المخططات الليبرالية

نعم لتدابير احترازية شاملة تنقد حياة شعبنا من وباء كورونا

أطلقت الدولة عبر عدة منابر وعن طريق مواقع التواصل الاجتماعي حملة إعلامية مؤطرة بشعار وقائي محض من الوباء العالمي كورونا المستجد.

تدعو الحملة المغاربة للمكوث في المنازل كإجراء احترازي، وتسعى الدولة إلى جعل المواطنين ينفذون هذه التدابير بعدما اعتمدت على خطاب التطمين في البداية.

يعد إعداد الناس لمواجهة الوباء أمر محمود بل وضروري من باب الاحتياط والتحسيس بأهمية الوقاية، لكن وجب التساؤل: ماذا أعدت الدولة من وسائل وإمكانات لتجسيد البقاء في المنازل (الحجر الصحي)؟  وهنا يطرح السؤال الجوهري ما مصير ملايين الناس المعتمدين على شغل هش لتأمين عيشهم اليومي، إذا ما توقفوا عن العمل؟

أسئلة شائكة لم يجب عنها أصحاب القرار، لأنهم لم يستحضروا إكراهات فئات شعبية عريضة تكدح يوميا للحصول على قوتها اليومي، ويفرض عليها العمل لتتمكن من شراء حاجياتها الغذائية الأساسية وأداء تكاليف الكراء وفواتير الماء والكهرباء إن من يستطيع اليوم الامتثال لتدابير الوقاية من الجائحة هم من تمكنهم شروطهم الاجتماعية والاقتصادية من ذلك، أما من تدهورت شروط عيشهم بفعل سياسات التفقير والتقشف ولعقود فسيواجهون الوباء وهم عزل، ويقع على عاتق الدولة أن تتدخل لحماية هؤلاء من شر الجائحة بتحمل نفقات عيشهم وتطبيبهم..

يظل السؤال الذي يِؤرق من يتحملون العواقب المباشرة للتدابير الاحترازية هو هل أعدت الدولة اللازم لتوفير الخدمات الأساسية حتى يلزم الناس بيوتهم؟ وهل وضعت في برامجها ما يكفل تعويض المياومين، الذين سيحرمون من مداخيلهم إن مكتوا في بيوتهم؟ طبعا الإجابة الوحيدة التي قدمتها الدولة تخص فرض الحجر الصحي وإعلان حالة الطوارئ الصحية، وبالرغم من ضرورة هذه التدابير تظل غير كافية، ينبغي  العمل بإجراءات موازية  تتمثل أساسا في  التعويض عن فقدان الشغل، وتخفيض ساعات العمل لتقليص أعداد العاملين في الأنشطة الانتاجية الضرورية، وتمتيع عمال وعاملات القطاعات التي قد تكون بؤر لانتشار الفيروس بعطل استثنائية مع ضمان الأجر، والتحكم في سوق الأسعار لتفادي المضاربات في ثمن مواد الاستهلاك الأساسية ومعاقبة المضاربين، ، إن تهرب الدولة من مسؤوليتها إزاء هذا الوضع سيعصف بتدابيرها الاحترازية وسيكلف ذلك الشعب المغربي حياته لا محالة. وتعمل الدولة على إقرار تدابير أكثر فعالية للحفاظ على مصالح من يمتلكون الثروة بدلا من حماية حياة اللذين ينتجونها، لذلك أعدت سلسة كبيرة من الإجراءات التي ترمي إنقاذ مالكي الرساميل.

إننا في خضم معركة يجب علينا توفير الأدوات من أجل خوضها والانتصار فيها، والانتصار الذي ننشده لا يأتي الا بالعمل اليومي الدؤوب، الذي يصب في اتجاه من هم في الأسفل وتوعيتهم بضرورة النضال وفرض على من كدسوا الثروات تحمل عبء الأزمات والأوبئة، إن أرباحهم تحققت على حساب الأنسان والطبيعة  وفتحت لهم الدولة خدمات  التعليم والصحة للاستثمار الجشع، ودمرت الفلاحة المعاشية لصالح  قطاع فلاحي تصديري فاقم تبعية بلدنا غذائيا، إن هكذا وضع مرجح للأسوأ أمام التهديد الذي يمثله خطر انتشار الجائحة .

انها معركة تثقيف شعبي وتحتاج انتاج أفكار بديلة وليس فرض الترقيعات. بل إن الواجب علينا هو توعية المواطنين المغلوبين على أمرهم ببدائل ممكنة وضرورية، في انتظار استيقاظهم من هول الصدمة التي سببها تغير خطاب الدولة بشكل فجائي إزاء خطر تفشي كورونا.

تحاول الدولة جاهدة التملص من مسؤوليتها تجاه المواطنين في توفير خدمات صحية وتفعيل إجراءات حقيقة تساعد على مواجهة الوضع من قبيل تأميم المصحات الخاصة، فتح حضانات جماعية للعمال-ات بالقطاع الخاص الذين لم تشملهم إجراءات الدولة بخصوص الوقاية والمكوث بالبيت: عطلة مدفوعة الأجر، توفير مجاني لمواد التعقيم وأدوات الحماية في القطاعات الإنتاجية، التعويض عن البطالة لحرفيي المهن الموسمية (الصباغة، النجارة…) الذين دعتهم الدولة أن يلزموا بيوتهم. وبدلا من إيجاد حلول لتبعات خطر الوباء تبحث الدولة عن شماعة لتعليق تملصها، وكان الاستهتار في بداية تسرب الوباء للبلد إحدى هاته الشماعات. ويجري نشر فيديوهات لمواطنين دون كمامات ولشوارع مكتظة وأسواق لا تراعي معايير السلامة، إلا أن هذا الأسلوب يلقي المسؤولية على المواطنين لوحدهم ويعفي الدولة من واجبها.

إن عدم استيعاب المواطنين لخطر فيروس كورونا وتدني “مستوى وعيهم” نتيجة وسببه نهج سياسات تعليمية فاشلة ونهج سياسة إعلامية ترسخ ثقافة الاستهلاك وتقبر ملكة النقد

إن نضالنا ينبع من هموم أقسام الشعب المغربي المفقرة، ويجب أن نعمل وإياهم عن إيجاد أشكال التضامن والنضال ضد جائحة الكورونا وكل الكوارث التي تفتك بحياة شعبنا جراء نهج سياسات لم يقررها، لذا علينا ان نكثف عملنا التثقيفي  لفرض تبني قرارات شمولية تخدم فقراء البلاد .

إبراهيم الحاتمي

اطاك المغرب مجموعة طنجة

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى