أنشطة الجمعيةالمشاركات الدولية

تقرير حول مشاركة جمعية أطاك المغرب في “المؤتمر الإقليمي حول الضمان الاجتماعي الشامل” بالأردن 19- 20 سبتمبر 2023

تقرير حول مشاركة جمعية أطاك المغرب في “المؤتمر الإقليمي حول الضمان الاجتماعي الشامل” بالأردن 19- 20 سبتمبر 2023

شاركت جمعية أطاك المغرب في المؤتمر الإقليمي المنظم في الأردن بتاريخ 19- 20 سبتمبر 2023 حول موضوع “المؤتمر الإقليمي حول الضمان الاجتماعي الشامي: نحو أجندة عمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.

نُظِّم المؤتمر من قِبل منتدى سياسات الضمان الاجتماعي الشامل (ISSPF) هو- حسبما يُعرف نفسه- شبكة ومساحة لمنظمات المجتمع المدني والأفراد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) التي تتحدى الروايات السائدة وتدعو إلى الضمان الاجتماعي الشامل.

شاركت جمعية أطاك إلى جانب منظمات وجمعيات قادمة من تونس ومصر ولبنان وفلسطين والأردن وبلدان أوروبية. دام المؤتمر يومين وضم ثلاث موائد مستديرة وورشات عمل وجلسة ختامية لتقديم الخلاصات.

كان المؤتمر مساحة لنقاش مختلف الرؤى حول “الضمان الاجتماعي الشامل”، ضمنها المنظور الذي يربط الضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية بضرورة رفض السياسات النيوليبرالية التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية، هذه الأخيرة التي تدافع عن حماية اجتماعية تستهدف أكثر ضحايا سياساتها بؤسا، ورؤى أخرى تسعى إلى تحسين أساليب وطرق استهداف الفقراء هذه؛ مثل جودة البيانات حول الفقر وأنجع الطرق للوصول إلى الفقراء عبر تجويد استهداف الفقراء بالتحويلات النقدية.

في المائدة المستديرة المنظَّمة في صبيحة اليوم الأول (19 سبتمبر) تحت عنوان: “دور وتأثير المؤسسات المالية الدولية على سياسات الضمان الاجتماعي الشاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، قدمت أطاك المغرب مداخلة هذا نصها:

قبل الاستعمار كان المغاربة يعرفون مصطلحا واحد لوصف الفقر، وهو التعبير الدارج “الزلط”، وبعد قدوم الاستعمار استقى المغاربة من المصطلح الفرنسي “la misère” وصفا لحالة البؤس بالدارجة “الميزريا”. وبعد فرض برامج التقويم الهيكلي “اغتنى” قاموس اللغة بوفرة من المفاهيم لوصف أنواع متعددة من الفقر والبؤس: الهشاشة، الفقر المدقع، الفقر المتعدد الأبعاد، الفقر النقدي، الفقر الغذائي، التفاوتات المجالية… إلخ.

ومن هذه المفاهيم استُنتِجت مفاهيم براقة ولكن مضللة في نفس الوقت لما يُدعى “محاربة الفقر”: التمكين، التثمين، استهداف الفقراء، “الحماية الاجتماعية”… إلخ.

يقوم جوهر مفهوم الحماية الاجتماعية الذي يدافع عنه البنك وصندوق النقد الدوليين على ثنائية: 1) تحرير الاقتصاد من قبضة الدولة عبر خصخصة القطاعات العمومية والخدمات الاجتماعية وتشجيع القطاع الخاص؛ 2) استهداف أكثر ضحايا هذه السياسات بؤسا ببرامج “حماية اجتماعية” لتخفيف آثار تلك السياسات عليهم- هن وتأمينا للسِّلم الاجتماعية.

لا يستقيم الحديث عن حماية اجتماعية معممة في الوقت الذي تغض فيه الدولة الطرف عن امتناع أرباب العمل عن التصريح بعمالهم- هن لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وفي الوقت الذي تعمم فيه الدولة هشاشة الشغل على موظفيها وموظفاتها عبر توظيفات واسعة بموجب عقود محددة المدة. لا يمكن الحديث عن حماية اجتماعية في ظل سياسة اقتصادية قائمة على العمل الهش وتوسع البطالة.

