النساء

لا سبيل لتحسين أوضاع النساء و صون كرامتهن إلا بالنضال ضد شروط اضطهادهن و استغلالهن

تعاني نساء المغرب كباقي نساء العالم يوميا من ويلات السيطرة الذكورية التي تسلب كرامتهن. و تتضافر هذه السيطرة مع مختلف تجليات تخلف البلد على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و تبعيته العمياء للمؤسسات المالية العالمية لتزيد من معاناتهن و فقرهن. و يعد انتشار العنف ضد النساء على نطاق واسع أحد أفظع تجليات هذا الاضطهاد.

 

تتعرض ستة ملايين إمرة كل سنة بالمغرب لأحد أشكال العنف من بين اللواتي تفوق أعمارهم 18 سنة. ترتكب أكثر من نصف عدد هذه الحالات في إطار الحياة الزوجية. و لذلك تظل مؤسسة الزواج المكان الذي يشكل أكبر تهديد لحياة النساء و يكرس اضطهاد النساء في أبشع صوره. كل سنة تكون حياة مليون و 700 ألف امرأة مغربية عرضة لخطر الموت بسبب العنف الجسدي المسلط عليهن من طرف الذكور في المنزل و الشارع و المدرسة و أماكن العمل. و يبلغ العنف الجسدي مداه باستعمال آلة حادة أو حرق أو غيرها من وسائل الهمجية، حيث يحصد ضحايا كثر يبلغن سنويا 177 ألف امرأة (دون ذكر اللواتي تقل سنهن عن 18 سنة). و مقابل ذلك يظل أغلب مرتكبي هذه الاعتداءات منفلتون من أي عقاب في ظل غياب قانون لحماية النساء من العنف و صون كرامتهن.

 

ليس العنف المسلط على رقاب النساء من تحرش جنسي و اعتداء جسدي و عنف معنوي وغيره، إذن، غير أحد أوجه الاضطهاد اليومي الذي تعاني منه نساء المغرب بسبب استمرار سيطرة الثقافة الذكورية. و تتأسس هذه الأخيرة على فرض سيطرة الذكور على حساب الإناث، وهذا ما يفسر إلى حد بعيد مختلف أشكال التمييز الممارس في حق النساء في مختلف مناحي حياتهن، سواء على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي. إن أسس اضطهاد النساء ترعاه البنيات البالية للمجتمع التي تعيد إنتاجه عن طريق المؤسسات القائمة و في مقدمتها المؤسسات السياسية القائمة و الأسرة و النظام التعليمي و التشريعات.

 

لا تقف معاناة نساء المغرب عند حدود عواقب سيطرة الثقافة الذكورية الذي ذكرنا أهم تجلياتها أعلاه، و إنما تتضاعف جراء التمييز الذي يطال حقوقهن الأولية في التعليم و الصحة و الشغل.  . لا تزال النساء هن من يتحملن كل أعباء العمل المنزلي ويزداد الطابع المجاني لعملهن في ظل تراجع الدولة المهول عن توفير الحد الأدنى من الخدمات: الاعتناء بالأطفال و الشيوخ وجلب الماء، خاصة في المناطق القروية التي تعرف أكبر معدلات فقر النساء. وتزداد وثيرة الهجوم على حياة النساء بتهشيش  وضعهن الاقتصادي و الاجتماعي، بحيث يشتغلن في القطاعات الأكثر هشاشة و هن الأكثر عرضة للطرد في غياب أبسط  شروط الحماية الاجتماعية، فضلا عن ارتفاع تشغيل عشرات آلاف الفتيات القاصرات في البيوت في ظروف صعبة تفتقد للحماية القانونية اللازمة.

وتظل النساء أكبر المتضررين من الهجوم النيوليبرالي على قطاعي الصحة و التعليم. يسجل التعليم المغربي بالمقارنة مع البلدان المغاربية المجاورة أكبر نسب الانقطاع و الهدر المدرسي، و بخاصة في صفوف الفتيات بالقرى التي ترتفع فيها اللامساواة بين الجنسين في التعليم. أما نسبة الأمية في صفوف النساء البالغات 15 سنة فما فوق فتبلغ مستويات بالغة الارتفاع، إذ تناهز نصف عددهن. أما بقطاع الصحة، فليس وضعهن بأفضل حال. فلا تزال وفيات الأمهات بسبب الحمل و الولادة مرتفعة جدا، إذ تناهز 112 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية، وتصل في القرى التي تفتقد إلى التجهيزات الصحية الأساسية إلى  148 لكل مئة ألف.

لا زال المغرب يحتل مراتب جد متأخرة على المستوى العالمي في مؤشر اللامساواة المرتبطة بالنوع، فهو يأتي في المرتبة 130 من أصل 187 و الرتبة 129 من بين 134 دولة فيما يتعلق بالمؤشر العالمي للفروق بين الجنسين.(تقرير المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي 2012). تدل هذه المراتب المتأخرة أن المساواة بين الجنسين تبقى بعيدة المنال، بالرغم من كل الشعارات الرائجة.

هذه الأوضاع هي ما جعلت النساء يتقدمن النضالات الشعبية المطالبة بالعدالة الاجتماعية ونيل حقوقهن الأولية : حركة النساء ضحايا القروض الصغرى ، نضالات الشليحات ، إيميضر، نضالات  الأراضي السلالية،  نساء بن صميم ضد خوصصة الماء، نساء بن ملال ،نساء زاكورة ،سيدي افني بوعرفة و طاطا من أجل الحق في العلاجات الصحية الضرورية .

يجسد تصدر النساء لهذه النضالات ضد الفقر و التهميش نضالا فعليا ضد شروط اضطهادهن و تفقيرهن و التي تكمن جذورها في: سيطرة الموروث الثقافي الذكوري، ثم سيطرة نظام اجتماعي يوزع الثروات لصالح أقلية غنية على حساب أغلبية فقيرة. ويتفاقم هذا التوزيع غير العادل للثروات بتطبيق السياسات النيوليبرالية.

لن تتجاوز النساء وضع الفقر و البطالة و التهميش إلا برفض بدائل الدولة الرسمية(التمويل الأصغر، المبادرة الخاصة…إلخ)، و الانخراط في النضال ضد السياسات النيوليبرالية التي تعمق إلى جانب الثقافة الذكورية اضطهادهن واستغلالهن. 

 

إننا في جمعية  أطاك المغرب نرى أن السبيل نحو تحسين أوضاع النساء وصون كرامتهن مرتبط بالشروط التالية:

–         النضال ضد توجيه موارد الميزانية العمومية لتسديد خدمة الدين.

–         النضال ضد السياسات النيوليبرالية المطبقة، و بالأخص خوصصة الخدمات الاجتماعية، ومواجهة اتفاقات التبادل الحر التي تعصف بفرص الشغل المتاحة للنساء وتزيد من تهشيشها.

–         النضال ضد التشريعات التي لازالت تكرس التمييز ضد النساء.

كما نؤكد في جمعية أطاك المغرب عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث على ما يلي:

–         استمرارنا في دعم نضالات النساء ضحايا القروض الصغرى بورزازات.

–         تضامننا مع النساء اللواتي يناضلن من أجل حقهن في الأرض وفي السكن في مختلف مناطق المغرب.

–         تضامننا مع النساء العاملات في نضالهن  اليومي من أجل الحرية النقابية و ضد الاستغلال الفاحش لأرباب العمل.

–         تضامنا مع وفاء شرف و إدانتنا للحكم الجائر الصادر في حقها.

–         تضامننا مع الدكتور الشرايبي الذي أقيل من مهامه بسبب مواقفه الجريئة حول الإجهاض.

–          التفافنا حول المسيرة العالمية للنساء وعزمنا ننسج المزيد من الروابط و التنسيق من اجل تجسيد نضال نسائي أممي، كما نعلن انخراطنا في التحرك العالمي الرابع للمسيرة تحت شعار “سنواصل المسير ما لم تتحرر كل النساء”

السكرتارية الوطنية

زر الذهاب إلى الأعلى