البيئة

واحات درعة.. تدفع ضريبة التغير المناخي

تقع واحة سكورة جنوبي جبال الأطلس الكبير، بإقليم ورززات. وهي واحدة من واحات أشجار النخيل القليلة التي لا تزال مأهولة في البلاد، حيث يتنعم السكان هناك بمحاصيل الأرض من التمر واللوز والزيتون، وغيرها.

في الواقع، نعيش اليوم تغيرا مناخيا مخيفا، جراء التزايد المستمر في نفث السموم القاتلة من قبل الشركات الكبرى، وهو ما بدأت انعكاساته تظهر على جميع المستويات، لا سيما في المناطق الحساسة التي يشهد مجالها تدهورا بشكل مستمر، من قبيل الجغرافيات شبه الصحراوية.

لا يُنكر السكان دور التغيرات المناخية في تدهور الواحات المتواصل، غير أن وطأة تداعيات تغير المناخ ستكون أخفّ لو اتخذت إجراءات حماية مستعجلة. تلعب الواحات دورا مهما في المنظومة الاجتماعية والبيئة، فاستغلال الأرض يقوم على الزراعات المعيشية غالبا، أو التسويقية البسيطة، التي طورها السكان المحليون. إنها بمثابة حزام أخضر يمنع زحف الرمال ويحمي المحيط البيئي.

حرائق الواحات تدمر 19 ألف نخلة في سنة واحدة..

باتت حرائق الواحات، إحدى المشكلات الكبرى التي تسبب قلقا مستمرا للسكان المحليين، وتهدد الملايين من أشجار النخيل. أدت الحرائق إلى إتلاف قرابة 17760 شجرة خلال سنتين: 22-07-2020: حريق واحة سكورة، الذي التهمت نيرانه أشجار النخيل والزيتون، ولا زال أثر الحريق واضحا في واحة سكورة، وفي نفوس ساكنتها التي فقدت إحدى أهم مصادر عيشها. وفق معطيات رسمية، تشكل زراعة نخيل التمر العمود الرئيسي لاقتصاد الواحات بالمغرب، إذ حققت عائدا بلغ مليارا و965 مليون درهم (حوالي 218 مليون دولار) خلال الفترة بين 2015 و2018. ويعتبر المغرب، المنتج الثاني عشر للتمر عالميا، وتغطي أشجار النخيل 59 ألفا و640 هكتارا، أي ما يعادل 6.9 ملايين نخلة، تنتج 117 ألف طن من التمر سنويا.

مستقبل مخيف

فاقمت التغيرات المناخية أوضاع الواحات التي تشهد غالبيتها انعدام كل مقومات الحياة اللائقة بالبشر: طرق ومستشفيات ومدارس وإنارة وماء صالح للشرب… وساهمت في تزايد هجرة السكان إلى المدن الكبرى، فيما يحاول آخرون التأقلم وتغيير أنماط حياتهم-هن.

يعيش الناس في الواحة في ظل تراجع المردود الاقتصادي في موسم جني الزيتون. وصارت المطاحن التقليدية أو الحديثة لا توفر سوى أيام شغل موسمية. ليس أمام الناس حلا آخر، عندما تموت الواحات، غير حزم حقائبهم-هن والهجرة إلى ضواحي المدن.  إن “إنقاذ الواحات ما زال ممكنا، وذلك من خلال توفير المياه للسكان المحليين كي يتاح لهم-هن مواصلة الحياة بكرامة في الواحة.  الواحة لمن يقطنها ويزرع أراضيها وليست للمستنزفين الكبار؛ رأسماليي تصدير كل شيء من أجل الربح، ولتذهب الواحات والبيئة الطبيعية للبشر الى الجحيم”.

شريان الحياة

إن الواحات ثروة طبيعية جرى تصنيفها ضمن دائرة الثروات أو المحميات الطبيعية ذات البعد الثقافي والاجتماعي الخاص. إنها منظومة إيكولوجية مختلفة عن باقي النظم البيئية في المغرب.

بالفعل، تغيّر مشهد المجال الطبيعي للواحات في غضون جيل واحد، إذ تركت بساتين النخيل المكان لغطاء نباتي عار، وتشقّقت التّربة بفعل نقص المياه، وهو ما يعرّض للخطر التنوّع البيولوجي الهائل لهذه الأراضي التي ما زالت تأوي أكثر من 22.880 نسمة. إلى جانب الآثار السلبية للتغيرات المناخية، بدأت في السنوات الأخيرة تظهر ظاهرة زحف الاقامات السكنية، والإقامات السياحية على الواحة، وقدوم عدد كبير من الأجانب الأوروبيين الراغبين في الاستقرار داخل الواحة، وكلها عوامل تزيد عنف الآثار السلبية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المحدقة بالواحة وقاطنيها.

بقلم: يوسف /عضو أطاك المغرب

زر الذهاب إلى الأعلى