غير مصنف

الرأسمالية متهم أول في استيراد القمامة الايطالية

الرأسمالية متهم أول في استيراد القمامة الايطالية

مع مضي الوقت تتضارب الآراء الرسمية وتنكشف معطيات جديدة حول النفايات المستوردة من إيطاليا، لإحراقها في أفران صناعة الاسمنت. أكدت الوزارة المكلفة بالبيئة في بلاغ بارد وسخيف أن لا اضرار خطيرة على البيئة والانسان من الأزبال الإيطالية، بل على العكس فهي “مصدر مكمل وبديل للطاقة الاحفورية”.

لكن لماذا لا تستعمل النفايات المحلية كطاقة بديلة ومكملة؟ يجيب أنصار المدافعين عن القمامة: لأنها غير معالجة وحرقها ينطوي على أخطار صحية وبيئية! إذا كان الأمر كذلك لماذا إذن يتم حرق نفايات المطارح البلدية ليلا في عدد من المدن ما دامت غير معالجة وبالتالي تنطوي على أخطار جمة؟

بعض أنصار الحكومة ماضون في البحث عن مبررات تبيح الجريمة، فأصبحت الحجج هذه المرة “علمية” ومتداولة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي “الفيس بوك” لإفحام المنتقدين وإخراسهم. كل ما يتم نقله مجرد كلام عام حول نوعية النفايات وطرق معالجتها بالوسائل التقنية إضافة إلى أنه غير معزز بأي حجج وأدلة قاطعة.

لقد أثارت النفايات المستوردة احتجاجات ساكنة منطقة نابولي بعد أن تبين احتوائها على مواد مسرطنة ومضرة بالصحة (النساء الحوامل والرضع…) والبيئة، كما فرضت عقوبات مالية من طرف الاتحاد الأوروبي على إيطاليا بسببها. الغموض يلف محتوى السفن المثقلة بالأزبال في المراسي المغربية، لا أحد يعرف حيثيات الصفقة وتفاصيلها خارج حدود ما تناولته وسائل الاعلام.

في الوقت الذي تحاول الدعاية الرسمية المغربية التقليل من خطورة هذه النفايات، يذهب عدة خبراء إيطاليون أنفسهم إلى أنها تشتمل على مخاطر كبيرة، لأن التخلص منها يستدعي أن تكون معامل الإسمنت مجهزة كفاية لإحراق هذا النوع من النفايات، وان إحراقها بأوروبا يتم في أفران خاصة مكلفة جدا. وهذا ما لم تقدم عنه أي إيضاحات حتى اللحظة.

الاتحاد الاوربي نفسه وضع قيودا صارمة لإتلاف مثل هذه النفايات حيث لا يكفي توفر درجة الحرارة المرتفعة (أكثر من 850 درجة) في الفرن وإنما لا بد من توفر أنظمة وتجهيزات خاصة يحددها قانون خاص، فهل معامل الاسمنت المغربية تتوفر على هذه الأنظمة؟

تتخلص الدول الأوربية من هذه النفايات بعيدا عن أراضيها لأن إتلافها والرقابة الشديدة تجعلها جد مكلفة، فضلا عن رأي عام معبأ وحريص على محيطه البيئي، من هنا اللجوء لدول مثل المغرب حيث تنعدم المعايير البيئية أو يتم التحايل حولها، ولما لأن المسؤولين يجدونها صفقات مجزية… فمثلا يكلف بقاء هذه الرزم من النفايات من دون إتلافها إيطاليا حاليا 120 ألف أورو يوميا كغرامة من الاتحاد الاوربي لمخالفة إيطاليا لالتزاماتها للحفاظ على البيئة.

نفايات موجهة للحرق في وقت يستعد فيه المغرب لقمة المناخ، ممّا يجعلنا أمام تناقض كبير. لو كانت هذه النفايات غير خطرة، فلمَ لمْ تستقبلها مصانع الإسمنت الأوروبية؟ فلو كانت هناك استفادة لكانت مصانع إيطاليا وأوروبا أكثر حرصًا عليها.

تعمق قضية النفايات تبعية المغرب للأوربيين. بلدان الجنوب أصبحت باحة خلفية لبلدان الشمال، بدعم من الديكتاتوريات والأنظمة الفاسدة يتم الحصول على كتائب عسكرية وجنود للمشاركة في غزو الأمم ( العراق و الصومال ومالي …) وأيضا تعد بلدان الجنوب مشتل لتنمية رؤوس الأموال وترحيل الخيرات ومطرحا للنفايات. “هذا هو المعنى الكامل للعولمة الرأسمالية “.

المخاطر  البيئية مسؤولية النظام الرأسمالي

يدفع النظام الرأسمالي عجلة الإنتاج للدوران بأقصى سرعة ممكنة من أجل تحقيق قدر من الأرباح. تنتج الرأسمالية سلع تبادلية موجه للسوق وخاضعة لقانون المنافسة بين المنتجين، والمنتصر في المنافسة هو من يغرق السوق بالسلع والمنتوجات على مدار السنة ليلتهم الخصوم ويحقق الأرباح.

ليست كل المنتوجات موجها للاستهلاك حصرا، فثلثا ما تنتج الرأسمالية أو يزيد فائض عن الحاجة البشرية، لكن ما مصيره؟ كل سلعة زائدة عن الحاجة هي هدر للموارد وكارثة بيئية حيث تنتقل من سلع ذات قيمة نفعية إلى متلاشيات ونفايات تستدعي الضرورة التخلص منها، سواء بالحرق أو إعادة التدوير أو قذفها في المحيطات.

ظلت مشكلة النفايات والمتلاشيات ملازمة للنظام الرأسمالي الذي يلهث وراء الأرباح. في أواسط القرن العشرين طورت الرأسمالية الصناعات النووية ومشتقاتها فانضافت مصائب بيئية أعظم من سابقاتها لتهدد حياة الملايين من الكائنات الحية.

الرأسمالية المتهم الأول في تدمير البيئة، حصيلتها في الحفاظ على كوكب الأرض تساوي الصفر، التغيرات المناخية هي نتاج الاستعمال الطبقي للموارد الاحفورية في تحقيق المزيد من الأرباح على حساب كوكب الأرض.

للحفاظ على حياة الشعوب أمنة ومستقرة لابد من سيادتها على الثروة ومصادر الطاقة واستغلالها لأجل سد الحاجيات الأساسية لا من أجل إرضاء الشركات العابرة للقارت و قلة من رجال الاعمال.

علي أزنـــاك

أطاك المغرب

هوامش :

محمد الادريسي : خبير إيطالي معامل الاسمنت بالمغرب غبر مجهزة لإحراق هذا النوع من النفايات. موقع هسبريس

زر الذهاب إلى الأعلى