بيانات وتقارير

الدورة 28 لمؤتمر الأطراف حول المناخ  (COP28):لا للاستعمار الأخضر، لا للحلول المزيفة للرأسمالية الخضراء

بيــــــــــــــــــان

جمعية أطاك المغرب
عضو الشبكة الدولية للجنة
من أجل إلغاء الديون غير الشرعية

الدورة 28 لمؤتمر الأطراف حول المناخ  (COP28)

لا للاستعمار الأخضر، لا للحلول المزيفة للرأسمالية الخضراء، لا للتطبيع الأخضر

نعم لسيادة الشعوب على مجالاتها

تؤكد كل التقارير الرسمية حول المناخ بما فيها تقرير الهيئة الحكومية لدراسة تغيرات المناخ (IPCC) تفاقم الازمة المناخية الشاملة المرتبطة بالاحتباس الحراري واقترابنا بشكل مخيف من نقطة اللاعودة التي حددها التقرير الخاص لسنة 2018 في 1,5 درجة مئوية. ستتضاعف هذه الظواهر 5 مرات في حالة مواصلة الانبعاثات الدفيئة منحاها، حسب نفس التقرير.

هذه التحولات العميقة المرتقبة والمرتبطة بالتلوث المتسارع للغلاف الجوي الذي صاحب تطور النظام الرأسمالي العالمي منذ أواسط القرن 19 خاصة في اوروبا والولايات المتحدة، جعلت العلماء يتحدثون اليوم عن حقبة جديدة من التاريخ الجيولوجي “الانتروبوسين” او بتعبير أكثر دقة؛ الكابتالوسين.

ليست التغيرات المناخية المرتبطة بظاهرة الاحتباس الحراري فقط توقعات للمستقبل، بل هي قائمة منذ مدة وتتجسد خاصة في الظواهر المتطرفة من فيضانات وحرائق غابات وموجات حرارة عالية. هذه الظواهر تزداد وتيرتها وحدتها في العديد من مناطق العالم: فيضانات بلجيكا والمانيا في سنة 2022، وحرائق الغابات في تركيا والجزائر والمغرب على سبيل المثال لا الحصر.

رغم كارثية الازمة واستعجاليتها، والمرتبطة أساسا بنظام الانتاج التوزيع والاستهلاك الرأسمالي المفروض على الأغلبية من قبل أقليات طفيلية عالمية ومحلية، تواصل الفئات الحاكمة عمليات الغسيل الأخضر ومحاولاتها الاستفادة من هذه الازمة لتحقيق مزيد من الأرباح.

ها هم يعقدون قمة كوب 28 من 30 نوفمبر إلى 12 دجنبر 2023 في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، الدولة ذات ثاني أكبر نسبة تلويث في العالم مقارنة بعدد السكان، ويتجرؤون ويقبلون بتسليم رئاسة كوب 28 للسلطان الجابر، الرئيس المدير التنفيذي لشركة بترول أبو ظبي؛ احدى أكبر الشركات البترولية في العالم. كما أن دولة الامارات تعد من أكثر الدول قمعا للحريات في العالم؛ خاصة حريات تنظيم النقابات والجمعيات.

يعتبر المغرب الي جانب الدول غير النفطية في منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط، رمزا للظلم البيئي، حيث ان مساهمة البلد في انبعاثات الغازات الدفيئة ضعيفة جدا بالمقارنة مع بلدان كالولايات المتحدة الامريكية والامارات العربية المتحدة. ورغم ذلك يعد من اشد البلدان تضررا من آثار هذه التغيرات ومن بينها الأقل استعدادا لمواجهة هذه التحولات. يعتبر تراجع التساقطات وتواتر سنوات الجفاف وتزايد حدتها، بالإضافة الى تواتر الفيضانات وتزايد حدثها في السنوات الأخيرة، من اهم تعبيرات هذه التحولات في بلادنا.

يعد النظام المغربي الحليف الأول للاستعمار الأخضر، بالنظر لتمكينه الشركات العالمية والطبقات الحاكمة من الاستيلاء على الأراضي والمجالات بدعوى الانتقال الطاقي، مع ما يرافق ذلك من تشريد للأهالي وقمعهم، كما جرى في ميدلت، حيث انتزعت من السكان أراضٍ تصل مساحتها 5000 هكتار وقبلها حالة ورززات حيث جرى نزع 3000 هكتار، وهناك المزيد.. ويتمثل في المشاريع القادمة كمشروع توتال انرجي في منطقة كلميم، حيث سيجري نزع 150 هكتار.

رغم الاستثمارات الهائلة التي وظفها الحاكمون في مشاريع الطاقات المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية والريحية، من المالية العمومية مباشرة آُو عبر آلية الديون، لا يتعدى نصيب هذه الطاقات 20% من الطاقة المنتجة الاجمالية لسنة 2021، في حين لا تتعدى هذه النسبة 8% من الطاقة الأولية التي تغلب عليها المواد البترولية كالبنزين والكازوال، والتي يجري استيرادها حصرا من قبل شركات خاصة تهيمن عليها شركة أخنوش “افريقيا” ثم توتال وشال. نتج عن مسلسل خصخصة قطاع الطاقة بالمغرب منذ نهاية التسعينيات وتعميقه مع إطلاق ما سمي بالمشاريع الخضراء وقانون 13.09 سيطرة شبه كاملة للخواص على القطاع بنسبة 78 % من انتاج الطاقة الكهربائية.

يدعي اذن الحاكمون في المغرب عزمهم قيادة انتقال عبر استثمار ما يقارب 70 مليار درهم منذ بداية المخطط في 2009. لكن واقع الحال هو ان هذا المخطط والانتقال الأخضر المزعوم ما هو الا ذريعة لتحقيق المزيد من الأرباح، ونعطي هنا مثال صفقة محطة ميدلت للطاقة الشمسية، التي استفادت منها شركة كرين اوف افريكا المملوكة لرئيس الحكومة الملياردير اخنوش بتحالف مع شركة EDF الفرنسية وشركة مصدر الإمارتية.

كما ان شركة ناريفا ضمن مجموعة المدى -اونا سابقا-تتحكم في سوق الطاقة الريحية في المغرب بأكثر من 90% .

يعد النظام المغربي كذلك من اهم شركاء الكيان الصهيوني في هذا القطاع، في ما يمكن ان نسميه تطبيعا أخضر، عبر انخراط شركات إسرائيلية في مشاريع خضراء بالمغرب خاصة شركة ENLT   وشركة  NewMed.

موقف المغرب في قمة كوب 28

باستثناء توقيع معاهدات واتفاقيات تجارية استعمارية جديدة تَهـُـمُّ المزيد من المشاريع الاستخراجية المتجهة نحو تصدير الطاقة الخضراء لأوروبا وإعلانات نوايا نحو افريقيا، يصعب تبيان موقف المفاوضين المغاربة من اهم القضايا المطروحة في قمة بدبي منها: التوقف عن استخراج الطاقات الأحفورية، تقييم التزامات اتفاق باريس وعدم التزام الدول الملوثة الكبرى بالتزاماتها، وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية، ومسالة صندوق جبر الضرر والتعويضات.

تدفع القوى العظمى باتجاه تسليم هذا الصندوق، إذا ما جرى استحداثه، للبنك العالمي. هذه المؤسسة قامت ولا تزال بدور استعماري الى جانب صندوق النقد الدولي، وتتحمل المؤسسان معا مسؤولية كبرى في تدهور مستوى عيش الملايين في العالم، وتدمير العديد من النظم البيئية، عبر تشجيعهما سياسات استخراجية وتمويلها. كما تتحملان مسؤولية تاريخية في الازمة المناخية الشاملة عبر وقوفهما وراء مشاريع ملوثة وتمويلهما إياها، وهو ما عبرت عنه الحركات الاجتماعية العالمية في قمتها المضادة المناهضة للاجتماعات السنوية لهاتين المؤسستين المنعقدة بمراكش في أكتوبر الماضي (2023).

اننا في جمعية اطاك المغرب وإذ نضم صوتنا لأصوات الحركة العالمية المناضلة من آجل عدالة مناخية والمناهضة لكل اشكال الاستعمار الأخضر، نعتبر ان أي انتقال بيئي عادل يمر عبر:

    القطع مع وهم اللحاق بالركب ومحاولات نسخ النموذج الرأسمالي الغربي للتنمية، الفاشل اجتماعيا، والمستحيل تعميمه ايكولوجيا.

    تحميل فاتورة الانتقال البيئي للمسؤولين عن الكارثة : الشركات متعددة الجنسيات والدول الإمبريالية وما يسمى بـ “النخب” المحلية الناهبة.

    الغاء تسديد الديون المالية العمومية غير الشرعية ووقف تسديدها.

    ضمان سيادة السكان المحليين على القرارات في كل مرحلة من المراحل التي تهم  عملية الانتقال البيئي  كالتصميم، التنفيذ، التشغيل، التخزين والتوزيع، إلخ.

    إرساء تحالف بين جميع المعنيين المباشرين من السكان المحليين والعمال والمستعملين، إلخ.

   إعطاء الأولوية للبدائل غير الممركزة والصغيرة الحجم والموجهة نحو تلبية الحاجيات الاساسية للأغلبية، مع احترام الامكانيات التجديدية للنظم البيئية.

    تطوير تحالفات بيئية اقليمية على أساس مبادئ التكامل والتضامن والمصلحة المشتركة.

الرباط، في 08 دجنبر 2023 السكرتارية الوطنية

زر الذهاب إلى الأعلى