النضالات في المغربمتابعة النضالات

كذلك في المغرب الشعب يريد

كذلك في المغرب الشعب يريد

هزت مظاهرات يوم الأحد 30 أكتوبر، عدد من المدن المغربية تنديدا بالجريمة الشنيعة لمقتل بائع السمك محسن فكري مطحونا في شاحنة لنقل النفايات. سخط كبير على احتقار بالغ وهدر لا مثيل له للكرامة الإنسانية عنوانه العريض: “طحن مو”.

خرجت حشود بشرية غاضبة في عدة مدن تصدح ملئ الحناجر أن الشعب المغربي يرفض أن يعامل كالعبيد من قبل حكم استبدادي متغول. جرى تنظيم الوقفات والمسيرات واقتحم آلاف المواطنين الشارع والساحات في جو ذكرنا بما كان عليه البلد أيام حركة 20 فبراير سنة 2011.

سياق الاحتجاج

جرت الجريمة النكراء في سياق حرب طبقية طاحنة يومية يدفع ثمنها فقراء البلد من عمال وجماهير شعبية كادحة. عمال مغرب ستيل مشردون مند أشهر، ونفس المصير لقيه عمال وعاملات شركة المصبرات ضحى، وعمال شركة لاسامير، ومئات المعارك العمالية في شمال المغرب وجنوبه وشرقه وغربه.

وجرى أيضا التنكيل بطبقات شعبية محرومة وتم هدم البيوت التي تأويها على رأس قاطنيها، وانطلق الموسم الدراسي في أسوء الحالات منذ تطبيق الإصلاحات الليبرالية: اكتظاظ ونقص الأطر، وبنية تحتية مهترئة، وتواصل هدر كرامة المواطنين في مستشفيات رديئة، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صورها البشعة وتناسلت فضائح طغيان الشرطة والدرك (قضية مي فتيحة، وقضية قائد الدروة)، وفضائح أعلى هرم السلطة: خدام الدولة والاستحواذ على الأراضي… إنها صورة سوداء لواقعنا اليومي، ولا مفر من النضال لتغييرها.

 لم تكن جريمة النظام النكراء في حق محسن سوى النقطة البارزة من جبل المعاناة اليومية لمن هم في أسفل الهرم الاجتماعي، المنبوذين، والمهمشين، والمقصيين، والمصادرة أبسط حقوقهم… سخط الشعب عميق وكبير، يتفجر عند كل شرارة، لكنه محروم من وسائل الفعالية اللازمة للقضاء على جذور الفساد والاستبداد والاضطهاد. إن دور قوى النضال الفعلية المتواضعة الموجودة هو الاضطلاع بمهام التوعية الشعبية من أجل الفهم والفعل النضالي الواعي والمنظم لاجتثاث الظلم والمهانة وإقامة مجتمع الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.

ماذا يريد الشعب؟

كل شيء في البلد يدل على اشتغال دائم لطاحونة الاستغلال ودكاكة الاستبداد. الرعاية الصحية مكلفة ورديئة، والتعليم ترف، والشغل مفقود، والسكن لا يليق بالبشر، والبنيات التحتية الاجتماعية إما معدومة أو مهترئة… والفقر منتشر (خمس المغاربة فقراء أو على مشارف الفقر) …

أحس المتضامنون مع محسن فكري بأن الإذلال الذي طاله يمسهم بشكل يومي في المجتمع البرجوازي، فالشرطة في خدمة الحكام تتدخل لصد نضالاتهم وقمعها وتمنعهم من الاحتجاج لإسماع صوتهم الصادح من أجل مطالب خبزية بسيطة، فما جرى لمحسن هو عينه ما يطال آلاف من البسطاء الكادحين في المغرب في كل مناحي الحياة، أي طاحونة نظام القهر والاستغلال التي لا تتوقف عن طحن النساء الفقيرات في المقاهي الفخمة والفنادق المصنفة وتسحق العمال في مصانع كبار رجال الأعمال…إنها آلة رأسمالية تطحن بالساعات والأيام فقراء المغرب وكادحيه.

شعبنا نثر عنه الخوف بعد عقود من الظلم والاستبداد، عقود ظلت موشومة في ذاكرته، بعد أن سحقت المظاهرات والانتفاضات في حمامات من الدم (65،81…).

 يريد الشعب أن ينعم بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية، أي أن يجد التلميذ مقعدا في المدرسة والمريض سريرا في المستشفى…وأن يكون هو ذاته رقيبا على كل أجهزة الدولة، شرطة ودرك ومجالس جماعية وكل ما له طابع عمومي.

ليس من اليسير أن تتأتى كل تلك المطالب بمجرد الخروج في مظاهرات واعتصامات.

ما العمل؟

أصل البلاء هو ما يرزح تحته المغرب من استعمار جديد أي النيوليبرالية. إن المصائب المتعاظمة في البلد هي نتاج خيارات اقتصادية وسياسية صار على نهجها المغرب بإملاءات من صندوق النقد والبنك العالميين والتي تقضي بتخلي الدولة عن دعم الخدمات العمومية والزج بها إلى عالم المفترسين في القطاع الخاص.

لقد تم تفويت كل شيء تقريبا والحبل على الجرار…لقد صودر سلاح العمال بترسانة قانونية تجرم الإضراب وتجري حاليا رسملة أنظمة التقاعد بعد نهبها…وغيرها من التعديات كثير.

المهانة والاحتقار أسلوب حكم يرى البشر مجرد عبيد. حكم يستخدم البطش لإبقاء المستغلين (بفتح الغين) والمضطهدين (بفتح الهاء) خاضعين. وبالنظر لعنف التعديات الجارية من طرف نظام الاستبداد والاستغلال فإنه يستعمل أبشع وسائل الإذلال والحط من كرامة الإنسان.

إننا في جمعية أطاك نناهض كل أشكال الحط من كرامة الإنسان، ونناضل من أجل مغرب آخر ممكن وضروري ينعم فيه البشر بالكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية والحرية. إننا نعمل بجهد من أجل أن يعي شعبنا الكادح أصل مصائبه: رأسمالية تابعة ومتخلفة، وبلد تابع رهن حكامه سيادته للمؤسسات الامبريالية العالمية من خلال الديون واتفاقات التبادل الحر، وخوصصة كل شيء، وإطلاق العنان لرأسمال جشع أجنبي ومحلي يستنزف مقدرات البلد، ويحكم على أبناء شعبنا بالبطالة الجماهيرية والبؤس… والانتحار، وحتى الموت طحنا…

إننا ندعو إلى النضال من أجل غذ أفضل، نضال بلا كلل ولا ملل…

علي عضو أطاك المغرب

 

زر الذهاب إلى الأعلى