إصدارات

اصدار جديد لجمعية أطاك: “سيرورة إرساء وتطور السياسات التعليمية بالمغرب”

تقديم

لا يشكل الأدب الذي يتناول قضايا التربية والسياسات التعليمية في المغرب من وجهة نظر نقدية شاملة منتصرة لفكرة “تعليم في خدمة المجتمع”، أي تعليم في خدمة الغالبية المشكلة لمن هم تحت، إلا نزرا يسيرا جدا من مجموع الأدب المنجز. يعتبر من هم فوق هؤلاء الموجودين في الأسفل دائما كمدخلات لنظام تربوي مبني وفق تصورات الأولين ويستهدف جعل المخرجات أفرادا مذررين موضوعين في خدمة استدامة نظام اقتصادي اجتماعي كريه، لا بديل عنه كأنه قدر محتوم، مبني على التفاوت الاجتماعي الصارخ والاستغلال المكثف للإنسان وجعله موردا بشريا/قطعة في آلة جبارة غايتها تنمية الأرباح.

لم يعد تفكيك ونقد التصورات والسياسات القائمة يستهوي تلك الفئة العريضة من “المثقفين”، التي أضحت، في غياب منظور بديل اجتماعي شامل، تستعير مداد ما تكتبه من أفكار، حتى النقدية منها، من محبرة المنظورات السائدة، مساهمة في أحسن الأحوال في تقديم وصفات لتسهيل تنفيذ وتنزيل السياسات المقررة من قبل الحاكمين.

في فترات سابقة من تاريخ المغرب المعاصر، اغتنت المكتبات بعدد من المؤلفات حاولت مقاربة قضايا التربية والتعليم من منظور يتساوق إلى هذا الحد أو ذاك مع طموحات الأغلبية الشعبية. لكن هذه السيرورة النقدية انتهت عمليا منذ تبني “الميثاق الوطني للتربية والتكوين”، وأضحى منظور الدولة والطبقات السائدة هو السائد الوحيد في الميدان، مع كتابات نقدية هنا وهناك حول قضايا بعينها، يقوم بها مناضلون نقابيون كفاحيون أو مثقفون احتفظوا بمسافة تطول او تقصر مع المنظور الليبرالي السائد، أو مناضلون من أجل عولمة بديلة وضد سياسات المؤسسات المالية العالمية.

لا يشكل النظام التعليمي القائم اليوم إلا امتدادا لما شُرِع في بنائه منذ دخول الاستعمار الفرنسي/الاسباني للمغرب، حيث شكل دخوله رسميا مع مطلع العقد الثاني من القرن العشرين الميلادي للمغرب، مرحلة فارقة في تاريخ البلاد الحديث، وكان له دور حاسم في مجمل تطورات البلد. لقد وجد الاستعمار الفرنسي المستند على ثورة صناعية وعلمية وتكنولوجية، في المغرب نظاما سياسيا واقتصاديا واجتماعيا متهالكا ومأزوما، محكوما بسقف القرون الوسطى.

ومن أجل تأبيد السيطرة الاستعمارية وتخلف الشعب المغربي، عمل الاستعمار على الحفاظ على النظام السلطاني بكل مكوناته وفي مقدمتها نظامه التعلمي المتخلف، بينما أرسى نظام إدارة عصري تكفل بإدارته لكي ينهب البلد بفعالية أكبر. ولهذا الغرض أرسى نظاما تعليميا عصريا مخصصا للمعمرين وأبناء عملاء الاستعمار في المقام الأول.

لا يمكن فهم النظام التعليمي القائم حاليا دون استعراض ما وقع أثناء التأسيس “للتعليم العصري بالمغرب”، مثلما لا يمكن تفسير السيرورات التي أفضت لبقاء بلدنا أسير الجهل والأمية وتدني الثقافة والتهذيب وندرة الكوادر العلمية والطبية والتقنية، دون تفكيك الخطابات السائدة والسياسات الفعلية الممارسة، خاصة في الجانب الاقتصادي.

لا يستهدف هذا الكتاب حول التعليم بالمغرب، الدخول في نقاشات “تقنوية” حول البيداغوجيات والديداكتيك والعمارة المدرسية وأشكال التنظيم المدرسي…مما تحفل به المكتبات والمؤلفات “التربوية”، فتلك مجالات، على أهميتها البالغة، تبقى محكومة بخلفية السياسات القائمة، وتناقش في إطارها. ما يحاول هذا الكتاب تقديمه هو منظورات نقدية عامة تتناول سيرورة بناء النظام التعليمي بالمغرب طيلة المائة سنة الأخيرة، وتفسير الأساس الاقتصادي والاجتماعي التي قامت وتقوم عليه السياسة التعليمية ببلدنا وتفكيك مضمونها، رابطين إياها بمجمل السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة. محاولين، من وجهة نظر مناضلين تبَين الطرق المؤدية للتأسيس لتعليم شعبي ومدرسة ديموقراطية عبر التعريف بتجارب نضال مديد والمحاولات العديدة التي أطرت نضال الشعب المغربي عبر أدواته النقابية والجمعوية، ونقدها دون محاباة أو تحامل، مستطلعين الطريق لبناء مشروع نضالي لإقرار نظام تربوي وسياسات تعليمية بديلة في خدمة المجتمع ورفاهه. متمنين أن يزدهر التأليف في هذا الجانب، مقرونا بتوسع النضالات الجارية من أجل التعليم العمومي وتصليبها وبناء أدواتها الكفيلة بانتزاع المكاسب على طريق تحقيق مطلب “المدرسة الديموقراطية”.

كتبت أغلب مواد هذا الكتاب قبل أبريل 2020، في الوقت الذي كانت جائحة كوفيد 19 تعلن عن نفسها، وفي الزمن الذي كانت فيه ارتداداتها الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية لا تزال في بدايتها، وخطط استغلالها لتعميق الهجمة على ما بقي من مكتسبات قد بدأت للتو في الخروج من رفوف من هم فوق. تلك الخطط التي جعلت من الجائحة متكأ لتنفيذ ما بقي في أجندة الهجوم الليبرالي على عالم الشغل وعلى الخدمات العمومية. رغم أن الجائحة عرت عن أهوال ما ألحقته السياسات الليبرالية المتبعة بالخدمة العمومية الصحية من تردي، وكشفت بالملموس الطبيعة الحقيقية لما يسمى التعليم الخاص، وبمناسبتها دس الحاكمون سم “التعليم عن بعد” في عسل “استمرار الخدمة التعليمية العمومية”،  محاولين بذلك إيجاد القاعدة المادية لتحويل جزء من التعليم إلى سوق كبيرة لعصابات الe-learning ، وكذا تعميق استغلال شغيلته بتمطيط ساعات عملهم وتكثيف استغلالهم/ن، وفي الطريق لذلك، يتم استغلال ظرف الجائحة لتفتيت الاستعدادات النضالية التي أبانت عليها شغيلة التعليم الجدد الذين يناضلون لأجل الحفاظ على استقرار الشغل بالقطاع الذي يحاول مخطط ما يسمى “التوظيف الجهوي” ضربه في مقتل.

 لن يتضمن الكتاب، إذن، تحليلا لتأثيرجائحة كورونا على التعليم، لكن جوهر السياسات التي يتبعها الحاكمون في ظل الجائحة، تم تحليلها في ثنايا الكتاب، ومجموعة من الإجراءات التي تم الإشارة إليها بصيغة المستقبل قد بدأ تنزيلها بالفعل.

وإذ تسعى اطاك المغرب، عبر هذا الكتاب، للمساهمة في بعث نقاش استراتيجي حول قضايا التعليم وسياساته ومنظورات النضال لأجل بديل تعليمي شعبي، فإنها تامل أن يستمر النقاش والتأليف المقترن بالنضال في الميدان، والسعي إلى تجميع المقاومات ضد السياسات الليبرالية في الميدان التعليمي، لتنتج أدوات نضالية قادرة فكرا وممارسة على هزم مشروع من هم فوق لتحويل الإنسان المغربي إلى قطعة في طاحونة الانتاج الرأسمالي عبر تحويل منظومة التربية والتعليم إلى خادم لتلك الطاحونة.

فهرس

مقدمة

الجزء الأول: التعليم بالمغرب من تأسيس المدرسة العصرية إلى القانون الإطار: عرض تاريخي نقدي

  1. التعليم بالمغرب: تاريخ من السياسات الموجهة لخدمة من هم فوق.
  2. الاستعمار وتأسيس التعليم العصري بالمغرب: ماذا كان المستعمرون يريدون؟ وماذا كانت حصيلتهم الفعلية.
  3. التعليم وأحلام الاستقلال الخادعة: انكشاف طبيعة الاستقلال تعليميا وتأجج المقاومة الطلابية والشعبية.
  4. مدرسة الاستبداد التائهة: من مناظرة إفران 1 إلى انفجار أزمة المديونية وبرنامج التقويم الهيكلي.
  5. المدرسة المتحفزة لِلَّبْرَلَة: من التقويم الهيكلي إلى الميثاق.
  6. الميثاق الوطني للتربية والتكوين: الحاكمون يحزمون أمرهم: في اتجاه مدرسة في خدمة رأسمال منتصر، لكنه مأزوم.
  7. السياق السياسي والاقتصادي والاجتماعي للميثاق
  8. الميثاق والإجهاز على الأدوار المفترضة للمدرسة الديموقراطية
  9. الميثاق والإجهاز على المجانية والمساواة وتكافؤ الفرص
  10. الميثاق والتأسيس للإجهاز على مكتسبات الأجراء التاريخية
  11. الميثاق والمناهج والبرامج الجديدة
  12. البرنامج الاستعجالي: حرب سياسية على المدرسة العمومية ذات لبوس تقنية
  13. إجراءات البرنامج الاستعجالي: الميثاق الوطني يتخلى عن مساحيق التجميل ” الوطنية”.
  14. اللغة الليبرالية السافرة تطل من ثنايا البرنامج الاستعجالي تحت عناوين تدبيرية
  15. الإجهاز على الوظيفة العمومية في التعليم كانت أهم مشاريع البرنامج الاستعجالي.
  16. السعي لمأسسة الرؤية الليبرالية للتعليم: دستور 2011 والرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار
  17. دستور 2011: نحو التأسيس الدستوري لانسحاب الدولة من تمويل التعليم
  18. الرؤية الاستراتيجية: رؤية فوق لبرالية للقطاع
  19. خدعة مفاهيم الرؤى الليبرالية لإصلاح التعليم بالمغرب: بين بلاغة المصطلح ولمعانه ومدلولاته الفعلية.
  20. بمثابة خلاصة: قانون إطار لتثبيت مكاسب الطبقات السائدة قانونيا.

الجزء الثاني: في الأسس الاقتصادية لوضع لَبِناتِ المدرسة النيوليبرالية

  1. مدرسة الرأسمالية في طور السياسات النيوليبرالية
    1.  ما علاقة الوضعية الراهنة للاقتصاد الرأسمالي بما آلت إليه المدرسة؟
    1. الاستثمار في الرأسمال البشري: إجهاز على التعليم العمومي وإخضاع للتربية لسطوة الرأسمال
    1. تحكم متطلبات المقاولات الرأسمالية في قرارات السلطات التعليمية: المرونة والتشغيلية موجهين أساسين لأهداف التعليم ومضمونه
  2. تحكم السياسات الاقتصادية المملاة من قبل البنك العالمي وصندوق النقد الدولي في أولويات التعليم بالمغرب

2 -1 استراتيجية البنك الدولي للإجهاز على التعليم العمومي

2-2 حكامة المنظومة التربوية: تدبير مقاولاتي يجهز على استقلالية الأجراء

2 – 3 تعليم بئيس مُوَجَّه لاقتصاد ينتج مزيدا من الفقر والبؤس

2 – 3 -1 السياسات الاقتصادية لمغرب ما بعد الاستقلال

2 – 3 -3 سياسة ضريبية محفزة للاستثمارات: دعم متواصل لرأس المال

2 – 3 – 4 الخصخصة: تحرير للأسواق وترحيل مستمر لثروات البلد

2 – 3 – 5 اتفاقيات التبادل الحر: تكريس واقع عجز ميزان التبادل التجاري وتعميقه

  • تقوية التنافسية: “مرونة سوق الشغل” و “أجور منخفضة”
  • طبيعة الاستثمارات الأجنبية المباشرة: التموقع في المراتب الدنيا لسلاسل القيمة العالمية

3 – “التعاون الدولي” لتمويل نفقات القطاع “العمومي” للتربية والتكوين: حصان طروادة لتسريع تفكيك المدرسة العمومية: نموذج مؤسسة تحدي الألفية الأمريكية

3 – 1 نموذج من تمويل البنك العالمي:

3 – 2 تحدي الألفية: الدعم المالي مقابل تنفيذ السياسات الليبرالية التي تكرس التبعية والخضوع للولايات المتحدة الأمريكية:

3 – 2 – 1 هيئة تحدي الألفية: أحد أسلحة توسع الإمبريالية الأمريكية

3 – 2 – 2 أنشطة هيئة تحدي الألفية بالمغرب: تقوية تغلغل الرأسمال الأمريكي في البلد

الجزء الثالث: تجارب مغربية للنضال من أجل مدرسة ديموقراطية

1- التجربة النقابية من أجل تعليم ديموقراطي: من البناء إلى الأزمة إلى منظورات ونضالات للتجاوز.

1 – 1 النقابة الوطنية للتعليم: سياق التأسيس والنضال المستقل عن إ م ش الى سنة 1978.          

1 – 2 إضراب 10 و11 أبريل 1979 بقطاع التعليم: لحظة حاسمة في التأسيس الميداني للنقابة الوطنية للتعليم.

1 -3 النقابة الوطنية للتعليم بين خياري التصدي لسياسة الدولة في قطاع التعليم وسياسة التحكم في النضال.

1 – 4 النقابة الوطنية للتعليم وتحديات المنعطف الليبرالي

1 – 5 سبل تفادي الإفلاس التاريخي.

2 – تجارب لتلمس الخروج من أزمة العمل النقابي:

2 – 1 تجارب المعارضة الديمقراطية الكفاحية بالنقابة الوطنية للتعليم: تقييم وافاق

      ا- تجارب محلية:

      ب- تجربة   التوجه النقابي الديمقراطي الكفاحي: تجربة حركت آمالا عظمى ثم انطفأت في صمت.

      ج- الجامعة الوطنية للتعليم – التوجه الديموقراطي

2 – 2 التنسيقيات الفئوية:

2 – 3 نضالات التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين

2 – 4 نضالات الأساتذة المفروض عليهم التعاقد

3 – تجارب النضال الشعبي من أجل تعليم ديموقراطي

3 – 1 احتجاجات التلاميذ، روافد نضال من أجل مدرسة ديموقراطية.

3 – 2 النضال الطلابي من أجل تعليم ديموقراطي: الوضع الرّاهن والمهام

3 – 2 – 1 النضال الطلابي من أجل تعليم ديموقراطي: التاريخ المجيد لم يعد يظهر إلا كومضة في ليل تردي طويل

3 – 2 – 3 تراجع النضال الطلابي..

3 – 2 – 4 نضال طلاب كليات الطب والصيدلة والهندسة يملأ الفراغ

3 – 2 – 5 حفز طلاب اليوم على النضال

3 – 3 تجارب بناء جبهات من أجل الدفاع عن المدرسة العمومية

3 – 3 – 1 الجبهة المحلية للدفاع عن المدرسة العمومية بالدار البيضاء  

3 – 3 – 2 التقرير الموازي حول حصيلة خصخصة التعليم المقدم للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأمم المتحدة بمناسبة دورتها 55.

4 –  منظورات لتجاوز الوضع الراهن:

4 – 1 نقابيا:

4 – 2 شعبيا

الجزء الرابع: مقترحات من أجل تعليم بديل

  1. أي تعليم لأي مجتمع؟
  2. ماهي معالم المدرسة الديموقراطية؟
  3. منظورات للتأسيس للمدرسة الديموقراطية
  4. حلول انتقالية مستعجلة، يجب النضال من أجلها
  5. الحلول التي تتطلب تغييرا جذريا داخل المجتمع.
زر الذهاب إلى الأعلى