنصات لنبض المجتمع والتأكيد على أن المغاربة شعب واعي بحقوقه ومناضل من أجلها. من خلال متابعة نضالات مدن طاطا أو سيدي أفني وغيرها، لم نكن ابدا نزور “المغرب العميق” بل كنا مشاركين لنضالات مجيدة لمواطنين مغاربة على قدر كبير من الشجاعة، يصرخون ضد الظلم والاستبداد.

“أطاك” منصة لا مثيل لها في الانفتاح على العالم. نفسها الأممي وربطها الدائم بين “المحلي” و”الدولي” يجعلها بشكل منهجي منفتحة على ما يدور من حولها. انفتاح ليس من باب الفلكور ولكن فرصة للقاء مع أناس من قارات وثقافات بعيدة ولكن يتقاسمون نفس الأفكار حول التغيير وتدبير العيش المشترك. اليوم ونحن نعيش فترة رهيبة من الانغلاق الهوياتي وغلق رمزي ومادي للحدود، “أطاك” كانت ولا تزال منصة للانفتاح على العالم.

وأيضا من خلال اشتغالنا داخل الجمعية واحتكاكنا بالساحة النضالية، فهمنا أن ليس كل من هو حامل لشعار التغيير فهو صادق. وأن الاقصاء والتنافس يمكن أن يشكلا هدفا أكبرا من أي نضال من أجل معركة عادلة. فخلال هذه التجربة واجهتنا ممارسات مثيرة للشفقة والاشمئزاز ومنها الممارسات “الذكورية” أو الرداءة باسم النضال.

الأكيد أن لكل منا، وحسب جنسه وموقعه الطبقي وأهدافه الشخصية، تقييم مختلف لما عاشه أو عايشه داخل الجمعية. لكن مهما أختلف تقييمنا، فالموضوعية تحتم علينا أن نقف ونشكر كل المناضلات والمناضلين الشرفاء الذين ساهموا في بناء جمعية مناضلة ومقاومة. إطار كون أجيالا من الشباب المغربي وساهم في دعم وحفز نضالات وطنية ومحلية ودولية. وهذا هو دين أطاك الحقيقي علينا. ديون لا ترد و لا تسقط مع الزمن. يبقى شاهدا عليها التاريخ. فلكل من ساهم بكبيرة أو بصغيرة في هذا البناء الجماعي المملوك حصريا لأبناء الشعب له منا كل الشكر والتقدير والاحترام. 

صلاح الدين المعيزي وماجدولين بنخرابة

(أعضاء السكرتارية الوطنية لأطاك المغرب من 2008 الى 2012)

زر الذهاب إلى الأعلى