حملات أطاك

الأسبوع العالمي للحراك من أجل العدالة والغاء الديون من 10 إلى 17 أكتوبر 2022

على هامش انعقاد الاجتماعات السنوية لعام 2022 لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك العالمي، تنطلق حملة الأسبوع العالمي للحراك من أجل العدالة وإلغاء الديون الدي يمتد من 10 إلى 17 أكتوبر 2002 . تنخرط جمعية أطاك المغرب عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل الغاء الديون غير الشرعية، في هده الحملة من أجل التشهير بالسياسات النيوليبرالية التي تمليها المؤسسات المانحة، والمطالبة بإلغاء الديون غير الشرعية التي ترهن بلداننا وتعميق تبعيتها للخارج، كما تناصر جمعية أطاك المغرب كل الحراكات والحملات العالمية الساعية إلى اسقاط آلية الديون وسياسات التقشف وتحرر الشعوب من اضطهاد صندوق النقد الدولي والبنك العالميين.

في ما يلي ننشر نص بيان الحملة على أمل أن تنخرط منظمات النضال : عمالية ونقابية وطلابية وحقوقية في المغرب والمنطقة العربية  في هذه الحملة العالمية :

الأسبوع العالمي للحراك من أجل العدالة والغاء الديون من 10 إلى 17 أكتوبر 2022.

إننا نتضامن مع ملایین الناس من دول كثیرة خرجوا إلى الشوارع في الأشھر الأخیرة للمطالبة بإنھاء ھیمنة الدیون والسیاسات المدمرة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وجھات الإقراض العالمیة الأخرى. سوف یقوم كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مجدداً في 14 إلى 16 أكتوبر/تشرین الأول 2022 بعقد اجتماعاتھما السنویة لإعمال سیاسات الإصلاحات النیولیبرالیة الخاصة بھما، وھي المناسبة التي تعد فرصة تكرر تفویتھا على مدار السنوات الماضیة، من قبل ھذه المؤسسات المالیة الدولیة، لاتخاذ تدابیر أجرأ دعماً لدول الجنوب العالمي المحملة بأعباء الدیون ومشاكل التغیر المناخي. لقد دأب صندوق النقد الدولي على فرض إصلاحات نیولیبرالیة في خضم أزمات الدیون التي تضرب بجذورھا في اللامساواة العالمیة والإرث الاستعماري التاریخي. ولقد جاءت جائحة كوفید 19 لتسلط الضوء وتفاقم ھذه الإخفاقات طویلة الأجل التي تنال من الصحة العامة والنظم الاجتماعية والاقتصادية، وتتطلب إعادة تفكیر عمیق في ممارسات واشتراطات صندوق النقد، التي أسھمت كثیراً في ھذه الإخفاقات. لقد مرت نحو ثلاث سنوات منذ أعلنت الأمم المتحدة فیروس كوفید جائحة عالمیة، ویواجه  العالم الآن أفقاً أكثر مدعاة للقلق، وأكثر انعداماً للعدالة وللمساواة وأقل استدامة من ذي قبل.

یستمر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العمل بموجب أسالیب الماضي، إذ یقدمان قروضاً لمواجھة الطوارئ بدلاً من إلغاء الدیون وتقدیم الجبر والتعویض المستحقان منذ زمن طویل بعد عقود من السیاسات التي خلفّت الناس أكثر فقراً وأحلت الإمبریالیة الاقتصادیة محل الاستعمار التقلیدي. إن نفوذ الشركات غیر المستحق قد أدى بالدول إلى تقدیم إعانات ھائلة للشركات وباقات إنقاذ للشركات في ظل أقل الإشراف، مع التراجع والانتكاس عن تدابیر الحمایة البیئیة. لم تكن باقات التعافي التي أطلقھا صندوق النقد مفیدة إلا للشركات الغنیة، والمقرضین من القطاع الخاص، دون توفر إغاثة تذُكر لمن یتحملون أعباء الدیون الثقیلة وغیر المشروعة وفقدان الوظائف وتفاقم الفقر وانھیار النظم الصحیة واشتداد الأحداث المناخیة المتطرفة. في واقع الأمر، فإن جمیع مناطق العالم، وتحدیداً الجنوب العالمي، قد تعمقت في أزماتھا المتعددة – وھو مؤشر واضح على الردود المُخفقة والمعیبة وغیر المجدیة للمشكلات الھیكلیة القائمة، ودعوة للناس في جمیع أنحاء العالم للدفع بقوة أكبر من أجل تغیر حقیقي وقادر على إحداث تحولات جذریة.

مع تفاقم الأزمات خلال الأعوام الماضیة في ظل جائحة كوفید، فھي مستمرة في التسبب في خسارة ملایین الأرواح وسبل المعاش لا سیما في أوساط أولئك غیر الحاصلین على دعم حكومي أو القدرة على أخذ اللقاح. كما زادت الجائحة وعواقبھا الاقتصادیة من انعدام المساواة داخل الدول وفیما بینھا. أدت إلى موجة من التسلیف والإقراض، مع مراكمة الدول المعتمدة على القروض للدیون فوق تلك الدیون السابقة غیر المستدامة وغیر المشروعة التي تراكمت علیھا على مر العقود الماضیة. إن المؤسسات المالیة الدولیة والمقرضین بموجب اتفاقات ثنائیة والمقرضین من القطاع الخاص قد أسھموا كثیراً في أعمال التسلیف المتھور ھذه، مع الدفع نحو المزید من الحلول المعتمدة على القروض وخلق فرص تزاید الدیون. ولقد زاد صندوق النقد الدولي من تعمیمها ونشره للقروض الجدیدة، من 8.3 ملیار دولار في 2019 إلى 31.6 ملیار دولار في 2020، في حین أن المؤسسات متعددة الأطراف الأخرى قد زادت سعتھا الإقراضیة من 52.2 ملیار دولار إلى 70.6 ملیار دولار. ومن جانبھا، تراجعت في حقیقة الأمر اتفاقات الإقراض الثنائیة وتشمل الإقراض من القطاع الخاص، من 2019 إلى 2020.

وفوق ھذه الأعباء، یصرّ صندوق النقد الدولي على فرض رسوم بملایین الدولارات على الدول التي قدم لھا قروض كبیرة، عادة في تجاھل لأوضاعھا وقیمھا، وتشمل الأرجنتین والإكوادور ومصر وباكستان وأوكرانیا، من بین دول أخرى.

في فبرایر/شباط من ھذا العام، اندلعت أزمة أخرى ورائھا مشاكل ھیكلیة عمیقة من اللامساواة في البنى والعلاقات الاجتماعية- الاقتصادية والمالیة والسیاسیة والعسكریة، التي دفعت العالم حالیاً إلى حالة من التصدّع. غزت روسیا أوكرانیا، ما أدى إلى تدھور الأزمة الإنسانیة على مستوى العالم. ھناك ما یقُدر بـ 71 ملیون نسمة دُفعوا تحت خط الفقر المدقع في أعقاب موجات تسبب فیھا الغزو، من ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة على مستوى العالم.

ومع تصاعد أسعار الفائدة تتراكم الدیون بقدر أكبر وعلى مستویات غیر مسبوقة. ھناك عدة دول الآن أصبحت على شفا عدم القدرة على تسدید فوائد القروض، أو ھي معرضة لھذا الخطر بشكل كبیر، ومن المقدر لھا أن تسیر على خطى سریلانكا وزیمبابوي ولبنان وزامبیا وسورینام.

تشمل ھذه الدول الأرجنتین وباكستان ومصر وكینیا وغانا وتونس – وأغلبھا دول دخل متوسط، ما یظُھر أن كافة الدول بحاجة إلى خطط لإلغاء الدیون.

وبالنسبة إلى القروض الجدیدة المقدمة إلى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل حتى 2020، فإن خمسة أمثال ھذه القروض قد جاءت من مقرضین من القطاع الخاص، مقارنة بالقروض الواردة عبر اتفاقات ثنائیة. تناقلت التقاریر أن ھذه الدول أصبحت مدینة للمقرضین من القطاع الخاص 2.18 تریلیون دولار، أو 63% من دیونھا العامة الخارجیة طویلة الأجل، ومنھا 1.73 تریلیون دولار على صورة أوراق مالیة.

تشھد ھذه الدیون بوضوح على تصدّع مخططات مجموعة السبعة ومجموعة العشرین، ومنھا مبادرة تعلیق خدمة الدیون (DSSI). لأن المقرضین من القطاع الخاص ومن مؤسسات متعددة الأطراف لا یشاركون في ھذه المخططات، فإنھا لم تؤد إلا لتعلیق خدمة ربع الدیون تقریباً في الدول التي ستشارك بالمبادرة.

ومع انتھاء مدة المبادرة في دیسمبر/كانون الأول 2021، استأنفت دول مثل باكستان خدمة الدیون للحكومات التي علقت تسدید الدیون المستحقة لھا، لكن في ظل ظروف أصعب من دیون أكبر تراكمت علیھا أخر عامین وأسعار فائدة أعلى یمكن أن تزید في لحظة دون سابق إنذار. ولم تظھر أیة بوادر للرد أو التعامل من الحكومات والمؤسسات المالیة الدولیة، التي تستمر ببساطة في “دعوة” و”حث” و”تشجیع” المشاركة في مواجھة قدرة المقرضین من القطاع الخاص الھائلة على الإفلات من العقاب.

في نوفمبر/تشرین الثاني 2020 وافقت دول العشرین على إطار عمل مشترك للتعامل مع الدیون من بعد المبادرة، وھي خطة تیسر – نظریاً – إعادة ھیكلة دیون الدول منخفضة ومتوسطة الدخل. وعلى مدار عامین تقریباً لم تتقدم للإطار المشترك سوى ثلاث دول ھي زامبیا وأثیوبیا وتشاد، ولم یتم إعادة ھیكلة أو إلغاء ولو دولار واحد حتى الآن من الدیون. ویظھر من الأنباء التي ظھرت مؤخراً عن موافقة صندوق النقد بشأن زامبیا أن تخفیض أو إعادة ھیكلة الدیون سیأتي على حساب التقشف، فضلاً عن المزید من النھب والإفلات من العقاب للجناة.

التقشف بكافة أشكاله  دفع الدول المعرضة للإفقار بدرجة أعمق إلى اللامساواة وأزمات الدیون، بناء على اشتراطات المؤسسات المالیة الدولیة وبناء على العقلیة النیولیبرالیة المھیمنة. ھذه “الوصفة” لم تتغیر رغم أن الظروف تظُھر كیف تقع أسوأ آثار التقشف على الأكثر عرضة للخطر والتھمیش من الناس. نحو 85% من 107 قروض متصلة بكوفید تم التفاوض علیھا بین صندوق النقد و85 حكومة، تبین أنھا اتفاقات تشتمل على خطط تقشف سیتم تنفیذھا عندما تنتھي الأزمة الصحیة.

یحدث ھذا أیضاً في توقیت نشھد فیه تزاید الأزمات المناخیة الكارثیة، التي تضرب بأعمق آثارھا المدمرة على الأقل مسؤولیة عن التسبب في الأزمة المناخیة، شعوب الجنوب العالمي. إن وراء تصریحات البنك الدولي بأن البنك سیتوقف عن تمویل الاستثمارات في النفط والغاز بعد 2019، الكثیر من مشاریع الفحم والغاز والنفط التي مولھا البنك ولم یحاسب بعد على تسببھا في التغیر المناخي. ھذه المشروعات دمرت الغابات المطیرة والتنوع الحیوي، وأدت لتشرید الناس ونزوح مجتمعات بأسرھا، وحبست عدة دول بالجنوب في الاعتماد على صناعة الوقود الأحفوري، وأسھمت بقوة في تصاعد الأزمة المناخیة. منذ إبرام اتفاق باریس في 2015، استثمر البنك الدولي أكثر من 12 ملیار دولار في الوقود الأحفوري، و10.5 ملیار دولار منھا ذھبت إلى تمویل مشروعات وقود أحفوري بشكل مباشر. وھناك ملیارات إضافیة تتدفق إلى الوقود الأحفوري عبر مجموعة مختلطة من العملیات والتمویلات غیر المباشرة. ونحو 4 ملیار دولار (أو 35% من مساعدات مجموعة البنك الدولي لصناعة الوقود الأحفوري منذ 2015) ذھبت إلى ثمانٍ من مجموعة دول العشرین، وھناك عدد منھا یعد من أكبر مصادر الإعانات الحكومیة لاستثمارات الوقود الأحفوري.

إننا نرفض احتجازنا رھائن طرف المقرضین وصناع القرار العالمي الذین یقودونا لأسفل على مسار نحو المزید والمزید من اللامساواة والإفقار والحرمان وقتل الطبیعة. وبشكل عاجل نؤكد دعوات المجتمع المدني المقدمة في عام 2020 ونطالب بما یلي:

1.      الإلغاء الفوري للدیون من قبل جمیع المقرضین – من مؤسسات مالیة دولیة وحكومات ومقرضین من القطاع الخاص، لتمكین الناس من التعامل مع الأزمات المتعددة والمتداخلة، ووضع تشریعات أقوى تجعل من الإلزامي على المقرضین من القطاع الخاص المشاركة في إلغاء الدیون.

2.      إحداث تغیرات منھجیة وھیكلیة في النظم المالیة والاقتصادیة من أجل وقف التراكم غیر المستدام والدیون غیر المشروعة، ولتقدیم حلول نزیھة وشاملة لأزمات الدیون، ولبناء مجتمعات أكثر مساواة وعدالة بمنأى عن حرق الكربون، بما یشمل وضع حد للتسلیف الذي یؤدي إلى استغلال الناس وتدمیر البیئة. 

3.     التقدیم الفوري لتمویلات جدیدة وإضافیة لا تھیئ لدیون على مسار تمویل التكیف مع التغیر المناخي والعمل على تخفیف آثاره والتعامل مع الخسائر والأضرار المترتبة علیه، بما یتجاوز بكثیر تعھد المائة ملیار دولار السنویة غیر المستوفى بعد، وبالقدر الذي یفي باحتیاجات الجنوب العالمي. 

4.      المراجعة المستفیضة على المستویین الوطني والدولي وإدخال تغییرات في سیاسات الإقراض والاقتراض وسداد الأقساط والممارسات الأخرى ذات الصلة المرتبطة بمنع العودة لتراكم الدیون غیر المستدامة وغیر المشروعة، وتقویة المؤسسات والعملیات الدیمقراطیة، وصون حقوق الإنسان وحق الناس في تقریر المصیر، وجلب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وجھات الإقراض العالمیة الأخرى إلى العدالة. 

5.      سن آلیات وعملیات تشاركیة وشاملة لشفافیة والمحاسبة على الدیون، تشمل مراجعات للدیون الوطنية، بما یسھل الفحص الحقیقي لطبیعة وغرض وشروط ومواصفات واستخدامات القروض الحقیقیة، وآثار السیاسات والبرامج المدعومة بالقروض. 

6.      تھیئة إطار عمل نزیه وشفاف ومُلزم متعدد الأطراف، لتسویة أزمة الدیون (تحت إشراف الأمم المتحدة ولیس من خلال المحافل التي تسیطر علیھا الأطراف المُقرضة) بما یؤدي للتصدي للدیون غیر المستدامة أو المشروعة، والإقرار بأولویة التزامات حقوق الإنسان لجمیع الأطراف. 

7.      تقدیم الجبر والتعویض على الأضرار اللاحقة بالدول والشعوب والطبیعة بسبب التعاقد على واستخدام ودفع دیون غیر مستدامة أو مشروعة، والشروط المفروضة لضمان سدادھا. 

زر الذهاب إلى الأعلى