الهجرة

زهاء 40 ألف من اللاجئين قتلوا في البحر الأبيض المتوسط : إنها جريمة ضد الإنسانية

زهاء 40 ألف من اللاجئين قتلوا في البحر الأبيض المتوسط :  إنها جريمة ضد الإنسانية

 

     في فاجعة وفاة طالبي العيش الكريم : 7 مهاجرين و سيدتين 

مقدمة المترجم:

قضى بالجنوب ( المغرب) 7 شبان نحبهم، من بين 27 مهاجرا سريا في المحيط الأطلسي يوم الاثنين 15 يناير 2018، جراء انخفاض درجة  حرارة أجسادهم، أثناء محاولتهم بلوغ شاطئ جزيرة ” لانزاروتي” التابعة لجزر الكناري الإسبانية.  انطلق القارب الذي يقل الشبان من مدينة طرفاية. الضحايا ينتمون لأقاليم: كلميم وطانطان و السمارة و العيون .

في نفس اليوم، شمالا، فارقت سيدتان الحياة امام معبر باب سبتة إثر تدافع لنساء يتاجرن في السلع المجلوبة من مدينة سبتة. موت كل من الشباب السبعة و السيدتان ليس الحدث الأول. تفقد الأسر المغربية الفقيرة أبنائها في البحر في محاولة بلوغ أوروبا ،كما أن حدث التدافع هذا هو الثالث خلال 12 شهر حيث الحصيلة 5 نساء حسب رئيس جمعية الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان بتطوان ، السيد الحسن أقبايو.

يحاول المهاجرون عبور البحر الأبيض المتوسط و المحيط الأطلسي، بحثا عن العيش الكريم و من أجل تحسين أوضاعهم الاجتماعية و أيضا عن ملاذ يقيهم المهانة التي يلاقونها في أوطانهم. يستعمل الإتحاد الأوروبي كافة الوسائل لمنع وصول المهاجرين لدخول القارة، فمن وضع الحواجز على الحدود إلى العراقيل القانونية الموضوعة من طرف حكومات البلدان الغنية . لكن لا شيء يمنع الفقراء من بلدان العالم الثالث من المغامرة بحياتهم و حياة أسرهم بأمل الخروج من البؤس أو الهروب من الحروب الطاحنة، مستعملين  تارة، قوارب الصيد التقليدية  أو الاختباء في أقبية الشاحنات و تارة أخرى عبر تزوير الوثائق الشخصية (أوراق أفراد من العائلة) أو عبر الالتفاف على السلطات الأوربية بملأ الأرصدة بأموال ليست ملكهم (تطلب سلطات الدول بيانا للرصيد البنكي )  . عملا بالمثل القائل “كل الطرق تؤدي إلى روما –  الجنة الأوروبية”.

البلدان التي يطلبها المهاجرون هي بلدان قامت رفاهيتها وتصنيعها…على نهب ثروات بلدان العالم الثالث، بتحويل الثروات و الخيرات عن طريق الاستعمار المباشر إلى أرصدة ملوكها و جنرالاتها الدمويين، حتى النصف الأول من القرن العشرين.

يستمر  الآن هذا الاستعمار بأساليب أخرى، أبرزها خلق نزاعات و حروب داخلية واتفاقيات استعمارية و نهب كاسح للشركات متعددة الجنسية و ديون  غير شرعية تؤديها شعوب دول الجنوب دون أن تستفيد منها . إن هذا الفقر و البؤس و هذه الحروب المنتشرة هي التي تدفع المهاجرين لترك أوطانهم و طلب بديل أخر.

إن مؤسسات البنك العالمي و صندوق النقد الدولي و منظمة التجارة العالمية و باقي الاتفاقيات الاقتصادية الاستعمارية تفرض على بلدان العالم الثالث فتح حدودها و اقتصادياتها و تشجع المبادلات التجارية غير المتكافئة و حرية تنقل الرساميل الكبرى واستغلال اليد العاملة…. كل هذا من أجل مزيد من الأرباح. بالمقابل تغلق الحدود وتقيم الحواجز في وجه الفارين من نتائج هذه السياسات الاستعمارية في بلدان الجنوب.

