النضالات في المغرب

حركة 20 فبراير انتزعت مكاسب بالنضال الميداني وصونها واجب وضرورة

حركة 20 فبراير انتزعت مكاسب بالنضال الميداني وصونها واجب وضرورة

مرت ثماني سنوات على حركة 20 فبراير التي استطاعت لف العديد من الأطياف الفكرية والسياسية والثقافية حول وثيقتها المطلبية للتغيير تحت شعارات منها ” الشعب يريد إسقاط الفساد والاستبداد”

جاء في ديباجتها ملخص عن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في البلد، وطرحت مجموعة من النقط  يتوجب الحراك بالشوارع  لأجلها،  من أهمها دستور شعبي ديمقراطي شكلا ومضمونا  يضمن  الحريات العامة، الرأي والتفكير والتعبير والتنظم والتظاهر لكافة المغاربة وحق الأغلبية الساحقة  الاستفادة من كل ما يزخر به المغرب من ثروات   وتحقيق العدالة الاجتماعية بين سكانه.

ولذلك وغيره خرجت الجماهير الشعبية  المغربية من كل الفئات المكتوية بنار الغلاء والبطالة والاضطهاد إلى الشوارع يوم 20 فبراير 2011 في سياق إقليمي ودولي متسم بانتفاضات عارمة وثورات ضد الأنظمة السياسية الديكتاتورية وضد السياسات المتبعة التي تخططها المؤسسات المالية الدولية ومنظمة التجارة العالمية وتفرض على الشعوب من طرف دول وحكومات غير ديمقراطية بالقوة.

كان حراك الشعب المغربي قويا استطاعت  الجماهير بوحدتها وصمودها  أن تنتزع من الطبقة الحاكمة ودولتها بعض المكاسب الطفيفة، لكنها في حقيقة الأمر كانت جد مهمة بالنسبة للأوضاع حينئذ منها : الجدل  السياسي في مسالة الدستور  من جديد، وقد فرض الحراك الشعبي بعض التعديلات على فصوله وتم عرضها للاستفتاء رغم أنها لم تمس بجوهر الدساتير السابقة، لكنها لم  تكن مطروحة للنقاش قبل 20 فبراير 2011  بالشكل الذي طرحت به أثناء المد الاحتجاجي الواسع  والنضال الشعبي  بالميادين ، الذي بفضلهما تم إطلاق نحو 190 معتقل سياسي، وتم وضع اللغة الامازيغية في الدستور،  وزيادة ما قيمته 600 درهم للأجور بالقطاعين  العام والخاص وتشغيل نحو 4000 من حاملي / ات الشهادات العليا المعطلين الذين ظلوا يتعرضون للقمع والضرب طيلة سنوات بشوارع العاصمة الرباط وغيرها.

المجد والخلود لشهداء حركة 20 فبراير

لقد أعطى الشعب المغربي لأجل الحرية والكرامة والتوزيع العادل للثروات، أرواح أبنائه  وبناته الذين استشهدوا أثناء معارك الاستقلال الحقيقي وتقرير المصير والسيادة الوطنية ضد الاستعمار الغاشم، وكذا ضد الأغنياء الرأسماليين الذين سيطروا على اقتصاد البلد وسياسته وحكمه ونهجوا سياسة  التبعية للخارج ، لذلك يجب علينا استحضار بكل مناسبة تحل فيها ذكرى حركة 20 فبراير المجيدة  الشهداء والمعتقلين/ات، لان ما تم انتزاعها من الدولة كان بقوة  التضحيات والوحدة في الميدان والاحتجاجات  العارمة المستمرة لمدة طويلة بجل المدن والقرى.

بعد فتور نضال الميادين أجهزت الطبقة الحاكمة على الحقوق والمكتسبات

الأقلية المسيطرة دائما مستعدة لقضم كل المكتسبات التي تنتزع منها، فقد نظمت ذاتها  بعد مرور عاصفة 20 فبراير، ثم شنت هجمات واسعة واعتداءات ظالمة  على الفقراء منفذة بذلك مخططات  المؤسسات المالية الدولية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية وغيرهم ، فقد فتحت حدود البلد للتجارة الحرة  التي دمرت صغار المنتجين المحليين بكل القطاعات  وأغرقت السوق الوطنية بالمنتجات الرديئة وسنت تشريعات وقوانين لمصلحة الشركات الرأسمالية الكبرى متعددة الجنسيات للاستحواذ على ثروات الشعب المغربي وبذلك أصبح بلدنا تحت استعمارا  ماليا جديدا، وتم إغراقه من طرف الحاكمين في دوامة الديون التي عمقت المشاكل وجعلت أغلبية المغاربة يحصلون بالكاد على ضروريات الحياة وآلاف الشباب/ات الذين فقدوا أرواحهم  بالبحر المتوسط والمحيط الأطلسي نتيجة الهجرة السرية  حالمين بتحسين أوضاعهم/ن الاجتماعية هناك هروبا من البطالة الجماهيرية هنا.

