متابعة النضالات

تلاميذ وتلميذات المغرب: يحتجون على سياسة الدولة

تلاميذ وتلميذات المغرب: يحتجون على سياسة الدولة

عبر تلاميذ وتلميذات المغرب عن رفضهم لتطبيق سياسة التوقيت الجديد وتغيير استعمال الزمن المدرسي  المعتاد ، حيث نظموا تظاهرات في عدد من المدن والمراكز الحضرية والقروية، رفضا لهذا القرار. تعد هذه الفئة من المواطنين والمواطنات ضامن حقيقي لمستقبل البلد والدفاع عن سيادته واستقلاله، ولهذا أي تجاهل لمطالبهم/جور وظلم في حقهم/ن.

الدولة المغربية التابعة لسياسات المراكز الرأسمالية والامبريالية والساهرة على تنفيذ البرامج والمخططات التي تنجزها المؤسسات المالية العالمية ( صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ..) ستبقى مستمرة بتطبيق كل ما يطلب منها، وسيظل المواطنين والمواطنات المغاربة ومن بينهم التلاميذ  يتعرضون لهجمات الليبرالية الجديدة التي اعتمدت وتعتمد على أنظمة سياسية استبدادية قوية، ودولة مهمتها قمع الحركات الشعبية التي ترفض سياسات التقشف والخصخصة وتفويت القطاعات الحيوية وتفويض الخدمات الاجتماعية لمصلحة الرأسماليين المحليين والأجانب، وعقد اتفاقيات التبادل الحر التي ليست سوى قناع  يخفي جوهر الاستعمار الجديد ووجهه الحقيقي.

إن احتجاجات أبناء وبنات الفقراء المغاربة الذين يتابعون تعليمهم في المدارس العمومية بهذا الحشد الكبير ذو الانتشار الواسع، لا يمكن حصره في رفض التوقيت المبرمج لهذه السنة فقط، وذلك لعدة أسباب يقر بها جل العاملين في قطاع التعليم  ويعترف بها  كل المسؤولين بالدولة، ودليل ذلك هي المواثيق والمخططات والبرامج التي تصدرها في كل فترة من أجل تكييف القطاع مع متطلبات السياسات النيوليبرالية .

إن تلاميذ وتلميذات المغرب يعانون مشاكل كثيرة، منها المتعلق بالمنظومة التعليمية ككل ( مناهج ومقررات ومؤسسات وتجهيزات ووسائل حديثة…)والميزانية المخصصة للقطاع ، ومنها المتعلق بانعدام الديمقراطية الفعلية التي تضمن لهذه الفئة حقها في التعبير بكل حرية، هذه الفئة العمرية، أبناء وبنات القرن الواحد والعشرين المتعطشين للحرية.. .يصعب كبح طموحهم/ن بما تستعمله البورجوازية من وسائل ومؤسسات وإيديولوجيات متعارضة مع أمال وأحلام شباب الألفية الثالثة.

نضال التلاميذ الطويل وسياسة الدولة التبعية

سبق لتلاميذ وتلميذات المغرب أن نزلوا إلى الفضاءات العامة أواخر شهر يناير 2014 للتعبير عن رفضهم /ن لبرنامج ” التدبير المدرسي مسار” الذي أنجزته الدولة وأشرفت عليه وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، والذي تعتبره الحكومة (فضاءات خاصة بتلاميذ وتلميذات التعليم الثانوي التأهيلي، ومثلها مخصصة بالأمهات والأباء والأولياء) وكانت الوزارة أعلنت حينئذ تعميمه مستقبلا على السلكين الابتدائي والثانوي الإعدادي، والهدف منه حسب الوزارة هو تمكين التلاميذ وأسرهم وأوليائهم من الاطلاع على البيانات الشخصية وعلى ما يحصلون عليه من نقط  ونتائج، وكذا الاطلاع على استعمالات الزمن ومواعد الفروض والمواظبة والسلوك والتتبع الفردي “للمسار الدراسي ” للأبناء…الخ

حسب الوزارة فإنها خصت تدبير  الدخول المدرسي بهذه السياسة  والبرامج  منذ شهر يونيو 2013  حيث تمكن عشرة ألاف من مديري المؤسسات التعليمية من المعطيات الخاصة بالتلاميذ وتدبير عمليات التسجيل وإعادته والانتقالات الفردية والجماعية للمدرسين، وعمليات التوجيه وتدبير البنية التربوية وتكوين الأقسام،

استمرار التلاميذ المغاربة بالاحتجاج على سياسة الدولة في التعليم، كان منذ عهود حيث عرف البلد عدة  هزات وانتفاضات اجتماعية كبرى بسبب سياستها في هذا القطاع، ففي شهر مارس سنة 1965 خرج التلاميذ للاحتجاج على قرار صدر في فبراير يتعلق بإقصاء وحرمان زملائهم /ن البالغين 17 سنة من إتمام الدراسة بالسلك الثاني ثانوي وتم طردهم/ن،  وفي يوم 23 مارس نظم التلاميذ إضرابا عاما ردا على القرار الظالم وقاموا بتظاهرات بعدة مدن، وكانت أهم أحداثها وقعت في مدينة الدار البيضاء الكبرى، وقد تدخلت السلطات المغربية بجميع أصنافها  وشنت حملة اعتقالات واسعة  شملت نحو الاف المواطنين والمواطنات، فقد ساندت جمعيات أباء وأمهات وأولياء التلاميذ تلك المظاهرات والاحتجاجات الرافضة للقرار الوزاري للدولة الذي يحرم التلاميذ البالغين 17 سنة من التعليم، وقدمت عرائض موقعة إلى المسوؤلين ومفتشي وزارة التربية الوطنية التي كان على رأس وزارتها يوسف بلعباس.

لكن السلطات المغربية تتعامل مع المواطنين والمواطنات  بالقمع الواسع والعنف الشديد، وقد استعانت بقوات الجيش المعزز بالمدرعات العسكرية، وكانت نتيجته مئات القتلى الشهداء  جلهم من الفئة العمرية البالغة أقل من 18 سنة، وقد انتشر احتجاج التلاميذ في عدة مدن مغربية مدعوما من نقابة  الاتحاد الوطني للطلبة المغرب،  و قد ردت  الدولة على ذلك  بهجمة شرسة وعنف رهيب وحملات اعتقالات واسعة ، وشملت اللجنة التنفيذية للنقابة الطلابية(ا. و. ط . م ) وعلى إثر ذلك تكونت لجنة تقصي الحقائق.

لا يمكن فصل القرار الحكومي عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي عاش المغرب خلالها أزمة خانقة في تلك الفترة.

لقد كانت الثانويات فضاءات وساحات للنقاش الفكري والثقافي والأدبي والفني والحس الوطني، و كان يجري فيها الجدال السياسي،  مثل ما هو موجود في كل بلدان العالم، حيث تتكون نقابات تهتم بقضايا ومطالب التلاميذ وتتشكل حركة تلاميذية نشيطة، وعلى إثر انتفاضة 23 مارس 1965 اعتبرت الدولة اطر التعليم  يستغلون التلاميذ في نشر إيديولوجياتهم وحملتهم مسؤولية ما وقع، وفي بداية يونيو أعلن الملك الحسن الثاني حالة الاستثناء التي استمرت لعدة سنوات، وهي السنة نفسها التي  اغتيل فيها الزعيم الوطني  الشهيد المهدي بن بركة يوم 29 اكتوبر1965 بالعاصمة الفرنسية باريس، ومن رحم تلك الانتفاضة وتاريخ كفاح ومقاومة الشعب المغربي التاريخية انبثقت تنظيمات ثورية بالمغرب  من بينها منظمة حملت اسم  “23 مارس”

تلاميذ  وتلميذات المغرب والاستمرار في النضال

عرف المغرب  انتفاضة  انطلقت يوم 4 يناير 1984 بتظاهرات واحتجاجات تقدمها التلاميذ من مدينة مراكش وساندتها الجماهير الشعبية المقهورة  التي تعاني شدة الفقر والبطالة الجماهيرية، وفي يوم 9 يناير تعرضت للهجوم الشرس وسقط عدد من الشهداء  من بين المحتجين، وفي يوم 12 و13 يناير انتشرت الاحتجاجات بمدن الشمال  الحسيمة والناظور وقد تدخل الجيش وكانت نتيجة تدخله عدد من القتلى والجرحى  حيث تم حصار المنطقة وعزلها عن باقي البلد، ثم توسعت رقعت الاحتجاجات إلى مدينة اكادير، ويوم 19 يناير نظمت تظاهرات في مدينة تطوان وفي 20 يناير احتجت عدة مدن، وقد تدخلت الدولة بعنف  حيث سقط عدد من القتلى وشنت حملة اعتقالات وساعة شملت كثير من النشطاء ، وقد دفن الشهداء في مقابر جماعية

الحرمان من التعليم، سياسة الإقصاء والتهميش والتفقير

إن إقصاء وحرمان أبناء وبنات الفقراء البالغين 17 سنة من متابعة التعليم بالسلك الثانوي في المؤسسات العمومية يعد حكم على كثير من المغاربة بعدم الترقي الاجتماعي وتحسين ظروف الحياة، لأن أغلبية الأسر المغربية تراهن على ذلك من خلال تعليم أبنائهم وبناتهم، لأنهم بالفعل لا يملكون أي شيء، وليس أمامهم/ن إلا ذلك، لكنهم عاشوا الفقر والإقصاء وتلقوا الرصاص من طرف الدولة التي تحكمهم.

سياسة الدولة المغربية في قطاع التعليم سائرة في تدميره من الجذور بسبب خضوعها للمؤسسات العالمية التي تضع برامج ومخططات تجهز على كل الخدمات العمومية، والمغرب كان دائما الأرض التي تنظم عليها هذه المؤسسات الاستعمارية ملتقياتها وقممها، ففي 14 ابريل 1994 تم التوقيع على نص الاتفاقية التي وضعت الأسس لمنظمة التجارة العالمية هنا بمدينة مراكش. من طرف 124 دولة، وقد ابتداء تطبيقها من يوم 1 يناير 1995، ونتيجة هذه الاتفاقيات الملزمة والتي تسنها وتفرضها الدول الرأسمالية والشركات العالمية الكبرى على الشعوب، أصبح قطاع التعليم في المغرب خاضع لتلك السياسات حسب “العرض والطلب” وما يطلق عليه “الاستثمار” من طرف الرأسماليين.

كيف هي حالة المؤسسات التعليمية بالمغرب اليوم ؟ والتي خرج تلاميذها وتلميذاتها للاحتجاج بشوارع المغرب منتصف نونبر2018،الم تخربها سياسة الدولة والعولمة الرأسمالية؟ ، إنها تفتقد لأدنى شروط تحصيل المعرفة والعلم والدراسة، ومع ذلك يؤدي المواطنين والمواطنات الفقراء رسوم تسجيل مكلفة وليس لهم قدرة عليها، وقد أصبحت اللوازم والأدوات المدرسية عبارة عن  بضاعة تجارية مضمونة البيع بالسعر الذي يريده الرأسماليين المسيطرين على السوق، الأمر الذي أنهك جيوب الأسر الفقيرة بالمدن والقرى، مما جعل الدولة تطبق سياسة ” توزيع المحافظ المدرسية ” مع كل موسم دراسي، تخفيفا من سياسة الظلم الاجتماعي والفوارق الطبقية التي لم تعد تطاق ، هذا الأمر الذي لا يمكن أبدا التخفيف منه بدون إلغاء الديون غير الشرعية.

إن السياسات الليبرالية الجديدة هي التي  حرمت الكثير من التلاميذ والطلبة من متابعة الدراسة نتيجة عدم قدرتهم/ن على دفع تكاليفها، أما الذين واللواتي قاموا بأخذ قروض مالية من الابناك على أساس  إكمال مشوارهم الدراسي فأنهم  يعانون الكثير، وهكذا تجني العولمة الرأسمالية وسياسة التدين على كل الشعب المغربي وقطاع تعليمه، إن أطر التعليم يعيشون معاناة كثيرة مع هذه السياسات، التي فككت وضعهم المهني وأجهزت على حقوقهم ومكتسباتهم/ن الاجتماعية، و قد طبقت الدولة سياسة فرض التوظيف والشغل  في قطاع التعليم بالتعاقد، وهكذا تترك الدولة الخدمات الاجتماعية للرأسماليين والشركات متعددة الجنسيات وتنسحب من مهامها ومسؤوليتها وترفض تخصيص الأموال الكافية للنهوض بالقطاعات الاجتماعية التعليم والصحة في المرتبة الأولى.

ولهذا لا يمكن الوقوف عند احتجاج التلاميذ في منتصف شهر نونبر2018  على التوقيت (غرينتش + 1) فالمشاكل المتعلقة بالتعليم لا تعد ولا تحصى،  فإن منظمة التجارة العالمية  والبنك الدولي  ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ينظرون إلى التعليم العمومي والشعبي عاجز عن  تكوين وتأهيل يواكب متطلبات عالم الشغل ومستجداته وتطوراته التقنية واللغوية السريعة حسب منطق الليبرالية الجديدة، ولهذا يجب التصدي لهذا المنطق  والقيام بجهود من أجل بناء جبهات للدفاع عن التعليم العمومي والشعبي مجاني وجيد مع التلاميذ

من حق التلاميذ والتلميذات تكوين نقابتهم لتمثليهم/ن والمشاركة في جميع القضايا التي تتعلق بمشوارهم الدراسي.

محمد الحيحي – عضو اطاك المغرب

 

  • مجلة ممكن- العدد الاول دحنبر2007 إصدار جمعية اطاك المغرب عضو الشبكة الدولية للجنة من اجل إلغاء الديون غير الشرعية.

 

https://www.hespress.com/%D8%B2%D9%88%D9%88%D9%85/75304.html

https://anwalpress.com/%D8%AE%D8%A7%D8%B5-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B6%D8%A9-1984-%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9/

 

http://www.maroc.ma/ar/%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D9%85%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B1-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%B1%D8%B3%D9%8A/%D8%AE%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9

https://www.hespress.com/societe/126251.html

https://www.almounadila.info/23-%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3-1965-%D8%AF%D8%B1%D8%B3-%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85-%D9%85%D8%AA%D8%AC%D8%AF%D8%AF/

زر الذهاب إلى الأعلى