يخوص متقاعدو وقدماء شركة النقل الحضري الرطاك سابقا بأكادير نضالات بشكل أسبوعي من أجل تحقيق جملة مطالب، وللتعرف أكثر على حيثيات هذه المعركة ونقل تجربتهم النضالية والتنظيمية ، أجرت مجموعة أطاك انزكان حوارا مع الطيب كزولي، الكاتب العام لجمعية الأعمال الاجتماعية لمتقاعدي وقدماء الوكالة المستقلة للنقل الحضري بأكادير.
- ينتظم متقاعدو وقدماء الرطاك بأكادير في جمعية، هل يمكنك بداية أن تحدثنا عن السياق الذي جاءت فيه هذه التجربة التنظيمية لهذا القسم من الطبقة العاملة؟
أولا شكرا لجمعية أطاك مجموعة انزكان على هذا الحوار.
لقد بدأت الوكالة المستقلة للنقل الحضري عملها بأكادير الكبير بتاريخ 03/03/1978 . ووزارة الداخلية هي التي تعين مدراءها ولها مجلس إداري مكون من ممثلي بلديات أكادير الكبير، إضافة الى ممثلين عن وزارة المالية ووزارة النقل ويقوم عامل عمالة أكادير برئاسته.
عان مستخدمو الرطاك من ويلات القمع وهضم أبسط الحقوق بما فيها حق التنظيم النقابي (المضمون) قانونا. هذه الوضعية التي يعيشونها جعلتهم يعيشون في رعب مخافة ضياع القوت اليومي لعائلاتهم بسبب بطش الإدارة وانحياز السلطات لها في كل شيء. للإشارة فقد تم التصريح بجميع المستخدمين لدى النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد كأنهم يمارسون أشغال المكتب منذ تأسيس الوكالة الى غاية 31/12/1989، مما حرم العاملين أنداك من 72 يوما عن كل سنة عمل و نفس الشيء بالنسبة لترقية السلاليم إذ لم يستفد أغلب المستخدمين من حقهم في الترقية، وحسب القانون المنظم للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد هناك صنفان من المؤمنين: مستخدمو الإدارة يستفيدون من الراحة يومي السبت والأحد، أما القباض والسائق والمراقبون والميكانيكيون فيقومون بالأشغال المتعبة ولا يستفيدون من الراحة يومي السبت والأحد وتضاف لهم 72 يوما عن كل سنة عمل. ومورس قمع وحشي في حق كل من تجرأ على ممارسة الحق النقابي، وأرغمت هذه الوضعية أغلب المستخدمين على التكيف مع الوضع إلى أن تم حل الرطاك سنة 2010 وتفويت خدماتها للشركة المتعددة الاستيطان ألزا سيتي.
تم إقصاء المتقاعدين حينذاك من حقهم في الاستفادة من بطاقات الركوب المجانية لهم ولزوجاتهم وأبناءهم تحت الكفالة. فتحركت في تلك الفترة مجموعة من المتقاعدين وقامت بالاتصال بي طالبة التدخل لحل هذا الموضوع، خصوصا وأني نقابي سابق ومندوب العمال وتعرضت لطرد أعمى من طرف مدير الوكالة بتنسيق مع أدواته. رحبت بالفكرة وتم الاتصال ببعض المطرودين السابقين ظلما وعدوانا للتنسيق معهم بشأن الاشتغال بالجمعية التي أسسوها سابقا وخاضوا نضالات عدة تحت إشرافها. عقدنا اجتماعات بمقر تلك الجمعية بإنزكان وقمنا بتعديل القانون الأساسي ليشمل متقاعدي وقدماء الرطاك بالإضافة لنقط أخرى متعلقة بتسيير الجمعية. ومن حسن حظنا جاء حراك 20 فبراير المجيد وقررنا تنظيم وقفة احتجاجية بساحة الحافلات بالبطوار يوم 21 فبراير 2011. ومع بداية توافد المتقاعدين تدخل قائد الملحقة الثانية البطوار طالبا منا وقف ترديد الشعارات لعقد اجتماع لحل المشاكل المطروحة.
عقد الاجتماع بمقر إدارة شركة ألزا وحضره قائد البطوار ممثلا للسلطات ومدير شركة ألزا ومصفي الرطاك وأعضاء مكتب جمعيتنا. تم الاتفاق على مطلب استفادة المتقاعدين وزوجاتهم وأبنائهم تحت الكفالة من بطاقات الركوب المجانية المخولة لهم قانونا وكذلك إرجاع بعض المطرودين الراغبين في العودة إلى العمل. واستمر عمل الجمعية في متابعة مشاكل الأشغال المتعبة قضائيا بالنسبة للعديد من متقاعدي وقدماء الرطاك وتم الحكم لصالحهم واستفادوا من تعويضاتهم. نفس الشيء بالنسبة للترقية هناك أكثر من مائتي حكم قضائي لكن المصفي رفض تنفيذها تحت ذريعة انعدام السيولة المالية. تجدر الاشارة إلى أن شركة الرطاك تعاني من ديون تفوق 14 مليار سنتيم ولم يحاسب أحد بسبب تلك الجرائم المالية.
- تعيش أقسام واسعة من الشعب المغربي أوضاع مزرية بسبب غلاء الأسعار وتدني القدرة الشرائية ، وتفكيك الدولة للخدمات الاجتماعية، كيف تواجهون كمتقاعدين هذا الوضعِ ؟
يعيش أغلب كادحي – ات المغرب أوضاعا معيشية صعبة بسبب السياسات المدمرة المملاة من المؤسسات المالية الدولية والتي تنهجها الدولة. المتقاعدون- ات هم أيضا جزء من هذه الشريحة التي تكتوي بنيران هذه السياسات المنتهجة. وما زاد الطين بلة هو تجميد المعاشات خصوصا وأن النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد يمنح المعاش على أساس معدل جميع سنوات العمل، عكس الصندوق المغربي للتقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي اللذان يحتسبان المعاش على أساس ثمانية سنوات الأخيرة من العمل. بل هناك من يتلقى معاشا لا يتجاوز ألفين درهم شهريا أو أقل. وما يضاعف هذا الحيف استهزاء بعض مسؤولي الصندوق بالمؤمنين ومحاولة تضليلهم. فرغم أن القانون المنظم للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد يحدد الحد الأدنى للمعاش في ألف درهم شرط إتمام خمس سنوات من العمل الفعلي، و ألف وخمسمائة درهم بعد إتمام عشر سنوات من العمل الفعلي، هنا يشترط الصندوق عدم التوفر على معاش، حيت يتعلق الأمر بالتنسيق بين أنظمة التقاعد إن كان المعني يستفيد من معاش آخر لكنه يهم العاملين ل 10 سنوات، وتقوم إدارة الصندوق بإسقاطه على العاملين بين 5 و 10 سنوات المفروض استفادتهم من معاش 1000درهم. تستمر إدارة النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في الخرق الفاضح للفصل 35 مكرر من القانون المنظم للصندوق: الظهير الشريف رقم 112-16-1 بتاريخ 20 غشت2016 بالجريدة الرسمية عدد 6495 بتاريخ 30 غشت 2016 . فرغم مطالب ضحايا تعسفات إدارة صندوق التقاعد إلا أنهم لم يلقوا آدانا صاغية. ويسخر بعض المكلفين بالاستقبال من المحتجين طالبين منهم التوجه نحو القضاء: (موظفة مكلفة باستقبال الجمعيات). هذه المعاناة بالإضافة إلى الغلاء الفاحش في كل شيء تجعل حياة المتقاعدين فوق برميل ساخن.
- تخوضون كمتقاعدي وقدماء الرطاك التي تم تفويتها للشركة المتعددة الاستيطان ألزا سيتي وقفات احتجاجية أسبوعية امام الولاية، ما هي الأسباب التي دفعتكم لتسطير البرنامج النضالي؟
تجدر الإشارة إلى أننا نناضل من أجل مطالب أساسية ألا وهي: أولا تنفيذ الأحكام القضائية بخصوص ترقية المستخدمين: أكثر من 200 حكم بمبالغ متفاوتة. ثانيا استفادة جميع المتقاعدين من حقهم في بطاقات الركوب المجانية. (ينبغي التذكير أن المصفي وهو مدير سابق للرطاك قام بإقصاء بعض المتقاعدين لأسباب انتقامية). ثالتا إدخال حق المتقاعدين وزوجاتهم وأبنائهم تحت الكفالة في دفتر التحملات عند تفويت القطاع لأية شركة أخرى. وفي هذا الإطار راسلنا ولاية الجهة مرات عدة، راسلنا الجهات المسؤولة، من جماعات محلية ومجلس الجهة والمجلس الإقليمي لكل من أكادير وإنزكان دون أن يحركوا ساكنا، اللهم عقد لقاء يتيم مع مسؤولي بلدية أكادير وآخر مع الكاتب العام للولاية بحضور رئيس قسم الشؤون الداخلية ورئيس قسم الجماعات المحلية، وآخر مع رئيس الدائرة الحضرية لأكادير المحيط بحضور قائد الملحقة الإدارية الأولى. جميع الاجتماعات هدفها التهدئة لربح الوقت. كما تم إخبارنا بإرسال نسخ تنفيذية بخصوص الأحكام القضائية الى المديرية العامة للجماعات الترابية مديرية التنقلات الحضرية والنقل. قمنا بزيارة تلك الإدارة بحي الرياض بالرباط لكننا نريد تحويل الوعود إلى أفعال. أمام كل ما ذكر فلا خيار لدينا سوى الاستمرار في النضال.
- ما هي الظروف التي يمكنها أن تساهم في انتصار معركتكم الحالية؟
يعد النهوض العارم للنضال العمالي والشعبي على غرار ما حدت في 20 فبراير الضامن لتحقيق مطالبنا، وإقبار الهجوم على أنظمة التقاعد وحق الاضراب والوظيفة العمومية وكل مكتسبات الشعب المغربي. من دون ذلك سيبقى الجميع يراوح مكانه دون التقدم في تحصين المكتسبات وانتزاع أخرى.
- أمام الهجوم الكبير على مكسب التقاعد ومن خلال تجربتكم ، هل من دروس يمكن تقاسمها مع كل متقاعدي/ متقاعدات المغرب في القطاعين العام والخاص؟
الدولة تشن هجوما على كافة الأصعدة. وما يشجعها في عدوانها هذا هو تقاعس قيادات المنظمات النقابية واستبدالها لخط النضال بخط التوافق الطبقي مع أرباب العمل ودولتهم. فالوضعية معقدة للغاية، من مهام المنظمات النقابية إدماج المتقاعدين في التنظيم القطاعي الذي ينتسبون إليه والتضامن معهم من طرف زملاءهم العاملين. لكن هذا ليس في صلب اهتمامها بل أكثر من هذا تحتفظ بالمتقاعدين البيروقراطيين لتسييرها و تساهم في تكسير نضالات عمالية منفلتة من سطوتها. يجب العمل دون كلل من أجل أن تسترجع المنظمات النقابية وهجها النضالي وتخليصها من المتعاونين مع أرباب العمل، وبنائها على أسس ديموقراطية وكفاحية وتوحيد نضالات الأجراء رغم تعدد الانتماءات النقابية، من دون ذلك نحن نسير نحو الهلاك المبين.
نونبر 2024