النضالات في المغربمتابعة النضالات

الحرك الشعبي بالريف : حلقة في سيرورة النضال الشعبي من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية

الحرك الشعبي بالريف : حلقة في سيرورة النضال الشعبي  من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية

يستمر الحراك الشعبي في الريف منذ ليلة طحن الشاب محسن فكري المدافع عن لقمة عيشه، إذ أن مقتل الشهيد على يد السلطات المحلية بالحسيمة أشعلت نيران الغضب الدفينة للساكنة التي ضاقت من مرارة سياسات الإقصاء والتهميش الممنهجة للمنطقة.

 إن الريف كمنطقة بحمولة تاريخية دالة على المساهمة المتميزة في النضال التحرري، وخاضت معارك بطولية قدمت فيها تضحيات وازنة لطرد المستعمر بداية، ولمجابهة سياسات التفقير المتبعة من طرف الدولة المغربية اتجاه بنات وأبناء  امحمد  بن عبدالكريم الخطابي.

سلسلة الريف الجبلية بلهيب الاحتجاجات السلمية والمتنوعة :

أيقظ انتشار شريط الفيديو عبر الانترنت، الموثق لدفاع محسن فكري على بضاعته(السمك) بمحاولته للقفز لاسترجاعها من شاحنة النفايات التي ألقيت بها بتزكية من السلطات المحلية بالحسيمة، المارد الشعبي الرافض لكافة أشكال الحكرة والطغيان بمناطق الريف والنواحي.

بحيث ابتدأت الاحتجاجات المطالبة بمحاسبة قتلة الشهيد بالحسيمة لتنتشر فيما بعد  في باقي المدن والمناطق المشكلة لمنطقة للريف(تماسينت، ايث عبد الله، إمزورن، ايث بوعياش، ايث حذيفة،الرواضي، اتروكوت/ميضار/الناظور/تارجيست…)

فالمطالب التي كان أساسها الكشف عن القتلة ومحاسبتهم تطورت وتعددت، مكونة في مجموعها ملفا مطلبيا غايته رفع الحصار والعسكرة على المنطقة وتنميتها ببنيات تحتية تهم كافة القطاعات والخدمات العمومية من مستشفيات بمعدات وأجهزة طبية ومدارس ومعاهد لتوفير مقاعد وتكوينات متنوعة لأطفال وشبيبة الريف بالإضافة إلى توفير فرص الشغل والحفاظ على البيئة.

الوسائط الافتراضية الاجتماعية منبر لتسطير المطالب والتعبئة للأشكال النضالية:

إن الملف المطلبي تمت صياغة أرضيته من طرف لجنة الإعلام والتواصل للحراك الشعبي بإقليم الحسيمة.  وعممت نقاشه عبر الوسائط الاجتماعية(الفايسبوك/الواتصب..) التي لعبت دورا مهما في إغنائه بطريقة تشاركية وإتاحته للجميع للمساهمة فيه.

عرفت المناطق الريفية مجموعة من الوقفات والمسيرات الاحتجاجية المنادية  بضرورة  توفير شروط العيش الكريم : فتارة تكون أنشطة محلية للمناطق والمدن وتارة أخرى تكون مسيرات مشتركة يتم التنسيق و الترويج لها عبر  المنابر الالكترونية .

إن لجنة الاعلام والتواصل ليست الوحيدة التي تسهر على تنفيذ البرامج النضالية بل هناك لجن محلية للحراك تتوزع في المناطق وتحفز لعقد جموعات عامة تعبر عن أشكال ذاتية فيها يتم النقاش وتسطير المواعيد النضالية المقبلة.

النساء في الحراك بالريف: مقوم بارز لتجذره وشعارات من أجل المساواة وضد التمييز

رغم الحضور الوازن والقيادة الذكورية للحراك بالريف إلا أنه بتاريخ 8 مارس 2017 لبت الاف النسوة النداء التي دعت إليه العشرات من مناضلات الحراك الشعبي هناك عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي والدعوة المباشرة.

تميز النداء الذي أطلقته الناشطات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بنشره بلغات مختلفة (الامازيغية  والعربية والاسبانية والفرنسية) وفيه دعوة لنساء المنطقة للتظاهر في الشارع  بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ، وتصدرت المسيرة النسائية لافتة مركزية مكتوب فيها : لا للتمييز بين الجنسين ورفعت شعارات مطالبة بالمساواة علاوة على باقي المطالب المرفوعة في الريف. ومساهمة الرجال في هذه التظاهرة النسائية التاريخية  انحصرت في تشكيل سلاسل بشرية في الشوارع التي مرت منها المسيرة للمساهمة في التنظيم وتفادي الاحتكاك مع القوات الأمنية.

الريف منطقة معسكرة بقانون صريح :

نهجت الدولة المغربية منذ بدايات الحراك الشعبي في المنطقة أسلوب القمع والترهيب بالتدخل المباشر في المسيرات الشعبية واعتقال المناضلين والتنكيل بهم . فصور المناطق بالريف تكاد توصف بأنها ثكنات عسكرية نتيجة  للعدد الكبير لسيارات قوات القمع الموجودة بها.

الأمر ليس بالغريب فمنذ إصدار ظهير رقم 1.58.381 الصادر بتاريخ 24 نونبر 1958 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 2405 صفحة 2866 بتاريخ 29 نونبر 1958 باعتبار الحسيمة منطقة عسكرية والمنطقة تعرف حصارا عسكريا رهيبا يمنع معها أي تحرك أو نضال.

هذا العتاد العسكري المفروض على الريف بموجب القانون كان ردا على انتفاضته لسنوات 1958/1959 فالريف في هذا التاريخ عرف حراكا اجتماعيا وسياسيا مطالبا بالكرامة والعيش الكريم الأمر التي ردت عليه الدولة بالحصار والعسكرة .

إن هذا القانون الذي يشرع حظر التجوال في كامل تراب الإقليم، واقتحام البيوت بدون إذن قضائي، وتفتيشها، واعتقال من بها احتياطيا، والإشراف العسكري على محاضر الاستماع، وفي حالة المحاكمة يتم الإشراف تحت الهيئات القضائية العسكرية وغيرها من الإجراءات التي تفرض على المناطق ذات الحظر العسكري.

إن حجم الفظاعات التي لحقت بالمنتفضين في تاريخ مقاومة الريف جد كبيرة تفننت فيها الدولة بأشكال و تلاوين من التعذيب وما أساليبها اليوم  في تشويه سمعة المناضلين/ات وقمعهم-ن إلا استمرار لنهجها التصفوي لأي حراك شعبي في المنطقة.

السيادة الشعبية والوطنية أساس تلبية مطالب الحراك بالريف :

إن ما يطرحه الشارع الريفي اليوم من مطالب اجتماعية واقتصادية وبيئية عمقها الأساسي سياسي : فتوفير البنيات التحتية وتعميم الخدمات العمومية واجب على الدولة توفيره للمواطنات والمواطنين.

لكنه مع  السياسات النيوليبرالية التي تطبقها الدولة المغربية تنفيذا لإملاءات مراكز القرار الأجنبية من مؤسسات مالية وتجارية دولية ، يتم الاستحواذ على خيرات المناطق باستيلاء الشركات المتعددة الجنسيات على الثروات والموارد الطبيعية. في المقابل تتحمل الفئات الشعبية تكاليف تركز وتراكم أموال الرأسماليين من خلال تخفيض نفقات القطاعات الاجتماعية والخدمات العمومية وضرب القدرة الشرائية بارتفاعات صاروخية للأسعار معها تزداد دائرة التفقير وتعميق البطالة.

إن السياسات التقشفية المتبعة من لدن رعاة الرأسمالية هي السبب وراء تهميش منطقة الريف كسائر المناطق الأخرى التي تعرف خصاصا مهولا في كافة المرافق العمومية، مما يجعل توفر شروط العيش الكريم مستحيلا .

إن حملات التخوين للحراك الشعبي بالريف التي تقودها أحزاب الأغلبية في حكومة الواجهة وجب معها إطلاق حملات تضامنية وتعريفية بالمطالب المشروعة التي يناضل من أجلها الساكنة هناك . فواجبنا هو توسيع رقعة نضالات الريف وربطها بنضالات الشعب المغربي الراغب في غد الكرامة والمساواة الفعلية .

الحراك في الريف درس في التنظيم الذاتي والشعبي يحتم على باقي المناطق الاهتداء به والمشي على خطاه من أجل بناء جبهات شعبية بتنسيقات وطنية مدافعة على حلول جذرية أساسها العدالة الاجتماعية ورفع كافة أشكال الإقصاء والتهميش بداية تحقيقها هو القطع مع طاحونتي الديون واتفاقيات التبادل الحر اللتان بهما يتم عصر الشعب المغربي.

خديجة معراس متضامنة من أطاك المغرب

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى