الديونالنساءالنضالات في المغربملفات دراسية

القروض الصغرى بالمغرب من شعار محاربة الفقر إلى تكريسه

القروض الصغرى بالمغرب

من شعار محاربة الفقر إلى تكريسه

 

 

القروض الصغرى بالمغرب: من يمول من؟

تحتكر حاليا أربع “جمعيات” للقروض الصغرى(من أصل 12) معظم سوق السلفات الصغيرة بالمغرب، أي حوالي 95% من القروض الموزعة و من عدد الزبائن. اثنتان منها(الأمانة و فونديب) تعتبران نفسيهما كجمعيات غير “هادفة للربح”، فيما الأخريان(مؤسسة البنك الشعبي للقروض الصغرى و أرضي للقرض الفلاحي) تعدان فرعين لبنوك تجارية، ولهذا فتدخلهما في سوق القروض الصغرى يعد مجالا لزيادة المردود المالي لهذه الأبناك.

وزعت جمعيات القروض الصغرى منذ إنشائها إلى حدود سنة 2012 حوالي 40 مليار درهم كقروض على زبنائها البالغين 4 مليون ونصف من الفقراء. يعتبر الطرح الرسمي هذا المبلغ من القروض كإحدى الوسائل المساهمة في تقليص مستويات الفقر ببلادنا، غير أن الواقع أتبت العكس. فمقابل هذا المبلغ من القروض اضطر الفقراء لأداء 54 مليار درهم. والحصيلة،إذن، أن الفقراء هم من مول مؤسسات القروض الصغرى بما مجموعه 14 مليار درهم(ويجب التنبيه أن هذا المبلغ تقريبي وجرى حسابه على أساس معدل فائدة لا تتجاوز 35% علما أنه في بعض السنوات كان معدل الفائدة أكثر ارتفاعا). أي أنه طيلة فترة 1999 إلى حدود 2012 كان الفقراء يقدمون مقابل متوسط من القروض الموزعة عليهم و البالغة حوالي 3 مليار درهم سنويا مبلغ يتجاوز مليار درهم سنويا كفوائد لصالح جمعيات القروض الصغرى و المؤسسات المالية الممولة لها. نتيجة لتدخل قطاع القروض الصغرى يتم تحويل أكثر من مليار درهم سنويا من جيوب الفقراء إلى خزائن هذه المؤسسات سواء داخل البلاد أو خارجها.

 

كيف تمول مؤسسات القروض الصغرى بالمغرب؟

تحصل جمعيات السلفات الصغرى على التمويل اللازم لنشاطها عن طريق الاقتراض بالأساس الذي يكون إما خارجيا أو داخليا. أما جزء من رأسمالها المسمى “رساميل ذاتية” فيتشكل من نسبة صغيرة ساهم بها المؤسسون بالإضافة إلى بعض سفارات البلدان الأجنبية كما كان الشأن بالنسبة “لجمعية زاكورة”. و حتى في هذه الحالة تندرج هذه المساهمة في نطاق المصالح السياسية و الاقتصادية التي تدافع عنها هذه السفارات الأجنبية.

تندرج القروض الخارجية في إطار ما ينعت “بالمساعدات من أجل التنمية” التي تقدمها بلدان الشمال إلى البلدان الفقيرة و التي تكون إما ثنائية تقدمها هيئات تابعة بشكل مباشر لإحدى الدول الصناعية الكبرى كالوكالة الفرنسية للتنمية و الوكالة الأمريكية للتنمية USAID و “تحدي الألفية” و KWK التابع للحكومة الألمانية و غيرها، وإما متعددة الأطراف كالبنك العالمي و برنامج الأمم المتحدة للتنمية و الاتحاد الأوربي. كما تقدم بعض المنظمات الخاصة العالمية للتنمية قروضا هي أيضا، لكنها تكون مندرجة في سياق “المساعدات من أجل التنمية”.

و تنعت القروض الخارجية عادة بكونها “مساعدات مالية”، لكنها في الواقع قروض تلزم جمعيات السلفات الصغيرة بتسديدها إلى آخر دولار. فكل قرض يقدم بفائدة تفضيلية تقل عن المعدلات التي تفرضها السوق يأخذ طابع “مساعدة مالية” و التي تكون إما عبارة عن قروض مباشرة لجمعيات السلفات الصغرى أو ضمانات أو مساعدات تقنية. ويدخل في نطاق المساعدات التقنية الإشراف على تكوين مسيري وأطر الجمعيات و تأهيلها في مجال التسيير المالي …إلخ. و تشكل التكاليف المالية لهذه “المساعدة التقنية” جزء من القروض.

أما القروض الداخلية فتكون إما عمومية أو تقدمها الأبناك التجارية الخاصة. القروض العمومية تقدمها الحكومة أو هيئات تابعة للدولة(صندوق الحسن الثاني) و غالبا ما تمنح بدون فائدة و تنعت القروض بدورها كمساعدات مالية. أما القروض التي تقدمها الأبناك الخاصة لجمعيات القروض الصغرى فتجري وفق شروط السوق.

لكن ما هو حجم التمويل الذي تقدمه مؤسسات التمويل الخارجية و الداخلية و الذي ينعت عادة “بالمساعدات المالية من أجل التنمية”؟ بالرغم من أهمية القروض التي قدمتها مؤسسات التمويل الخارجية و الهيئات العمومية الداخلية بفائدة ضعيفة أو بدون فوائد في حفز جمعيات القروض الصغرى بالمغرب، خاصة في فترة نشوئها، إلا أنها تظل مع ذلك ضئيلة إذا ما قورنت بحجم القروض التي قدمتها الأبناك الخاصة المحلية. فالفيدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى تقر في “الكتاب الأبيض” بأن البنوك الخاصة المحلية تغطي 80% من حاجيات تمويل قطاع القروض الصغرى في سنة 2012. و حتى في بداية ظهور هذه الجمعيات كان تمويل البنوك الخاصة هاما. فقد أوردت جمعية “زاكورة” في تقريرها السنوي ل1998 بأن الأبناك قدمت لها نسبة 75% من مجموع رأسمالها المخصص للقروض الصغرى. و يفيد التقرير المالي السنوي لصندوق “جيدة” لتمويل جمعيات القروض الصغرى لسنة 2011 أنه يساهم في تمويل القطاع بأكثر من 16%، مقابل 75% للأبناك و حوالي 8% للممولين الخارجيين.

أنشأ صندوق “جيدة” Gaida في سنة دجنبر 2006 كبنك مختص في تمويل مؤسسات القروض الصغرى المغربية. تملك أغلبية رأسماله(55%) صناديق تمويل عمومية تابعة لكل من فرنسا و ألمانيا، هي الوكالة الفرنسية من أجل التنمية AFD و KWK الألماني و صندوق الإيداع و التدبير الفرنسي، فيما يملك صندوق الإيداع و التدبير المغربي و بريد المغرب الحصة الباقية. رغم أن مالكي رأسمال هذا الصندوق هم ممولين عموميين محليين و أجانب إلا أنه يقدم قروضا لجمعيات السلفات الصغرى حسب شروط السوق، حيث بلغ متوسط الفائدة 5,5% في سنة 2012. إن مؤسسات التمويل،إذن، التي كانت مختصة في منح قروض خارجية ثنائية الأطراف “من أجل المساعدة على التنمية” أصبحت تتدخل بشكل مباشر في التمويل وفق منطق البنوك التجارية. و هي تسعى من خلال توجيه قروض لمحاربة الفقر للحصول على حصتها من المردود المالي.

