البيئةالمؤتمرات

مؤتمر اطاك المغرب السابع: سعي للإسهام في تطوير النضال من اجل السيادة الغذائية

تستعد جمعية اطاك المغرب لتنظيم مؤتمرها السابع أيام 16/17/18 دجنبر 2022 بمدينة الرباط تحت شعار “لنواصل المساهمة في بناء المقاومة من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والبيئية”، شعار يرتبط بنشاط ونضال اطاك المغرب منذ ازيد من 22 سنة على تأسيسها بجانب منظمات النضال والحِراكات الشعبية من اجل مغرب اخر، مغرب الحرية والعدالة البيئية والاجتماعية. اختارت جمعية اطاك المغرب الاشتغال على مواضيع تقف على أرضية النضال من أجل سيادة المغاربة على قرارهم واقتصادهم وغذائهم… بمنظور ينحاز للكادحين/ات وينتصر للفئات الشعبية. ولعل أهم هاته المحاور محور السيادة الغذائية، فماذا نقصد بالسيادة الغذائية بالمغرب؟

السياسات الفلاحية المطبقة على المغرب

انتهج المغرب منذ الاستقلال الشكلي سياسة فلاحية موجهة نحو التصدير، كانت أولى إرهاصات هذه السياسة محاولة الحاكمين بناء طبقة برجوازية مرتبطة القطاع الفلاحي، حيث تم تفويت الأراضي المسترجعة من المستعمر الاسباني والفرنسي لحفنة من الملاك الكبار، وفي أوساط الستينيات وجهت الدولة استثمارات عمومية كبيرة نحو القطاع الفلاحي، كان أهمها ما سمي ب “سياسة السدود” حيث عمدت الدولة على تجهيز الضيعات الفلاحية الكبيرة بالسقي، مما اسهم في تراكم مديونية عمومية أضيفت لديون فترة الاستعمار، ناهيك عن تحفيزات مالية وضريبية على مستوى الإنتاج والتسويق. كان ذلك أول تنفيذ لتوصيات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، الذي بدأ منذ ذلك الحين يتدخل ويوجه أولويات السياسات العمومية بالمغرب.

ومع بداية الثمانينيات انفجرت ازمة المديونية التي ارخت بظلالها على المغرب كأحد بلدان العالم الثالث، الشيء الذي فرض عليه إصلاحات اقتصادية سميت ب”التقويم الهيكلي”، وفي المجال الفلاحي سميت ب” التقويم الهيكلي الفلاحي” كان جوهر هذا البرنامج هو تقوية الطبقة الرأسمالية الفلاحية، فرض صندوق النقد الدولي برنامجا يروم خصخصة المقاولات الفلاحية العمومية وتحرير أسعار المنتجات الغذائية عند الإنتاج وعند الاستهلاك، مما ساهم في تعميق الازمة الاقتصادية عند صغار الفلاحين، حيث عرف المغرب منذ هذه الفترة هجرة قروية ضخمة بالإضافة الى بلتره العديد من صغار الفلاحين/ات الذين تحولوا/ن الى عمال/ات في الضيعات الفلاحية الكبيرة خصوصا بمنطقة سوس. قدرت الحصيلة الاجمالية باندثار نصف مليون فلاح صغير. وفي أوساط التسعينيات انضافت الى جانب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي منظمة التجارة العالمية التي تنظم العلاقات الدولية التجارية وفق مصالح الشركات المتعددة الجنسيات، وبالتالي سيدخل المغرب منعطفا استغلاليا جديدا استهله بتوقيع اتفاقية تبادل حر سنة 2000 مع الاتحاد الأوربي وسنة 2006 مع الولايات المتحدة، ثم العديد من الاتفاقيات غير المتكافئة مع دول أخرى.

