النساءمتابعة النضالاتملفات دراسية

القروض الصغرى : بين أكذوبة الإدماج في التنمية وحقيقة تعميق الفقر

 

القروض الصغرى : بين أكذوبة الإدماج في التنمية وحقيقة تعميق الفقر 

تقديم

عادة ، يتم تعريف القروض الصغرى بأنها قروض تقدم لأشخاص فقراء، غير قادرين على اللجوء للمؤسسات البنكية الكلاسيكية ،بغية دمجهم اقتصاديا عن طريق استعمال المال المقترض في إنشاء مشاريع مدرة للدخل .

ظهرت الفكرة ببنغلاديش سنة1974 من طرف أستاذ الإقتصاد محمد يونس ،الذي بدأ تجربته بزيارة ميدانية لقرية فقيرة بالريف البنغالي ،التقى فيها  بصانعة مقاعد خشبية، أخبرته بأنها حصلت على قرض من بنك تجاري لتشتري موادها الخام ، لكن بسعر فائدة عال جدا ، جعل الأقساط تستحوذ على معظم الربح في حين تحصل هي على الفتات . عندها اعتبر محمد يونس أنه لو توفر لهذه الصانعة الحصول على قرض بشروط أفضل لارتفع هامش ربحها .

قام محمد يونس بإقراض ما يقارب 40 من صانعات القفف من ماله الخاص دون فوائد ،فاكتشف أن هذه المبالغ مكنت من تحسين وضعية هؤلاء النساء، ثم أسس بنكا سماه بنك القرية الذي يمنح القروض للنساء دون ضمانات بهدف تحسين أوضاعهن.

القروض الصغرى استمرار لسياسات رأسمالية سابقة.

 ليست سياسة القروض الصغرى هي الوصفة الأولى التي تقدمها الرأسمالية لتدبير الفقر الناتج عن أزماتها: ففي أواخر الستينات و بداية السبعينات ، أبدعت الرأسمالية ما سمي بالثورة الخضراء  لقبر نضالات الفلاحين الفقراء،حيث تم توزيع الأراضي على بعض الفلاحين في البوادي ، و تم تنظيمهم  في إطار تعاونيات .

 و في أواسط السبعينات حاولت الرأسمالية احتواء النضالات العمالية بما سمي مساهمة العمال في رأسمال الشركات لإيهامهم بأنهم يشكلون جزءا من المساهمين،و أنهم سيستفيدون من النتيجة النهائية من خلال  إيقاع عملهم.

و مع بداية الثمانينات ،فرضت سياسة التقويم الهيكلي على بلدان العالم الثالث ،كشكل من أشكال تدبير أزمة  مديونياتها ،و لازالت بلدان العالم الثالث تعاني تبعات هذه السياسة ،المفروضة قسرا من طرف المؤسسات الرأسمالية ،مستغلة الديون المتراكمة عليها. فتحت شعار تحقيق التنمية ،خلق فرص العمل ، إرساء قواعد الديمقراطية البرجوازية…تمت خصخصة قطاعات حيوية ،وتم تشجيع الاستثمارات الأجنبية عن طريق تقديم حوافز لها (إعفاءات ضريبية ،يد عاملة رخيصة…) ومع مرور الوقت تبين أن هذه البرامج لم تؤدي سوى إلى استنزاف ثروات البلدان النامية ، إنهاك المواطنين بالضرائب الموجهة لخدمة الديون، والتخلي عن كل ماهو اجتماعي ( تعليم، صحة ، تشغيل…) و النتيجة هي المزيد من تأزم الأوضاع التي دفع ضريبتها فقراء بلدان العالم الثالث.