 

تحتكر الأبناك بما فيها صندوق “جيدة” إذن معظم القروض التي تقدم لجمعيات القروض الصغرى التي تعد بالنسبة إليها سوقا لتوسيع المردود المالي لرساميلها و وسيطا لبلوغ الفقراء المحرومين من الحصول على قروضها بشكل مباشر. وقد أقر “الكتاب الأبيض” أن متوسط الفائدة بالنسبة للقروض المتوسطة و الطويلة الأمد التي تقدمها الأبناك لجمعيات القروض الصغرى بلغ معدل 5,5% في سنة 2012. و قد كان هذا المتوسط 6,17% بالنسبة لجمعية “الأمانة” في سنة 2010. أما خلال سنوات سابقة فقد كان أكثر ارتفاعا بحيث بلغ 10% بالنسبة لجمعية “زاكورة” في سنوات 2000 و 2001. و قد أكد صندوق “جيدة” أن وجود مرابين مولوا القروض الصغرى بفوائد فاحشة كان أحد أسباب الأزمة التي شهدها القطاع.

 

نستنتج ما يلي: يعد تمويل قطاع القروض الصغرى بالمغرب جزء من القروض الثنائية و المتعددة الأطراف المقدمة للبلدان الفقيرة في إطار ما يسمى ببرامج “التنمية و الحد من الفقر” المفروضة من البنك العالمي.رغم أن  هذا التمويل يقدم “كمساعدات” مباشرة لجمعيات السلفات الصغيرة إلا أنه يظل عبارة عن قروض بشروط تفضيلية وجب تسديدها في آخر المطاف. و ليست جمعيات السلفات الصغرى غير وسيط بين مؤسسات التمويل الأجنبية و المحلية(سواء كانت عمومية أو خاصة) و الفقراء المحرومين من لوج السوق البنكية بشكل مباشر. كما أن هذه الجمعيات نفسها تحصل نتيجة تدخلها في سوق القروض الصغرى على مداخيل مالية ، خاصة و أن مؤسستين من بين أربع مؤسسات المستحوذة على سوق القروض الصغرى تعدان فرعان لأبناك تجارية. يساهم سوق القروض الصغيرة في إفقار الفقراء، إذ يفرض عليهم أداء معدلات فائدة فاحشة. و بذلك فالفقراء هم من يساهم في رفع المداخيل المالية لهذه المؤسسات(الجمعيات و مموليها) و ليس العكس.

 

لماذا معدل فائدة فاحشة؟

يبلغ معدل الفائدة المفروض حاليا على القروض الصغرى الموزعة على الفقراء حوالي 35%، وهو مستوى يتجاوز معدل المردودية المالية الذي تحققه الصناديق المضارباتية في الأسواق المالية العالمية. و كانت بعض “جمعيات” السلفات الصغرى تطبق معدلات تتجاوز هذا المتوسط، كما كان الشأن بالنسبة ل”فونديب” Fondep التي كانت تفرض فوائد يتراوح معدلها ما بين 50% و 75% بالنسبة لقروض لا يتجاوز مدة استرجاعها ستة لأشهر. فلماذا معدل فائدة فاحشة بالنسبة للقروض الصغرى الموزعة على الفقراء؟

السبب الأول: عندما حفزت الحكومة و المؤسسات المالية العالمية و البنوك التجارية الخاصة و “التنموية” ظهور سوق القروض الصغرى بالمغرب فرضت عليه “قانون الغاب” بالنسبة لمعدل الفائدة. فجمعيات السلفات الصغرى كانت و لازالت تملك مطلق الحرية في تحديده. فلم يصدر قط أي مرسوم يحدد معدل الفائدة الأقصى الذي يجب أن تخضع له هذه “الجمعيات” وفق القانون المنظم لنشاطها(الفصل8). و يحافظ على سيادة “قانون الغاب” هذا المجلس الاستشاري للسلفات الصغيرة الذي يعد بمثابة هيئة للدفاع عن مصالح مؤسسات السلفات الصغرى و مموليها المحليين و العالميين.