اما مخطط المغرب الأخضر فيعتبر برنامج السرعة القصوى في مضمار القضاء على ما تبقى من فلاحة معاشية، وهو بالفعل ما حدث خلال السنوات الاثني عشر الأخيرة ويحدث حاليا مع استراتيجية الجيل الاخضر، حيث ارست الدولة سياسة نيو لبرالية قائمة على تعميم النموذج الزراعي التصديري واحتكاره من طرف تكتلات رأسمالية فلاحية-تجارية-صناعية. ارتكز هذا النموذج الليبرالي على تسليع القطاع الفلاحي بالكامل وذلك عن طريق، دعامة أولى تهم تصدير المنتجات الفلاحية وصفت بأنها “ذات القيمة المضافة” خصص لها 85 فالمئة من الاعتماد المخصص للاستثمار في المشروع مابين سنوات 2008-2018، اما 15 فالمئة المتبقية فقد تم تخصيصها للدعامة الثانية عبر تسليع الفلاحة المعاشية بالجبال والمناطق المهمشة تحت مسمى “فلاحة تضامنية”، والحقيقة كان الهدف من الفلاحة التضامنية هو ربط الإنتاج المحلي الصغير بكبريات الوحدات الصناعية والتصديرية.

مفهوم السيادة الغذائية

كل هذه السياسات المطبقة منذ عقود على بلادنا لم يكن يوما الشعب المغربي شريكا في تحديدها، بل هي املاءات القوى الامبريالية والمؤسسات المالية العالمية تحت مسمى “الامن الغذائي”، هذا المفهوم الذي يهدف في جوهره الى فتح حدود الدول للشركات متعددة الجنسيات ودمج القطاع الفلاحي العالمي في السوق الدولية دون الاكتراث لغذاء الشعوب الثقافي وتاريخهم. ان مفهوم السيادة الغذائية الذي ندافع عنه في جمعية اطاك المغرب ونسعى إلى الاسهام في تطويره بما يخدم مصلحة وثقافة شعبنا الغذائية، هو النقيض لكل السياسات الليبرالية أعلاه والنقيض التام للمفهوم الخادع المسمى الامن الغذائي.

يدافع مفهوم السيادة الغذائية كما جاء في اعلان منتدى نيليلي على حق الشعوب بغذاء صحي يحترم الثقافات، وينتج بطرق مستدامة ومحترمة للبيئة، وأيضا حق الشعوب بتحديد نظمها الغذائية والزراعية. يضع مفهوم السيادة الغذائية مصلحة المنتجين والمستهلكين للغذاء في قلب السياسات والنظم الغذائية، على نقيض الامن الغذائي الذي يضع مصلحة السوق في جوهر السياسات والأنظمة…

لقد قامت اطاك المغرب بدراسة ميدانية تهم القطاع الفلاحي بالمغرب وتبين من خلال نتائجها الموثقة في كتاب “دفاعا عن السيادة الغذائية بالمغرب” ان مطالب الفلاحين الصغار المغاربة لا تختلف بتاتا عن مفهوم السيادة الغذائية، بل هي تفصيل عملي وميداني لما يهتم به هذا المفهوم، وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر بعض المطالب:

  • الحق في الحصول على الأرض:
  • الحق في الحصول على الماء
  • الحق في الحصول على البذور الاصلية
  • سيادة السكان المحليين على مواردهم الطبيعية
  • ربط علاقة مباشرة بين الفلاحين والمستهلك
  • تنظيم السوق على أساس لا فلاح متضرر ولا غلاء للأسعار
  • تدعيم الزراعات الأساسية التي تشكل طبق المغاربة الرئيسي
  • الحق في التنظيم لصغار الفلاحين/ت والعمال/ات الزراعيين/ت
  • حق العمال/ات الزراعيين/ات في الحصول على الأرض
  • حق المستهلك في منتوج غذائي صحي

تتدخل جمعية اطاك المغرب في الدفاع عن السيادة الغذائية بالمغرب الى جانب العديد من الفعاليات النقابية والجمعوية المهنية ضمن إطار الشبكة الوطنية للسيادة الغذائية، التي بدورها تنسق اشتغالها مع شبكة شمال افريقيا للسيادة الغذائية. حيث تتمحور استراتيجية الجمعية في تنسيق نضالها محليا وإقليميا وعالميا، ايمانا منها بضرورة توحيد النضالات لمواجهة السياسات النيو ليبرالية التي هي ذات السياسات التي تطبق في كل دول العالم وان بدرجات متفاوتة، مما يستدعي دمج النضالات المحلية من اجل السيادة الغذائية بالنضالات خارج الحدود.

عبد الصمد أكحوش عضو اطاك المغرب

زر الذهاب إلى الأعلى