فالحكومات التي جاءت إلى الواجهة على اثر حركة 20 فبراير 2011 قدمت خدمات جليلة للرأسماليين الكبار المحليين والأجانب وللمؤسسات المالية الدولية ونفذت تعليمات القوى الخارجية ضد مصالح الفقراء داخل الوطن، وذلك بجميع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية منها : التشغيل والسكن والنقل والصحة والتعليم ..الخ، فالدولة المغربية والحكومات المتعاقبة مستمرون في الاندماج في العولمة الرأسمالية وتطبيق سياسات النيو ليبرالية واسعة النطاق  بكل حزم على المغاربة.

فقي طيلة المدة الفاصلة بين أواخر شهر فبراير 2011 وفبراير 2019 عرف فيها بلدنا العديد من التظاهرات والاحتجاجات لمجموعة من الفئات وسكان أحياء بضواحي المدن وقرى ومناطق متضررون من السياسات الليبرالية الجديدة المتبعة، أبرزها كان ولازال رغم خفوت حدته بمدني الحسيمة و زاكورة وجرادة ونواحيهما،وقد تدخلت أجهزة الدولة واستعملت العنف الشديد والقمع والحصار ونفذت حملات اعتقالات واسعة في صفوف نشطاء هذه الحركات الشعبية الاحتجاجية وأصدرت أحكام سجنية قاسية جدا وظالمة عليهم، مستغلة  ضعفنا وتشتتنا وعدم قدرتنا على خلق جبهات مقاومات شعبية ديمقراطية من طرف الضحايا المباشرين لأجل التصدي لهذه الهجمات والاعتداءات الشنيعة، ومن هنا يظهر الفرق بين فترة حركة 20 فبراير 2011 التي كنا فيها موحدين بالميدان  واستطاعت حركتنا المجيدة إن تنتزع عدد من المعتقلين السياسيين من سجون الدولة والأحكام القاسية ومجموعة مكاسب طفيفة ، ان فتورنا وضعفنا وتشتتنا نحن الفقراء المظلومين أكيد انه يقوي الأقلية الغنية الظالمة ويمنحها الفرصة لسحقنا ورهن أبنائنا وبناتنا في السجون.

في وحدتنا تكمن قوتنا

إن صمودنا في وجه المؤسسات المالية الدولية الاستعمارية وحكامنا الخاضعين لشروطها المتسببة لنا في حياة البؤس  يجب أن يستند على المساهمة قدر المستطاع  في بناء منظمات النضال والمقاومة  من نقابات وجمعيات، وان يقوم كل منا بدوره في هذه المهمة التي بينت لنا حركة 20 فبراير سنة 2011 الحاجة الماسة إليها، ولذلك فان الاستفادة من دروس المعارك هي من يعزز رصيد المناضلين/ات  وتكسبهم خبرات يتم تبادلها بين الأجيال.

اطاك المغرب وذكرى حركة 20 فبراير

فجمعيتنا اطاك المغرب  عضو الشبكة الدولية للجنة من اجل إلغاء الديون غير الشرعية قدمت ما يستوجبه عليها نضال الشعب المغربي وفتحت مقراتها لحركة 20 فبراير  بكل المناطق التي تواجدت فيها للاجتماعات  العامة للحركة و احتضنت معداتها اللوجيستية وساهم مناضليها ومناضلاتها بروح نضالية ورفاقية وأخوية لأجل الديمقراطية في الاجتماعات واتخاذ القرارات وتنفيذها بشكل جماعي ومسؤول، وتخليد اطاك المغرب للحركة يوم 20 فبراير 2019  من الواجب  أن يكون تقييميا لها واستخلاص دروسها النضالية والاستفادة منها.

محمد الحيحي – عضو اطاك المغرب

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى