المخططات الليبراليةالمكتبةكتب وكراريسملفات دراسية

الحلقة الرابعة من سيرورة إرساء وتطور السياسات التعليمية : المدرسة المتحفزة لِلَّبْرَلَة: من التقويم الهيكلي إلى الميثاق

بعد أن اقتربت الطبعة الاولى من دراسة اطاك المغرب حول التعليم بعنوان: “سيرورة إرساء وتطور السياسات التعليمية بالمغرب، منظورات من اجل تعليم ديموقراطي شعبي” من النفاذ ، حيث لم تعد مجموعات اطاك المغرب التي توزع الكتاب تتوفر إلا على نسخ قليلة (يمكن للقراء الاتصال بها لطلب ما تبقى من نسخ) وفي سياق اتساع النضالات ضد النموذج التعليمي المراد فرضه بالمغرب. ارتأى موقع اطاك نشر الدراسة على حلقات، لأجل المساهمة في تعميم الأفكار الواردة بالكتاب، وكذلك توسيع دائرة النقاش حول مضامينه، وحول السياسات العمومية في ميدان التعليم في أسسها ورهاناتها والبدائل الشعبية عنها.

الحلقة الرابعة

  • المدرسة المتحفزة لِلَّبْرَلَة: من التقويم الهيكلي إلى الميثاق

بلغت مدرسة الاستبداد حدودها، وأضحى مطلوبا منها التكيف مع المعطيات الجديدة التي أتت بها أزمة المديونية، ومنطقها الاقتصادي (قدوم العهد النيوليبرالي) والسياسي (لم يعد الحاكمون يبحثون عن شرعية لحكمهم بالداخل بل بالخارج أمام القوى المهيمنة اقتصاديا وعسكريا[1]).

إن كان الحاكمون يحسمون شرعيتهم الداخلية عن طريق مختلف الوسائل الإيديولوجية والقمعية والأحابيل السياسية والقانونية والدستورية وكل ما يمكنهم من تجاوز الأوضاع الكارثية التي تخلفها سياساتهم على جماهير الأجراء وصغار المنتجين، فإنهم لا يمكنهم كسب شرعية الخارج إلا بإنجازات فعلية على الأرض تمكن من جعل البلد وشبابه وعماله وصغار منتجيه يخدمون بفعالية استراتيجية رأس المال الذي يستعد لنهب البلد بصورة جديدة وعميقة، مثلت سياسة التقويم الهيكلي مدخلا لها. لقد كان من اللازم العمل على “سياسة تعليمية جديدة”، هي جزء من التقويم الهيكلي، إنها سياسة التقويم المدرسي.

أضحت نصائح واقتراحات الدائنين بوصلة لبرنامج الدولة وحكوماتها المتعاقبة، منذ أول برنامج للتقويم الهيكلي [بتوجيه من  صندوق النقد الدولي للفترة بين يوليوز 1980 ويونيو 1983]، الذي فجرت مقتضياته التقشفية نضالات عمالية وشعبية أبرزها انتفاضة يونيو 1981، التي اضطر معها الحاكمون وداعموهم إلى التراجع النسبي. وبحلول سنة 1983 أوصل الحاكمون البلد إلى وضعية العجز عن سداد خدمة الدين، وبدأوا في السعي للوصول إلى اتفاق مع الدائنين بغية الحصول على تسهيلات في الأداء (إعادة الجدولة وتمويل الخزينة)، الشيء الذي عنى، في ظل طبيعة الحاكمين المستعدين لفعل كل شيء بما فيه بيع البلد أو إخضاعه للحماية، كما حدث في بدايات القرن العشرين، الخضوع لكل شروط الدائنين ولكل إملاءات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي. جزء من تلك الشروط هي ما عرف تاريخيا بسياسة التقويم الهيكلي، والتي تعمقت أكثر باعتماد اتفاق “إجماع واشنطن”[2] الذي جعل البنك العالمي وصندوق النقد الدولي [بالإضافة لحكومة الولايات المتحدة] يعزفان نغمة تقشف متطابقة ومعممة على العالم.