السبب الثاني: تعد سوق القروض الصغرى في جوهرها جزء من السوق البنكية هدفها مراكمة المداخيل المالية لفائدة متدخلين أساسيين هما مؤسسات التمويل(محلية و أجنبية) و جمعيات السلفات الصغرى. و يتحدد معدل الفائدة الذي يتحمله الفقراء عند هاتين الحلقتين.  و تفرض الأبناك التجارية و “جيدة” بما هي الممول الأساسي(حوالي 80% من الرأسمال المقترض خلال 2012) معدل فائدة يبلغ في المتوسط 5,5%(كمعدل للسنة الفارطة) و يضاف إليه في النهاية معدل الفائدة الذي تفرضه “جمعيات” السلفات الصغيرة على القروض الموزعة على الفقراء و البالغ حوالي 30%. و يتوزع هذا المعدل إلى حوالي 20% مخصصة لتكاليف توزيع القروض الصغرى(تكاليف إدارية، أجور، تنقل…إلخ) و حوالي 5% كمعدل مردودية مالية تحصل عليه “الجمعيات” نتيجة القروض الموزعة على الفقراء. أما 5% الباقية فمخصصة لتشكيل احتياطي للقروض التي تشكل مخاطر(التي تأخر موعد سدادها بأكثر من 30 يوم). و نحصل، في النهاية، إذن على معدل فائدة إجمالية تبلغ أكثر من 35%.

لماذا يلاحظ ارتفاع تكاليف “جمعيات” السلفات الصغيرة مقارنة بالأبناك؟ رغم أن معدل الفائدة يبدوا مرتفعا إلا أنه لا يطبق إلا على مبالغ صغيرة جدا. ولذلك فالمبالغ المحصل عليها ليست ذات قيمة كبيرة. هناك أيضا عامل الإنتاجية. خلافا لارتفاع إنتاجية مستخدمي البنوك الذين يوزعون قروضا بعشرات ومئات الآلاف، بل و ملايين الدراهم لزبائن يتجاوز عددهم 3 ملايين ونصف و يتداولون في منتجات متنوعة(ودائع، صرف، تأمين، أجور، إرسال الأموال…إلخ)، فإن مستخدمي “جمعيات” السلفات الصغيرة تقل إنتاجيتهم لأنهم يوزعون قروضا في منتهى الصغر لفائدة زبائن لا يتجاوزون حاليا 800 ألف و لا يتداولون إلا منتوجا واحدا تقريبا. و في هذه الحالة ليس ارتفاع التكلفة غير وسيلة تلجأ إليها “جمعيات” السلفات الصغرى لتعويض انخفاض الإنتاجية.

لماذا تتنافس مؤسسات القروض الصغرى عل منح القروض  للفقراء؟ عندما تحصل الجمعيات على القروض من السوق البنكية تكون ملزمة بأدائها في آجال محددة وكل تأخر عن موعد السداد يفضي إلى خسائر(تسديد فوائد عن قروض لم توزعها) وفقدان الثقة لدى الممولين. و كلما نجحت مؤسسات القروض الصغرى في توزيع أكبر قدر من القروض على الزبائن في مدة زمنية أقل، كلما توفقت في استثمارها في جلب مردود مالي بمعدل الفائدة المحددة.

إن منطق السوق المالي هو المحدد هنا. و هو الذي يفسر التنافس بين هذه “الجمعيات” على استقطاب الزبائن وبالتالي حصة أكبر من السوق. وبهذا أيضا يمكن تفسير لماذا تم إضافة تقديم قروض من أجل الاستهلاك إلى جانب قروض “الاستثمار الصغير المنتج ” بعد بضع سنوات فقط من إنشاء هذه السوق.

 

هل تساهم القروض الصغرى في الحد من الفقر؟

يدعي الطرح الرسمي أن قطاع القروض الصغرى بالمغرب يساهم في تقليص معدل الفقر من خلال “تمويل مشاريع صغيرة مدرة للدخل” ومحفزة لخلق فرص الشغل لصالح الفقراء. لكن يصعب في الواقع إثبات مساهمة القروض الصغرى في تحفيز الفقراء على خلق مقاولات إنتاجية صغيرة، نظرا للأسباب التالية :

–       لا يتجاوز حاليا متوسط القروض التي يحصل عليها الفقراء 6 آلاف درهم و هو مبلغ غير كاف لاستثماره في مشاريع إنتاجية أو حتى تجارية صغيرة.

–       تثبت المعطيات التي تقدمها جمعيات القروض الصغرى نفسها أن أكثر من نصف “المشاريع الصغيرة” للفقراء المستفيدين من قروض تقتصر على أنشطة تجارية. ومعلوم أن هذه العبارة “تجارية” غالبا ما تستعملها الجمعيات لوصف توجيه القروض الصغيرة لتلبية الحاجيات الاستهلاكية للفقراء(سكن، تجهيز، علاج، أفراح…). إن الغريب في الأمر أن هذه “الجمعيات” لا تقدم أي معطيات حول توظيف القروض الصغيرة في أنشطة استهلاكية كهذه، رغم أن القانون المنظم لنشاطها يفسح لها المجال لتقديم قروض استهلاكية. إن سبب إخفاء ذلك بسيط، و هي أنها تحاول كسب ثقة مموليها من بنوك تجارية و مؤسسات مالية ثنائية و متعددة الأطراف، وذلك بإخفاء القروض الاستهلاكية أو عبر احتسابها في القروض المستثمرة في مشاريع إنتاجية(فلاحة، صناعة تقليدية). و لهذا السبب لا يمكننا الوثوق بالمعطيات التي تقدمها عن الأنشطة التي توجه إليها القروض الصغيرة و فرص الشغل التي تدعي أنها أتاحتها.

–       تنعدم تقريبا فرص صمود المشاريع الصغيرة(في الفلاحة و السياحة و الصناعة التقليدية و التجارة…إلخ) في مواجهة المشاريع الاقتصادية الكبرى. أسباب تفوق المشاريع الكبرى واضحة: سيطرة على السوق، إمكانيات مالية كبيرة، تمويل بنكي متاح…إلخ . و لهذا من النادر أن تتطور المشاريع الصغرى(أن تشغل أكثر)، إن لم تنهار. و يعد تعديل القانون دليل على إفلاس ادعاء “المشاريع المدرة للدخل”. فبعد خمس سنوات فقط على صدور القانون المنظم لنشاط جمعيات القروض الصغرى و الذي حدد هدفها في تمويل مشاريع اقتصادية إنتاجية أو خدماتية “مدرة للدخل” عدلت الغاية من إنشائها في 2004 لتطال تمويل السكن و تجهيزه بالماء و الكهرباء. أما ابتداء من سنة 2007 فأصبح بإمكانها تقديم قروض لزبائها لأي هدف كان، حتى ولو كان استهلاكيا محضا.

–       توجد المشاريع الصغيرة اليوم أمام رحمة المنافسة الأجنبية. فالسوق الداخلية واقعة تحت سطوة غزو سلع الشركات المتعددة الجنسية التي أصبح مرحبا بها بفعل تحرير التجارة(اتفاقات شراكة ذات طابع استعماري). فالمشاريع الكبرى و المتوسطة نفسها توجد محط تهديد. إن واقع الفلاحة الصغيرة بالقرى (مشاريع صغيرة بامتياز) نموذج للتهديد التي تمثله المنافسة الأجنبية على المشاريع الصغيرة: أكثر من 87% من سكان القرى الذين يملكون أقل من خمسة هكتارات(فلاحون فقراء) يفقدون اليوم جزءا هاما من دخلهم المعاشي جراء منافسة واردات السلع الفلاحية.

 

–       إن الشروط التي تفرضها مؤسسات القروض الصغرى على الفقراء(حجم القرض، أجل استرداده، وثيرة أداء الأقساط، معدل الفائدة) تعوق نجاح مشاريعهم الإنتاجية الصغيرة  :

