متابعة النضالات

القصة الكاملة للإضراب المفتوح في قطاع البريد بالمغرب

أجرت لجنة الاعلام بجمعية أطاك المغرب، حوارا مع أحد أجراء البريد، الذين يخضون حاليا اضربا مفتوحا عن العمل، من أجل حقوقهم المشروعة. لفهم ما يجري في قطاع البريد نترككم مع نص الحوار التالي، الذي يوضح بجلاء أسباب هذه المعركة ومطالبها وآفاقها النضالية

أطاك: ماهي الاسباب التي دفعت اجراء قطاع البريد لإعلان الاضراب المفتوح عن العمل ؟

جواب: يعرف قطاع البريد ازدهارا كبيرا خلال السنوات الأخيرة بسبب انتعاش التجارة الإلكترونية في بلدنا و أيضا تطورا ملحوظا في خدماته البنكية، كانت هاته التحولات التي تعرفها المؤسسة وازدياد أرباحها تتم أساسا عبر تكثيف خطير لاستغلال البريديين/ات وتفكيك القطاع إلى قطبين أساسيين( القطب المالي وقطب الارساليات)، الموزعين بدورهما على عدد من الفروع الأصغر، وكذلك تفويض تدبير عدد من الخدمات المالية إلى شركات (بريد كاش) في مسعى لتسهيل تقديمه على طبق من ذهب للرأسمال المحلي و الأجنبي  (تأسيس شركة كرونو ديالي *) على حد سواء، بما عنى من فرض للهشاشة في الشغل وضرب العمل النقابي.

تسببت هاته الاستراتيجية في نقص هائل في التوظيف في القطاع مما انعكس ترديا في الخدمات المقدمة بسبب النقص المهول في العنصر البشري وإرهاقه بالمهام والمسؤوليات، وقد بات مشهد الازدحام الدائم داخل الوكالات مشهدا مألوفا وضغطا إضافيا على العاملين، الدين باتوا يعانون بين مطرقة الإدارة و ضغطها من أجل تحقيق الأهداف و سندان سخط المرتفقين، وغالبيتهم من الأوساط العمالية والشعبية، الذي يجدون أنفسهم ينتظرون لساعات طويلة أمام الوكالات من أجل قضاء أغراضهم.

 رافق هذا الزحف تعنت الإدارة في إخراج القانون الأساسي للمؤسسة إلى الوجود بعد سنوات طويلة من نقاشه مع النقابات، حيث وجدت الشغيلة نفسها تعمل بدون قانون و بغموض كبير حول مآلات الاستراتيجية القطاع، وهو غموض مقصود يستهدف جعل القطاع يخضع للقانون الوحيد الذي يعرفه رأسالمال: قانون الاستغلال.

 ترتب عن هذا الوضع سخط عارم وسط البريديات و البريديين مما أدى إلى تفجر معارك جهوية ابتدأت في فاس والدار البيضاء ومراكش… ليتم توحيدها في معركة وطنية بتنسيق من ثلاثة نقابات.

أطاك:  ماهي مطالب البريديين والبرديات ؟

جواب: أهم مطالب البريديات و البريديين :

تكمن في:

– سد الخصاص المهول الذي تعرفه جل الوكالات

– حق الشغيلة البريدية من  الاستفادة من الزيادة الحكومية الأخيرة على غرار باقي القطاعات

– تنزيل ما تم التوافق عليه في القانون الأساسي

– حماية الحق في العمل النقابي

  أطاك:  ماذا قدمت لكم الدولة خلال المفاوضات مع نقاباتكم قبل اعلان الاضراب ؟

جواب: كان من المفترض أن يعقد المجلس الإداري للمؤسسة برئاسة رئيس الحكومة يوم 15 دجنبر 2020،  لكن تم تأجيله إلى 15 يناير 2021 دون بيان الأسباب، فيما حاولت استدعاء كل نقابة على حدة و الانفراد بها بغية تفكيك التنسيق النقابي قوبلت بالرفض، حيث تم اشتراط حوار قطاعي يشمل كل التمثيلية النقابية بالقطاع.

وقد تم الجلوس إلى طاولة المفاوضات لكن هدف الإدارة كان فقط هو احتواء غضب البريديات-ين. وكل المقترحات المقدمة كانت فارغة.

 أطاك:  ماهي آفاق معركتكم ؟

جواب: خاضت الشغيلة البريدية إضرابا ليوم واحد يوم 13 نونبر 2020 دعى له التنسيق النقابي بين كدش وامش ومن طرف الفدش، و آخر يوم 26- 27 نونبر بدعوة من التنسيق الثنائي، وجاء الاضراب لثلاثة أيام 29-30-31 دجنبر 2020 معلنا توسيع التنسيق النقابي ليصبح ثلاثيا بين كدش وامش وفدش، الذي أعلن عن نية خوض إضراب مفتوح في حالة عدم استجابة المجلس الإداري المزمع عقده منتصف يناير لمطالب الشغيلة. كان رد الإدارة هو العدوان على منحة المردودية بتقزيمها إلى النصف و في نفس الوقت منحت لكبار المسؤولين منحة بثلاث أضعاف رواتبهم الخيالية، مما عنى إعلان الإدارة بدء معركتها لأجل اجتثاث العمل النقابي في القطاع. كان رد الشغيلة البريدية فوريا، حيث ترجم السخط العارم الذي عم القواعد مطالبات للقيادات النقابية لتقديم موعد خوض الإضراب المفتوح وتنفيذه فورا. وهو ما كان حيث تم الإعلان عن بدء الإضراب المفتوح يوم الأربعاء 6 يناير 2021، حيث لم يفصل بين صدور بيان الإضراب وتنفيذه إلا ساعتان، (صدر البيان على الساعة 12 زوالا وابتدأ التنفيذ عند الساعة الثانية زوالا) أبهرت جاهزية القواعد الجميع حيث تم شل أغلب المراكز و الوكالات و الدخول فورا  في احتجاجات داخل المقرات . حاولت الإدارة عبر مسؤوليها الجهويين ثني البريديات و البريديين عن الاستمرار في الإضراب باستخدام كل أنواع الترغيب والترهيب. لكن إصرار الشغيلة البريدية جعل من يوم 7 يناير يوما سيبقى محفورا في الذاكرة.

يوم 8 يناير تم تنظيم وقفات في العديد من مناطق وجدة أكادير خريبكة أسفي … و المميز هو اقتحام المقر المركزي بالدار البيضاء و إعلان البريديات و البريديين الدخول في إعتصام و مبيت ليلي ليتم فض الاعتصام من طرف قوى القمع.

لا زالت معركة البريديين/ات مستمرة، متحدية كل الظروف المعاكسة، وخصوصا التراجع النضالي العام، لكن قد تكون إذا استمرت بنفسها الكفاحي الحالي مدخلا لإعادة النضال النقابي المكافح إلى سكته. وهو ما يطرح بحدة ملحاحية التضامن العمالي والشعبي مع المعركة البطولية الجارية.

زر الذهاب إلى الأعلى