تقرير حول فاجعة زلزال الحوز بعد ثلاثة أسابيع
زيارة ميدانية
تحناوت، وإسني، ومولاي إبراهيم، وستي فاطمة، ويرغان، وإيجوكاك، وثلاث نيعقوب، وتنمل، وأغمات، وأوكايمدن، وأمزميز، وأغبالو؛ هي أسماء لمناطق في حضن سلسلة جبال الأطلس، تعمل الدولة على إبقائها قبلة للسياح الأجانب، وكل واحدة من هذه المناطق الآن تحمل هماً ثقيلاً ثقل الركام الذي بات يغطي كثيرًا من معالمها.
في إقليم الحوز، حيث تعتبر منطقة أغبارن ومدينة تحناوت والعديد من القرى والمدن الجبلية جزءًا من هذا الإقليم، شهدنا تحولًا مؤلمًا بسبب الزلزال الذي ضرب المنطقة قبل ثلاثة أسابيع. كانت هذه المنطقة في السابق وجهة مفضلة للسياح وعشاق الطبيعة والتاريخ، حيث تجمع بين الطبيعة الخلابة وتضاريسها الجبلية.
إلا أن الزلزال القوي الذي ضرب المنطقة، قلب كل هذا الجمال رأسًا على عقب. منازل تحناوت وإسني ومولاي إبراهيم وستي فاطمة وغيرها من القرى والمدن الجبلية تعرضت لأضرار هائلة أو جرى تدميرها بالكامل. الأماكن التي كانت معروفة بسحرها الطبيعي والثقافي، الآن تحمل وطأة الزلزال والدمار الذي ألحقه بمعالمها.
اليوم، يسود الصمت في الطرقات التي كانت مزدحمة بالسياح والزوار. الأشجار والأماكن العامة تحتضن أسرا متضررة نصبت ملاجئا مؤقتة تحت أغصان الأشجار… الزلزال عمق معاناة سكان هذه المناطق، والآن يعمل الأهالي على التكيف مع الظروف الصعبة والتحديات التي تواجههم. الصمت الذي يلف المنطقة يعكس الحزن والصعوبات التي يمرون بها، والزوار الجدد الذين يأتون لمشاهدة الأوضاع بأنفسهم يدركون مدى الأهمية التي يجب أن تولى لهؤلاء السكان المتضررين.
بتاريخ 30 سبتمبر2023 نظمت جمعية أطاك المغرب زيارة تضامنية إلى منطقة أغبارن في قيادة ثلاثاء يعقوب، إقليم الحوز. هذه الزيارة تأتي بعد مضي ثلاثة أسابيع من الزلزال القوي الذي ضرب المنطقة، مما تسبب في تدمير منازل السكان وفقدان أفراد عائلاتهم. الهدف الرئيسي للزيارة هو الاستماع إلى مشاكل واحتياجات السكان المتضررين والتعبير عن التضامن معهم.
مضمون الزيارة:
عند وصول فريق جمعية أطاك المغرب إلى منطقة أغبارن، تم تنظيم جلسات حوار مع السكان المتضررين و المتضررات. من أجل مناقشة مجموعة من المشكلات والتحديات التي واجهوها قبل وبعد الزلزال:
- شهادات
تعرضت المنازل لأضرار هائلة أو جرى تدميرها بالكامل، مما أجبر العديد من الأسر على النزوح وترك منازلهم.
- يقول في هذا الصدد السيد ح. ن (أحد الضحايا المباشرين للزلزال):
”أملك منزلًا في الدار البيضاء وهو عرضة للسقوط، لذلك عدت إلى مسقط رأسي هنا في منطقة أغبارن لكي أدير زراعتي المعيشية وأعيل أسرتي المكونة من 4 أفراد بعد الزلزال، فقدت منزلي وتوفيت ابنتي، وأنا الآن في وضعية صعبة جدًا خصوصًا بعد فقدان أرضي مصدر عيشي الوحيد. بعد كل هذه المأساة الإنسانية، أتفاجى بإقصائي من طرف السلطات للاستفادة من التعويضات المزعوم صرفها للمتضررين والمتضررات (لم يتم صرف أي مبلغ حتى الآن) وذلك بحجة أنني لا أعيش في المنطقة وأنني أمتلك منزلًا في الدار البيضاء. أمام هدا الوضع المأساوي فانني سأسلك كل الطرق المشروعة للدفاع عن حقوقي في الحصول على تعويضات تساعدني على إعالة اسرتي”. [انتهت شهادة ح. ن]
و في شهادة اخرى ل م.أ يصرح بأن:
“ممثلو السلطة، بما فيهم القائد ورئيس الجماعة، لم يُبدوا اهتمامًا بزيارة سكان المنطقة حتى الآن، باستثناء لجنة الإحصاء التي قامت بزيارة المنطقة بأمر رسمي. إن المنطقة كانت معزولة عن باقي العالم قبل وقوع الزلزال، وقد أصبحت العزلة أكثر بعد الزلزال الذي تسبب في تفاقم الصعوبات. بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد أي مستوصف طبي حتى بالقرب من المنطقة، مما يجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة للسكان الذين يحتاجون إلى الرعاية الصحية. أما المدرسة الوحيدة في المنطقة، فهي بعيدة عن الدوار وجرى إخلاؤها بسبب الزلزال، وللأسف، لا يوجد أي خيمة مجهزة لاستئناف الدراسة، مما يترك الأطفال في وضع نفسي صعب ومتدهور”. [نتهت شهادة م.أ]
توفي في القرية العديد من الاشخاص جراء الزلزال، مما تسبب في تحمل الأسر لكارثة إنسانية.
