متابعة النضالات

مصر : من أجل إطلاق سراح علاء عبد الفتاح وباقي المعتقلين السياسيين

“قمع مستمر ومتصاعد من الدولة ضد خصوم النظام السياسيين. تلك المعارضة متنوعة سياسيًا وأيديولوجيًا، ينتمي علاء ورفاقه إلى الحركة اليسارية، الأممية، المناهضة للطائفية، التي يقودها شباب، وهي جزء من مواجهة عالمية مع رأس المال العابر للحدود الوطنية وممثليه المحليين، كما أنها حركة جرى التعبير عنها بأشكال عديدة من ميدان التحرير إلى «احتلوا وول ستريت». ولأن هذا الفصيل رفض أن يتنازل تمامًا عن آماله في مصر محررة، فقد واجه هو أيضًا غضب النظام الانتقامي للمشير عبد الفتاح السيسي”(1). ناعومي كلاين

يصادف هذا المقال تنظيم قمة المناخ بمصر من السادس نونبر 2022 حتى الثامن عشر منه. لهذا فاليوم يتوجب على كل من النضال البيئي والنضال الديمقراطي والنضال الاجتماعي أن يوجه السهام نحو نظام السوق من أجل تلبية الاحتياجات. إن أصل كل الشرور التي تتهدد الشعوب هو النظام الرأسمالي. فلا مناخ نقي دون عدالة اجتماعية وديمقراطية ولا عدالة اجتماعية وديمقراطية دون مناخ نقي.

من هو علاء عبد الفتاح ؟

علاء عبد الفتّاح احد الشباب المصريين المدافعين عن حرية التعبير، كسب شعبيته من خلال تغريداته وتعليقاته النقدية بوجه ممارسة نظام السلطة القمعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي… تعرض على إثره اللاعتقال والسجن في عهد مبارك لمشاركته في احتجاج وحُوكم لشهرين في العام 2011، كما اُعتقل وأُحتجز أيضا في العام 2013 لمدة 115 يوما دون محاكمة قبل أن يَصدر في حقه أخيرا حكماً بقرابة ستة سنوات سجناً، تلتها فترة مراقبة إضافية لخمس سنوات أخرى كانت على شكل قضاء كل ليلة في قسم البوليس. بعد انصرام أشهر من المراقبة، مورس الاعتقال في حقه بتهم “نشر أخبار كاذبة والانتماء لمنظمة إرهابية”، ليظل حبيس السجن (أضرب عن الطعام خلال شهر أبريل من العام 2020) حتى صدور الحكم في حقه في العام 2021 مجددا بقضاء خمس سنوات أخرى في السجن. ومنذ أبريل من 2022 يُضرب علاء عبد الفتاح عن الطعام احتجاجا على حرمانه من كل حقوقه بالسجن. وكان أن قام بالإعلان عن تصعيد خطوته هاته بالتوقف عن شرب الماء منذ 6 نونبر من العام 2022 بالتزامن مع انعقاد قمة المناخcop 27 بمصر.

الشعب المصري تحت العقب

يشن النظام الحاكم بمصر بقيادة السيسي (على إثر استيلاءه على الحكم في العام 2013) حملة قمع شرسة وخنق للحريات السياسية والديمقراطية. هذا، مع فتح أبواب مصر الاقتصادية أمام الشركات العالمية ومواصلة بيع خدمات البلد الاجتماعية دافعا الشعب إلى مزيد البطالة والتقشف. يعي عبد الفتاح السيسي وأزلامه أنه من أجل استمرار نظام الحكم غير الديمقراطي، عليه تطويع الشعب المصري. لهذا فالبلد في حالة طوارئ دائمة: تجري الاختطافات والاعتقالات في حق الناشطين والمواطنين بالآلاف ويقبعون في السجون (الحديث عن 60 ألف سجين) دون محاكمات قد تطول لسنوات، تُعد ملفاتهم على مهلٍ عبر تلفيق التهم، وعند الحكم عليهم فالأمر منوط بمحاكم عسكرية لا مدنية. كما يتم حرمان المسجونين من أبسط الحقوق من داخل السجن، كالتنزه والحصول على الزيارات والتطبيب…  هذا دون الحديث عن الذين اختطفوا وبقي مصيرهم مجهولا.

أما الصحافة (موقع مدى مصر…) فهي تحت المراقبة، فأضحت السجون مليئة بالصحفيين. يستعمل النظام كل الوسائل بهدف تخويف الشعب المصري. فحرية التنظيم ممنوعة والمعارضة ممنوعة والإعلام تابع فاسد منتشر بوجه ذاك  النقدي المحجوب.

يقع كل هذا أمام أنظار “نخبة” قادة العالم، المتعطشين لرؤية نظام مصر كسابق عهده (قبل ثورة 25 يناير 2011). نظام يستأنف مد أنظمة دول الشمال بالأموال (جراء التسوق الحربي) ووسيط حليف لها في منطقة الشرق الأوسط.

نظام السيسي وقمة المناخ

كان أن أعلنت منظمة العفو الدولية مع اقتراب تنظيم قمة الأمم المتحدة للمناخ «COP 27» بمصر، بأنها وثقت اعتقال والتحقيق مع 1540 شخصًا في مصر خلال الأشهر الستة الأخيرة وأن هذه الاعتقالات مرتبطة بموجة دعوات الاحتجاج يوم 11 نونبر من العام 2022، دعا لها نشطاء، بالموازاة مع قمة المناخ العالمية.

خلال اليوم الأول من القمة أعلنت منظمة هيومان رايت سووتش، بأن السلطات المصرية قامت بحجب حوالي سبعمائة موقع ومنعت الوصول إليها، بما في ذلك وسائل إعلام مستقلة ومنظمات مدنية. وقد أعلن منظمو القمة بأنهم سمحوا بتنظيم التظاهر بالموازاة مع القمة وحددوا لذلك مكان بعيد لكن بشروط.

يحاول السيسي من خلال قمة المناخ الدولية المنظمة على أرضه أن يُجمل صورته القمعية، خصوصا أن كل أنظار العالم موجهة لحدث القمة. فالسماح ببعض التظاهر المراقب والمتحكم في مكانه لن يضر في شيء إذا ما تناقلته وسائل الإعلام العالمية. والأكيد أنه ستجري مراقبة دقيقة للمشاركين بما يتيح للنظام فرصة الانتقام بعد الانتهاء من أشغال قمة المناخ من أجل عودة مناخ  القمع الاعتيادي.

من أجل تضامن عالمي دائم

تجري حملة تضامن عالمية (خصوصا في الدول الغربية) مع علاء وباقي المعتقلين السياسيين لكنها ستبقى حبيسة المطالبة بإطلاق السراح. يجب لفت الانتباه دائما إلى الوضع العام الذي يعيشه الشعب المصري بويلات التدخل الامبريالي وأنظمة الحكم الإقليمية، فهي نفسها التي انتفض ضدها الشعب المصري في العام 2011. إن استمرار سجن علاء وباقي المعتقلين السياسيين يدل على أن قاعدة مصر لازالت تنبض بالحياة رغم القمع.

لازالت شعارات العدالة والكرامة والحرية تجد لها صدى في نفوس العمال والشباب التواقين للتحرر.

بقلم وحيد عسري

  1. موقع مدى مصر : مقال بعنوان : «لم تهزموا بعد».. مقدمة نايومي كلاين لكتاب علاء عبد الفتاح
زر الذهاب إلى الأعلى