متابعة النضالات

شركة سيتيل متعددة الجنسيات : استغلال ومحاربة العمل النقابي بالمغرب

أقدمت الشركة متعددة الجنسيات سيتيل (SITEL) العاملة في مجال الاتصالات وخدمات مراكز النداء، في مدينة الرباط بالمغرب، على طرد مجموعة من مستخدميها مباشرة بعد علمها بتأسيس مكتب نقابي بالاتحاد المغربي للشغل، للدفاع عن حقوق المستخدمين بالمركز.
نقف، في المقابلة التالية مع أحد العمال المطرودين، على حيثيات وتفاصيل هذا الطرد التعسفي والتضييق على الحريات النقابية بشركات خدمات الاتصال في المغرب.
إليكم نص الحوار:

1- نود في البداية أن تعطينا فكرة عامة عن شركة ستيل : متى تأسست وماهي جنسيتها ومجالات اشتغالها و فروعها وعدد العاملين بها ؟

أسست شركة سيتيل العاملة بقطاع الاتصالات بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1986، و في سنة 2016 سيتم الاستحواذ على غالبية رأسمالها من طرف الشركة الفرنسية ACTICALL بدعم من شركة CREADEV التابعة لعائلة MULLIEZ الشهيرة، و يصبح اسمها بعد ذلك SITEL GROUP بقيادة مديرها العام LAURENT UBERTI و برقم معاملات وصل 4,8 مليار دولار .
توظف شركة SITEL تقريبا 160 ألف مستخدما، موزعين على 56 موقعا عبر العالم، فيما توظف تقريبا 7 الاف مستخدم في فروعها المتواجدة بالمغرب، و الموزعة على مدن الدارالبيضاء والرباط وفاس.

2- ماهي ظروف العمل بشركة ستيل : طبيعة العمل، وعدد ساعاته، ووصف مكان العمل، وعدد العمال و العاملات، ووظائفهم، والرواتب ؟

  • بخصوص ظروف العمل بشركة SITEL هناك مستويان، فمقرات العمل غالبا ما تحترم كل الشروط المنصوص عليها قانونا، و الواجب توفرها في مكان عمل محترم. غير أن الظاهر هو تلك الشجرة التي تخفي الغابة، حيث أن ظروف العمل جد مرهقة، و متعبة نفسيا لمستخدمي الشركة، و ذلك راجع بالأساس لطبيعة العمل في مراكز النداء، و خصوصا إلى طرق المعاملة اللاإنسانية الحاطة من كرامة الإنسان، تصل في بعض الأحيان إلى منع المستخدم من أبسط حقوقه الطبيعية كالذهاب إلى المرحاض على سبيل المثال لا الحصر.
    تكون ساعات العمل غالبا محددة في 45 ساعة في الأسبوع مع إمكانية العمل لساعات إضافية إن قامت إدارة الشركة بطلب ذلك.
    أما بخصوص الرواتب، فهي مقسمة إلى جزءين :
  • الراتب الأساسي و الذي يساوي عدد ساعات العمل خلال شهر مضروبة في أجر ساعة عمل واحدة (13 درهما للساعة بالنسبة لمبتدئ، 17 درهما للساعة بالنسبة لذي خبرة متوسطة، و 20 درهما للساعة بالنسبة لمن تعدت خبرته سنتين من العمل بالشركة.
  • تعويضات عن النقل و الأكل، بالإضافة لحوافز مرتبطة بمردودية المستخدم، رهينة بشروط جد صعبة بقصد الحد من عدد الحاصلين عليها.

3- هل تحترم الشركة قانون الشغل المغربي ؟ مثل: التصريح في الضمان الاجتماعي احترام ساعات العمل و العطل وهل هناك منح في الاعياد. كذلك كلمنا عن الأمراض المرتبطة بهذا العمل؟

فعلا، تحترم الشركة جل ما جاء في قانون الاجتماعي المغربي من تصريح للعمال بالضمان الاجتماعي، وتأمين صحي…الخ
غير أنها في نفس الوقت تخرق جزءاً مهما منه، خصوصا الجانب المتعلق بالطرد التعسفي، كما هو حالنا اليوم، أي أنه تم طردنا تعسفيا دون أي إجراء قانوني، بعد علم إدارة الشركة بتأسيسنا لمكتب نقابي طبقا لما تنص عليه القوانين الجاري بها العمل.
أما عن الأمراض المرتبطة بهذا العمل فهي عديدة و متنوعة نذكر منها بالأساس الفقدان التدريجي لحاسة السمع، بالإضافة لأمراض أخرى كارتفاع ضغط الدم و السكري الناتجين عن نسبة التوتر المرتفعة التي يعاني منها المستخدمون بفعل طبيعة العمل، دون نسيان بعض الحالات التي تعاني من الانهيار العصبي بسبب الضغط المفرط .

4- هل يمكن أن تحدثنا عن دوافع تأسيسكم لنقابة في شركة ستيل ؟

دوافع تأسيسنا للمكتب النقابي داخل شركة SITEL عديدة. نذكر منها بداية رغبتنا في التكتل داخل إطار يمنحنا الصفة القانونية لتمثيل الأجراء و الدفاع عن مطالبهم و الترافع عنها لدى إدارة الشركة. هذا خصوصا بعد الخروقات التي طالت عملية انتخاب مناديب الأجراء، و التي سخرت لها إدارة الشركة كل الوسائل الممكنة لكي لا ينجح أُجراء بعينهم، و رجحت كفة من يمكننا نعتهم ب »Délégués Maison »، و الذين يدافعون عن مصالح بعض مسيري الشركة عوض الدفاع عن هموم و مصالح المستخدمين .
ثم أننا أردنا من خلال المكتب النقابي فتح حوار جاد و مسؤول مع مسؤولي الشركة طبقا لما ينص عليه القانون، بخصوص اتفاقية جماعية تُحسن وضعية الأجراء داخل الشركة، و تمنحهم امتيازات اجتماعية تليق بالمجهود الذي يبدلونه كل يوم من أجل ضخ المزيد من الأرباح في خزائن الشركة .

5- ما هي أسباب طرد شركة ستيل للعمال الذين باشروا تأسيس النقابة؟ (كم عدد المطرودين؟ ماذا يفعلون الآن وماهي أوضاعهم بعد الطرد ؟ هل منهم نساء ؟

  • السبب المباشر لطرد أعضاء المكتب النقابي من طرف إدارة الشركة هو تأسيسهم لنقابة داخل الشركة، رغم أنها تُحاول تغليف ما أقدمت عليه بتبريرات تُجانب الصواب، كادعائها أن المطرودين تغيبوا عن عملهم، بينما محاضر المعاينة المنجزة من طرف المفوضين القضائيين تثبت أن أعضاء المكتب النقابي قد منعوا من ولوج مقرات عملهم دون مبرر واضح لذلك .
    فبمجرد علم الشركة بتأسيس المكتب أقدمت مباشرة على طرد خمسة أعضاء (بينهم امرأة)، والضغط بشكل رهيب على ثلاثة آخرين من أجل إجبارهم على وضع استقالاتهم، لتجعل بذلك أوضاعهم كارثية خصوصا بعد إصرار الشركة على إيقاف أجرهم منذ شهر يوليوز، رغم أن غالبيتهم لديهم مسؤوليات و التزامات مادية .

6- ما هي الخطوات التي قمت بها بعد طردكم ؟ وهل استجابت الادارة لمطالبكم ؟

  • مباشرة بعد منعنا من ولوج مقرات عملنا، بادرنا إلى الاتصال بمفتش الشغل لإخطاره بذلك، بالإضافة إلى استقدام مفوض قضائي لتحرير محضر معاينة يؤكد منعنا من دخول مقر العمل .
    بعد ذلك قامت مديرية الشغل بتوجيه استدعاءات لممثلي الشركة لحضور جلسات المصالحة التي ينص عليها قانون الشغل. تكفلنا بتبليغها عن طريق العون القضائي، لكن الشركة رفضت التسلم كما رفضت الحضور. هذا ما اضطرنا لإحالة النزاع على أنظار اللجنة الإقليمية للبحث و المصالحة التابعة للولاية، و موازاة مع ذلك نظمنا عدة أشكال نضالية، كانت آخرها وقفة احتجاجية أمام مقر الشركة بالرباط للتنديد بقرار الطرد و المطالبة بإرجاعنا لعملنا. لكن للأسف إدارة الشركة لا زالت مصرة على قرارها غير القانوني، ضاربة عرض الحائط كل المحاولات التي باشرتها الجهات المسؤولة لحل هذا النزاع .
    7- هل من متضامنين مع معركتكم ؟
  • طبعا هناك من تضامن معنا بدءا بالقطاعات التابعة للاتحاد المغربي للشغل، و كذلك الجامعة الوطنية لأطر و مستخدمي مراكز النداء، و عدة منظمات دولية نذكر منها :
    Uni Global Union
    Impact International
    Business and human rights

8 – ما هي خطواتكم المقبلة للنضال من اجل حقوقكم؟

بخصوص الخطوات المقبلة، فبعد فشل المفاوضات لحل النزاع الجماعي على مستوى اللجنة الإقليمية للبحث و المصالحة التابعة للولاية، على إثر تشبث الشركة بقرار الطرد التعسفي و رفض إرجاع المطرودين لمزاولة عملهم، تمت إحالة الملف على اللجنة الوطنية للبحث و المصالحة التابعة لوزارة الشغل .
و موازاة مع ذلك سنعلن عن برنامج نضالي في قادم الأيام لإكمال مشوار الدفاع عن حقوقنا المشروعة، كما سنطلق حملة وطنية و دولية للتعريف بملفنا .
9- كلمة أخيرة ؟

نتمنى من كل مؤمن بقيم العدالة و الحرية أن يدعم بكل ما أوتي من وسيلة و قوة نضالنا ضد جبروت مسؤولي هذه الشركة الذين لا يعيرون أي احترام لا لمستخدميهم، و لا لدستور و قوانين هذا البلد .

زر الذهاب إلى الأعلى