النضالات في المغرب

النضال ضد التعاقد نضال من أجل الديمقراطية في المغرب

النضال ضد التعاقد نضال من أجل الديمقراطية في المغرب

تدخلت قوات الامن لتفريق الشكل الاحتجاجي الذي نفذه الاساتذة المفروض عليهم التعاقد يوم 23 مارس 2019، تجسيدا لما دعت اليه التنسيقية الوطنية في خطوة تصعيدية. و بطبيعة الحال فان هذه القوات لا تفك هذه الاشكال من هذا القبيل إلا باستعمال القمع،  انها هراوات اقتنيت بضرائبنا و أموال تم اقتراضها نحن من سيسددها، تنزل على مختلف مناطق الجسم. ان مسألة التشهير بهذا القمع لمن الواجبات الاولى لكل المناضلين لكن في الاتجاه الذي يخدم المعركة وليس بسلبية واتكالية. لقد انتشر العويل على صفحات الفيسبوك، ، و دعا آخرون بالشلل لمن ضرب الأستاذ، ونشر آخرون اللون الأسود حدادا، إلخ من ردود الافعال.

ليعلم الجميع، ان العنف المادي الممارس على الأساتذة هو الظاهر فقط من خلال ممارسة الأمس من طرف تلك القوات، وقد سبق أن قامت بالمثل في مناسبات أخرى، ويشتد ذلك حسب السياقات و الظروف، و سيشتد ذلك في القادم من الأيام. لماذا؟ لأن الدولة لم يعد لها ما تقدمه للأجيال الحالية واللاحقة منها ويؤكد هذا محاولة كل الخطابات الرسمية الحديث و ايلاء الأهمية للشباب. كما تؤكده الأرقام التي ستلي. أما العنف  الرمزي سواء الممارس على الاستاذ أو خلافه من الكادحين من الشعب، فهو خفي لا يلحظه ولا يشهر به و لا يكثر عليه العويل و النواح، رغم شدته، و يواجه باللامبالاة والجميع منغمس في قلب صفحات الفيس أو الاستماع ومشاهدة الفيديوهات.

غذا، ستعلن التنسيقية و معها النقابات و الاطارات التي شاركتها معركة 24 مارس التنديد و ربما الخطوات و مطالبة المسؤولين بالتفاوض و محاكمة المسؤولين عن المجازر. لكن وجب أن نجلس و نفكر قليلا كيف سنواجه هذه الكوارث ووجب أن نفهم قليلا من أجل المواجهة.

حسب المسؤولين الحكوميين، ارتفعت كتلة الاجور بالمغرب لمستويات قياسية  خلال الفترة المتراوحة بين سنوات 2009 و2011 و2012 و2014، وذلك لظروف سياسية كانت شمال أفريقيا و الشرق الأوسط ترزح تحت نيرانها . هذا التطور المتباين يبين ارتفاع حجم رواتب الموظفين بشكل أسرع من نمو الناتج الداخلي الخام. يعني من 75.4 الى 120 مليار درهم سنة 2016.

خلال اعداد ميزانية 2017، وبتاريخ 9 غشت 2016 أصدر عبد الالاه بن كيران منشورا الى الوزراء و المندوبين الوزاريين يخص اعداد مشروع قانون المالية لسنة 2017 يطلب فيه الالتزام بمقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية القاضي بتحديد سقف لنفقات الاجور(كتلة الاجور) ابتداء من سنة 2017.

تبلغ كتلة الأجور في الوظيفة العمومية بالمغرب ما يناهز 120 مليار درهم، أي ما نسبته 11.84 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ويصل عدد الموظفين أكثر من 600 ألف موظف سنة 2018 (527724  موظف و موظفة سنة 2015) حسب تصريح لوزير المالية السابق بوسعيد. وتصل هذه الكتلة سنة 2019 الى 112 مليار درهم أي بانخفاض قدره 8 مليار درهم في سنة واحدة فقط.