نص الترجمة:

 

زهاء 40 ألف من اللاجئين قتلوا في البحر الأبيض المتوسط :  إنها جريمة ضد الإنسانية

      محكمة الشعوب المستدامة : جلسة بشأن انتهاك حقوق الإنسانية للمهاجرين واللاجئين والإفلات من العقاب، باريس، 4 و 5 يناير 2018 – شهادة عن المنفيين، رجال، ونساء وأطفال يموتون في البحر الأبيض المتوسط ​​بالآلاف،  كل عام : أسباب جريمة حقيقية ضد الإنسانية و إدانة لقادتها في الاتحاد الأوروبي.

    في ذكرى إتيان تاسين، مفكر مدافع عن عالم مشترك، مع المهاجرات والمهاجرين

بعد الآن الأرقام معروفة,  يتم نشرها بانتظام في وسائل الإعلام. أيا كانت البلدان ، فإن عبور البحر الأبيض المتوسط ​​قاتل بالنسبة للاجئين واللاجئات الذين يحاولون المرور إلى أوروبا، من مضيق جبل طارق إلى بحر إيجة خاصة عبر ليبيا : حيث  سبب الركوب السري للقوارب الهشة، التي وفرها المهربين لقاء ثمن  كبير، في وفاة  3283 في العام 2014، و 3785 في العام 2015، و 5143 في العام 2016 و 3116 في عام 2017 (من مجموع  العام الماضي من 5362 اللاجئين و اللاجئات الذين قضوا في جميع أنحاء العالم: أرقام متوفرة لدى المنظمة الدولية للهجرة).

منذ بداية سنوات القرن الحادي والعشرين، ارتفعت حالات اختفاء اللاجئين  في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​إلى حوالي 40000 من الرجال، والنساء و الأطفال. تعرض اللاجئين و اللاجئات  الفارين من حالات العوز الشديد ، منذ إنشاء مراكز الفرز التي هي “المناطق الساخنة” hotspots  في اليونان في خريف العام 2015، للطرد على شكل فئتين عنصريتان  : من جهة، اللاجئون، أي مقدمي الطلبات الذين يحتمل أن يحصلوا على  صفة لاجئ ؛ ومن ناحية أخرى، المهاجرون الذين يعتبرون “لاجئين اقتصاديين”، وهم بالتالي معرضون للطرد الفوري.

وهذا الفرز والرفض للنساء والرجال في أوضاع بالغة الخطورة ليس سوى مظهر واحد من مظاهر إغلاق الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.  إن النتيجة الأكثر دراماتيكية هي وفاة عدة آلاف من اللاجئين واللاجئات  والمهاجرين و المهاجرات ،و رجال، ونساء وأطفال، كل عام،  حيث لا تكمن جريمتهم سوى في محاولة الهروب من أوضاع تهدد حياتهم.

الإغلاق القمعي لحدود الاتحاد الأوروبي وعواقبه

في الواقع، منذ التوقيع على اتفاق شنغن (في 26 مارس 1995)، طبق الاتحاد الأوروبي مبدأ حرية تنقل الأشخاص داخل حدوده مع حظر دخول  أراضيه، بصفة عامة، لغير الأوروبيين الذين ليس لا يملكون تأشيرة. وفي هذه الحالة بالذات، يستهدف بصفة خاصة القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، واللاجئون من إريتريا والسودان، والهاربين من البلدان التي مزقتها الحروب الشرقين الأدنى والأوسط.

لقد تمثلت سياسة إغلاق الحدود هاته، في وجه  الأشخاص المتهمين بـ “الهجرة غير القانونية” في : إقامة الحواجز والسياجات الجسدية لسبتة ومليلة، والأراضي المطوقة الإسبانية في أقصى غرب البحر الأبيض المتوسط ​​حتى الجدار على نهر إفروس بين شمال اليونان وتركيا أو حاجز الأسلاك الشائكة على الحدود التركية البلغارية في شمال شرق حوض البحر الأبيض المتوسط ؛ بتنسيق ورقابة بوليسية  مدعومة من قبل وكالة فرونتكس، الآن ” الوكالة الأوروبية للحدود وخفر السواحل” ، التي توفر الدعم اللوجستيكي والعملي لشرطة الحدود الوطنية؛ من خلال عمليات غربلة واسعة النطاق غير منتظمة، مثل العملية القمعية “تريتون” التي حلت محلها  في نونبر العام  2014 الحملة الإيطالية لاستقبال المهاجرين “مار نوستروم”، أو عملية صوفيا (يونافور ميد) من خلال تدمير القوارب التي يستخدمها المهاجرون بحجة مكافحة المهربين وتجار الهجرة ؛ وأخيرا، من خلال تدابير واسعة النطاق للاستعانة بنقل الحدود خارج الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال من خلال المعاهدة الإجرامية بين الاتحاد الأوروبي (المجلس الأوروبي) وتركيا في مارس 2016، والتي  بموجبها يحتفظ البلد بأراضيه على المهاجرين، مقابل ستة مليارات يورو والصمت على عدم احترام حقوق الإنسان، لا يقل عن ثلاثة ملايين لاجئ، أو من خلال الاتفاقات التي أبرمت مؤخرا مع ليبيا، وهي: “صوفيا” للتعاون العسكري مع خفر السواحل الليبيين، وتعزيز  معسكرات الاحتجاز، والمفاوضات مع الميليشيات المحلية، إلخ.

من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي الداخلية، يمكننا أن نضيف إقامة الحواجز أمام حدود الدول الأعضاء (على سبيل المثال حظر مرور اللاجئين من  “طريق البلقان”)، من خلال تركيب “المناطق الساخنة” ( مراكز الفرز بين طالبي اللجوء و “المهاجرون الاقتصاديون” الموجهون للطرد) في البلدان المجاورة مثل اليونان أو إيطاليا، من خلال طلب تطبيق فردي حصري لطلب اللجوء (في حين أن مخيمات اللاجئين التي يستضيفها الجنوب تستند إلى حق جماعي)، عن طريق الاستعانة بالحدود الداخلية في بلدان العالم الثالث عن طريق عمليات بوليسية كبيرة ، ولا سيما في فرنسا (كما هو الحال في Calais et le Pas-de-Calaisبالنسبة لبريطانيا العظمى ، أو العكس، في وادي  Roya   أو  Col de l’Échelle في ايطايا).

هكذا، فإن المؤسسات الأوروبية، و استنادا إلى طريقتها الخاصة، فإن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المختلفة تمنع وصول ضحايا الحرب والقمع السياسي والكوارث الإيكولوجية وعدم المساواة في  فقر ناتج بعل عولمة اقتصادية محضة واستعمار جديد لصالح أغنى البلدان. سياسة الإغلاق و القمع هاته بوجه المتهمين ب “الهجرة غير الشرعية”  تنظمها عمدا  المفوضية الأوروبية بالتعاون مع بلدان الاتحاد الأوروبي. العواقب معروفة: إلى جانب العنف الذي يتعرضون له أثناء الطريق إلى أوروبا وحتى أوروبا (قمع الشرطة، والابتزاز، والاعتداء، والاغتصاب، والحبس في معسكرات الاحتجاز، والاسترقاق)، كل عام الآلاف من المهاجرين، رجال ونساء وأطفال، يقضون غرقا في البحر الأبيض المتوسط.

جريمة ضد الإنسانية؟

لا شك أن أربعين ألف حالة اختفاء و وفاة الناجمة عن هذه السياسة تدخل هذا الرقم الكارثي في التعريف العالمي (وليس القانوني) الذي أعطي لجريمة ضد الإنسانية: أو “الانتهاك المتعمد والمطلق للحقوق الأساسية لفرد أو مجموعة من الأفراد نتيجة دوافع سياسية أو فلسفية أو عرقية أو دينية “؛ وهذا من خلال العمل السياسي المتعمد (فيلدمان 2003).

لكن، من وجهة النظر القانونية، فلنذكر قبل كل شيء أنه خارج اضطهاد جماعة أو اللجوء المنهجي إلى الاختفاء القسري، فإن المادة 7 من “نظام روما الأساسي” للمحكمة الجنائية الدولية (17.7.1998) حددت أيضا جريمة ضد الإنسانية “أعمال غير إنسانية أخرى ذات طابع مماثل (أي القتل أو الترحيل أو السجن أو الاستعباد أو التعذيب أو الاضطهاد، إلخ) التي ينتج عنها معاناة كبيرة أو إصابات خطيرة للسلامة البدنية أو العقلية أو الصحة البدنية “؛ وأنه “عندما يرتكب كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد سكان مدنيين وعلم بهذا الهجوم”.

المسؤوليات والاتهام

ان سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الأجانب هي بلا شك مقصودة  بفعل التنظيم الواسع و التمويل السخي. إن العواقب من حيث “الإصابات الجسدية الخطيرة” و “الصحة البدنية والعقلية” معروفة.

إذا بدا من الصعب وصف السياسة الأوروبية المتمثلة في إغلاق الحدود بـ “الهجوم العام” ضد اللاجئين و اللاجئات، إذا كان من الخطر في هذا الاتجاه استغلال  المحكمة الجنائية الدولية لاتهام المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي على الجريمة ضد الإنسانية التي يمثلها حوالي 40000 من المهاجرين لقوا حتفهم في البحر الأبيض المتوسط ​​منذ بداية سنوات القرن الحادي والعشرين،  و من ناحية أخرى، يجب رفع الشكاوى في هذا الصدد فيما يتعلق ببعض الجهات الفاعلة في سياسة حظر الدخول للاتحاد الأوروبي رفض اللاجئين و اللاجئات.

وينبغي أن توجه الشكاوى على وجه الخصوص للسيدة فيديريكا موغيريني، الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، والسيد ديمتريس أفراموبولوس، مدير دائرة الهجرة والشؤون الداخلية في المفوضية الأوروبية. ويجب أن يرافق ذلك نداء إلى البرلمان الأوروبي وإحالة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

إن القيام بعمل شبيه بجريمة ضد الإنسانية من جانب سلطات الاتحاد الأوروبي هو أكثر شرعية من أن إلى جانب  الولايات المتحدة  الأمريكية،  الاتحاد الأوروبي هي المسؤولة إلى حد كبير عن الأوضاع،  التي تقع في الشرقين الأدنى والأوسط، كما هو الحال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، التي تفرض اللجوء على المهددين في حياتهم. في الشرق الأوسط، تقدم دول الاتحاد الأوروبي الرئيسية الآن دعما مباشرا أو ضمنيا للسياسات الإمبريالية للولايات المتحدة وروسيا: احتلال أفغانستان، حرب العراق، حرب سوريا، حرب اليمن، الخ. . مع تقديم دعم غير مشروط لإسرائيل بشكل خاص ضد الفلسطينيين، كما أنها تدعم الأنظمة القمعية والمجرمة مثل النظام السعودي أو النظام السوري.  فيما يتعلق بحالات الضيق الاقتصادي والقمع الذي تنطوي عليه، فإن دول الاتحاد الأوروبي هي جهات فاعلة حاسمة، مع الولايات المتحدة (وبدرجة أقل من البريكس)، في العولمة محض سلعية، عولمة اقتصادية و مالية.مرتكزة على نظام رأسمالي متحرر مرتبط أضخم الشركات المتعددة الجنسيات، خاصة في مجال استغلال المواد الخام ، أدت هذه  العولمة  الاستعمارية الجديدة ذات الإلهام الليبرالي الجديد إلى زيادة التفاوتات الهائلة القائمة بين الأكثر فقرا والأكثر غنىً ؛ من خلال “تدابير التقويم الهيكلي”، اسهم الفاعلون البنكيون من خلالها بصورة منهجية في تدمير الخدمات التي توفر الاحتياجات الأساسية (الغذاء والتدريب والصحة) في أكثر البلدان حرمانا.

إن الاستيعاب المحتمل لعشرات الآلاف من حالات الاختفاء ووفاة اللاجئين و اللاجئات في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​منذ بداية سنوات القرن الحادي والعشرين هي جريمة ضد الإنسانية و الإدانة على هذا الأساس ليس له أساس إنساني فحسب، بل هو أيضا سبب سياسي. ولذلك، فإن تقديم الشكاوى سيكون ضد السلطات السياسية في الاتحاد الأوروبي وممثليهم/ ممثلاتهم.

لا يجب أن ننسى. اللاجئ ليس فقط موضوع قانون، هو ليس إنسانا فحسب، بل هو أيضا شخص سياسي.

++++++++++++++++

15 يناير :  بقلم كلود كالام

ترجمة وحيد عسري مناضل بأطاك المغرب

Références
https://www.iom.int/fr/news/analyse…
http://www.dih-croix-rouge.be/IMG/p…
Jean-Philippe Feldman, « Crime contre l’humanité », in Dictionnaire de la culture juridique, sous la direction de Denis Alland et Stéphane Rials, Paris (PUF) 2003

Source : Blog Mediapart de Claude Calame

زر الذهاب إلى الأعلى