متابعة النضالات

حراك الفنيدق…صرخة المفقرين

يستمر حراك الفنيدق للأسبوع الثالث على التوالي في الخروج الليلي رغم المنع والضغوط والاغراءات من طرف السلطة المحلية. انتفاضة سلمية تقودها النساء بشجاعة وترفع مطالب السكان المحليين  المتضررين من غلق المعبر الحدودي مع سبتة المحتلة منذ دجنبر 2019 من طرف الدولة مما خلق أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، زادت ظروف وباء كوفيد 19 مفاقمتها، وعمقها تجاهل المخزن لمحنة المواطنين لشهور عديدة.

كما كان الحال في الريف، يتميز هذا الحراك بالتنظيم الذاتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. خاصية تجعل منه نقطة قوة، ولكن يمكن أن تصبح نقطة ضعف نظرا لغياب وتأخر الهيئات السياسية والجمعوية للحضور خلال الاحتجاجات، خاصة أن القمع يتربص بالمعركة الجنينية. ولنا في تجربة جرادة المريرة عبرة من خلال عزل احتجاج اجتماعي قبل أن يتم قمعه الشديد.

النساء في طليعة النضال

الفنيدق كما بني درار وبني نصار في الشرق ضحية لاستراتجية الدولة الهادفة لغلق كل معابر “التهريب المعيشي”. تدافع الدولة على هذه الاجراءات ككونها فرصة “لتشجيع المنتوج الوطني”. حجة واهية لكون المنتوجات الأجنبية نفسها مازالت تلج السوق الوطنية، لكن عبر الموانئ وتغزو المدن. المستفيد هم كبار التجار والباطرونا، والخاسر الأكبر هم الساكنة الحدودية بالفنيدق وكل مدن الشمال الذين كانوا يعيشون من هذا الاقتصاد غير المهيكل ولم يكونوا يطالبون الدولة بأي مساعدة. غلق الحدود مع اسبانيا المحلة لم تعقبه اجراءات بديلة بل فقط وعود لم ير منها السكان أي اجراء على أرض الواقع منذ سنتين. وضع لا يطاق، دفع السكان للخروج للاحتجاج.

ساكنة الفنيدق كسرت حاجز الخوف واستطاعت أن تربك حسابات السلطة كما النخبة المحلية والوطنية. الأسبوع الأول من الاحتجاج (5 فبراير) كان اختبارا للمواطنين وقدرتهم مواجهة قمع الاستبداد. المخزن واجه هذه الحركة الفتية بالقمع واعتقل أربع شبان وحكم عليهم بالسجن الموقوف التنفيذ كرسالة انذارية لحراك مازال في بدايته. لكن الساكنة أبانت عن استماتة وشجاعة خاصة وأنها لم يعد لها ما تخسره.

 الفنيدق تعيش كسادا اقتصاديا خطيرا. حوالي 9000 شخص فقدوا مورد رزق بسبب توقيف التهريب المعيشي. 3600 عاملة وعامل ممنوعون من التوجه إلى سبتة المحتلة للالتحاق بعملهم منذ مارس 2020، بسبب قرار الحكومة المغربية غلق المعبر. اغلاق 600 متجر بأسواق المدينة. 30 في المائة من مقاهي ومطاعم المدينة أغلقت كليا. المواطنين الفقراء لا يستطيعون دفع سومة الكراء وفواتير الماء والكهرباء. وبشكل عام المدينة وسكانها يحتضران. الشباب أصبحوا يخاطرون بحياتهم من أجل ” الحريك” سباحة إلى سبتة ( 5 كلم سباحة ليلا). ولعل تكرار حالات الوفيات لدى الشباب بعد محاولات الحريك اليائسة كانت النقطة التي أفاضت الكأس. ساكنة الفنيدق التي لم تكن ترفع مطالب للدولة المغربية، هاهي اليوم تصرخ في الشارع كل يوم جمعة أمام دهشة وارتباك المخزن.

لعل انتفاضة سكان الفنيدق لم تكن لتتواصل لولا جرأة نساء المدينة في كل جمعة يأتين رفقة أولادهم، بعزة نفس ورأس مرفوعة ورسالة واضحة: البديل الاقتصادي الآن وفتح الحدود للعمال المرخصين من أجل الالتحاق بعملهم.

ان كانت الساكنة المتضررة لها رؤية واضحة، فإن الاطارات المحلية – حسب ماعايناه هناك- مازالت متأخرة عن هذا النضال الميداني ومكتفية “بالنضال الفيسبوكي” .فيما نخبة المنطقة ماضية في عملية مرافعة قد تتحول لمساومة من أجل امتتصاص غضب السكان من خلال مبادرة العريضة الموجهة لمجلس جهة الشمال.

من وجهة نظر داعمي النضالات الشعبية، وجب دعم نضالات السكان ميدانيا واعلاميا وكذا التأكيد على المطالب والعاجلة ومن بينها:

– وقف قطع التزويد بالماء والكهرباء وجحز العدادات من طرف أمانديس على الساكنة المحلية

– وقف افراغ المكترين من السكان، لعجزهم عن سداد سومة الكراء الشهرية

– وقف سداد ديون القروض الصغرى للساكنة المحلية وكذا الغاء ذعائر التأخير. 

– الفتح الأني لمعبر سبتة المحتلة من أجل السماح للمواطنين (عددهم 100 مواطن-ة) بالعودة للفنيدق حيث لا يسمح لهم بالعودة منذ مارس 2020 وكذلك السماح ل3600 عاملا وعاملة بالثغر المحتل بالعودة لمقرات عملهم بشكل عادي، خاصة أنهم مهددون بفقدان عملهم.

الشفافية الكاملة في توزيع الاعانات الغذائية التي تقوم السلطة بتوزيعها على المعوزين والأرامل، بدون أن يتم اشتراط التلقيح ضد كورونا مقابل الحصول على ” القفة”.

وعاش الشعب ولاعاش من خانه.

صلاح. م

أطاك المغرب

زر الذهاب إلى الأعلى