من أوجه المفارقة لتلك السياسات هو منظور البنك الدولي لمواجهة آثار الكوارث الطبيعية، في المغرب كما هو الحال بجميع بلدان العالم. إذ خصص برامج تأمين مؤدى عنها تسيرها شركات التأمين الرأسمالية وتقوم بتغطية وتعويض مخاطر الكوارث للقادرين- ات على الأداء، بينما تخصص صناديق تضامن للمعوزين- ات غير القادرين- ات على تشكيل قدرة شرائية لشركات التأمين. وهو نفس ما تقوم به الدولة- تحت حفز نفس المؤسسات- في ما يخص قطاع الصحة (التغطية الصحية الإجبارية وبعدها الحماية الاجتماعية المعممة)، وأيضا استهداف الأكثر فقرا بتحويلات نقدية مباشرة مقابل إلغاء كلي لصندوق دعم مواد الاستهلاك الأساسية/ صندوق المقاصة).

إن منظور البنك/ صندوق النقد الدولي للحماية الاجتماعية مدمر إذ يشكل عجلة صغيرة في الدكاك النيوليبرالي الذي يفرض أن تمر الاستفادة من جميع الخدمات عبر السوق والآداء النقدي للقادرين- ات عليه مباشرة، بينما يجمع غير القادرين- ات في صناديق لخلق قدرة شرائية جماعية لنفس آلية السوق.

جمعية أطاك/ الجمعية من أجل تضريب المعاملات المالية لمساعدة المواطن- عضو الشبكة للجنة من أجل إلغاء الديون غير الشرعية، ومنذ تأسيسها في نهاية التسعينيات بفرنسا، وتوسعها لتشمل بلدان عدة وضمنها المغرب، ناضلت ضد سياسات العولمة الرأسمالية وأدواتها وعلى رأسها البنك/ صندوق النقد الدولي. وجعلت من محاربة مديونية العالم الثالث أحد محاور اشتغالها الكبرى، إذ يشكل الدين العمومي آلية لفرض برامج التقشف ولبرلة الاقتصاد لصالح الدول الرأسمالية الكبرى وشركاتها متعددة الجنسيات.

كانت أطاك، وضمنها جمعية أطاك المغرب، فاعلا رئيسيا في الحركة العالمية لمناهضة العولمة والحروب والعنف ضد النساء. أصيبت هذه الحركة العالمية بنكسة منذ فشل التظاهرات الكبرى في منع الحرب الأمريكية الإجرامية على العراق سنة 2003، وبعدها على إثر الأزمة المالية 2007- 2008. هذه الأزمة التي ردت عليها الرأسمالية العالمية بتشديد سياسات التحرير الاقتصادي والتقشف في الميزانيات الاجتماعية واستعمال كثيف للمالية العمومية لدعم المؤسسات والشركات الرأسمالية الكبرى والبنوك.

فرضت الثورات العربية والاحتجاجات في أوروبا (الساخطين في إسبانيا، احتلو وول ستريت بالولايات المتحدة الأمريكية، السترات الصفر بفرنسا)… إلخ، على مؤسسات الرأسمال العالمي (بنك/ صندوق نقد دولي) استعادة خطاب محاربة الفقر بإضفاء مسحة اجتماعية على سياساتها النيوليبرالية المدمرة، من أجل الحفاظ على السلم الاجتماعية واستقطاب شرائح الأكثر فقرا وتحييدهم ببرامج الحماية الاجتماعية عبرإشراك منظمات المجتمع المدني.

نفس المؤسستين (البنك/ صندوق النقد الدولي) سيعقدان اجتماعهما السنوي بمراكش/ المغرب في شهر أكتوبر. وتُعِدُّ جمعية أطاك المغرب إلى جانب منظمات وجمعيات ونقابات انتظمت في تنسيقيات على المستوى الوطني والإقليمي والقاري والدولي، لتنظيم قمة مضادة لذلك الاجتماع السنوي. والغاية هي تعبئة الحركات الاجتماعية لمناهضة الاجتماع السنوي للبنكين وخلق فضاء لمواجهة أطروحات البنكين والمؤسسات الموالية لهما، وأيضا فضاءات لطرح بدائل للسياسات النيوليبرالية المفروضة من هاتين المؤسستين والتي تطبقهما الدولة والنخب الرأسمالية المستفيدة منها. كما تسعى الجمعية وحلفائها في مسارات التنسيق من أجل عقد قمة مضادة إلى جعل هذه القمة فرصة لاستعادة وبعث النفس الكفاحي الذي ميز الحركة المناهضة للعولمة طيلة التسعينيات والنصف الأول من عقد 2000.

زر الذهاب إلى الأعلى