تمثل سياسة القروض الصغرى  إذن استمرارا للسياسات السابقة،لإعطاء نفس جديد  للنظام الرأسمالي .فشجعت المؤسسات الرأسمالية هذه القروض بكل الوسائل المتاحة إذ اعتبرتها الأمم المتحدة “من الطرق الفعالة لتحقيق التنمية في بلدان العالم الثالث بتوفير تعليم ابتدائي للجميع ،المساواة بين الجنسين ، تمكين النساء من الاندماج ،الاقتصادي ، خفض وفيات الأطفال ،تحسين صحة الأمهات،مكافحة فيروس الايدز،و الملا ريا،و غيرها من الأمراض .”

 من فلسفة بنغالية إلى سياسة دولية تسيل لعاب المستثمرين.

رغم اعتبار القروض الصغرى من طرف جميع المنظمات قطاعا غير ربحي -استنادا لفلسفة محمد يونس – ،إلا أن ولوج القطاع الخاص له من بابه الواسع،جعله  عكس ما يسوق له من استهدافه تحسين أوضاع النساء ،وتمكين الفقراء من اندماج اقتصادي في المجتمع.

إن ما تهتم به مؤسسات القروض الصغرى في العالم هو النقاط التي تجعلها متميزة ، حتى تتمكن من إيجاد أكبر عدد ممكن من الجهات الممولة : كنسبة الاسترداد، و عدد الزبناء ،فيما يظل الجانب الاجتماعي الذي تدعي  وجودها لأجله، لا يحظى بأي اهتمام أو متابعة . و هو ما تؤكده نسبة الفوائد المرتفعة -على الرغم من اختلافها من بلد لآخر- إلا أنها تفوق في مجملها الفوائد البنكية الكلاسيكية، وتنفي جميع مزاعم القضاء على الفقر ،بسبب عدم ملائمتها مع ماقد تحققه القروض الهزيلة الممنوحة من أرباح ، إذا ما افترضنا انها وظفت لإنشاء أو تطوير مشروع مدر للدخل . قس على ذلك المنطق التنافسي لجلب الزبناء السائد بين مؤسسات القروض الصغرى، و مدى الحرص على نتائج الأداء المالي لهذه المؤسسات بقياس معدل الديون المتأخرة و نسبة الاسترداد، دون الاهتمام بالسقف الأخر و هو السقف الاجتماعي الذي يحدد مدى تحسن شروط حياة المستفيدين.كل هذه المعطيات  وغيرها تؤكد أن هذه المؤسسات التي يبلغ عددها 7000 مؤسسة في العالم تستغل أكثر الفئات هشاشة في المجتمع، وهن النساء،  لمراكمة  أرباحهم تحت يافطة تمكين المرأة و تحقيق المساواة بين الجنسين و دمجها اقتصاديا.

لماذا تستهدف القروض الصغرى النساء؟

 شكل عامل التمييز على أساس الجنس -الذي تبرز حدته في دول العالم الثالث، بسبب حدة التخلف الاقتصادي، الاجتماعي و الثقافي- سببا رئيسيا في وضعية الفقر و الهشاشة … التي تعانيها النساء في العالم ،بحيث أن 70في المائة من 1.3 مليار نسمة من الذين يعيشون على أقل من دولار هم من النساء. و بصفة عامة تشكل النساء الغالبية العظمى من القطاع الغير الرسمي، و الغير المنظم و الأقل أجورا في معظم اقتصاديات الدول ،و يعتبرن الأكثر تهميشا من الرجال.

ولأن النساء هن الأكثر فقرا في العالم تستهدفهن القروض الصغرى -حسب زعم المؤسسات الدولية – لتقوية قدراتهن و كإستراتيجية قادرة للوصول إلى المرأة و إشراكها في عملية التنمية.  بالإضافة إلى كون النساء يملن إلى صرف مداخلهن على أسرهن ، و بالتالي فتحسين مدخول المرأة من تحسين مستوى عيش الاسرة ككل.

 رغم  كل هذه المزاعم ،لا توجد أي مؤشرات  دولية أو محلية على حقيقتها،  ، بل عكس ذلك  فأوضاع النساء في بلدان العالم الثالث تزداد تأزما  بدليل أن  جل الحركات  الاحتجاجية ضد الأوضاع الاجتماعية في الدول النامية تتقدمها النساء  فيما لا زالت أرقام الفقر  ، البطالة ، الأمية … على  حالها و لم تعرف أي تحسن يذكر .

