بيانات وتقارير

بيان فاتح ماي 2024

أطاك المغرب                                                                            
عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير الشرعية   

بيان فاتح ماي 2024

الإبادة الصهيونية في غزة: من أجل إسقاط التطبيع

تستمر الحروب التي يغذيها التنافس بين الامبرياليات المهيمنة في العالم سواء في منطقة أوروبا الشرقية (الغزو الروسي لأوكرانيا)، في افريقيا (الحرب بين طرفي الثورة المضادة في السودان)، أوفي الشرق الأوسط (حرب الإبادة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في غزة).

تؤدي الشعوب ثمن هذه الحروب بأرواحها حيث قارب عدد من قتلتهم آلة الحرب الصهيونية في غزة 35 ألف شهيد و80 ألف مصاب جلهم من الأطفال والنساء، واضطر حوالي مليوني فلسطيني في قطاع غزة إلى الفرار من منازلهم، ونزحوا للسكن في خيام مؤقتة يعانون من الجوع وندرة الماء الصالح للشرب، وتقلبات الجو فضلا عن استمرار سقوط القذائف والصواريخ عليهم، الخ.

يدعم الغرب الامبريالي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية الاحتلال الصهيوني، في حين اكتفت الأنظمة العربية بردة فعل باهتة جدا اتجاه القتل والتدمير الجاريين في غزة، وبعضها يواصل التطبيع مع العدو الصهيوني، ويحول استبدادها من التعبير الشعبي عن التضامن مع فلسطين الذي يتوسع بشكل محفز أساسا في المراكز الامبريالية الكبرى. اعتقل في المغرب عدد من النشطاء عبروا عن رفضهم لمسلسل التطبيع مع الكيان الصهيوني، ويتابع 13 عضوا من الجبهة المغربية لدعم فلسـطين ومناهضة التـطبيع. لم تمنع هذه الحملة القمعية من تواصل الوقفات والمسيرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني، والتي يتصدرها مطلب إسقاط التطبيع.

فوضى أزمات الرأسمالية

ليست هذه الحروب سوى إحدى تجليات الفوضى والأزمات التي يتخبط فيها النظام الرأسمالي على المستوى العالمي. فعلاوة على الركود الاقتصادي، تكتسي الأزمة البيئية أبعادا خطيرة فيما نراه من تغيرات مناخية عنيفة وإتلاف سريع للأراضي والبحار والغابات وتوسع التلوث، الخ. يترافق كل هذا مع أزمة الهجرة والأزمة الغذائية والأزمة السياسية وصعود تيارات اليمين المتطرفة والفاشية.

 تستمر الحكومات الامبريالية النيوليبرالية في تدبير أزماتها متعددة الأبعاد للحفاظ على هامش الربح عبر هجماتها الشرسة على مكاسب الطبقة العاملة والفئات الشعبية عبر تقليص في الأجور الفعلية، وتقشف في الميزانيات الاجتماعية، وتغذية التضخم وغلاء الأسعار، الخ. كما ازداد نهبها لثروات بلدان الجنوب التابعة الغارقة في الديون والخاضعة أكثر فأكثر لسياسات نيوليبرالية تخدم مصالح الشركات متعددة الجنسيات.

هجوم كاسح على مكاسب الطبقة العاملة والشرائح الشعبية ببلدنا

في المغرب، وافقت مجموعة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي على عقد اجتماعاتهما بمراكش سنة 2023 كتدعيم لجهود الدولة في تطبيق الصيغ الجديدة لبرامج التقويم الهيكلي التي بدأتها منذ أزمة الديون التي عاشها المغرب في بداية الثمانينات: الاستمرار في تفكيك نظام الوظيفة العمومية (تقليص عدد الموظفين وتشديد استغلالهم، وتعميم العمل بالعقود محددة الآجال)، وفي ضرب مكسب التقاعد (رفع السن ونسبة الاقتطاع وتقليص معاش التقاعد)، وفي توسيع خصخصة الخدمات العمومية (إنشاء شركات جهوية خاصة متعددة الخدمات وتسليمها خدمات توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، والإنارة العمومية)، وفي تحميل العبء الضريبي للأجراء والشرائح الشعبية، وفي السير نحو إلغاء صندوق دعم أثمان السكر وغاز البوتان والقمح، وفي توجيه الإنتاج الفلاحي للتصدير وتخصيص القسم الأعظم من الدعم العمومي للرأسمال الكبير في القطاع، الخ. ستحتد هذه الهجومات التقشفية خصوصا وأن ميزانية الدولة ستعطي الأولوية لتسديد خدمة الدين العمومي الخارجي، وهي مبالغ كبيرة حتى حدود سنة 2030، ناتجة عن مسلسل الاستدانة الهائل التي لجأت اليه منذ جائحة كوفيد.

تدهورت القدرة الشرائية للطبقة العاملة بفعل تحديد حد أدنى للأجور لا يساير غلاء الأسعار والمعيشة. عملت الدولة على تكبيل المنظمات النقابية عبر مأسسة ما يسمى بالحوار الاجتماعي للحد من نضالات الشغيلة، وقبولها بوضع قانون إضراب يساير مصلحة أرباب العمل في نزع إحدى الأدوات الرئيسية للمقاومة العمالية، وبتعديل مدونة الشغل بمزيد من المرونة في طرد العمال وتعميق اللجوء الى الوساطة في التشغيل وضرب الحق النقابي، الخ. 

من أجل تدعيم النضالات العمالية والشعبية

كشفت إضرابات شغيلة التعليم العمومي (حراك التعليم) وما حفزته من نضالات في قطاعات عمومية أخرى كالصحة والجماعات الترابية، وما حققته من مكاسب (رفع نسبي للأجور)، عن الطاقة الكامنة للطبقة العاملة للدفاع عن الحقوق وصون المكاسب، وذلك رغم قمع الدولة لتكسيرها. تتخلل هاته الديناميات نقاشات البحث عن آفاق جديدة للمقاومات العمالية من الناحية التنظيمية، أي الأداة الفعالة لتنظيم النضالات من أجل نزع المطالب وتحصين الوحدة العمالية، وأيضا من حيث المطالب التي تسمح بخوض هجوم مضاد وتغيير موازين القوى لصالح القواعد العمالية.

من جهتها، أبانت نضالات سكان فكيك ضد خصخصة قطاع تدبير الماء الصالح للشرب عن الاستعداد الشعبي للتصدي لمخططات الدولة لصالح كبار الرأسماليين المحليين والأجانب. لم ينل قمع الدولة من إصرارهم على مواصلة المعركة. تستحضر هذه التجربة احتجاجات جرادة والريف وزاكورة وطنجة وغيرها في سياق التعبئة الشعبية التي فتحتها حركة 20 فبراير سنة 2011 من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. هذا ما يطرح ضرورة التفكير في سبل توسيع وتوحيد هذه الاحتجاجات التي ستزداد لا محالة مع صعود الهجومات النيوليبرالية.

تسعى جمعية أطاك المغرب الى الإسهام في تطوير هذه الديناميات النضالية وفي سبل توحيدها وانتصارها وذلك من خلال التثقيف الشعبي حول جميع قضايا النضال الرئيسية ببلادنا منها: المطالبة بإلغاء الديون وفك الارتباط بالمؤسسات الدولية (البنك العالمي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية)، إلغاء اتفاقيات التبادل الحر، الدفاع عن السيادة الغذائية والعدالة المناخية، ضد الاستبداد ومن أجل الحريات الديمقراطية، الخ.

تنخرط جميعة أطاك بشكل ملموس حسب قدراتها في جميع الاشكال النضالية التي تخوضها الطبقة العاملة والشرائح الشعبية، وفي حملات التضامن معها لتحقيق مطالبها أو لمواجهة قمع الدولة. ستشارك الجمعية في تظاهرات فاتح ماي هذه السنة للتعبير عن هذا الانخراط الذي يعد مبرر وجودها النضالي.

المجلس الوطني

28 أبريل 2024

زر الذهاب إلى الأعلى