النضالات في المغربمتابعة النضالات

حوار مع معتصمي اميضر/ألبان: السكان يحتجون ضد نهب ثرواتهم وتلويث بيئتهم

حوار مع معتصمي اميضر/ألبان:

السكان يحتجون ضد نهب ثرواتهم وتلويث بيئتهم

 

مضت أزيد من 6سنوات، ولا زال أهل معتصم منطقة إميضر إقليم تنغير، يخوضون اعتصامهم البطولي ضد شَركة “مَناجم” التابعة للهولدينغ الملكي، التي استولت على مياه القرية وأحالتها منطقة قاحلة بدون ماء ولا حياة.

عبرت جمعية أطاك المغرب عن تضامنها مع اعتصام جبل البان بشتى الطرق، من بيانات ومشاركة في قوافل التضامن وزيارات ميدانية، كما استدعت ممثلين عن المعتصم للحضور في جامعتها الربيعية وفي ندوتها الدولية حول البيئة.

واستمرارا في دعمنا لنضالهم وتعريفنا به، اجرت لجنة الاعلام الوطنية لأطاك المغرب هذا الحوار مع لجنة اعلام معتصم اميضر/ألبان. في هذا الحوار تنقل لجنة الإعلام لمعتصم إميضر تفاصيل “الصراع” الذي سرعَان ما تحول إلى صراع من أجل البقاء، وتكشف معطيات بالأرقام حول آثار جشع شَركة مَناجم التابعة للهولدينغ الملكي، ومطالب الحركة الاحتجاجية ” على درب 96″.

 

 

  • للعام السّادس على التوالي لازال سكّان قرى إميضر مستمرّين في احتجاجاتهم بالإعتصام المفتوح فوق جبل ألبّان بإميضر، في ظل تجاهل كلي من طرف شركة معادن إميضر للفضّة التّابعة لمجموعة مناجم، إلى جانب صمت مسؤولي الدّولة وحمايتهم لمصالح هذه الشركة التي تستغل أكبر منجم لاستخراج الفضّة في شمال أفريقيا. كيف تَصف وضع المُعتصم بعدَ صمود السكان المَديد؟

منذ مطلع غشت 2011 وساكنة جماعة إميضر تخوض أشكالا احتجاجية سلمية متنوعة، من مسيرات واعتصامات. فكان الاعتصام  لمدة 20 يوما أمام مقر جماعة إميضر أولى الشرارات، لأطول إعتصام مفتوح في المغرب المعاصر. ثم انتقل الوضع إلى جبل ” ألبّان”، قرب الخزان المائي المزود  للشركة المنجمية بالماء. ليتم توقيف هذا الضخ الغير القانوني ويُعلن عن الدخول في الإعتصام حتى يتم تسوية الملف الحقوقي المرفوع إلى الجهات المعنية وبدون التفاف أو مراوغة.

لكن تعنت الشركة المعدنية (SMI) إلى جانبها السلطات المحلية والإقليمية، جعل الوضع يتفاقم وتزداد شرارة الإحتجاج دون حلول مرضية فيما يخص الملفات المرفوعة التي تستدعي حلول جدية ومستعجلة. وكان جواب الدولة والشركة حول التظلمات والمطالب المرفوعة هو التصدق والإحسان، ثم التجاهل والإعتقا،ل وأحكام مجحفة وظالمة في حق مناضلين صرخوا في وجه الظلم والحڭرة.

وفي ظل استمرار هذه المواقف العدائية الغير المبررة من جهة الأطراف المعنية، قررت الحركة الصمود والمقاومة في وجه هذه السياسات التي لا تنم عن رغبة جدية في إيجاد حلول لكافة الملفات العالقة، ومازال هذا الموقف هو المتخذ عن طريق الجمع العام للساكنة فيما يخص الإستمرارية، رغم العراقيل والإشاعات وجل المحاولات البائسة لفض الإعتصام وتشويه سمعة المناضلين والمناضلات.

بعد مرور ست سنوات مازال وضع المعتصم تتجسد فيه روح النضال والقناعة، بسبب كارثية الوضع الإجتماعي بإميضر، في كافة القطاعات والاستمرارية في الاحتجاج حسب الإمكانات والقدرات المتاحة والممكنة.

  • شَركة مَعادن إميضر كما هو مَعروف، تُشرف عَلى إستغلالها شَركة مَناجم التابعة للهولدينغ الملكي، تُحقق كل سنة أرباح قياسية، وتكتشف باستمرار مخزونات هامة من الفضة الصافية، تضع هذا المنجم على رأس مناجم الفضة بشمال إفريقيا، لكن الوجه المكمل لهذا النهب الفاضح، تَدمير بيئة وصحة السكان بالسموم والمعادن الثقيلة. كيف تهدد هذه الشركة بيئتكم؟ وماهي المواد المَحضورة التي تستعملها؟

تعتبر حركة على درب 96  إميضر من بين أولى الحركات الاجتماعية المدافعة عن ملف البيئة ومحاربة التلوث بالمغرب، الشيء الذي تم تأكيده في العديد من المناسبات العالمية كالمظاهرات العالمية للمناخ التي تشهدها جلّ المدن والدول في السنوات الماضية.  إلا أن الشّركة المستغلة لمنجم الفضة تحاول دائما التستر على جرائمها البيئية، مسخرة ميزانيات مهمة لتلميع صورتها الملوثة.

 تعتبر شركة معادن إميضر موردا اقتصاديا مهما بالمنطقة. تقع شمال جبل صاغرو على بعد 150 كلم شرق مدينة ورزازات، وعلى ارتفاع 1500 متر عن سطح البحر، تأسست شركته عام 1969 كمستغل للمعادن المكشوفة، ولم تباشر أعمال الحفر المنجمي إلا سنة 1978 من طرف مكتب الأبحاث (BRPM) والمساهمات المعدنية التابع للدولة وفي أواسط التسعينات (1996). فُوت المنجم لمجموعة مناجم “أونا” ويصل إنتاج الشركة من فلز الفضة  324 طن سنويا بنسبة صفاء تصل إلى %5،99.

   لهذا الاستغلال المنجمي بالمنطقة انعكاسات على الأنشطة الفلاحية بإميضر، وكذا الأخطار البيئية التي تهدّد صحة وسلامة السكان، خصوصا وأن نتائج الخبرة التي أشرفت عليها جريدة “المساء” المغربية شهر ديسمبر من سنة 2013 تنذر بأخطار على الصحة العامة والبيئة (الأمراض المزمنة منتشرة بكثرة بحيث يتزايد عدد الوفيات بالأزمات القلبية والسرطان وأمراض جلدية وتنفسية وأمراض أخرى جد خطيرة تهدد حياة الساكنة)، في ظلّ عزم شركة معادن إميضر على توسيع المنجم والوحدات الإنتاجية وبالتالي تضخم حجم النفايات المنجمية السامّة خصوصا وأن معالجة المعادن المستخرجة تتم على بواسطة مادة السيانور الخطير،  إضافة  إلى الاستغلال المفرط والعشوائي للثروات الطبيعية من ماء ورمال، وما تسببه شركة معادن إميضر من تلوث هائل.  بالإضافة إلى التغيرات المناخية التي تخلّ بالتوازن البيئي، خصوصا التنوع البيولوجي وتوازن المواسم الزراعية، على طول أودية “تاركيط” و”دادس” بالإضافة إلى واحة “تودغى”، الأكثر تعرضا لخطر التلوث بمواد السيانور، الزئبق، الزرنيخ، الكاديوم، الرصاص ومواد سامة أخرى تصدر من معامل معالجة الفضّة منذ بداية الاستغلال.

  • مَاهي أبرز مَحاور الشق البيئي من مَطالبكم؟

– إنجاز دراسة تأثير الأنشطة المنجمية على البيئة، بشرط اعتماد مقاربة تشاركية فعالة، ومحايدة، مع تقديم تقارير سنوية حول وضعية البيئة بالمنطقة اعتمادا على مخططات بيئية للوقاية من الأخطار الناجمة عن الأنشطة المنجمية.

– تدبير دقيق للنفايات المنجمية السائلة والصلبة لمنع تسربها إلى الأراضي المجاورة والمياه، مع اعتماد تقنيات حديثة للتخفيف من حدة تلوث الهواء بفعل الغبار والغازات المنبعثة من مداخن معامل المنجم.

– إحداث أحزمة خضراء بدواوير الجماعة.

– توفير شاحنات خاصة بنقل النفايات المنزلية بدواوير الجماعة وانجاز مشروع معالجتها بإقليم تنغير.

  • يلاحظ كل متابع لمعتصمكم المشاركة النسائية اللافتة، وتجسيدهن لكل الخطوات الاحتجاجية، ما حجم هذه المشاركة النسائية، وهل من مطالب نسائية ضمن ملفكم المطلبي؟

منذ بداية الإحتجاجات بإميضر، شهدت هذه الأخيرة، حضورا قويا للنساء، في المطالبة بالحقوق والإنصاف، ففي المعتصم لا فرق بين رجل وامرأة، فالجميع معني بالقضية، ولكل منهم دوره المحدد. ولحلقيات النقاش أدبيات سطرتها حركة على درب 96 -إميضر، وللمرأة الحق في إبداء رأيها مناصفة مع الرجل.

نساء إميضر صامدات من أجل تغيير الأوضاع الإجتماعية المزرية التي يعيشها أبنائها فوق أراضي تختزن تحتها أطنان من الفضة، فخرجن منذ إنطلاق شرارة الإحتجاج في مسيرات، إلى جانب الرجال والأطفال والشباب، لإيصال صوت الجميع إلى المعنيين بهذه الأوضاع المتردية. فلم يكتفين بهذا وإنما خرجن في مسيرات احتجاجية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة من كل سنة 2013 و 2014 و 2015 و 2016 و 2017، وبموازاة مع الإعتصام المفتوح فوق جبل « ألبّان ».

نساء إميضر لم ينتظرن هذا اليوم « العالمي للمرأة » للإحتجاج على الأوضاع المزرية، بل شاركن في كلّ الإحتجاجات التي عرفتها جماعة إميضر منذ سنة 1986، واليوم هنّ حاضرات في الإحتجاجات الراهنة بإميضر، وبشكل أقوى ممّا سبق منذ 2011 ومازلن صامدات رغم قساوة كل الظروف.

هذه المسيرة النّسوية الطويلة من الإحتجاجات (1986 – 1996 – 2004 – 2010 -2011 …) ، عبّرت من خلالها المناضلات على استنكارهن لغياب أي مقاربة حقوقية في التعامل مع قضية إميضر العادلة، كما ندّدن بالممارسات العنيفة التي تنهجها السلطات العمومية والإدارات المتواطئة في محاولة للالتفاف على ملفّ إميضر الحقوقي، وطالبن في الأخير بإطلاق سراح أبنائهن المسجونين ظلما، ضحايا المحاضر المزوّرة، ورفع كل أشكال المقاربة الأمنية على إميضر.

  • إنشاء معمل خاص بالنساء يتخصص في صنع المنتوجات التي تستخدمها الشركة المعدنية في احتياجاتها داخل المنجم في أحسن شروط العمل مع توفير النقل.
  • بناء وتجهيز قاعة للولادة ورعاية الأطفال مع توفير الأطر الطبية الكافية ذات الكفاءات العالية.
  • تخصيص ميزانية 3 ملايير سنتيم سنويا لتشجيع المرأة في جل المجالات والقطاعات.

 

  • لم تكتف حركة على درب 96 المُؤطّرة لاحتجاجات أهالي إميضر بالمسيرات الاحتجاجية والإعتصام المَفتوح قُرب خزّان المياه الذي كانت تستنزف عبره الّشركة المياه قبل منعها سنة 2011، بل عملت على بلورة أشكال جديدة للمقاومة، ماهي أشكال المقاومة الجديدة التي تشتغلون عليها؟

 

حركة على درب 96 منذ خروجها إلى الشارع للاحتجاج، نظمت العديد من الأشكال النضالية الحضارية والسلمية لإيصال صوتها إلى العالم حول المعاناة والأزمات الاجتماعية التي تتجرعها الساكنة منذ بداية الإستغلال المنجمي على أراضيها، فكانت هذه الأشكال متنوعة حسب المراحل والمحطات النضالية فلم تكتفي الحركة بالمسيرات والإعتصام المفتوح، بل عملت على بلورة أشكال جديدة للمقاومة أكثر أمام هذا الوضع المتأزّم، والمنذر بأزمة اجتماعية وبيئية بالمنطقة.

“الرّياضة، الفنّ و التّرفيه؛ الوجه الآخر للمقاومة السّلمية”، هو الشّعار الذي رفعته الحركة خلال الدّورة الأولى من الأنشطة الرّبيعية التي نظّمتها في المعتصم شهر أبريل من العام الماضي، وخلال الدورة الثّانية أيضا التي استمرّت طوال الأسبوع الماضي (من 2 إلى 9 أبريل). ربيع إميضر درب مناضلات ومناضلي حركة على درب 96 ضحايا التّفقير، النّهب والإستغلال ثمّ التّجاهل والإعتقال بعد الخروج للإحتجاج خلال 68 شهرا من الصّمود، به تضمَد جراح المعتصمين وتقوَى لديهم روح المقاومة وتزرع الأمل في النّصر وانتزاع الحقّ المسلوب.

  • على امتداد ستة سنوات من الإعتصام، لا تكتفي الدولة بالصمت المتواطئ، بل تواجه عزيمتكم القوية، وطول نفسكم النضالي، بمزيد من الاعتقالات، بتهم كيدية هدفها جركم الى متاهات المحاكم. هل يمكن ان تبرز تعامل الدولة على هذا الصعيد بتفصيل؟

منطقة إميضر التي تحتضن أراضيها ثروة يمكنها إن تنقد المغرب من شتى الأزمات، تعاني من فقر وانعدام أبسط مقومات العيش الكريم، فالشركة المستغلة لمنجم الفضة بالمنطقة لا تعرف الوطن والمواطن، فهمها الوحيد هو الزيادة في أرباح مالكيها، ولو على حساب الإنسان والمحيط البيئي، مما دفع الإنسان الإميضري إلى الوقوف في وجه هذا الإستغلال البشع منذ بداية إعادة اكتشاف المنجم سنة 1969، فكانت انتفاضة 1986، إعتصام 1996، إحتجاجات 2004، 2010 ثم الإعتصام الحالي الذي لا يزال مستمرا منذ فاتح غشت 2011.

كلها أشكال احتجاجية سلمية ذات مطالب سوسيو اقتصادية يؤطرها القانون وحقوق الإنسان، لكن السلطات لم تلتزم بموقفها الطبيعي وهو الحياد في مثل هذه النزاعات بإلزام الشركة للامتثال للقانون، بل كانت دائما اليد اليمنى للشركة التابعة “أونا”، وتعاملت بمنطق المقاربة القمعية واعتقال وتهديد المطالبين بجزء من حقهم المهضوم، وفي تجسيد مقولة أن المخزن ما هو إلا أداة قمعية في أيدي البرجوازية.

ففي مارس من سنة 1986 أقدمت الشركة المسماة ” شركة معادن إميضر” على محاولة لحفر أحد الآبار لمدها بالمياه الصناعية والصالحة للشرب واختارت لذلك مكان يبعد أمتارا عن الضيعات الفلاحية للساكنة، وبدون أي سند قانوني، مما اضطر الساكنة إلى الإحتجاج فخرجوا في مسيرات احتجاجية لثلاثة أيام ضد أشغال الحفر هاته التي كانت تتم تحت حماية من العشرات من القوات القمعية، ولإسكات صوت المحتجين ثم اختطاف ستة مناضلين، والزج بهم في السجن لمدة شهر كامل دون محاكمات، ليستمر استغلال مياه البئر إلى يومنا هذا دون أي سند قانوني أو أي تعويض يذكر للفلاحين الذين اضطروا إلى مغادرة ضيعاتهم الفلاحية، بسبب جفاف أبار الري  الفلاحي نتيجة استنزاف الفرشة المائية من طرف الشركة المعدنية.

بعد 10 عشر سنوات ستعود الإحتجاجات على شكل اعتصام بداية من 25 يناير 1996، رفضا لاستمرار استنزاف الثروات المائية، الرملية والمعدنية وثلويت البيئة، كما رفضوا تكريس سياسة تهميش المنطقة وإقصاء أبنائها من العمل بالمنجم بسبب العمل ببروتوكول غير ديمقراطي تهميشي أضحى بموجبه العمل بالمنجم وراثيا، حيث نص في مادة السادسة على تخصيص فرص الشغل المتوفرة لأبناء العمال فقط، في خرق سافر لمدونة الشغل ومبدأ تكافئ الفرص.

لقد قوبلت مطالب الساكنة بالتجاهل واللامبالاة لينتهي بفض الإعتصام الذي دام 45 يوما إثر تدخل الأجهزة القمعية ليتم التنكيل بالمعتصمين بدون سابق إنذار والاعتداء عليهم، ونهب ممتلكاتهم ليخلف ذلك اعتقال 21 مواطنا من بينهم امرأتان لم يفرق الجلادون بينهم وبين الشيوخ والأطفال، حيث قاموا بتعذيبهم طوال فترة الإعتقال، لتتابعهم النيابة العامة بتهم سياسية خطيرة شاهدة على حقبة من سنوات الجمر والرصاص، حيث نعتوا في محاضر الضابطة القضائية بالمتمردين (المتمرد رقم1، 2، 3…) وتوبعوا بتهم التمرد، تكوين تجمع ثوري، العصيان المدني والتحريض عليه، والإعتداء على القوات العمومية. إضافة إلى تخريب أملاك خاصة؛ لتحكم عليهم محاكم المخزن بورزازات بأحكام تتراوح مابين السنة والسنتين في حق لحسن اوسبضان،  الذي اعتبر آنذاك زعيم المتمردين، لذلك أرادوا له أن يكون عبرة لكل من يجرؤ على التشبث بأرضه، وحقه في الإستفادة من خيراتها، وكل من يعلن رفضه لإستنزاف ثروات أرضه وهكذا انهال عليه بالتعذيب، والتخدير بشكل مستمر حتى أصبح جسده شاهدا على آثار الرفس والجلد وتكسير العظام، ونذوب حقن المخدرات التي أدت إلى إصابته بمرض في الجهاز العصبي، و الدماغ أودى بحياته بعد فترة قصيرة من خروجه من السجن.

هذه الأحداث ساهمت في بناء الذاكرة الجماعية لأهالي إميضر لتتبلور إحتجاجات من جديد أعوام 2004، 2010 لتتوج بالإعتصام البطولي الذي لا تزال ساكنة الدواوير السبع لجماعة إميضر تخوضه، منذ غشت 2011 فوق جبل ألبان، بتأطير من حركة:على درب 96 مستمدة شرعيتها من الصيرورة النضالية التاريخية وخاصة أحداث 1996 ويتحول أسبضان لحسن إلى شهيد القضية المسطرة بدماء وتضحيات ايت إميضر، ليطالبوا بحقوقهم المرفوعة منذ 1996 عنوانها الكرامة والعيش الكريم والحق في الإستفادة من ثروات أراضيهم والحق في التشغيل بالمنجم الذي اقصوا منه بشكل ممنهمج لأزيد من 26 سنة، والحق في الماء، الصحة، التمدرس… وتنمية مستدامة لخلق توازن بين الثروات المستخرجة من تحت أراضيهم و فوق الأرض، والمستوى المعيشي للساكنة المحلية كذوي حقوق، مطالب موجهة إلى السلطات والشركة المستثمرة بمعادن المنطقة.

هذه الشركة التي أصبحت الأولى إفريقيا، من حيث إنتاج المعادن النفيسة التي يتقدمها معدن الفضة بطاقة إنتاجية تصل إلى 243 طن سنويا، هذا الإنتاج الهائل دفع ضريبتها الإنسان الإميضري على وجه الخصوص، والمحيط المعرض للثلوت واستنزاف الفرشة المائية بالمنطقة. وقد اختار السكان المتضررون إستراتيجية النضال السلمي والصمود رغم كل التحديات الطبيعية والمادية والمعنوية، مهما طال الزمن أو قصر من أجل انتزاع حقوق بديهية مدعومة بالشرعية القانونية والمواثيق والأعراف الإنسانية، كل ذلك لمن يثني الشركة عن استخدام يدها اليمنى المتمثلة منذ البداية في السلطات المحلية والأجهزة القمعية لمحاولة إفشال الأشكال النضالية، وذلك عبر اعتقال وتهديد المناضلين وأهاليهم، ومتابعات قضائية في حقهم، فحدث أن اعتقل المناضل مصطفى اوشطوبان يوم 05/10/2011 بعد مؤامرة بين الشركة وعناصر من الدرك الملكي، ليحرر في حقه محضر مزور حكم على إثره بأربع سنوات نافدة ظلما وعدوانا، كانت هذه لمحة عن كيف تعاملت الدولة مع احتجاجات إميضر لسنوات، وهو نفسه الذي ينهج منذ بداية احتجاجات 2011 حتى اليوم، وإن اختلفت الأساليب والأحكام، فالتهم هي نفسها: التجمهر الغير المرخص له، سرقة معدن الفضة، تكوين عصابة إجرامية، تخريب الملك العمومي، عرقلة السير العام وتكوين تجمهر ثوري، والعديد من التهم والأكاذيب في حق الأبرياء.

مازال مسلسل القمع والتهم الكيدية، ثم  السجن هو المعاملة الوحيدة التي تتقنها الدولة في حق مواطنين يطالبون بحقوقهم العادلة والمشروعة، فلا يزال  كل من عمر حوران، مصطفى فاسكا، إيشو حمدان، حميد ابركى واخيدير عبد الرحمان، يقبعون داخل زنازين دولة “الحق والقانون” انتقاما منهم ومن عائلتهم على مشاركتهم في أشكال الحركة .

نحن لم نشارك في المؤتمر، بل قمنا بتأطير مجموعة من الأشكال النضالية بالموازاة معه، ابتداء بالنسخة الأولى من مهرجان إميضر للفيلم من أجل العدالة البيئية في معتصم إميضر وفي مراكش، ونظمنا ورشات متنوعة تبادلنا فيها تجاربنا النضالية مع مناضلين من كينيا، تونس، الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية، وشاركنا في الندوة التي أطرتها منظمة العفو الدولية خلال المؤتمر فعرضنا فيها ملف معتقلينا البيئيين ضحايا مناجم المجرمة والمساندة الرسمية لقمة الاطراف، حول المناخ فأشرنا حينها إلى تأسفنا على هذا التناقض والإنتهازية التي تمارسها هذه الشركة التي مازالت تدمرنا… الندوة الصحفية التي قمنا بها يوم 14 نونبر كانت أيضا في الموعد المناسب، حيث استدعينا الإعلام الخارجي لتغطيتها وعبرنا من خلالها على تناقض الشعارات الرسمية للمؤتمر وواقعنا أمام تغول هذه الشركات، التي تمول هذه البهرجة التي تشبه كثيرا تلك التي تعرض ب”ساحة جامع الفنا”. بعدها رفعنا شعارا قويا ضد مناجم في المسيرة العالمية من أجل المناخ يوم 17 وسار معنا مناضلون من مختلف الشعوب الأصلية في العالم.

أما أقوى ضربة وجهت لمناجم حينها، فكانت تلك التي أتقنتها مجموعة من شباب ” صوستايناس” ضمن الوفد الأمريكي حين اقتحموا مجالات مجموعة مناجم و مكتب الفوسفاط، داخل قرية الكوب 22 واستلقوا أمامهم كالقتلى تعبيرا عن تضامنهم مع حراك إميضر وساكنة أسفي.

في الختام نظمنا مسيرة احتجاجية إلى منجم إميضر، يوم 20 نونبر لكن القوات القمعية تعرضت طريقنا، ومنعتنا من التقدم نحو المنجم لكنها كانت رسالة قوية إلى كل من يهمهم الأمر.

قمة الأطراف لن تخدم إلا القمم،  والحل لن يأتي من القمة لأنهم هم من خلقوا هذه المشاكل وهم من يستفيدون من معاناتنا وهذا ما عبّرنا عنه بفصيح العبارة عبر الشريط الدعائي 300 كمسووته.

ما قامت به مناجم لم يكن سوى غسلا بالأخضر لوجهها الملطخ بدماء إميضر، والمناطق المنجمية الأخرى، والمؤتمر خلق لها ولأمثالها الفرصة لتحسين وطلاء صورتها أمام الرأي العام لكن الحلّ لم ولن يأتينا من هناك بل من عندنا سيأتي يوم ينصتون إلينا.

18/05/2017

زر الذهاب إلى الأعلى