 المغرب: نموذج من نماذج الوفاء للسياسات النيوليبرالية .

1 -التناقض بين القانون و الحقيقة

–         ظهرت أول تجربة سنة 1993 هي جمعية تضامن بلا حدود (امسيد)

–         1995 أسس نور الدين عيوش مؤسسة زاكورة

–         1996 أسس إدريس جطو مؤسسة أمانة

–         بعد ذلك توالى تأسيس مجموعة من الجمعيات (البركة- إنماء – الكرامة-أرضي-الشعبي…)

 يصل عددها الآن إلى 11 مؤسسة بعد إفلاس مؤسسة زاكورة وتفويتها لمؤسسة البنك الشعبي ، تنسق عملها في إطار الفيدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى , و تؤسس طبقا للظهير المنظم للحريات العامة بحيث  “تعتبر جمعية للسلفات الصغرى كل جمعية تؤسس وفقا لإحكام الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في جمادة الأولى 1378 ( 15 نوفمبر 1958 ) بتنظيم الحق في تأسيس الجمعيات ويكون غرضها توزيع سلفات صغرى طبقا للشروط المقررة في هدا القانون و النصوص الصادرة لتطبيقه.” .

 فهي إذن طبقا لهذا القانون معفية من الضرائب و تحظى بمساعدة الدولة ( المنح ،الهبات ،…) في الوقت الذي تحرم فيه جمعيات من المنح و حتى الاعتراف القانوني.

و يؤطرها قانون 18/97 الذي خرج إلى حيز الوجود سنة 1999بحيث “يعتبر سلفا صغيرا كل سلف يراد به مساعدة أشخاص ضعفاء من الناحية الاقتصادية على إنشاء أو تطوير نشاط إنتاجي أو خدماتي خاص بهم قصد اندماجهم الاقتصادي” .

  يمنع عليها  طبقا لهذا المرسوم جمع الأرباح و تهدف إلى مساعدة الفقراء ، بإشراف من بنك المغرب كما تخضع لرقابة وزارة المالية .

 إذا كان هدف هده المؤسسات اجتماعيا و ليس ربحيا ،بماذا تفسر نسبة الفوائد المرتفعة ؟  التي تتجاوز أحيانا 30 في المائة ( رصدت حركة ضحايا القروض الصغرى بورززات حالات وصلت فيها نسبة الفوائد 100 في المائة و300 في المائة.) أليس من المعقول أن تكون هذه الفوائد أقل من الفوائد البنكية؟ أو أن تمنح قروض بدون فوائد، خاصة و أن معظم موارد هذه المؤسسات  عبارة عن هبات و منح (صندوق الحسن الثاني, مؤسسة محمد الخامس, بلانيت فينانس ماروك, البنك الأوربي  للإستثمار, برامج الإتحاد الأروبي و البنك الدولي…)

تستغل مؤسسات القروض الصغرى النساء الفقيرات  فقط لضخ الأرباح في صناديقها ،فتسديد القرض و استرجاعه هو هدف هذه المؤسسات و ليس الآثار الفعلية للقرض على النساء ،و مدى تحسينه من وضعيتهن ، لذلك يتم الضغط على المستفيدات بكل الوسائل المتاحة القانونية و الغير القانونية للتسديد ،مما يضطر بالعديد منهن إلى الاقتراض من مؤسسات أخرى فيعيشون في دوامة لا تنتهي من القروض .

مازال الهدف الذي حدد ه القانون المغربي للقروض الصغرى غير مثبت .فمنذ 1993 إلى حدود الآن لم تجرى أية دراسة رسمية تبين عدد الحالات التي أخرجتهم القروض الصغرى من الفقر و حسنت أوضاعهم ،سواء من النساء أو الرجال ،بل  عكس ذلك فتجربة ورززات و هي التجربة النضالية الوحيدة المنظمة بالمغرب لضحايا القروض الصغرى ، كشفت خطورة الملف و آثاره الكارثية على النساء ،فقد حولت القروض الصغرى حياة العديد منهن إلى جحيم ،إذ تم رصد حالات من النساء تعاطين الدعارة ، لتسديد أقساط القروض،و  اضطرت حالات لبيع أثاث منزلها ،  وأجبرت حالات أخرى على الفرار وترك بلداتهن خوفا من متابعات مستخدمي مؤسسات القروض الصغرى ،فيما أدت حالات الطلاق إلى تفكك أسر بكاملها بسبب القروض التي تستدينها النساء دون علم أزواجهن.

2- نساء تقترضن لتغطية غلاء المعيشة

توظف النساء القروض الصغرى في الاستهلاك اليومي للحاجيات الضرورية  فيمكن لأي كان أن يمر أمام وكالات السلفات الصغرى في فترة الدخول المدرسي ، عيد الأضحى أو رمضان…فسيلاحظ  اكتضاضا لا تعرفه هذه الوكالات في فترات عادية ،لأن قيمة القروض التي تمنحها مؤسسات القروض الصغرى لا تتعدى في أقصها 30 ألف درهم. فهذه المبالغ الهزيلة لا يمكنها  تطوير أوإنشاء مشروع   تستطيع أرباحه أن تستخلص أقساط القرض بسب الفوائد المرتفعة ، لذلك تصرف النساء هذه القروض إما لتأتيت البيت ، علاج مريض ،مصاريف الدخول المدرسي ،أضحية العيد…

لقد كشفت حركة النساء ضحايا القروض الصغرى بورززات  الوجه الحقيقي  لهذه السياسة التنموية الفاشلة  ، ففي الوقت الذي ترفع فيه الدولة يدها عن كل ماهو اجتماعي بدعوى أنه يستنزف ميزانية الدولة -وهو ما يضطر الفقراء إلى الإقتراض لتغطية التكاليف الإجتماعية الغير المجانية -، تقدم  مبالغ مالية خيالية في شكل هبات و منح(في 8 نونبر 2007 أسس محمد السادس مركز محمد السادس لدعم القروض الصغرى.) لدعم سياسة لم تؤدي سوى إلى مزيد من تأزم أوضاع النساء.

ورززات : تجربة فريدة للتصدي ، من الإنطلاق إلى التوسع

تصنف مدينة ورززات ضمن المناطق الاكثر فقرا بالمغرب نتيجة التهميش الذي تمارسه الدولة تجاهها ، وهو ما سهل انتعاش مؤسسات القرض الصغرى بالمنطقة ككل ، مستغلة بؤس النساء و فقرهن .

أدى تفاقم أزمة القروض الصغرى لدى مجموعة من النساء و من بينهم مِؤسسة( بضم الميم) الحركة أمينة مراد إلى التفكير في تنظيم حركة على شاكلة حركة 20 فبراير تستطيع من خلالها النساء النضال ضد الخروقات التي ترتكبها هذه المؤسسات للضغط على النساء لتسديد أقساط القروض .

وانطلاقا من حوار أجريناه  حول تبلور الفكرة تحكي  أمينة مراد :

انطلقت الفكرة بنقاش عادي بالمحل الذي أزاول به عملي بحي شعبي، حيث كانت كل واحدة منا تحكي عن المأساة التي خلفتها  القروض الصغرى بحياتها  ومدى الضغط و التهديد الذي نتعرض له من قبل مستخدمي السلفات الصغرى ، قد بدأ هذا التجمع الأولي بالتوسع شيئا فشيئا مستفيدا من وجود مراسم عزاء عند أحد الجيران قرب المحل .

كانت معاناتنا متشابهة  وسببها هو نفس العدو وبالتالي فمصيرنا واحد فاتفقنا على ضرورة خلق حركة ضد القروض الصغرى على شاكلة حركة 20 فبراير أي الاحتجاج ضد الخروقات التي تقوم بها هذه المؤسسات.

باشرنا العملية في البداية بتسجيل أسماء وهواتف النساء للتواصل بيننا ، فقمنا بإعداد استمارات تجمع معلومات حول الضحايا كالإسم،عدد الأطفال،المهنة ، سبب أخذ الدين،المشاكل التي خلفتها القروض،الملاحظة ، المطالب…و من خلال هذه الاستمارات وقفنا على مجموعة من الخروقات القانونية تتعلق بطريقة إمضاء العقد ، نسبة الفائدة ،(حالات تجاوزت فيها نسبة الفائدة 300 في المائة) بالإضافة إلى الطريقة التي يتم بها استرجاع الديون المتأخرة ( التهديد ، السب ، طرق الأبواب في أي وقت وخارج أوقات العمل، الدخول إلى البيوت و سرقة كل ما يجدونه بحوزة الضحايا…) وخر وقات أخرى..

بدأنا في تجميع ملفات الضحايا و شكلنا لجان للتعبئة بأحياء ورززات و لجان المناطق المجاورة كزاكورة ، أكدز، المحاميد ، قلعة مكونة، تنغير … وقد ساعدنا على التوسع انتشار الفكرة عن طريق أصحب سيارات الأجرة ،عائلات الضحايا بالمناطق الأخرى،العلاقات ، شبكة الأنترنت …

كانت أشكالنا النضالية عبارة عن  ،وقفات في البداية أمام مؤسسات القروض الصغرى ،مسيرات منتظمة ، لقاءات تواصلية مع البؤر الصاعدة ،ورشات تثقيفية للنساء  ثم مقاطعة تسديد القروض ( تمكنت الحركة من توقيف 30 مليار سنتيم من سيولة مؤسسات القروض الصغرى.) . و لأن الحركة اصطدمت في كثير من الأحيان بالعائق القانوني خاصة المتعلق بالاستفادة من القاعات العمومية ، الإعلام ، المنحة … قمنا بتأسيس جمعية الرعاية الشعبية للتنمية الإجتماعية التي احتضنت الحركة .

بدأت الجمعية حاليا تأخذ طابع وطني حيت توسعت الحركة عن طريقها لتشمل مجوعة من المناطق كمنطقة الريش ،ميدلت ،سيدي رحال ،شيشاوة ، مراكش بركان عن طريق جمع استمارات ،بالإضافة إلى بعض الإتصالات بسمارة ،العيون ومناطق أخرى… يتم التنسيق بين لجان المناطق عن طريق الهاتف وشبكة الانترنت للقيام بوقفات موازية من حيث الزمان . و هو ما جعلنا نغير اسم الجمعية انسجاما مع طابعها الوطني لتسمى جمعية الرعاية الشعبية للتنمية الإجتماعية بالمغرب.

و حول أشكال التضامن تحكي أمينة مراد :

نعاني من العزلة و نفتقد للدعم المحلي فباستثناء الإتحاد المحلي للكنفدرالية الديمقراطية للشغل و جمعية أطأك المغرب يغيب عنا تضامن جميع الهيئات الحقوقية و الجمعوية و حتى النسائية فلم تعرف الحركة تضامن ولو جمعية نسائية واحدة على الصعيد الوطني مع العلم أن الحركة انطلقت بالنساء و استمرت بالنساء و تضم حاليا 95 في المائة من النساء و حتى لا أنسى فقد اكتفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان  بأن تقوم بدور الملاحظ .

نعاني ايضا من الدعم الدولي باستثناء مجهودات اطاك بالتعريف بالملف دوليا فنحن نعاني من العزلة خاصة أن للحركة متابعات و محاكمات في إطار تحالف السلطة و المال (محاكة أمينة مراد و بناصر إسماعيني أجلت 14 مرة) نفتقد لهيئة الدفاع التي بخلت علينا بها الإطارات الجمعوية مع العلم أننا لا نطالب بشيء خارج القانون سوى محاسبة مسؤولي مؤسسات القروض الصغرى على الخروقات القانونية المرتكبة و التي نملك أدلة بصددها و كذا جبر ضرر الضحايا.

أية تنمية نريد ؟

ليست مؤسسات القروض الصغرى و لا غيرها من السياسات التنموية الزائفة بديلا عن الدولة. فقد بات المغرب كشأنه من دول العالم الثالث فأرا لتجارب الوصفات النيوليبرالية ، التي و ضعت الفقراء و النساء على وجه الخصوص في مقبرة الموت البطيء .

علينا أن ندرك نحن النساء أنه مثلما يحيا على أرضنا أناس يمتلكون كل شيء، فلنا الحق نحن المأجورات ، المعطلات، ربات البيوت ، الخدمات، المقهورات …أن نحيا مثلهم ، نعبر عن أفكارنا ، نرفض ، نصرخ بأعلى صوت، لنحدد مسار تنميتنا التي التهموها بجشعهم.

يجب الا ننسي في كل لحظة أن : أن تلك الأم ، أنجبت مولودها في أرصفة الشوارع ، لأنها لم تجد سيارة إسعاف تقلها للمستشفى ، ولم تجد سريرا به يأويها ، ولا طبيبا يهتم لحالتها.و تلك الأمية وخادمة بيت فهي كذلك لأنها لم تجد مقعدا لها في المدرسة و تعليما يستوعب فقرها وبؤسها.و حتى التي كانت أحسن حالا منها وتعلمت ، تعاني البطالة لأنها لم تجد عملا يستثمر مؤهلاتها لخدمة المجتمع.

ففي الوقت الذي تعمل فيه الدولة على استنزاف جيوب الفقراء عن طريق ما يسمى ” توسيع الوعاء الضريبي” ، الهجوم على أنظمة التقاعد ، و التهديد بالقضاء على صندوق المقاصة … بذريعة الرفع من مداخيل الدولة ، يصرف جزء كبير من ميزانية الدولة لخدمة الدين (14.75 في المائة من ميزانية الدولة حسب قانون المالي 2012.)

 فهل ببضعة دراهم تقدمها مؤسسات القروض الصغرى ستخرج المرأة من الفقر و الفقر المدقع ،لن نقبل أن يرمى لنا الفتات بيد و يسرق منا كل شيء باليد الأخرى . فالتنمية الحقيقية التي نطمح و نناضل من أجلها كنساء لن تتأتى إلا بنهج سياسة اجتماعية من شأنها أن تضمن للنساء الحق في التعليم ، الصحة ،الشغل و الرفع من الأجور ، خفض الأسعار… و نعتبر أن شبح المديونية هو أصل أوضاع الفقر و الهشاشة التي تعانيها القاعدة العريضة من أبناء و بنات الشعب المغربي ،و بالتالي نعتبر من موقعنا كمناهضين للعولمة ومنخرطين في الشبكة الدولية لإلغاء ديون العالم الثالث   أن لا تنمية دون إلغاء الديون، ولن يتأتى ذلك إلا عن طريق:

– استمرار التعبئة الوطنية والدولية من اجل افتحاص الدين العمومي .

– خلق جسور للتضامن و الدعم لكل  أشكال مقاومة السياساسات النيوليبرالية التي تخلفها المديونية.

– الوقوف على سياسة القروض الصغرى باعتبارها أحد أوجه هذه السياسة لفضحها و تعرية الأكاذيب التي تحوم حولها.

– التعريف بتجربة حركة ضحايا القروض الصغرى بورززات باعتبارها شكل فريد من أشكال مقاومة هذه السياسة الفاشلة.

– تقديم كل الدعم لهذه التجربة و السعي لتوسيعها كل حسب إمكاناته.

 

                                                                                                                      ربيعة الهوا ري

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى