الشباب

مونديال المغرب 2026 : من قرر المساس بالميزانيات الاجتماعية؟

         مونديال المغرب 2026 : من قرر المساس بالميزانيات الاجتماعية؟

       ما فتئت أبواق الكذب و الاستلاب الإعلامي تتلقى الأمر بالانخراط في حشد الدعم لملف ترشح المغرب لمونديال 2026 ، حتى كرست كل جهدها لإقناع  و تخدير  فقراء و فقيرات المغرب بالمزايا و الأرباح التي ستجنى إذا ما تم تنظيم التظاهرة الرياضية عام 2026 بالمغرب.  سارعت بعض وسائل الإعلام المغربية بنقل تصريحات الرئيس السابق للفيفا جوزيف بلاتر ، الذي عبر من خلال صفحته الشخصية على الإنترنت، عن استحقاق المغرب الفوز باستضافة مونديال 2026 . جوزيف بلاتر مطرود من الفيفا و موقوف منذ سنة  2015، عن مزاولة أي نشاط رياضي لمدة 6 سنوات لتورطه في قضايا فساد. للأسف، لم تجد الأبواق الرديئة سوى صوت الفساد سندا لها و داعما لترشح المغرب. نشرت نفس الأبواق خبر طرده من الفيفا يومها، وها هي  الآن تستعين بتصريحاته للدفاع عن ملف المغرب في أحقية الفوز بتنظيم مونديال 2026 . لكن من يدافع عن معبد الفساد و الاستغلال غير حراسه.

المونديال على حساب الحق في الصحة و التعليم و الشغل ….

       أثار شعار حملة المغرب دفاعا عن ملف الترشح، منذ أول خروج رسمي للجنة المكلفة بالملف ، موجة انتقادات و سخرية العديد من المواطنين، لسطحيته الكبيرة، وخلوه من أي إبداع، حيث لم يكن ضروريا التعاقد مع شركة متخصصة لإنتاج شعار- بإمكان الوزارة إجراء مسابقة في المدارس العمومية المغربية لإنتاج أحسن منه . هذا بالإضافة إلى صمت المسؤولين عن المبلغ الذي قدمته اللجنة للشركة مقابل الشعار؟.

 كما لا يتم الحديث عن المبلغ المقدم لوكالة “Vero Communication” التي  ما تزال تعمل على ملف ترشح المغرب و على تسويقه عالميا. إذ كانت لها القدرة على تمكين فرنسا من احتضان “أولمبياد 2024″، و أيضا الشأن لدورة “ريو 2016″  بالبرازيل و”مونديال قطر  2022”.

   خلال الندوة الأولى، أعلنت اللجنة تخصيص مابين 8 و 10 مليار درهم  لبناء 8 ملاعب و تهيئة 6 أخرى، ثم أعلنوا عن مبلغ 60 مليار درهم (2) فيما بعد، ليستقروا إلى حين كتابة هذه الأسطر على مبلغ  158 مليار درهم (3) . ومن المنتظر أن تزيد هذه الميزانية فجُل تظاهرات كأس العالم السابقة انطلقت بالإعلان عن مبالغ محددة لتنتهي بمبالغ أكبر منها بكثير.

    كما أشرنا في المقال السابق  (1)، إن الأموال المرصودة للمونديال ستكون من الميزانية المخصصة للاستثمار من اللحظة التي سيتم فيها الإعلان عن النتائج ( في حال فاز بتنظيم مونديال 2026 ). لقد أعلن الطالبي في ندوة صحافية، أن ميزانية الاستثمار في المغرب تبلغ 63 مليار درهم سنويا، وأنه “لن يقع مشكل إذا تم تحويل حوالي 1.3 مليار درهم سنويا لإنجاز البنيات التحتية المتعلقة بالمونديال”. بالفعل لن يقع مشكل لأن التمويل سيكون من جيوب عمال و كادحات المغرب، و على حساب الحق في الصحة و التعليم و الشغل و النقل…. لم يتم نقاش الأمر حتى في برلمان الأغنياء .هكذا بدون استشارة المواطنين، سيتم الاقتطاع من الميزانيات الاجتماعية و توجيهها نحو مشاريع فارغة.

 أعلنت اللجنة أنه سيتم رصد 50 مليار درهم على الأقل لتجهيز وإعادة تهيئة القطاعات الأخرى، و كل من البنيات التحتية، والطرق وقطاع السياحة، وأيضا الصحة والخدمات.. إلخ.  في الحقيقة سيبني المغرب ، إذا ما فاز بتنظيم المونديال الملاعب الكبرى كباقي المشاريع التي تُصرف عليها الأموال الطائلة ،و التي يُطلق عليها اسم المشاريع الفيلة البيضاء، المشاريع التي لا فائدة منها. سيبنيها تلبية لرغبات شركات الهندسة والعقار الكبرى العالمية بهدف الربح. لكن لن يبني المغرب مستشفيات عمومية و يوفر خدمات أخرى لمتواضعي الحال .

فلتكن قدوتنا الشعوب الأخرى

    في الوقت الذي يسابق فيه المغرب الريح لحشد الدعم دوليا لصالح ملف الترشح لمونديال 2026، رفض 59%  منالسويسريون مشروع ترشح مدينة سيون في كانتون فاليز، لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2026 ، وفقا لاستطلاع رأي نشرته سابقا جريدة  “سونتاج زيتونج”.  الشعب السويسري يرفض الإسهام المالي الذي أعلنت عن تقديمه الحكومة المقدر بمليار فرانك سويسري.

  كما أعلنت أيضا كل من مدن شيكاغو، و منيابوليس، و غليندال و فانكوفر رفضها المشاركة و المساهمة المالية في مونديال 2026 في حال فوز الملف المشترك الأمريكي الشمالي باستضافة الحدث الكروي، بسبب الميزانيات الهائلة التي ستضطر لاستثمارها المدن في المشاريع المرتبطة بالمونديال. نتحدث هنا عن بلدان أمريكا الشمالية التي تحتل المراتب الأولى في توفير الضروري من حاجات مواطنيها من الصحة و التعليم و خدمات أخرى . رغم ما تمتلكه تلك المدن من مقدرات مالية ضخمة ، فإنها ترفض توجيه الاستثمارات المحلية إلى تلك التي لن تفيد شعوبهم في شيء.

 هذا الخبر مرت عليه وسائل الإعلام المغربية مرور الكرام ، دون أدنى تغطية إعلامية ولو متواضعة.  كيف يكون ذلك، إنها كلاب الحراسة، عبيد الامتيازات المنخرطة في قصف و غسل أدمغة الكادحين المنهكين بفعل العمل اليومي الشاق..

     ليست لنا القدرة حاليا على فرض التراجع عن القرارات التي تتخذ في الأعلى، لكن كبداية  فلننشر رفضنا لتوجيه جزء ميزانيات الصحة و التعليم و الشغل …. لمشاريع غير مفيدة. إن المطلوب هو الزيادة في تلك الميزانيات و ليس تغيير وجهتها. واجبنا الدفاع عن توفير الملاعب في المدارس العمومية و في الأحياء الشعبية و خلق المساحات الخضراء و لا ننسى توفير العيش الكريم…

   وحيد عسري

مناضل أطاك المغرب

——————

(1) : مقال :  تنظيم مونديال 2026 بالمغرب : عشر أسباب تجعلنا نعارض تقديم الدعم لملف الترشح. بموقع أطاك المغرب
(2) :   http://www.marocpress.com/hespress/article-844448.html

 (3) : http://telquel.ma/2018/03/21/mondial-2026-budget-marocain-il-justifie_1584827

(4 ) :   https://www.rts.ch/info/suisse/9325018-les-suisses-s-opposent-nettement-a-sion-2026-selon-un-sondage-tamedia.html

 

زر الذهاب إلى الأعلى