- في هذا الصدد يصرح ط.ح:
”كان ذلك يومًا لن ننساه أبدًا. الزلزال الذي ضرب منطقتنا كان مدمرًا بحق. كنت في المنزل مع أسرتي عندما بدأت الهزات، وكانت تلك اللحظات من أصعب ما مررت به في حياتي.
بدأت الهزات بشكل مفاجئ وعنيف، ولم يكن لدينا أي تجهيز مسبق. كانت الأمور تتدهور بسرعة، عندما حاولنا الاتصال بالجهات المعنية لطلب المساعدة، تبين لنا أن هناك عدم استعداد واضحًا من قبل الدولة.
كانت فرق الإنقاذ تصل ببطء شديد، وفي بعض المناطق لم تصل، ولم يكن هناك ما يكفي من المعدات والموارد لمساعدة الناس. هناك العديد من المنازل المنهارة والأشخاص المحاصرين تحت الأنقاض. لقد كان ذلك مأساويًا بحق، وقد فقدنا العديد من الأحباء في تلك اللحظات الصعبة.
ما يزيد من ألمي وغضبي هو أننا كنا نعلم أن الدولة كانت على علم بخطورة المنطقة من النواحي الزلزالية، ولكنها لم تتخذ الإجراءات الكافية للتحضير وتوفير الوسائل الضرورية للإنقاذ. لقد تركونا لوحدنا في أوقات الحاجة”. [انتهت شهادة ط. ح]
لم تكن يومًا تلبية حاجيات الشعب المغربي الأساسية ضمن أولويات من يحكمون ويستحوذون على الثروات، ويوجهون جزءًا كبيرًا منها لسداد خدمة ديون غير شرعية. وكل ما يجري الإشادة به من سياسات حماية اجتماعية وتنمية تظهر أنها مجرد مساعي لتغطية آثار سلبيات خياراتها النيوليبرالية. تستهدف هذه السياسات بشكل رئيسي الفئات الأكثر ضعفًا بدلًا من العمل على تحسين أوضاعها بشكل فعال. وعملت الدولة عبر وسائل الإعلام الخاصة بها منذ حدوث الكارثة على تحميل اللوم لطبيعة المناطق الجغرافية، بدلاً من الإسراع في إرسال طائرات متخصصة تحمل فرق الإنقاذ والأطقم الطبية والإمدادات والخيام، بهدف الحد من الفاجعة الإنسانية.
مطالب الساكنة المتضررة:
يتعامل السكان المتضررون والمتضررات الآن مع خسائر كبيرة وجراح عميقة ويمكن تلخيص بعض المطالب العاجلة للسكان في منطقة أغبارن في ما يلي:
• توفير المساعدة الطبية: ضرورة توفير الرعاية الطبية العاجلة والعلاج للمصابين في أقرب وقت ممكن.
• إيواء آمن: توفير مأوى آمن ومرافق نوم مؤقتة للأشخاص الذين فقدوا منازلهم أو أصبحت منازلهم غير صالحة للسكن.
• تأمين الاحتياجات الأساسية: توفير الغذاء والمياه النقية والأدوات الشخصية والملابس للمتضررين.
• دعم نفسي واجتماعي: توفير دعم نفسي واجتماعي للمتضررين للمساعدة في التعامل مع الصدمة والتوترات النفسية الناجمة عن الكارثة خصوصًا في صفوف الأطفال.
• مساعدة مالية: توفير مساعدات مالية للأشخاص الذين فقدوا ممتلكاتهم أو مصادر دخلهم.
• إعادة الإعمار والترميم: بدء جهود إعادة الإعمار والترميم للمناطق المتضررة.
الجهود المستقبلية:
تعتزم جمعية أطاك المغرب مواصلة تقديم الدعم والمتابعة المستمرة لملف ضحايا زلزال الحوز. ستستفيد الجمعية من وسائل الإعلام الخاصة بها لنشر المعلومات حول الحاجات الملحة لأهالي المناطق المتضررة من الزلزال والآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تركه هذا الزلزال في صفوف أبناء الطبقات الشعبية الذين يشتركون في تحمل واقع الحيف والاضطهاد الاجتماعي بكافة أشكاله.