البيئةفنون وأدب

ثلاثة أسئلة للسيد كورونا !

نشارك قراءة موقع جمعية أطاك المغرب، هذه النصوص الإبداعية الثلاثة، للرفيق العربي الحافيظي، الذي نشرها في صفحته الخاصة على الفيسبوك. النص مكون من ثلاثة أجزاء على التوالي  : حوار مع السيد كورونا و اتصال هاتفي، مزعج ومفيد. و اللقاء الأخير مع السيد كورونا. هذا وننشر لكم الجزء 2 و 3 على صيغة PDF أسفله.

تحمل النصوص الثلاثة مضمون نقدي في قالب إبداعي، لا يخلوا من سخرية لاذعة،  للسياسات العمومية في بلادنا.

قراءة ممتعة ومرحبا بالملاحظات على صفحة الرفيق العربي الحافيظي على الفيسبوك 

ثلاثة أسئلة للسيد كورونا

الجزء الأول

كنت اتجول اليوم بمدينة الرباط، في وسط المدينة الذي كان يعج بالحركة، اصبح شبه خال من المارة، البنايات بدون طعم تظهر وكأنها اطلال مدينة خرجت لتوها من الحرب. فجأة رمقت رجلا كان بعيدا، ولوح لي بيده وبدأ يقترب مني. عندما أصبحت المسافة قصيرة تمكنت من اكتشاف ملامحه. كان رجلا انيقا طويل القامة بسيجار كوبي رفيع يبدو عليه الانتشاء والثقة في النفس. سألني، هل تعرفني؟ قلت لا، وبسرعة قال انه السيد كورونا. تملكت اعصابي رجعت خطوتين الى الوراء، ابتسم وطمأنني قائلا: لا تخف، وكررها بوثوق لعدة مرات. وقلت له هل استطيع ان أتقدم لك ببعض الأسئلة فقال، تفضل.

س1 :  ما سبب ظهورك السيد كورونا:

السيد كورونا: كثر القيل و القال عن ظهوري، فمن الناس من اعتبر وجودي مؤامرة ومن ذهب الى حد اعتباري نتيجة صراع بين القوى الاقتصادية الكبرى وطبعا هناك من اعتبر الامر طبيعيا وهناك من اعتبرني بلاء من الله. لكن في كل الحالات انا موجود افتك بالبشر، ومن الأكيد اني موجود بسبب نظام اجتماعي يفرز التناقضات بين الأقوياء ويفرز الازمة البيئية و الاجتماعية والمالية والهجرة ويغيب التحليل العلمي وينشر الخرافة وغير ذلك كثير .  وكل هذه العوامل  تبرر مختلف فرضيات ظهوري.

س2 : ما رأيك في الإجراءات المتخذة من طرف البلدان لمحاربتك

اظن ان معظم البلدان التي تفضلت بزيارتها قامت بنفس الإجراءات تقريبا، أهمها: حظر التجول، جمع الأموال وتعبئة طاقم بشري لمحاربتي لكني تمكنت من الانتصار في كل الحالات ولم انسحب حتى في البلدان الأكثر قوة الا بعد قتل المئات من الناس. ويجب ان تنقل  لكافة البشر ان سر نجاحي لا يكمن في قوتي، فأنا ضعيف وجبان وسأنسحب بعد اول طلقة اسمعها. ان قوتي تكمن في ضعف بنياتكم الصحية وفي العلاقة التي تجمع بينكم. هل سبق لك ان سمعت بتوقف الأبحاث للقضاء على عدو مثلي بسبب ضعف الميزانيات العمومية في البلدان الأكثر غنى بينما تتسابق الشركات الخاصة لحصد الغنيمة ومراكمة مزيد من الأرباح. لقد فهمت انكم، فعلا، وصلتم الى المستنقع لأنكم تركتم بضعة آلاف من البشر يتحكمون في مصير الملايير منكم لمراكمة الأرباح لصالحهم. من المؤسف اني افتك بالناس وعندما يذهبون للتخلص مني لا يجدون سريرا يليق بهم فيموتون في ممرات المستشفيات. هل تعلم ان قيمة طائرة حربية واحدة لقتل البشر تكفي لبناء وحدة استشفائية متوسطة لإنقاذ حياة آلاف البشر من امراض مختلفة. هل تعلم ان الأبحاث العلمية في المجال العسكري و الحربي و في مجال التجسس وفي كل ما يضمن استمرار مصلحة من يتحكمون في مصيركم قد وصلت مستويات عالية من التطور بينما الأبحاث المرتبطة بالصحة لازالت متخلفة مقارنة مع ما ذكرت من أبحاث أخرى. هل من الصعب خلق نظام استباقي لمحاربة الفيروسات نظرا لما راكمتموه كبشر من معارف؟

اما بخصوص الإجراءات التنظيمية فهي لا تراعي ظروف الناس على الاطلاق فتم وضع الناس بين خيارين الموت جوعا( عشرات آلاف الاجراء  لا يتم التصريح بهم) او عدم الاكتراث بشخصي و بالطبع فانهم سيفضلون الخيار الثاني. و أخير لست متفائلا بخصوص البلايين من الدولارات التي تم جمعها و اخشى ان لا تكون في مصلحة من هم تحت وأرجح ان تكون أموالا لحل ازمة من هم فوق.

س3 : كلمة أخيرة

لا أعلم كم سأستمر في هذه الحياة خاصة اني خائف و جبان كما قلت لك، فالأمر يتوقف على جدية المتحكمين في مصيركم، و لكن قبل ان اودعك اخبرك اني اشعر بالانتشاء لما فرضته على هذا العالم الذي لا يرى في سوى كائن غير مرئي و أتمنى ان يستفيد من هم في تحت السلم الاجتماعي من تجربتي. فالمتسلطون لا يروا فيهم سوى كائنات لا تصلح الا لمراكمة ثروتهم و خدمة راحتهم. عليهم ان يقلبوا هذا المنطق لكي يصبحوا مرئيين، لذلك  ليس امامهم من خيار سوى رفض المنطق الحالي منطق امتصاص دم ملايين البشر لصالح كمشة صغيرة. وبالطبع ليس لهم من سلاح غير وحدتهم ورفض منطق من هم فوق. آنذاك سيرتعد العالم ويصبح الجميع يتكلم عنهم كما يتحدث عني حاليا. وإلى ذلك الحين اعدكم انكم ستعرفون هجومات لاحقة مشابهة اذا استمر الوضع كما هو عليه.

الجزء الثاني

الجزء الثالث

زر الذهاب إلى الأعلى