متابعة النضالات

أوضاع النساء في قطاع البريد بالمغرب

تعيش النساء في المجتمع الذكوري/ البطريركي، أوضاع استغلال وحكرة بالغة السوء، لتجاوز هذا الوضع تقاوم النساء من أجل تحسين ظروف عيشهن، فانخرطن بقوة وحزم في النضالات الاجتماعية وفرضن مطالب ترمي إلى تحررهن، لن يتوقف نضالهن مادام الاستغلال الرأسمالي الذكوري يجثم على صدورهن ويقيدهن بأغلال قوانين السخرة.

لا تسلم المرأة من قيود الحكرة حتى وهي على قدر من “الاستقلال الاقتصادي” بحصولها على عمل، بل قد يكون هذا أحد أوجه الاستغلال مثل: اعباء العمل المنزلي غير المؤدى عنه و العناية بالاطفال و المرضى  والعجزة…الخ.

في الحوار التالي الذي اجرته لجنة الاعلام لجمعية أطاك المغرب، تحدثنا مع سيدة من أجيرات البريد، حول أوضاع النساء البريديات على ضوء الاضراب المفتوح عن العمل الذي تخوضه الشغيلة منذ يوم الاربعاء 6 يناير2020. وكشفت أجوبتها عن جوانب أخرى (إلى جانب الملف المطلبي للشغيلة) تدفع نساء البريد إلى النضال جنب إلى جنب مع أخيها البريدي بنفس الحرارة والروح النضالية.

إليكم نص الحوار:

أطاك – ما هي أوضاع أجيرات البريد في المغرب، نود أن تعطينا فكرة عامة عن ظروف اشتغالهن؟

جواب: تعرف الحركة النقابية بمجموعة بريد المغرب، محطات نضالية هامة من أجل ملف مطلبي وطني مشترك بين كل من المرأة البريدية وأخيها البريدي جملة وتفصيلا.

لكن هناك أوضاع نوعية خاصة تعيشها المرأة البريدية ، وأول نقطة تقض مضجعها هو توقيت العمل الصباحي الذي يبدأ في الثامنة صباحا، فمن ناحية تخرج المرأة البريدية من بيتها قبل طلوع الشمس في الظلام الدامس مما يسبب لها مشاكل تعرضها لأخطار للاعتداءات، وقد سجلت السنة الماضية عدة حوادث تعرض مستخدمات للاعتداء صباحا، هذا من جهة، من جهة أخرى عدم ملائمة هذا التوقيت للدوام الذي اعتمدته وزارة التربية الوطنية بعد إقرار الدولة المغربية ل Gmt +1 كتوقيت رسمي، فتجد البربدية نفسها في حيرة أين تترك أطفالها من الثامنة إلى الثامنة والنصف صباحا موعد فتح المؤسسات التعليمية.

ولا ننسى أن المرأة البريدية هي أيضا زوجة أو ابنة أو أم… ، لديها واجبات عائلية، فالظروف الصعبة للعمل والضغط وإعطائها أكثر من طاقتها يؤثر سلبا على حياتها الشخصية والاجتماعية من جهة،. وعلى اعتنائها بأطفالها أو والديها وتتبع حالتهم الصحية، فقد كانت تستفيد من رخصة استثنائية مدة 10 أيام مقسمة على أشهر السنة غير مقتطعة عكس الشواهد الطبية إذا مرض أحد الوالدين أو الأبناء، لكن تم حرمانها من هذه الاستفادة حيث صارت تحرمها من منحة الشهر الثالث.

أطاك: ماهي  ظروف العمل في قطاع البريد وأثرها على النساء خصوصا؟

جواب: أيضا تؤثر هشاشة الشغل وخصوصا بعض المرافق العمومية التي لازالت تفتقر إلى المعايير الصحية، أو أحيانا كراسي مهترئة، أو تواجد حشرات وفئران في بعض المواقع.

يوجد أيضا إشكال البريديات العاملات بمراكز الفرز والتوزيع ومراكز أمانة، وهو المجهودات البدنية الكبيرة رغم الحالات المرضية أو التعب الشديد.

أطاك: ما هو تقييمك للعمل النقابي وسط النساء البريديات ؟ ومدى التزامهن في المعارك النضالية للقطاع؟

جواب: من هنا أشد على أيادي النساء البريديات بحرارة، لأنهن مناضلات بالفطرة وتسري في شرايينهن دماء النضال والكرامة ، وأكدت المرأة البريدية ومن خلال حضورها بكثافة في جميع المحطات النضالية، وتحملها للمسؤوليات النقابية محليا وجهويا ووطنيا، وأيضا من خلال التأطير والتعبئة لجميع المحطات النضالية جنبا إلى جنب إخوانها في النضال بدون تهاون أو تعب، أنها حاضرة وبقوة في المشهد النقابي البريدي وتطبع بصمتها في التغيير  الوحدوي العادل والمشروع.

أطاك: كيف ترين مستقبل النساء البريديات في ظل ظروف العمل الراهنة؟

جواب: عودة إلى الظروف السالفة الذكر وخصوصا الشق النفسي والضغط الممارس على جميع المستخدمين من أجل تحقيق أهداف خيالية لا تمت بعلاقة لطبيعة السوق والمجتمع المغربي، أو للظروف الاجتماعية لشريحة عريضة من المواطنين، تجد المرأة نفسها ترزح تحت ضغط كبير، مما يجعلها تتخلى عن فكرة تقلد مناصب مديرة وكالة مثلا أو مستشارة زبناء مهما كان التعويض عن المهنة، لأنها تعرف أنها لن تتحمل كمية الضغط النفسي إضافة للمجهود اليومي إذ تقوم بعمل شخصين أو ثلاثة أشخاص، أو الاضطرار إلى التنقل لحضور اجتماعات جهوية على بعد مئات الكيلومترات أحيانا وبشكل دوري، لتتعرض لضغط وعنف نفسي آخر في لقاء أقرب إلى استجواب ومحاسبة مهينة منه إلى اجتماع تجاري، أما المناصب العليا فلا نعرف متى وكيف يتم اختيارها أو المعايير، وغالبا تسند لمتعاقدين من خارج القطاع .

أطاك: كلمة أخيرة ؟

جواب: ختاما، وفي ظل الحركة النقابية الوطنية الحالية ليس لنا كبريديات خيار سوى النضال من أجل الكرامة كنقطة أولى وأساسية، ومن أجل ملفنا المطلبي العادل والمشروع في شموليته، ومن أجل تحسين ظروفنا إيمانا منا بتفانينا وعملنا بضمير، وأننا نحن من يحمل أركان القطاع بسواعدنا، ومطالبنا مشروعة في عمل لائق كنساء، تكفلها الاتفاقيات والمواثيق الوطنية والدولية ، خصوصا أن منظمة العمل الدولية تقوم بحملة دولية للتوقيع على الاتفاقية 190 للقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، إضافة للمرجعيات الوطنية لحماية حقوق المرأة العاملة (الدستور، مدونة الشغل ، النظام الأساسي للوظيفة العمومية…) ، والمرجعيات الأممية العديدة في نفس الصدد.

زر الذهاب إلى الأعلى