و الدولة بالاستعانة بمؤسساتها و أبواقها الإعلامية مهدت لإجراء تخفيض كتلة الاجور من الميزانية العامة المفروض من البنك الدولي و صندوق النقد الدولي حتى تتمكن هاتين المؤسستين من استعادة أموالهما بالفوائد الممنوحة للمغرب و الذي وصلت مديونيته حتى سنة 2017 الى 900 مليار درهم تقريا و تشكل ما يقارب 84% من الناتج الداخلي الخام. فمثلا المجلس الأعلى للحسابات في تقرير سابق في هذا الشأن، يتباكى بارتفاع كتلة الاجور بالمغرب و يقارنها بمثيلاتها في دول مماثلة للمغرب كتونس و مصر دون استحياء ويقارنها بفرنسا كذلك. المهم أن يجدوا ما يبررون به اجراءاتهم الجهنمية، رغم أن المسؤولين انفسهم يشككون في تلك الإجراءات، فنفس الوزير المذكور(بوسعيد) و بعد اجتماع لوزراء المالية العرب في الدوحة بحضور “لاغارد” مديرة صندوق النقد الدولي أكد للصحافة، أن هذه الأهداف تكون في بعض الأحيان متضاربة، وزاد: “التحدي يكمن في كيفية تخفيض العجز والمديونية، والزيادة في النفقات العمومية الموجهة للقطاعات الاجتماعية الأساسية( التشغيل/كتلة الاجور…)، وفي الوقت نفسه عدم الزيادة في الضرائب لكي لا يتم إثقال كاهل المواطنين.

أما اسطوانة المجلس الأعلى للحسابات و مبرراته، فكلها واهية و لم يعلموا من أين يستقدموا ما يعززون به مصداقية أقوالهم. فمثلا تونس التي يبلغ تعداد سكانها ب11.53 مليون نسمة سنة 2017 و عدد الموظفين في القطاع الحكومي تضاعف 16 مرة منذ الاستقلال، إذ ارتفع من حوالي 36 ألفا عام 1956 إلى أكثر من 690 ألفا عام 2017. ما يعني أننا أكثر كثافة سكانية من تونس بثلاثة أضعاف و بنفس عدد الموظفين تقريبا في الوظيفة العمومية.

وبخصوص عدد المناصب المعلن عنها على بوابة التشغيل العمومي من 2012 حتى 23 مارس 2014،  فإن هذا العدد محدد في 44 ألف و37 منصب شغل، توزعت إلى 19 ألف و959 منصب سنة 2012، مقابل 23 ألف و187 منصب سنة 2013، في حين تم سنة 2014 الإعلان عن 891 منصب فقط.

سنة 2019 أعلن عن 4000 منصب شغل في الصحة، تعتزم الدولة احداثها في قانون المالية لنفس السنة، أما ال 15 ألف في التعليم فهي ليست بمناصب مالية، و ميزانيتها لا تظهر في الميزانية العامة إنما في ميزانية الاستثمار و ميزانية القطاعات و المؤسسات العمومية. بهذا الاحتيال ضمنت الدولة رضا المؤسسات الدولية و حسن السيرة و السلوك.

هل ستدمج الدولة 70000 أستاذ فرض عليه التعاقد دفعة واحدة؟ ميزانية 2019 تم اقرارها، و الاستناد الى دول الخليج مستبعد بعد التطورات الاخيرة في قمم السلطة، و مستبعد لكون المنطقة تعرف اضطرابات اجتماعية. هل سيتم ادماجهم على دفعات؟ في السنوات المالية المقبلة؟ سيتطلب الامر ما يقارب ال 10 سنوات على أكثر تقدير؟ الذي سيحدد الجواب هو موازين القوى، مهما بلغت قوة القمع المادية أو الرمزية.

ان النضال ضد التعاقد هو نضال ضد سياسات التقشف التي أملتها المؤسسات المالية الدولية، هو نضال من أجل تقاعد مريح، هو نضال ضد تلك المؤسسات التي لا يهمها فقط الا استرداد أموالها، هو نضال ضد من يفرضون هذه السياسات على الشعب، هو نضال ضد الديون غير الشرعية، هو نضال يضع موضع المساءلة الديمقراطية في هذا البلد التي تنتخب فيه “حكومة” ب”برنامج” و يجري تطبيق برنامج مؤسسات دولية بعد الانتخابات و بعد تشكيل الحكومات. انه نضال من أجل السيادة. هذا ما يجب ان يعيه كل من يناضل من أجل اسقاط مخطط التعاقد.

يوسف فاضل

أطاك المغرب

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى