الديونالعولمة الرأسماليةبيانات وتقاريرحملات أطاك

نداء من أجل تدقيق الديون العمومية المغربية: لا تنمية دون إلغاء المديونية

نداء من أجل تدقيق الديون العمومية المغربية: لا تنمية دون إلغاء المديونية

 

يرزح الاقتصاد المغربي تحت عبء مديونية ما فتأت تتفاقم. فقد بلغ حجم الديون العمومية الإجمالي (الداخلية والخارجية) للمغرب مع نهاية 2013 حوالي 679 مليار درهم،  أي ما يعادل حوالي 78% من الناتج الداخلي الخام، منها 235 مليار درهم كديون عمومية خارجية،  و 444 مليار درهم كديون عمومية داخلية. وبلغت خدمة الدين مبلغ 163 مليار درهم، وهو ما يعادل أكثر من ثلاث أضعاف ميزانية التعليم لسنة 2013، وحوالي 13 مرات ميزانية الصحة، وحوالي ثلاث أضعاف ميزانية الاستثمارات العمومية.

تمتص خدمة الدين (فوائد + حصة الدين الأصلي) سنويا 103 مليار درهم كمعدل لست سنوات الأخيرة (ما بين 2007 و 2012)، منها 18 مليار درهم مخصصة للدين الخارجي، و 85 مليار درهم للدين الداخلي. وسدد المغرب بين 1983 و 2011 إلى الخارج ما يفوق 115 مليار دولار، أي ما يعادل 8 مرات دينه الأصلي، ومازال بذمته حوالي 23 مليار دولار حاليا.

وفي إطار استراتيجية جديدة لتمويل الخزينة تعتمد على الرجوع إلى التمويل الخارجي، لجأت الدولة الى بيع سندات بالسوق المالي الدولي في سنة 2010 بقيمة 1 مليار يورو، و1,5 مليار دولار في دجنبر 2012، و 750 مليون دولار في ماي 2013، و 1 مليار يورو في يونيو 2014. وفي غشت 2014، حصل المغرب على قرض ائتماني احترازي جديد قيمته 5 مليار دولار (حوالي 43 مليار درهم) على مدى عامين قد يستعمل لتغطية عجز حساب المعاملات الجارية لميزان  الآداءات بشكل استعجالي.

هذه الديون، تثقل ميزانية الدولة،  وتعوق الاستثمار، وتؤدي الى تقليص الميزانيات الاجتماعية بشكل حاد، وتعمق برامج التقويم الهيكلي، وتفرض إجراءات تقشفية توسع البطالة والفقر، وترهن سيادتنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وغذائيا وبيئيا. فلا تنمية اقتصادية أو اجتماعية أو بشرية دون الخروج من هذه الحلقة المفرغة للمديونية. وهذا ما يتطلب اجراء تدقيق شامل لمجموع الديون العمومية المغربية (الداخلية والخارجية)، حيث أن الخيارات الاستراتيجية ببلادنا تمليها المؤسسات المالية الدولية، ويصادق عليها برلمان لا يعكس الإرادة الشعبية حقيقة، وتنفذها حكومات شكلية.

هناك تجارب إلغاء الديون ناجحة بكل من الإكوادور والأرجنتين. وهناك تعبئات من أجل تدقيق شعبي للديون ببعض بلدان أوروبا التي تحولت إلى مركز أزمة المديونية، وكذا بتونس ومصر، خصوصا وأن سقوط الأنظمة الديكتاتورية بهذين البلدين يفترض إلغاء الديون الكريهة المرتبطة بفترة حكمهما.

 وتجدر الإشارة إلى أن هناك عديد من الأسس القانونية لتعليق تسديد الديون في أفق إلغائها كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الفصل 28)، وميثاق الأمم المتحدة (المادتين 55 و56)، وإعلان الأمم المتحدة حول الحق في التنمية (المادة 2)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادتين 1 و2)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادتين 1 و2). وجب التذكير أيضا بعديد من التقارير والقرارات الدولية حول المديونية، كتقرير الخبير الأممي المستقل سيفاس لومينا حول الديون الخارجية وحقوق الإنسان، وقرار مجلس حقوق الإنسان 10/20 حول آثار الديون الخارجية للدول، وقرار مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة الصادر في 23 أبريل 1999، وقرار الجمعية البرلمانية المشتركة بين الاتحاد الأوروبي ودول إفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي بتاريخ 18  ماي 2011  ، تطالب فيه الاتحاد الأوروبي بتعليق مؤقت لتسديد ديون بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وتؤكّد على الحاجة إلى التدقيق في هذه الديون، وإلى تجميد أصول القادة الفاسدين وإعادتها إلى خزائن العمومية للبلدان المعنيّة،  وقرار البرلمان الأوروبي، في اجتماعه بتاريخ 10 ماي 2012 حول التجارة والاستثمار ببلدان جنوب المتوسط بعد الثورات العربية، يعتبر فيه الديون العمومية الخارجية لبلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط  ديونا كريهة لكونها تمّت مراكمتها من طرف أنظمة ديكتاتورية بواسطة الثراء الشخصي للنخب السياسية والاقتصادية أساسا، وشراء أسلحة استخدمت غالبا ضد شعوبها، ويطالب بتدقيق هذه الديون.

إنها محفزات حقيقية للشروع في حملة من أجل تدقيق الديون ببلدنا. فالحقّ في طلب الاطلاع على دفاتر الحسابات حقّ ديمقراطي أساسي يسمح لنا بإرساء آليات الرقابة على خيارات الدّولة، ويشكل وسيلة تعبئة شعبية واسعة ضد المديونية ونتائجها الكارثية.

لهذا، فجمعية أطاك المغرب تطالب بــــــ:

–           إنشاء لجنة تشارك فيها جميع منظمات النضال عمالية وشعبية من نقابات، وأحزاب يسارية ، ومنظمات حقوق الانسان، وتنظيمات المعطلين والنساء والشباب، والأساتذة الجامعيون، والخبراء الاقتصاديون والقانونيون، والبرلمانيون، إلخ، أي جميع ما أمكن من شرائح الشعب المغربي الذي يؤدي ثمن المديونية. وطبعا، ستجري الاستعانة بخبراء دوليين لديهم تجربة في تدقيق الديون عبر العالم.

–          تعليق تسديد مبالغ خدمة الدين وتجميد الفوائد حتى تظهر نتائج التدقيق

–           إلغاء الديون غير الشرعية والكريهة التي سيحددها تدقيق الديون، خصوصا تلك المرتبطة بما سمي بسنوات الرصاص، والتي استعملت فيها الديون لتعزيز آلية القمع واستعباد الشعب المغربي، والمطالبة بالتعويض التاريخي عن المبالغ المسددة.

الرباط في 9 نونبر 2014

زر الذهاب إلى الأعلى