إطار رقم 2

برامج التقويم الهيكلي[3]

ردا على ازمة الديون، عهدت البلدان الغنية إلى صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بمهمة فرض انضباط مالي صارم على البلدان المثقلة بالديون. إن برامج التقويم الهيكلي لها هدف رئيسي، وفقا للخطاب الرسمي، هو استعادة التوازنات المالية. لتحقيق ذلك، يطالب صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بفتح الاقتصاد لجذب رؤوس الأموال. وهدف دول الجنوب التي تطبق برامج التقويم الهيكلي هو تصدير المزيد وإنفاق أقل، من خلال مجموعتين من التدابير. تدابير الصدمة وهي تدابير ذات تأثير فوري: إلغاء دعم السلع والخدمات الأساسية، وتقليص الميزانيات الاجتماعية وفاتورة اجور الوظيفة العمومية (كتلة الاجور)، وتخفيض قيمة العملة، وأسعار فائدة مرتفعة. ثم التدابير الهيكلية وهي إصلاحات اقتصادية طويلة الأجل: التخصص في عدد قليل من منتجات التصدير ( على حساب المحاصيل الغذائية) ، وتحرير الاقتصاد من خلال التخلي عن ضبط تحركات رؤوس الاموال وإلغاء الرقابة على الصرف، وفتح الأسواق بإزالة الحواجز الجمركية، وخصخصة المقاولات العمومية، وتعميم ضريبة القيمة المضافة ونظام ضريبي محابي لرأس المال. كانت النتائج كارثية بالنسبة للسكان والبلدان التي نفذت هذه البرامج حرفيا، في الآن ذاته نتائج اقتصادية مخيبة للآمال وبؤس مستشري. 

تنبني سياسة التقويم المدرسي، كجزء من سياسة عامة للتقويم الهيكلي، على إملاءات الدائنين، التي تأتي على شكل تقارير شاملة أو قطاعية تتضمن تحاليل للوضعية و”نصائح واقتراحات”.  واتخذت كل مرة فيما يخص التعليم اسم “إصلاح”.

تؤكد كل المؤشرات المتوفرة ان “إصلاح التعليم” بالنسبة للدوائر المالية العالمية يعني ثلاثة محددات مترابطة:

  • الرفع من مؤشرات التمدرس في التعليم الأساسي (الابتدائي والإعدادي).
  • خفض الجهد المطلق (L’effort absolue) المبذول لصالح التعليم. أي خفض نسبة الاعتمادات المالية المخصصة للتعليم من الناتج الداخلي الخام للبلد.
  • ربط التعليم بالمحيط الاقتصادي، أي جعل التعليم يخدم بفعالية متطلبات رفع أرباح الرأسمال.

او بمعنى آخر فعل أكثر ما يمكن فعله من أجل تحسين المؤشرات الكمية مع عدم المساس، أو حتى تخفيض فعلي، في الاعتمادات المالية المخصصة له.

كانت إملاءات البنك العالمي فيما يتعلق بالتعليم تعطى تحت شعار “العقلنة”، ويمكن تلخيص تلك الإملاءات في النقط التالية:

  • تَحَمُّلُ الأسرِ، [خاصة في القرى]، والطلابِ (إلخ) جزءً من تكاليف التعليم، تتغير بحسب المستوى التعليمي.
  • تحسين “المردودية الداخلية والخارجية ” للنظام التعليمي عبر تسريع وتائر النجاح، وإخضاع أعداد والجي المستويات العليا للتربية والتكوين “لحاجة الاقتصاد لليد العاملة”.
  • تخفيض بعض أشكال دعم التمدرس ذات الطبيعة الاجتماعية، خاصة المنح في الثانوي والعالي.
  • –         “عقلنة” استخدام “الموارد البشرية والمادية”، أي رفع إنتاجية “مستخدمي التعليم” والرفع من نسبة استخدام البنية التحتية المتوفرة.
  • اعتماد مبدأ النجاح الآلي في التعليم الابتدائي
  • إرساء مصاريف التسجيل في الابتدائي والثانوي والعالي.
  • حذف المطاعم والمنح في التعليم الثانوي.
  • حصر عدد الوالجين للمؤسسات الجامعية، أي قلب معادلة الباكالوريا = مقعد في الجامعة.
  • فصل التكوين في مؤسسات تكوين الأساتذة عن التوظيف. [4]

تصرفت الدولة المغربية كخادم أمين يطبق الإملاءات ويبحث لها عن مسوغات سياسية وايديولوجية وتربوية، ويستشير الدائنين حول الاملاءات التي تظهر له غير قابلة للتطبيق، أو أن تطبيقها قد يأتي بنتائج عكسية. طبقت الدولة عددا من الإجراءات بصورة آنية ومباشرة، بينما أرجأت أخرى إلى حين توافر المناخ الملائم الذي سيمكن من تنزيلها.

هكذا عملت الحكومة، منذ القانون التعديلي الشهير لقانون المالية سنة 1983 [5]، على تطبيق عدد من الإجراءات الهادفة إلى خفض مصاريف التعليم، وقد جرت مراجعة المخطط المعد سابقا، بحذف كل ما اعتبر غير ذي أولوية، تحديدا كل ما تعلق برفع الطاقة الاستيعابية للمدارس والثانويات.

يمكن تلخيص الإجراءات المتخذة من قبل الدولة في بداية تنفيذ مخطط التقويم المدرسي، والتي أدت لخفض ميزانية الاستثمار بوازرة التربية الوطنية بنسبة الثلث بين 1983 و1984[6]،  كالتالي:

  • تقليص المنح، عبر اعتماد “المعايير الاجتماعية والتميز الدراسي”، بدل اعتبارها حقا لكل تلميذ أو طالب.
  • رفع عدد ساعات عمل مدرسي الإعدادي والثانوي والعالي بحوالي 20 في المئة، دون رفع الأجور.
  • خفض توظيف الأساتذة بحوالي 15 بالمئة.
  • الشروع في التخلص من تكاليف الأساتذة الأجانب.
  • تغيير نظم التأجير في مراكز تكوين الاساتذة، عبر تخصيصهم منحا مُتكافئة مع منح التعليم العالي بدل الأجور التي كانوا يتقاضونها. مع خفض عدد والجي المراكز التربوية الجهوية (لتكوين أساتذة التعليم الإعدادي) والمدارس العليا للأساتذة (تكوين أساتذة الثانوي التأهيلي).
  • خفض ساعات تدريس التلاميذ (في الإعدادي خاصة) لتقليص عدد الأساتذة وتحرير قاعات دراسة ليتم استغلالها.
  • خفض كبير للتكرار في جميع المستويات المدرسية والجامعية، باعتماد تشريع يخفض من عدد السنوات المسموح بتكرارها في كل سلك، وعبر تخفيف المعايير البيداغوجية اللازمة لأجل النجاح في الابتدائي.[7]

كانت هاته التدابير الاستعجالية تدخل ضمن استراتيجية الصدمة، وكانت بحاجة إلى ضمان استدامتها، فمعايير التقشف التي زادت من نسبة استغلال الأساتذة احتاجت في البداية تبريرا ايديولوجيا “وطنيا” تحت عنوان “الساعات التضامنية”، بخلفية التضامن الوطني في تحمل تكاليف “استكمال استرجاع الصحراء”. لكن الحاكمين يعرفون طول حبل الكذب إلى أين يمكن أن يصل، وبالتالي من الضرورة العمل على إيجاد صيغة لكي يصبح القبول بمستوى الاستغلال دائما وليس “تضامنيا” ظرفيا. الأمر نفسه فيما يخص رفع المردودية الداخلية، أي تقليص التكرار، فالأمر إن كان في البداية يعني تخفيف المعايير البيداغوجية اللازمة لأجل المرور للمستوى الموالي، فإن ذلك سيعني، مع كل الإجراءات التقشفية المتبعة (خفض جودة شروط التعلم والتدريس والتكوين: منح- داخليات- مواد إطعام – مختبرات – وسائل تعليمية – بنايات..)، كارثة بالمعايير البيداغوجية، ستؤدي في زمن قياسي إلى ما يعرف شعبيا ب “هبوط مستوى التلاميذ”، لقد كان ضروريا اعتماد تغطية “بيداغوجية” لما يجري، خاصة وأن ذلك تزامن في بداية الثمانينيات، مع تشكل نخب تشتغل على الجانب التربوي دون المساس بأسس السياسة التعليمية ووضعها موضع مساءلة، فكانت “بيداغوجيا الأهداف” عنوان المرحلة باعتبارها تؤسس لعقلنة (بالمعنى الذي يحبه البنك العالمي) الممارسة التربوية، تلك البيداغوجيا التي إن اقترنت بالاستبداد أضحت ” أداة لتطويع البشر وترويضهم وبرمجتهم، وخلق لديهم أنماطا من التفكير والأداء محددة ومحسوبة سلفا وبكيفية آلية، والتضييق بالتالي على قدرة الأفراد الإبداعية، ووضعهم في أماكن محصورة داخل المجتمع والقيام بأدوار محددة، بدلا من أن تترك لهم الحرية في الاختيار والتثقيف الذاتي والنقد والتطوير الشخصي الخلاق.”[8]  مثلما شكلت بيداغوجيا الدعم غطاء بيداغوجيا لرفع أعداد الناجحين. في سياق ذلك كان من الضروري مواجهة تنامي النضالات الطلابية ضد الإجراءات المتخذة، بالقمع واجتثاث المنظمة الطلابية واحتواء المنظمات النقابية بعد قمعها.

لقد جاء ما يعرف بإصلاح 1985 ليُمَأْسِسَ برنامج التقويم المدرسي، أولا عبر ترسيم الإجراءات الاستعجالية المتخذة سابقا، وأساسا ليفتح المجال لإجراءات أخرى ضمن ذات الرؤية التقشفية الذاهبة نحو اللبرلة، ضمن إجراءات هيكلية ذات المفعول الطويل الأمد. لم يكن برنامج التقويم المدرسي فقط رؤية تقشفية/ليبرالية، بل يمكن اعتباره بداية تأسيس لتصور للمدرسة بالمغرب، ذلك التصور الذي سيراكم عبر سنوات ليعطي ما سيسميه الإجماع النيوليبرالي “مدرسة وطنية جديدة”. في الطريق لذلك، استمرت وتنوعت آليات التمويل الخارجي عبر قروض البنك العالمي وحقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي وباقي الآليات، مع الشروط الواجب توفرها والإملاءات المفروض الالتزام بها:

جدول 8

قروض البنك الدولي المخصصة حصرا لمشاريع التعليم والتكوين المهني بالمغرب بين 1985 و1991[9]

(بملايين الدولارات)

غرض القرضتاريخ القرضالمبلغ
إصلاح التعليم09/05/1986150
التكوين المهني13/03/198722,3
التعليم القروي21/07/198983,0
التعليم الأساسي06/09/1991145

وفي الفترة التي عرفت تطبيق برنامج التقويم الهيكلي، عرف ” الجهد المطلق (L’effort absolue) المبذول لصالح التعليم” تراجعا ملموسا:

جدول رقم 09

تطور الجهد العمومي المطلق (L’effort absolue) المبذول لصالح التعليم بين 1978 و1994[10]

1978/19831983/19851986/19901990/1994
6,466,415,595,34

وبصورة مماثلة، انخفضت الكلفة الفردية للتعليم (كلفة كل تلميذ) في الابتدائي والثانوي في الفترة بين 1982 و1988:

جدول رقم 10

تطور الكلفة الفردية للتعليم الابتدائي والثانوي بين 1982 و1988 (بالدرهم الثابت لسنة 1980)[11]

19821983198419861988
13651347127513731266

 ولمزيد من التدقيق، كانت تكاليف صيانة مدرسة ابتدائية سنويا 1000 درهم، بينما يكلف كل تلميذ من ناحية الوسائل التعليمية 3 دراهم لكل تلميذ سنويا[12]. إنها أرقام تجسد بالفعل المعنى الذي يعطيه الحاكمون لإصلاح التعليم آنئذ، وهي كذلك أرقام تنبئ عن نوعية خريجي مدرسة البؤس التي يجري إرساؤها.

لقد أصبح التعليم بالمغرب، بحكم برنامج التقويم الهيكلي وفي قلبه برنامج التقويم المدرسي، إذن، يخضع لآليات رقابية خارجية، ممثلة في تمثيليات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي. وهذا المعطى سيقلب منطق “تدبير” القطاع في اتجاه آخر.

ارتكز إصلاح 1985 على المحاور الكبرى التالية:

  • رفع عدد تلاميذ التعليم الأساسي (الابتدائي + الإعدادي)، برفع عدد المسجلين الجدد بالسنة الأولى ابتدائي، ورفع معدل الاحتفاظ بالتلاميذ. بدأ هنا يتبلور مفهوم “الإنصاف” الذي يهدففي التحليل الأخير لإعطاء الأولوية للتعليم الأساسي وتوسيعه على حساب التعليم الثانوي والعالي. كان هذا يعني رفع حجم الميزانية الموجهة للتعليم الأساسي في مقابل خفض تلك الموجهة للثانوي والعالي.
  • تحسين “المردودية” الداخلية والخارجية للتعليم، بما يعنيه من رفع معدلات الانتقال بين المستويات والأسلاك، ورفع عدد والجي “سوق الشغل”.
  • مُواءَمة التعليم مع ضرورات “التنمية” على المدى المتوسط.[13]

لم يكن إصلاح 1985 ناجحا من زاوية نظر الحاكمين، لكن جرى إرساء بنيات جديدة ذات توجه “مستقبلي” منسجم داخليا إلى هذا الحد أو ذاك، ومتساوق مع رؤى لبرالية زاحفة.

من نتائج ذاك الإصلاح الأكثر بروزا:

  • تقليص سنوات الدراسة في الإعدادي من أربع إلى ثلاث سنوات، مما مكن الدولة من ضرب “عصافير تقشفية مستدامة عدة” بحجرة واحدة.
  • بداية إرساء نظام الأكاديميات، كبنيات للتدبير الجهوي: التربوي (خاصة الامتحانات) والإداري.
  • إرساء نظام جديد للباكالوريا.
  • استشراء البطالة في صفوف خريجي المنظومة التعليمية في مختلف مستوياتها.

جدول رقم 11

معدل البطالة حسب المستويات الدراسية في الوسط الحضري بين 1984 و1993 (%)

 1984198519871990199119921993
دون شهادة17,612,011,811,211,311,010,07
ش التعليم الابتدائي25,219,118,920,822,721,421,5
شهادة الإعدادي21,322,025,829,330,127,124,8
الباكالوريا14,617,827,636,038,828,631,2
دبلوم عالي3,54,86,28,910,910,413,4
دبلوم مهني27,625,127,432,034,633,532,5
المجموع8,312,815,817,316,015,9

المصدر: بحث حول الشغل في المدن، مديرية الإحصاء – 1984/1993[14]

لم تعد المدرسة إذن مصدرا للارتقاء الاجتماعي، لقد أضحت منتجا للبطالة، وكلما ارتفع مستوى الشهادة المحصل عليها، ارتفع معه احتمال الوقوع في البطالة. هو إذن وضع مثالي بالنسبة للطبقات السائدة للضغط على شروط عمل خريجي نظامها التعليمي، مثلما هو مناخ ملائم لتنظيم الهجوم على المدرسة والجامعة باعتبارهما غير منتجتين ولا تقدمان تكوينات مناسبة “لسوق الشغل”، وأكثر من ذلك أضحى من اللازم إطلاق تنافس محموم بين التلاميذ (وأسرهم بالتالي) لأجل الفوز بمسارات دراسية غير منتجة للبطالة. إنه مناخ ملائم لدفع الأسر لزيادة الإنفاق الأسري على التعليم (المفترض أنه لا زال مجانيا) مما أنتج ظواهر جديدة كل الجدة : الساعات الإضافية المؤدى عنها كسرطان هدم منطقا نضاليا وتطوعيا طورته شغيلة التعليم حتى ذلك الحين، وبالخصوص بدء تطور تعليم خاص بقي على الهامش منذ الاستقلال، وازدهار موجة التأليف “التربوي” [الموازي للمقررات الرسمية] الموجه للتلاميذ في مختلف المستويات، والخاضع كليا لآليات السوق، لقد بدأت منذئذ استراتيجية خلق الطلب على التعليم الخصوصي الذي كان موقعه هامشيا في خريطة التعليم بالمغرب، إذا ما استثنينا الدور المركزي الذي تلعبه مدارس البعثة الفرنسية في ضمان إعادة إنتاج تفوق الطبقات السائدة تعليميا. كما أضحى مطلوبا أن يتدخل أرباب العمل في تحديد توجهات التعليم والتكوين، خاصة وأن الدولة بِرُمَّتِها ذاهبة نحو برنامج خصخصة كبيرة للمؤسسات والقطاعات العمومية.

جدول رقم 12

تطور أعداد التلاميذ بالتعليم العمومي بين 1985 و1990 [15]

السنواتالابتدائيالثانوي
85-8622029371113074
86-8721494271202077
87-8821025561279467
88-8920515151290750
89-902085105 

لا تخفي هذه الارقام أن تعميم التعليم (الابتدائي) لا يزال بعد أكثر من ثلاثين سنة على الاستقلال بعيد المنال، كما لازالت نسبة الأمية تحاكم السياسات التعليمة والتنموية المتبعة.


[1] أنظر : نجيب أقصبي في

Financement des systèmes de l’éducation et de formation : débat sur la réforme/ actes de la table ronde organisée en collaboration avec le G.E.R.R.H les 8 et 9 mars 1996 . page 24

[2] هو اتفاق بين صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بدعم من الخزانة الامريكية يقضي بتوحيد “الشروط” المطلوب توفيرها من الدول التي تسعى وراء قروض، وهي شروط عشرة يمكن تلخيصها كالتالي :

  • من الضروري – في كل بلد مدين – البدء في إصلاح المالية العامة وفق معيارين: تخفيض العبء الضريبي على الدخول الأكثر ارتفاعاً ، لحفز الأغنياء على القيام باستثمار إنتاجي ، وتوسيع القاعدة الضريبية ، وبوضوح ، منع الإعفاءات الضريبية للأفقر ، من أجل زيادة مقدار الضريبة. 
  • أسرع وأكمل تحرير ممكن للأسواق المالية . 
  • ضمان المساواة في المعاملة بين الاستثمارات الوطنية والاستثمارات الأجنبية من أجل زيادة مقدار – وبالتالي ضمان – هذه الأخيرة . 
  • تصفية القطاع العام قدر الإمكان ، خصخصة المنشآت التي تملكها الدولة أو هيئة شبيهة بالدولة .
  • أقصي حد من إلغاء الضوابط في اقتصاد البلد ، لأجل ضمان الفعل الحر للمنافسة بين مختلف القوي الاقتصادية الموجودة .
  • تعزيز حماية الملكية الخاصة . 
  • تشجيع تحرير المبادلات بأسرع الوسائل الممكنة ، بهدف تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 10 في المائة كل سنة. 
  • لما كانت التجارة الحرة تتقدم بواسطة الصادرات فينبغي في المقام الأول تشجيع تنمية تلك القطاعات الاقتصادية القادرة على تصدير منتجاتها . 
  • الحد من عجز الميزانية. 
  • خلق شفافية الأسواق : فينبغي أن تمنع معونات الدولة للعاملين الخاصين في كل مكان ، وعلى دول العالم الثالث التي تقدم دعماً من أجل إبقاء أسعار الأغذية الجارية منخفضة أن تتخلي عن هذه السياسة ، أما عن مصروفات الدولة فينبغي أن تكون لتلك المخصصة لتعزيز البني الأساسية ذات الأولوية على غيرها.(

[3]  إيريك توسان، طغيان البنك العالمي : الأجندة الخفية لإجماع واشنطن. النسخة المعربة. إصدار لأطاك المغرب – فبراير 2019. الصفحة 311.

[4]  Mohammed Radi “L’impact de l’ajustement structurel sur le developpement du secteur éducatif”/ ANNALES MAROCAINES D’ECONOMIE/BILAN Décennal du programme d’ajustement structurel et perspectives de l’économie marocaine. Actes du colloque international de l’A.E.M des 1,2,3 Octobre 1993. Page 288 , 289,290 , 291,292,293.

[5] أعد هذا القانون على عجل ليجيب على أزمة المالية العمومية التي فرضها عدم قدرة البلد على سداد خدمة الدين، وجرى طرحه مباشرة من قبل الملك بصفته أميرا للمؤمنين بموجب الفصل 19 من الدستور، ولم يجر عرضه على البرلمان كما تقتضيه مواد الدستور نفسه باعتبار أن صفة أمير المؤمنين تعفي من كل نقاش.

[6] Brahim Chedati”Lefinancement interne de l’enseignement public marocain et le recouvrement des couts”/financement des systemes d’éducation et formation: débat sur la reforme/ actes de la table ronde organisée en collaboration avec le G.E.R.R.H les 8 et 9 mars 1996 . page 125

[7] Mohammed Radi “L’impact de l’ajustement structurel sur le developpement du secteur édecatif”/ ANNALES MAROCAINES D’ECONOMIE/BILAN Décennal du programme d’ajustement structurel et perspectives de l’économie marocaine. Actes du colloque international de l’A.E.M des 1,2,3 Octobre 1993.. Page 290

[8] محمد الدريج في ” الكفايات في التعليم من اجل التأسيس العلمي للمنهاج المندمج” منشورات سلسلة المعرفة للجميع، اكتوبر 2003، صفحة 265

[9] أنظر فتح الله ولعلو في:

ANNALES MAROCAINES D’ECONOMIE/BILAN Décennal du programme d’ajustement structurel et perspectives de l’économie marocaine. Actes du colloque international de l’A.E.M des 1,2,3 Octobre 1993. Page 210

[10] Driss Djerrari. Réforme du système éducatif et réforme du financement de l’éducation/ dans “Panorama économique du Maroc 1969/1985”. Les éditions maghrébines. page 87

[11] Driss Djerrari et Bachir Kouhlani, Politique d’ajustement scolaire et réforme du système éducatif au Maroc/ dans “Panorama économique du Maroc 1969/1985”. Les éditions maghrébines. page 300

[12] Driss Djerrari et Bachir Kouhlani, Politique d’ajustement scolaire et réforme du système éducatif au Maroc/ dans “Panorama économique du Maroc 1969/1985”. Les éditions maghrébines. page: 301

[13] Driss Djerrari et Bachir Kouhlani, Politique d’ajustement scolaire et réforme du système éducatif au Maroc/ dans “Panorama économique du Maroc 1969/1985”. Les éditions maghrébines. page: 298

 [14] أورده المهدي لحلو في:

De la généralisation de l’enseignement et des propositions pour y parvenir/ Financement des systèmes de l’éducation et de formation : débat sur la réforme/ actes de la table ronde organisée en collaboration avec le G.E.R.R.H les 8 et 9 mars 1996. page141

[15] المعطيات مستخرجة من النشرات الإحصائية السنوية التي تصدر عن الجهة المكلفة بالإحصاء (وزارة التخطيط – مديريات – مندوبية سامية) والتي جرى تجميعها بالموقع الالكتروني للمندوبية السامية للتخطيط

https://www.hcp.ma/Bookcases-des-annuaires-statistiques-du-HCP_a2071.html
زر الذهاب إلى الأعلى