غير مصنف

بعض سمات الوضع الاقتصادي والاجتماعي

عقدت جمعية أطاك المغرب مجلسها الوطني يوم الأحد 24 دجنبر 2023 بالمقر المركزي لحزب اليسار الاشتراكي الموحد بالبيضاء.

قدم الكاتب العام لجمعية أطاك المغرب، أزيكي عمر، عرضا مركزا حول بعض سمات الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي ببلدنا وما يطرحه من مهام على الجمعية في ارتباط مع مقرر القضايا الاستراتيجية الذي صادق عليه المؤتمر الوطني السابع الذي عقدته الجمعية في دجنبر 2022. تجدون مقررات المؤتمر كاملة على الرابط.

ننشر هذا العرض الذي اغنته نقاشات المشاركات والمشاركين في المجلس.

التأكيد على مطالبتنا بإطلاق سراح رفيقنا عمر الراضي

في البداية، أود التأكيد على مطالبتنا بإطلاق سراح رفيقنا عمر الراضي. كان قد اعتقل للمرة الأولى في 26 دجنبر 2019 وحكم عليه بـ 4 أشهر مع وقف التنفيذ على إثر انتقاده في أبريل 2019 لحكم 20 سنة على الزفزافي وتضامنه مع حراك الريف. في سنة 2020، أشرف على اخراج الفيلم الوثائقي لاطاك المغرب «الموت ولا المذلة» من 24 دقيقة حول الحراك الاجتماعي في الريف (تجده على الرابط). اعتقل للمرة الثانية في 5 يونيو 2020، وحكم عليه ابتدائيا في يونيو 2021 بست سنوات نافذة، وتأييد الحكم استئنافيا في مارس 2022، وتأكيد الحكم من قبل محكمة النقض في يوليوز 2023. بهذا يكون قد قضى في السجن 3 سنوات ونصف حتى الآن.

 كان عمله الاستقصائي كصحفي يتمحور حول استحواذ المسؤولين في دواليب السلطة على ثروات البلاد (أراضي، مقالع، إلخ) في ظل نظام الاستبداد، وحول دينامية الحركات الاجتماعية الاحتجاجية والتضامن معها ضد القمع.

ونحن في سياق حراك التعليم، كان عمر الراضي قد بين الاختلالات المالية للبرنامج الاستعجالي للتعليم، الذي بلغت ميزانيته 45 مليار درهم خصوصا على مستوى صفقات العتاد التربوي.

  1. السياق العالمي

بوادر أزمة ديون جديدة في البلدان الفقيرة

تضغط كماشة الديون بشكل أساسي على غالبية البلدان منخفضة الدخل. هذا ما نجده في تقرير البنك العالمي الأخير (13 دجنبر 2023) حيث أن السنوات الثلاث الماضية عرفت 18 حالة تخلف عن سداد الديون السيادية في عشر دول نامية، وهو عدد أكبر من العدد المسجل في العقدين الماضيين. حوالي 60% من البلدان منخفضة الدخل معرضة حاليا لخطر أزمة ديون جديدة.

يتفادى البنك العالمي الإشارة الى مسؤوليته الكبيرة في ذلك. فقد شجع حكومات بلدان الجنوب في الفترة من 2010 إلى 2012 الى بيع كثيف لسندات ديونها السيادية في الأسواق المالية الدولية في سياق عوامل دولية مساعدة منها:

  • خفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية في بلدان الشمال التي بلغت حتى 0 في المائة.
  • تدفق رؤوس الأموال من بلدان الشمال بحثاً عن عوائد أفضل في مواجهة انخفاض أسعار الفائدة.
  • ارتفاع عائدات التصدير لبلدان الجنوب.

بدءا من سنة 2020، ستتعرض بلدان الجنوب لصدمات خارجية منها أساسا:

  • جائحة كوفيد (2020 – 2021)
  • الحرب على أوكرانيا (منذ فبراير 2022)
  • التضخم وارتفاع الأسعار (منذ أواسط 2022)
  • رفع معدلات الفائدة من قبل البنوك المركزية في البلدان الصناعية من 0 الى 5% (منذ صيف 2022).

منذ الجائحة، عمل البنك العالمي على ضمان سداد الديون خصوصا للدائنين الخواص وتفادي خيار إلغاء الديون الذي كان مطلبا واسعا آنذاك لتمويل قطاع الصحة الذي دمرته بالضبط سياسات الخصخصة التي توصي بها هذه المؤسسة. قامت هذه الأخيرة فقط بتأجيل السداد الذي تزامنت آجال اقساطه مع التضخم واستمرار الحرب الروسية على أوكرانيا. كان من هذه الصدمات الكبيرة:

  • إعادة ترحيل الرساميل من الجنوب إلى الشمال
  • ارتفاع تكاليف إعادة تمويل ديون بلدان الجنوب.

لم يكن أمام هذه البلدان من خيار آخر سوى القبول بأسعار فائدة تتراوح بين 9 إلى 15 في المائة، مما جعلها تواجه أزمة ديون سيادية جديدة.

  1. السياق الإقليمي

شكلت حرب الإبادة الصهيونية على غزة منذ يوم 7 أكتوبر 2023 انعطافا خطيرا في تاريخ القضية الفلسطينية ومجمل المنطقة. عمق التضامن الشعبي الواسع مع الشعب الفلسطيني دوليا وإقليميا ووطنيا أزمة التطبيع الرسمي مع الدولة الصهيونية.

إن الإبادة الجماعية في غزة التي تنفذها آلة الدمار الصهيونية بدعم من الدول الامبريالية وتواطؤ الأنظمة بمنطقتنا سواء عبر التطبيع المباشر مع العدو أو عبر السكوت، ستكون حاسمة في مصير الاستراتيجية الامبريالية على المستوى الإقليمي وحتى على المستوى الدولي.

  1. السياق الوطني
  2. محطة نوعية في الساحة النضالية ببلدنا: انبثاق حراك التعليم في 5 أكتوبر 2023
  3. جوهر السياسات النيوليبرالية في التعليم

تأسست جمعية أطاك المغرب سنة 2000 في سياق الإصلاحات الليبرالية في قطاع التعليم مع اعتماد ” الميثاق الوطني للتربية والتكوين ” في سنة 1999، وأيضا مع صدور مرسوم في 30 مارس 1999 الذي يضرب مجانية الخدمات الصحية، وما رافق ذلك من تصاعد في الاحتجاجات الشعبية. هكذا انخرطت أطاك المغرب منذ بداياتها في التعبئات ضد تأثيرات العولمة الليبرالية على بلدنا وضمنها تدمير الخدمات العمومية. ساهمت الى جانب منظمات أخرى في مبادرات عديدة دفاعا عن المدرسة العمومية، ونظمت أنشطة وندوات عديدة خاصة بالتعليم. عملت أيضا على اعداد غزيرة لأدوات التثقيف الشعبي، وعلى اصدار كتاب “سيرورة إرساء وتطور السياسات التعليمية بالمغرب، منظورات من اجل تعليم ديموقراطي شعبي” في يناير 2021، وعلى شكل حلقات منذ 14 أبريل 2021.  تجدون الكتاب كاملا في موقع أطاك على الرابط.

تهدف الإصلاحات الليبرالية الى تدمير التعليم العمومي كحق من الحقوق الأساسية للشعب المغربي عبر:

  • التخلي التدريجي عن مبدأ المجانية لحمل الأسر على تحمل تكاليف تعليم أبنائها
  • ربط مضمون التعليم بروح المقاولة الرأسمالية
  • تقليص الميزانية المخصصة للقطاع وأساسا نفقات الموظفين/ات.

السياسات العامة في بلدنا وضمنها إصلاحات التعليم يوجهها الثالوث الدولي المتمثل في البنك العالمي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية. سنة 1995، أصدر البنك العالمي تقريره الشهير حول قطاع التعليم بالمغرب الذي يؤكد على ضرورة تقليص اعتمادات الدولة المرصودة للتعليم على مستوى التسيير والاستثمار العمومي، وفتح القطاع للاستثمارات الرأسمالية الخاصة وتحفيزه. في السنة نفسها، التزم المغرب بمقتضيات الاتفاق العام حول تجارة الخدمات الذي تبنته منظمة التجارة العالمية، والذي يطالب بإخضاع التعليم لمنطق السوق ويمنع منح امتيازات لنظام التعليم العمومي على حساب القطاع الخاص.

سنة 1999، وضع “الميثاق الوطني للتربية والتكوين” ومن بين أموره الجوهرية:

  • اختزال تعميم التعليم في مستويات الابتدائي والثانوي الاعدادي
  • حفز التعليم الخاص وتنويع اشكال تمويل القطاع من خلال مساهمة الجماعات المحلية والاسر خصوصا بالنسبة للتعليم الثانوي والعالي.
  • مراجعة مضمون التعليم ليستجيب في جوهره لمتطلبات المقاولة الرأسمالية.

وبعد ذلك، توالت البرامج لتسريع لتنفيذ جوهر الإصلاح الليبرالي للتعليم:

  • البرنامج الاستعجالي 2009 – 2012
  • التدابير ذات الأولوية (2015)
  • الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030
  • مقرر بشأن توظيف الأساتذة بموجب عقود مع الأكاديميات الجهوية (أكتوبر 2016)
  • مرسوم النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية (أكتوبر 2023)

تتمحور جميع هذه البرامج على:

  • توسيع خصخصة التعليم
  • تقليص نفقات الدولة خصوصا تلك المتعلقة بالموظفين والموظفات
  • جلب استثمارات خارجية لتمويل منظومة التعليم
  • استقطاب مؤسسات أجنبية لفتح مؤسسات التعليم
  • جعل المقاولة في صلب التكوين.

يرتبط جوهر هذا الهجوم على الطابع العمومي للتعليم بــ:

  • ضرورات تسديد الديون العمومية، حيث أن نفقات الدين العمومي لسنة 2022 بلغت 191 مليار درهم، في حين لم يخصص لميزانية التربية الوطنية سوى 64 مليار درهم، و23 مليار درهم لميزانية الصحة.
  • متطلبات الرأسمال العالمي والمحلي لتيسير الاستحواذ على قطاع التعليم (والصحة أيضا) من خلال تعديل القوانين وتطوير أشكال الدعم والتحفيز.

تتحمل الطبقات الشعبية الواسعة التي تعاني من ضعف الدخل والهشاشة والفقر نفقات هذا التدمير، وأيضا العاملون/ات بالقطاع من خلال ضرب مكاسبهم-ن في الوظيفة العمومية.

  • تدعيم نضالات الشغيلة التعليمية والانخراط فيها

 الشغيلة التعليمية مكون رئيسي من:

  • المقاومات الشعبية ضد النيوليبرالية والاستبداد
  • الطبقة العاملة المغربية بمفهومها الواسع (الطبقة العاملة الذهنية).

انخرطت جمعية أطاك المغرب بشكل نشيط في جميع تعبئات الشغيلة التعليمية:

  • تنسيقية الأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين (2015-2016) ضد المرسوم الذي يقضي بفصل التكوين عن التوظيف في غشت 2015.
  • التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد (منذ 2016): أول مباراة لوزارة التربية الوطنية للتشغيل بالتعاقد في نونبر 2016، ومنذ مارس 2018 توسعت لتسمى التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد.
  • حراك شغيلة التعليم منذ الاضراب الوطني ليوم 5 أكتوبر 2023 و”مسيرة الكرامة” يوم 7 نونبر 2023 بالرباط.

تنظيميا، يتكون حراك التعليم من:

  • التنسيق الوطني لقطاع التعليم (المكون من 25 تنسيقية)
  • التنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم
  • تنسيقية أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي.

من بين سمات الحراك التعليمي:

  • نابع من أعماق قواعد الشغيلة: 28 يوم من الاضراب، وقرابة 10 مسيرات
  • وحد جميع الفئات
  • نال دعم الأسر الشعبية
  • عرى تواطؤ القيادات النقابية التي وقعت على محضر اتفاق 14 يناير 2023
  • حفز تعبئات قطاعات عمومية أخرى: الصحة، الجماعات المحلية.
  • الأوراش الاستراتيجية الرئيسية للدولة
  • اصلاح منظومة التربية والتكوين بناء على الرؤية الاستراتيجية 2015 – 2030
  • النموذج التنموي الجديد: تحفيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة
  • اصلاح قطاع الصحة: تعميم الحماية الاجتماعية في مجال التغطية الصحية
  • سياسة الجيل الأخضر 2030 في الفلاحة
  • تدبير الماء: محطات تحلية مياه البحر (11 محطة)، مشاريع الربط المائي بين الأحواض
  • الاقتصاد الأزرق: جميع الأنشطة المرتبطة بالمناطق الساحلية والبحرية: الصيد البحري، النقل البحري، وتربية الاحياء المائية والسياحة الساحلية …
  • تسريع الانتقال الطاقي: الشمس، الريح، الهيدروجين الأخضر
  • تعميق مرونة الشغل في القطاع الخاص: حق الاضراب، قانون النقابات المهنية، تعديل مدونة الشغل، اصلاح نظام التقاعد في القطاع الخاص (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) وفي الوظيفة العمومية.
  • مأسسة “الحوار الاجتماعي” وإدماج النقابات في تمرير الاصلاحات الليبرالية.
  • هيكلة المؤسسات والمقاولات العمومية.
  • تضخم المديونية العمومية كأداة رئيسية لتمويل مشاريع توفير بنيات للرأسمال الخاص
  • تطور الدين العمومي (أرقام وزارة المالية)
2022202120202019201820172016201520142013الدين العمومي
755718670621603567539510467444الداخلي  (مليار درهم)
423380378342327333313301278235الخارجي (مليار درهم)
117810981048963930900852811745679إجمالي الدين العمومي (مليار درهم)
89869178787878757476% الناتج الداخلي الخام
  • أقسام الدين العمومي

تمثل ديون المؤسسات والمقاولات العمومية أكثر من 96% من الدين العمومي الخارجي المضمون. تعود الحصة الكبيرة لهذه الديون للمكتب الوطني للماء والكهرباء، والمكتب الشريف للفوسفاط، والمكتب الوطني للسكك الحديدة، والشركة الوطنية للطرق السيارة، ووكالة الطاقة.

  • تطور خدمة الدين العمومي (أرقام وزارة المالية)
20232022202120202019201820172016201520142013خدمة الدين العمومي
228144130150126115117120132123140الداخلي (مليار درهم)
3647424129293228252322الخارجي (مليار درهم)
264191172191155144149148157145162إجمالي خدمة الدين (مليار درهم)
1914131713121314151518نسبة الى PIB
  • توقعات خدمة الدين الخارجي العمومي للسنوات العشر القادمة

حسب تقرير الديون الذي أعدته وزارة المالية لمشروع قانون المالية لسنة 2024، تظهر توقعات خدمة الدين الخارجي العمومي للسنوات العشر القادمة على أساس الدين القائم في متم سنة 2022، سداد تسع مستحقات مهمة برسم الإصدارات المنجزة من طرف الخزينة والمكتب الشريف للفوسفاط في السوق المالية الدولية. سيكون معدل سداد خدمة الدين الخارجي العمومي في السنوات العشر القادمة: 37 مليار درهم في السنة، مع قياسي في سنة 2024 (55 مليار درهم)، وسنة 2031 (42 مليار درهم).

إنه عبأ كبير سينزل بكل ثقله على الميزانية العمومية، وبالتالي سيستلزم مزيدا من التقشف وتشديد الهجوم على مكاسب الطبقة العاملة والفئات الشعبية.

  • محاور اشتغال جمعية أطاك المغرب

يتجلى من تحليل سمات الوضع الاقتصادي والاجتماعي ببلدنا في ارتباط مع السياق العالمي ضرورة تكثيف العمل في المحاور التي حددها المؤتمر الوطني السابع في دجنبر 2022، وهي:

  • الدين العمومي وتوسيع خصخصة الخدمات العمومية (التعليم والصحة والماء والكهرباء)
  • الدين الخاص للطبقات الشعبية (القروض الصغرى) في ظل ضعف الأجور والدخل وغلاء الاسعار
  • الاقتصاد المغربي ضمن الاقتصاد العالمي: التبادل الحر
  • الفلاحة والماء والبحر: السيادة الغذائية
  • الانتقال الطاقي: المسألة البيئية
  • النضال من أجل الديمقراطية
  • تحرر النساء.

يمكن إضافة بعض المحاور الرئيسية التي يفرضها السياق:

  • تعميق تقليص صندوق المقاصة في وضع التضخم والغلاء الذي يمكن أن يكون مفجرا لنضالات شعبية.
  • ملف الصحة العمومية كمحور مركزي للاشتغال.
  • مشكل الجفاف البنيوي، ثم التكلفة البيئية لجميع أوراش الدولة الاستراتيجية
  • مزيد من تبسيط بدائل أطاك المغرب وتحينيها على ضوء التطورات الجارية.

سيتم كل هذا العمل من خلال تحفيز فرق العمل الوطنية والتكوينات الجهوية لإنتاج أدوات التثقيف والتدخل الميداني في النضالات.

24 دجنبر 2023

زر الذهاب إلى الأعلى