  • أجل استرداد القرض: بمجرد ما يحصل الفقراء على قرض تجبرهم مؤسسات القروض الصغرى على الشروع في استرداده ابتداء من الشهر الأول قبل أن يتسنى لهم فرصة الحصول على مردود ما.
  • وثيرة الأداء: تفرض هذه المؤسسات على الفقراء وثيرة أداء جهنمية، إذ تكون أسبوعية أو كل أسبوعين و في أحسن الأحوال شهرية.
  • معدل الفائدة: بلغ معدل الفائدة التي تفرضها هذه المؤسسات على الفقراء أكثر من 50% (معدل 2008). أليس هذا نهبا منظما للفقراء؟ هل بواسطة نسب الفائدة هذه يمكن مساعدة الفقراء على الخروج من فقرهم؟
  • يدفع اتساع دائرة الفقر(حوالي ثلث السكان و أكثر من ثمانية ملايين حسب المعطيات الرسمية) بالملايين لمزاولة “مهن” في دائرة ما يسمى بالقطاع غير المهيكل: حوانيت صغيرة، مشاريع إنتاجية صغيرة، البائعون الجوالون …إلخ: يكدح هؤلاء أكثر من 12 ساعة يوميا من أجل سد رمقهم، و رغم ذلك لا ينجح أغلبهم أبدا في الخروج من دائرة الفقر. فهذه المشاريع الصغيرة كثيرة العدد (ظاهرة الحوانيت في المدن و البائعون بالتجوال) تنافس نفسها بنفسها.
  • أدت كل هذه الشروط مجتمعة إلى فرط استدانة نسبة هامة من المستفيدين من القروض: عند العجز عن أداء القرض الأول يضطر الفقراء للتسليف من جديد لأداء القرض الأصلي. و هكذا يكون ملزما في النهاية بأداء أصل الدين بمعدل فائدة مضاعفة(نسبة الفائدة عن القرض الأول و الثاني)، بل إن العديد من المقترضين يكونون مدينين اتجاه ثلاثة جمعيات أو خمسة.

ما السبيل للخلاص من جحيم القروض الصغرى بالمغرب؟

لا يمكن لسوق القروض الصغرى أن تشكل أداة لمحاربة الفقر. فالمنطق الذي تشتغل وفقه، أي توزيع قروض من أجل الحصول على فوائد مالية يؤدي إلى المزيد من تفقير الفقراء و تحويل جزء هام من مداخليهم للسوق المالية و البنكية. إن الفقراء هم من يمول السوق البنكية بحلقيتيها الأساسيتين، وذلك من خلال تسديد الفوائد و تكاليف توزيع القروض من أجور للمستخدمين و مصاريف إدارية مختلفة و حتى القروض التي تأخر سدادها.

يتعارض منطق الربح الذي تشتغل وفقه مؤسسات القروض الصغرى مع منطق الحماية الاجتماعية و الخدمات العمومية المفروض أن تشملا الفقراء. لقد قامت الدولة بهجوم تاريخي نسف مبدأ مجانية الخدمات الصحية التي كان الفقراء يستفيدون منها. و سيتفاقم أوضاع الفقراء نتيجة ضعف الحماية الاجتماعية و غيابها بالنسبة لغالبية السكان. و سينتج عن إلغاء نظام دعم أسعار المواد الغذائية الأساسية و المواد البترولية ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية. لذا تناضل أطاك المغرب بجانب ضحايا القروض الصغرى، وخاصة منهم النساء من أجل المطالب التالية:

–         وقف نشاط مؤسسات القروض الصغرى لأنها تساهم في تفقير النساء و فرط استدانتهن بل و تحول جزء من دخلهن إلى المؤسسات البنكية الممولة الأجنبية و المحلية.

–         فتح تحقيق حول مختلف أشكال النهب و التعسفات التي ارتكبتها مؤسسات القروض الصغرى في حق الضحايا.

–         التراجع عن إلغاء مجانية الخدمات الصحية التي كان يستفيد منها الفقراء.

–         النضال ضد إلغاء نظام دعم المواد الاستهلاكية الأساسية لأنه سيؤدي إلى غلاء الأسعار و تدهور القدرة الشرائية للفقراء.

–         النضال ضد اتفاقات الشراكة و التبادل الحر التي تدمر الإنتاج المحلي وخاصة المنتجين الصغار.

مجموعة أطاك أكادير

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى