الديونالمخططات الليبراليةملفات دراسية

قرار إلغاء 15 مليار من ميزانية الاستثمار انعطاف جديد في احتداد أزمة الخيارات النيوليبرالية بالمغرب

قرار إلغاء 15 مليار من ميزانية الاستثمار

انعطاف جديد في احتداد أزمة الخيارات النيوليبرالية بالمغرب

 

أقدمت حكومة تحالف المدبرون الجدد بقيادة العدالة والتنمية على قرار إلغاء 15 مليار من ميزانية الاستثمار، بعد أربعة أشهر فقط من دخول قانون المالية 2013 حيز التطبيق. يكشف القرار عن الوجه البشع لتحالف حكومي يتخفى وراء شعارات خدمة الطبقات الشعبية، في حين أن المهمة الموكولة له هي تدبير الانعكاسات السلبية لتداعيات الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على الاقتصاد المحلي.

سعت الحكومة في حملة تبرير منسقة إلى إقناع المغاربة بقرارها اللاشعبي، مغلفة إياه بلبوس شعارات انقاد الوطن ووقف النزيف.

وكعادة الخطاب البورجوازي الديماغوجي فهي تقدمه  كضرورة، وكتضحيات لإطلاق النمو والتنمية المنشودة والتي ستكون طبعا ، حسب ادعاءاتها لفائدة الطبقات الشعبية.

تتحجج الحكومة لتعليل قرارها، بأن عجز الميزانية لسنة 2012 بلغ 7.5% من الناتج الداخلي الخام، بدل 5.5% التي كانت متوقعة، ووصل برسم تطبيق قانون المالية ل2013 بالنسبة للأشهر الثلاث الأولى 2%، وإذا استمرت الوتيرة فانه سيتجاوز 8% من ندخ في نهاية 2013.أي بزيادة1% عن 2012، وسينتج عن دلك اختلال للتوازنات الماكرو اقتصادية وارتفاع للدين العمومي.وهو ما سينعكس سلبا على دينامية إطلاق النمو.

الحكومة تصرح بأنها اختارت طريق الشفافية والشجاعة السياسية، بناءا على التفويض الشعبي الذي تحظى به. وبما أن المرحلة حساسة جدا فقد اختارت أن تضحي بـ 15 مليار درهم دفعة واحدة من ميزانية الاستثمار، لإبقاء حدود العجز في حدود محتملة. و تضيف الحكومة لتمرير القرار، بأنها مقبلة على مجموعة من التدابير الاجتماعية من شأنها تحسين ظروف العيش وتلبية المطالب الشعبية.

وتمضي للدفاع عن القرار بكون تنفيذ ميزانية الاستثمار للسنوات المالية الأخيرة، كان في حدود 65% وبالتالي لن يكون هناك أي تأثير لقرارها على وثيرة الانجاز، والتي ستكون بنفس مستوى السنة الماضية-1-. وبقدرة قادر لن تكون لقراراتها تداعيات على مستوى التشغيل والنمو.-2-

تلاعبت الحكومة بالأرقام ودافعت بالسند الشعبي لتبرير قرارها، لدرجة أن المساس بالقدرة الشرائية للمواطن، بالنسبة لها خط أحمر. وعلى العكس فإنها ستقدم على إجراءات استرداد الثقة في الاقتصاد المحلي ، وأوراش الإصلاح مفتوحة… إنها رزنامة من الحجج لتبرير موقعها كخادمة للنظام الاقتصادي والاجتماعي القائم.

أمام تراجع الحركة الاجتماعية والجماهيرية، واستنكاف النقابات العمالية عن وظيفتها الاجتماعية، كانت الردود باهتة ومجرد خطابات صحفية فارغة و منبرية. فمعظم التنظيمات المناضلة أعلنت الصمت ، كأن الأمر مجرد تدبير مالي اقتصادي ، أما الليبراليون فنددوا بالقرار شماتة في العدالة والتنمية ولكنهم يسيرون في نفس عقيدتها الليبرالية باقتراح تدابير لا شعبية. فرغم تنافرهم حول الإجراء الكفيل بوقف نزيف عجز الميزانية، فهناك شبه إجماع على ضرورة اتخاد إجراءات حازمة، ستكون طبعا لا شعبية. والأكثر من ذلك يعتبرون الإجراء الحالي طفيفا ،وهو ما يستدعي حسبهم اجراءات أخرى. وهوما يفيد بهجوم ليبرالي واسع على مكاسب اجتماعية أخرى للوصول لعجز ميزانية في حدود 3/ في أفق 2016.

انها بداية حقبة جديدة من تقليص وضرب العديد من الخدمات العمومية واستنكاف عن تلبية المطالب الشعبية من شغل وسكن…

ان ما تسميه الحكومة خطا احمر هو فقط تدبير الهجوم بأقل مقاومة اجتماعية. فالوضع العام لما بعد خفوت حركة 20 فبراير ما زال غير صالح نسبيا لتكثيف الغارات على المواطن الكادح. وبسعيها اليوم الى خنق حرية الإضراب وتقنين النقابات وممانعة في تنفيد محضر 20 يونيو مع المعطلين و26 ابريل مع النقابات ومماثلة بنكيران تعويض المضربين بإقالة حكومته ..كل هدا سياق سياسي تصبوا من خلاله الحكومة الى إضعاف المقاومة الشعبية لتمرير المخططات الامبريالية.

من جانبنا كحركات مناضلة يجب استخلاص اسباب الانكفاء السياسي والجماهيري الحالي ليكون نبراسا في الشروع في مد جسور التعاون والبناء المشترك اليوم قبل الغد. فكل تأخير سيضيف اشكاليات حقيقية في البناء لان رهانهم هو تذرير وتدمير المقاومة الشعبية وتركها تتبخر قطاعيا وفئويا وجغرافيا ، علينا الخروج من قوقعتنا للتقدم إلى الأمام.

أسباب عجز الميزانية و طبيعة تبريرات الحكومة 

وما هي جبهات الهجوم المستقبلية؟ 

 

–         أ:في الازمة البنيوية للمالية العمومية

 

يدافع خدام النظام الاقتصادي الاجتماعي القائم عن فكرة مفادها أن الحفاظ على التوازنات المالية هو وحده الكفيل بإطلاق مولدات النمو،وأن كل الإجراءات مهما غالت في لا شعبيتها فهي ضرورية لأجل تحقيق تلك التوازنات.أي انه لبلوغ التنمية لابد التضحية في الوقت الحالي لإرساء التوازن الكفيل بإطلاق النمو الذي سيوصلنا الى نتائج  سترفع مستوى العيش والخدمات الاجتماعية …

أصبح الحفاظ على التوازنات المالية والماكرو اقتصادية، من المقدسات الأساسية للطبقات الحاكمة وجوقتها السياسية والايديولوجية والمؤسساتية.وأعطيت له صفة دستورية، بالتنصيص عليه في الدستور الممنوح ل2011. فغدت الخيارات الليبرالية المتوحشة، الملجأ الوحيد للسياسة العامة للدولة مهما كانت طبيعة المنفذ.

فمنذ ثلاث عقود والشعب المغربي يعاني جراء هده الخيارات، والنتيجة تدهور متواصل للاقتصاد المحلي وزيادة ارتهانه بالامبريالية، بطالة جماهيرية ونقص حاد في الخدمات الاجتماعية وموت للأطفال والنساء جراء تدهور الصحة…

تتنوع الشعارات التي تغطي كل طور من العقود الثلاث ، لكن المحصلة واحدة: لا نمو تحقق ولا تحسن لظروف عيش الاغلبية. فقط الارباح للمالكين المحليين ومختلف أشكال تصدير القيمة للخارج.

تسعى الطبقات الحاكمة الى الحفاظ على مصالحها ،وتحميل أعباء أزماتها للطبقات الاجتماعية الفقيرة . فإبان انفجار أزمة الدين بداية الثمانينات ، فرضت سياسة التقويم الهيكلي للوصول الى التوازنات، وعلى عكس ما ثم التهليل به لسنوات، فقد أوصلت تلك السياسات البلاد الى “السكتة القلبية”. فجاء دور المعارضة الليبرالية لانقاد البلاد وسوغ منظرها الكبير ليبراليته بفكرة “تكبير الخبزة للتمكن من توزيعها” التي وصلت اليوم إلى أفولها بعد انقضاء العوامل الظرفية التي ساهمت في امتدادها الزمني. واليوم وخلف شعار الاستقرار مقابل الإصلاح، استلم المدبرون الجدد (اسلاميو العدالة والتنمية) المشعل لتنفيذ ما تبقى من خيارات لا شعبية.

لا يتعلق الأمر إذن بقرارات ظرفية، وإنما بسياسة ممنهجة أملتها تطابق مصالح الطبقات السائدة محليا ومراكز القرار الامبريالي، يتم تطبيقها وفق تطور ميزان القوى الاجتماعي والسياسي.

ب: في طبيعة عجز الميزانية:

 فعجز الميزانية ليس معطى ظرفيا وانما هو بنيوي في المالية العامة للأسباب الجوهرية التالية:

ü    الطبيعة الهشة للاقتصاد المحلي ، وضعف التصنيع ،وبقاء الاقتصاد في خصائص قسمة العمل الدولية لما بعد الاستقلال. كلها عوامل تحد من الناتج الداخلي وبالتالي تمويل الخزينة.

ü    ارتهان الاقتصاد المحلي وتبعيته للامبريالية ينمي كافة أشكال تصدير فائض القيمة المنتجة محليا، عن طريق خدمة الدين العمومي والخاص وعوائد الرأسمال والتبادل اللامتكافئ.. ميكانيزمات تحرم الاقتصاد المحلي ومعه الميزانية من موارد أساسية.

ü    الطبيعة الطبقية للخيارات الاقتصادية منذ الاستقلال الشكلي، والتي تعتمد على بناء قاعدة اجتماعية للملكية. ترجمت إلى سياسات مالية سواء عبر السياسة الضريبية أو مختلف أشكال الدعم العمومي .. هو ما أقفل منابع التمويل على المالية العمومية.

ü    إرساء النموذج الاقتصادي والاجتماعي ، المتمحور على السمات السابقة، وعلى آلية الفساد الإداري والمالي. ساهم في تهريب الموارد العمومية وجعلها أرصدة خصوصية في الداخل والخارج.

يتعلق الأمر بطبيعة الخيارات الطبقية والسياسية والتي تحرم الشعب المغربي من سيادته على قراره المستقل .ومهما حاول مدبروا سياسات الطبقات الحاكمة، ومهما غالوا في تطبيق الخيارات النيوليبرالية ، سيبقى عجز الميزانية بنيويا. نحن من في الأسفل لن ننتظر عقودا إضافية في ترقب النمو الموعود. فلا تنمية ولا عيش كريم ألا بإسقاط الخيارات النيوليبراية وتحقيق السيادة الشعبية.

ج: الدين العمومي عائق اساسي:

تتخفى الحكومة أمام عجز الميزانية،  لحجب واقع أن قرارها جاء لوقف المد الجارف لنمو جاري الدين العمومي. والدي بلغ حدود71% من الناتج الداخلي الخام ، وإذا استمر واقع عجز الميزانية ، خاصة أمام تفاقم أزمة الاقتصاد المحلي وتأثيره على المالية العمومية-1- فان جاري الدين يمكن أن يتجاوز 80% من ندخ نهاية 2013. وهي نسبة يمكن أن تتطور سريعا لتتجاوز 100%.

ويبين الجدول التالي تطور الدين العمومي للسنة الماضية، الذي يعكس المسار العام لنموه خلال السنوات الأخيرة، وكذا الميل العام الذي تحاول الحكومة مقاومته باستبدال تلبية الحاجيات الأساسية للمواطن المغربي بخدمة أسيادها مالكي الرأسمال داخليا وخارجيا.

 

 

2011

2012

 

الحجم بمليار درهم

النسبة الى الناتج الداخلي

الحجم بمليار درهم

النسبة الى الناتج الداخلي

الحجم بمليار درهم

 

+23.60

 

189.10

25.40%

212.70

جاري الدين العمومي الخارجي

+46.20

41%

328.70

44.70%

374.90

جاري الدين العمومي الداخلي

+69.80

 

517.80

70.10%

587.60

إجمالي جاري الدين العمومي

مصدر الجدول من إحصائيات حديثة لوزارة المالية .

 

 

 

 

لا يستهدف مدبرو مصالح الطبقات الحاكمة بالطبع إيجاد حل لإشكالية المديونية، وإنما جعلها في مستوى مقبول ماليا، أي في حدود 60% وفق الأيديولوجية النيوليبرالية. ومن اجل ذلك يستلزم اتخاذ إجراءات تقشفية تمنع نمو التكاليف الاجتماعية. ويجدون في تطبيق وصفات المؤسسات المالية الدولية بكون المغرب يعيش فوق إمكانياته، مبررا لسياستهم ، لذا فبالنسبة لهم وجب تدبير النفقات وتقليصها لموازنة التكاليف بالموارد.

بفعل الطبيعة الاجتماعية والسياسية للمدبرين الجدد، لا يستطيعون مراجعة المأزق الجوهري للمالية العمومية المتمثل في المديونية. فكفى من اضطهاد اغلبية المغاربة لملئ جيوب قلة بعرق وكد الطبقات الشعبية. فلا مخرج الا بإسقاط الديون.

أصبحت وضعية الدين العمومي حرجة جدا، فالدولة لم تستطع السنة الماضية الخروج للاقتراض من الأسواق المالية الدولية، إلا بعد آن رهنت سيادتها المالية والسياسية لصندوق النقد الدولي. وكلفته تزداد سنويا، حيث أصبحت حسب الحليمي تفوق الخمسة بالمائة -3-.

 ومن أجل المزيد من التفريط في السيادة الوطنية، فالدولة حاليا تحضر للاقتراض من الأسواق المالية، للمرة الثانية خلال أقل من سنة. ستكون بالطبع الشروط أجحف من السابقة والقرار الوزاري الحالي تهيئ ضمني لتلك الالتزامات.

الأمر لا يتعلق بالنجاعة والحكامة الجيدة ، كما يريدون إيهام الجماهير بذلك، وانما في الجوهر هي رسالة موجهة للممولين الخارجيين اكثر مما هي موجهة الى الداخل. مضمون الرسالة هو أن التحكم في نسبة العجز في حدود 3% من ندخ ونسبة مديونية في حدود 60%من ندخ ممكن، وأنهم قادرون على ضرب مكتسبات اجتماعية اقرت لعقود، وإحلال إجراءات الميزانية النيوليبرالية مكانها، ضمانا للحماية القانونية لمصالح الدائنين، وسعيا لاسترداد ثقتهم.

لا يتعلق الأمر بميزانية الدولة وحدها، فنفس المأزق نفسه تعيشه العديد من المؤسسات العمومية. كالطرق السيارة والمكتب الوطني للكهرباء..

هدا الأخير لم يستطع تجاوز أزمته المالية الحادة سوى بالاندماج مع المكتب الوطني للماء. ورغم ذلك فحالته حرجة ، والخروج الاعلامي للعديد من شركات المناولة لمطالبته بالوفاء بالتزاماته المالية التي تفوق5 مليار درهم ، دليل على ذلك. المخرج النيوليبرالي يجدد نفسه هنا أيضا ، فالوصفة السحرية هي تقليص الاستثمارات والاقتراض الدولي (قرض جديد في مارس الماضي من الوكالة اليابانية للتنمية بحجم 1.1 مليار درهم) ومراجعة بنية الأثمان قصد رفعها وجعلها حقيقية. وبلغة أخرى تحميل الجماهير عبئ القروض وفساد التسيير.

نفس المنحى يعرفه الدين الداخلي، فقد استنكف عنه العديد من المستثمرين المؤسساتيين وخاصة منذ نهاية 2011، وبقي شأنا خاصا بين البنوك المحلية والخزينة، في حلقة مفرغة تستفيد منه تلك البنوك ،للحصول على أذينات تستعملها كضمانات لتغطية عجز سيولتها من طرف بنك المغرب، ومن حصد فوائد مالية تعمق عجز الميزانية العامة في اطار الوساطة بين بنك المغرب والخزينة العمومية (يقترضون من البنك المركزي ب3% ويقرضون الدولة ب4% وما فوق)-4-.

وضع ينطوي على مؤشرات أزمة مفتوحة ستكون تداعياتها أخطر على الاقتصاد المحلي، فسعر الفائدة المرجعي أصبح اليوم يبنى على أساس سعر فائدة ادينات الخزينة وارتفاع الدين الداخلي يريح البنوك من تعب تمويل الاقتصاد لاطمئنانها لفوائده. وهو وضع يتبدل حاليا واهم تمظهراته:

–         ارتفاع الديون الداخلية الجديدة من 103.5 الى 120.3 مليار درهم اي بزيادة 16% في سنة 2012 لوحدها.

–         ارتفاع عام لنسب الفوائد تقارب النقطة المئوية للمدد المتوسطة والطويلة. وهو ما يزيد من تكلفته وتكلفة قروض  الأبناك للمواطنين والشركات ،لكون سعر الفائدة هذا، هو المرجع في قروضها.

–         ارتفاع نسب المدد المتوسطة والطويلة، اي تحول الدين الداخلي من دوره في حل مؤقت لعجز الميزانية الى دين بنيوي ، وكدا استعمال الديون الجديدة من اجل أداء الديون السابقة.

يعتبر الدين الخارجي والداخلي، شكلين لتحول القيمة من المنتجين المحليين إلى مالكي الرساميل، عبر آلية المالية العمومية التي يقف على تدبيرها خدامهم. فهم مستعدون لقطع ميزانية عمومية كانت ستبني مستوصفا سيمكن من تفادي وفيات أطفال ونساء، مقابل زيادة التجاري وفا بنك وغيره لأرباح إضافية.

لتسقط الديون ومخططات الامبريالية، نريد الحرية والعدالة لشعبنا

انتم تمثلون مصالح اعدائنا، فلتسقط مؤسسات الديكتاتورية الاقتصادية والمالية من اجل غد أفضل.

 

التشدد في تحميل الجماهير الشعبية تبعات الازمة والتراخي اتجاه القوى النافذة

أ:في طبيعة خيارات تحالف المدبرون الجدد:

عندما خرج بنكيران إعلاميا للدفاع عن الزيادة في اثمان المحروقات، برر ذلك بالتدخل لوقف نمو نفقات المقاصة التي تهدد الميزانية العامة باتساع العجز. وأكد على ضرورة ذلك حفاظا على” مصالح الدولة” و”الاقتصاد الوطني”، بل ذهب إلى أكثر من ذلك ، حين قايض موقعه السياسي بتطبيق اجراءات لاشعبية. لأنه ببساطة يماثل بين الحفاظ على ”مصالح الدولة” و”الاقتصاد الوطني” و الحفاظ على عجز ميزانية في حدود 3%.وهو بذلك يتبنى حرفيا برنامجا ليبراليا للتنمية الموعودة.

هدا البرنامج الذي يرتب اولوياته البرنامج الحكومي والذي أكد على أن النموذج المغربي في التنمية يرتكز على ثلاث دعامات:

أولا،التحكم في لتوازنات الخارجية والداخلية

ثانيا :دعم المقاولة ودعم الاستثمار الخاص

ثالثا: الدعامة الاجتماعية وإعادة التوازن للمجتمع.

إن إدراج الدعامة الثالثة هدفه فقط شرعنه الدعامتين الأساسيتين، لان أجرأتها في نظرهم هي نتاج الدعامتين الأساسيتين وليس العكس. كما يوضح الوزير الازمي” ان ضبط التوازن المالي سيوفر الشروط الأساسية لانتعاش الاقتصاد الوطني، وأيضا إعادة التوازن للمجتمع”-5-. ليس هذا سوى تكرارا مملا لما سبق أن وعد الاتحاديون مند 1998-6-. حين كانوا يرددون ”إذا تحكمنا في العجز سنخلق شروط التنمية” وهو نفسه جوهر سياسة التقويم الهيكلي المطبقة بالمغرب منذ بداية الثمانينات.

نعيش اليوم تداعيات ونتائج هاته السياسات التي رفضها ولفظها الشعب المغربي مند انتفاضة 1984، وما زال يقاومها بكافة الأشكال والسبل. اعادة صياغة الجوهر بأسلوب جديد واخراج جديد ومدبرين جدد ،لن يجعلنا ننتظر النتائج لعقد أخر.

فعلى العكس من تمنياتهم -7- ، بان ”للإصلاحات الهيكلية تكلفة”. فان التكلفة الحقيقية يجب أن تكون في ميدان ومسار النضال حيث يمكن أن نتلمس السبل الكفيلة بالتحرر من الدائرة المفرغة والهالكة للسياسات النيوليبرالية.  يؤكد هدا بالملموس أن تحالف المدبرين الجدد ليس لديهم برنامج بديل لما طبق في المغرب منذ سياسة التقويم الهيكلي.

ب:في طبيعة المصالح الطبقية التي يعبر عنها التحالف الحكومي:

لقد قدم بنكيران سيناريوهين أساسيان تفاداهما، لكي يقدم على قراراته السابقة:

أولا: لكي يتجنب ما كانت تقدم عليه الحكومات السابقة في تدبير الازمات وتكون لديه عواقب على مستقبل التنمية والاجيال المقبلة، من قبيل اللجوء الى رفع الدين و تقليص غير مرئي لميزانية الاستثمار.

تانيا: أنه مقدم على اصلاحات ستمكن من تلبية مطالب الشعب المغربي.

هاذين السيناريوهين خالفهما قبل مرور السنة على دلك:

–         السقوط في فخ رفع الدين الخارجي وجعل سيادة المغرب على قرارته الاقتصادية بيد المؤسسات الدولية، من خلال خط الائتمان مع صندوق النقد الدولي والاقتراض من الاسواق المالية.

–         التوقف عن انجاز ميزانية الاستثمار.

–         عجز اجتماعي متواصل.

جلي ان بنكيران لا يتوفر على اي بديل عن الخيارات النيوليبرالية. وأنه يعرف جيدا دوره وهو استنفاد رصيد الثقة لديه في تنفيد رزنامة من الهجمات على مكاسب اجتماعية.

ان مختلف تفرعات الأحزاب السياسية وملحقاتها من البيروقراطيات النقابية والنخب المتنفذة في المجتمع المدني تتبنى أو تستبطن جوهر الخيارات النيوليبرالية في تصوراتها وممارساتها. ما يفرقها في تنابزها الاعلامي والسياسي هو حدود ومستوى التموضع في مؤسسات الدولة، وكيفية استغلال عدم الرضا الاجتماعي لتحسين المواقع في صراعاتها من اجل كسب ثقة الطبقات الحاكمة في تدبير مؤسساتها السياسية.-8-

إن قرار حكومة بنكيران اليوم يكشف الطبيعة الطبقية لقرارات ائتلافه. فمقابل التشدد في الهجوم على الطبقات الشعبية، يقابله بحث دؤوب وواهم عن مظلة الملك للتحرك ضد مصالح اللوبيات الاقتصادية.

ورغم المحتوى الاجتماعي للاستثمارات العمومية، فان التقليص منها سيقوض فرص خلق الشغل وتحسين شروط حياة المواطنين، فإقدام الحكومة على قرار وهي تعرف قبل غيرها تداعياته الاجتماعية ، ماهو الا تنفيذ للبند الاساسي في دورها السياسي وهو خدمة الرأسمال.

–         فلماذا، لم تقدم الحكومة على تأجيل صرف 16.6 مليار درهم كفوائد للبنوك المحلية من الدين الداخلي لسنة2012  والذي ليس سوى دائرة مدمرة للمالية العمومية، تتحصل بها المؤسسات المالية المحلية عن عوائد مقابل وساطة مالية اقرتها الخيارات النيوليبرالية باسم استقلالية بنك المغرب، عن طريق قانون 2005 المشؤوم؟

– ولماذا لم تلغ النفقات الجبائية والتي تفوق 36 مليار درهم ، خاصة أن المستفيدين منها أمثال الصفريوي والشعبي وبن جلون وغيرهم الدين يتصدرون ترتيب الأثرياء محليا .-9-…ويتراشقون بمظاهر البذخ والثروة، ويضيف لهم المدبرين الجدد بقيادة بنكيران العطايا ولا يمتلكون الجرأة السياسية إلا في وجه نسوة يلدن و يمتن في الشارع العام بتقليص وحذف الميزانيات الموجهة لهن؟

– ولماذا لا يتجرأ فريق بنكيران ويسترجع الأموال المنهوبة والمصدرة إلى الخارج ؟

– ولماذا عارض سن قانون الضريبة على الثروة؟

– ولماذا لا يلغي الإعفاء الضريبي على أغنياء الفلاحين؟

– ولماذا… ولماذا.. كثيرة هي الحلول الممكنة لحل الازمة شريطة ان تكون موجهة ضد الاثرياء .. لكن هيهات له ذلك وهو يعرف ،أكثر ممن يصوتون على دعايته الاسلامية، بأن دوره الحقيقي هو خدمة الاثرياء ضد الفقراء ممن يشكلون الاغلبية الشعبية.

إن المدبرين الجدد يعرفون آن المال العمومي “مال سابب” ولكن فقط للقوى التي عمل النظام القائم على بنائها وتقويتها، وبنفوذها اليوم فهي تفرض مصالحها ضد مصالح الطبقات الشعبية. وبنكيران وتحالفه تتقاطعه تلبية تلك المصالح بحد ادنى اجتماعي يعتبرونه ضروريا لاستقرار وضع الاستغلال الرأسمالي. لكن احتداد أزمة الخيارات النيوليبرالية  في ظل الأزمة المالية العالمية لا يترك المجال إلا لاستنفاد دوره السياسي في تحمل ضربات السخط الاجتماعي الآتية لا محالة.

أما بالنسبة للطبقات الشعبية فلا مفر من توحيد القوى ضد مصالح القوى النافدة في جبهة موحدة ضد سياسات التقشف.

 

انصياع لاملاءات المؤسسات المالية الدولية والقوى الامبريالية

 

أ- المغرب تحت وصاية المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية ومراكز القرار الرأسمالي.

لم يخرج المغرب عن وصاية المؤسسات المالية الدولية منذ الاستقلال الشكلي، فقد حسم تدخل هاته المؤسسات والقوى الامبريالية في إرساء النموذج الاقتصادي التبعي القائم الى اليوم. وعن طريق الحماية السياسية والية التمويل الخارجي مكنوا الطبقات السائدة من بناء ديكتاتوريتهم الاقتصادية والسياسية.

كان هذا هو العائق الأكبر أمام المصالح الشعبية في إقرار تنمية دائمة وعادلة اجتماعيا ،وساهم بشكل حاد في تعميق هشاشة وضعف الاقتصاد المحلي وبقائه في وضع لا يستطيع فيه تلبية أبسط الحاجيات الأساسية للشعب.

وأمام احتداد أزمة هدا النموذج خاصة من الناحية المالية، بتفاقم وانفجار أزمة المديونية بداية سنوات الثمانينات، اتخذت وصاية هذه المؤسسات والقوى طابعا مؤسساتيا، عن طريق التدخل المباشر في رسم الخيارات الاقتصادية والاجتماعية.

لم ينته هذا مع سياسة التقويم الهيكلي كما يعتقد البعض، فهو مستمر إلى اليوم. و ما لعبه تقرير البنك الدولي لسنة 1995 وخطاب الملك الذي تلاه حول السكتة القلبية سوى أسطع الأمثلة عن دلك.

اليوم عن طريق مجلس الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والإطار الاستراتيجي لكل أربع سنوات بالنسبة للبنك العالمي الذي يحدد إطار السياسات العامة وشروط وسيناريوهات التمويل ، والتقارير السنوية لصندوق النقد الدولي بناءا على زياراته التفقدية … تشكل المداخل الرئيسية للوصاية على القرار المحلي و لفرض سياسات لا شعبية لا تخدم سوى مصالح الطبقات السائدة والرأسمال الأجنبي.

مثل حصول المغرب على خط الوقاية والائتمان من صندوق النقد الدولي السنة الماضية خطوة نوعية في تكريس هيمنة هذه المؤسسات على القرار الاقتصادي بالمغرب. فمن خلال رسالة النوايا الموقعة من طرف وزير المالية ووالي بنك المغرب، إلى أسيادهم والمتوافقة مع شروط هذا الرهن-10-.  تتحدد السياسات العمومية التي يجب على المغرب اتباعها لخفض عجز ميزانيته العمومية إلى 3% في افق 2016. وهي حزمة من القرارات اللاشعبية من قبيل تفكيك صندوق المقاصة وإصلاح ليبرالي لصناديق التقاعد وتقليص للإنفاق العمومي…

ب: تصريف الوصاية الى هجوم على المكتسبات الشعبية.

يندرج القرار الأخير بتقليص ميزانية الاستثمار من جهة ،في إطار شروط عقد الحماية الجديد هذا، واتخاذه طابع قرار وزاري ملزم وفاصل سوى دليل عملي على الاستجابة لضغوط واملاءات هاته المؤسسات. فهو يأتي في الفترة بين زيارة ”التقييم/التفتيش” التي قامت بها لجنة من الصندوق للمغرب نهاية 2012، ونشر تقرير” التفتيش”، وقبل زيارة أخرى مرتقبة في يونيو القادم. مما وسع هامش الضغط واتخذ طابعا عمليا. فمع خط ”الوقاية والائتمان” لامناص من اتخاذ السياسات المملاة و إلا راجعت المؤسسات المالية سياستها وأصبح المغرب في وضعية ”إفلاس” من وجهة الخيارات المعتمدة. وهو ما تعكسه خلاصات تقرير اللجنة ”اللجنة عن طريق مجموعة من الدلائل تستنتج أن المغرب مازال مؤهلا للاستفادة من خط الوقاية والائتمان مع تطبيق البرنامج المنتظر….واستمرار السلطات في التزامها بأهداف البرنامج”.-11-

ومن جهة أخرى يأتي في سياق إعداد البنك الدولي لإستراتيجيته للأربع سنوات القادمة.وهو بذالك رسالة واضحة له لكي يأخذ بعين الاعتبار أن الحكومة الحالية جادة في “طحن” الشعب بعزمها على تقليص الإنفاق العمومي ومراجعة السياسات الاجتماعية وفرض السياسات النيوليبرالية.. وأن الأمور لم تعد فقط وعودا وإنما أصبحت مقررات قانونية ملزمة.

لم يعد يخفي وكلاء الامبريالية محليا ارتهانهم بهذه المؤسسات، فتلبية مطالبها أصبحت النبراس والبوصلة. فهاهو الجواهري والي بنك المغرب يصرح علانية قبل القرار بضرورة اتخاذ اجراءات عاجلة تخفض من المصاريف الاجتماعية ” عجز الميزانية الذي وصل الى7.6% من الناتج الداخلي خارج الخوصصة نهاية 2012 يمكن أن يشكل الحد الفاصل ، إذا لم يتدارك المغرب ويتم إعادة إرساءه في المسار الذي تم الالتزام به مع صندوق النقد الدولي والهادف إلى خفض عجز الميزانية الى 3% من ندخ في افق 2016.” ويطلق صفارة التحدير ” والا فصندوق النقد الدولي والأسواق سيستنتجون العبر”.-12- ويضيف كذلك” بان صندوق النقد الدولي لم يراجع خط الائتمان لكن بالنسبة للزيارة المرتقبة في ماي ستكون مناسبة للتحقق بأننا سننهي السنة في العجز المرتقب وهو 5.5% من ندخ وكذا التحقق بأن المنحى سيعاد توجيهه للوصول إلى نسبة عجز ب3% من ندخ نهاية 2016”.

يلاها من وقاحة سياسية همها الأساسي هو التفاني في أجرأة الهجوم على المصالح الحيوية للشعب باسم خدمة الاستقرار المالي المرادف لنمو أرباح وثروات الأغنياء.

ج: من أجل التحرر من الوصاية السياسية والاقتصادية:

لم يعد يقتصر التسبيح بحمد هاته القوى التي أصبحت علنية اليوم من صميم عمل مؤسسات الدولة ، بل شأنا عاما يمتد الى باقي مكونات الساحة السياسية، فحزب الاتحاد الاشتراكي الذي خبر تلك المؤسسات وهو مشارك في تنفيد سياستها ،اصبح من موقع المعارضة خائفا أكثر من غضبها، لأن ما يهمه هو فقط رضا تلك المؤسسات والتي سيتحول غدا الى خادمها الطيع. ” بيد أن الأدهى من كل هدا هو خطر اهتزاز مصداقية المغرب في أعين المؤسسات الدولية المانحة”-13-

إن ما يهم الاتحاد الاشتراكي اليوم هو استغلال حالة السخط الاجتماعي والركوب عليها لتعزيز مواقعه لتنفيذ نفس السياسات غدا.

 ان سياسات المؤسسات والقوى الامبريالية هي العائق اليوم كما الأمس للخروج من دائرة التخلف الاقتصادي والاجتماعي، واحتداد ارتهان القرار الاقتصادي والاجتماعي بها اليوم يجعلنا نتق أكثر من ذي قبل أن إسقاط تلك الهيمنة هي القنطرة نحو التحرر السياسي. لذا فالعمل من اجل جبهة شعبية وديموقراطية ضد هيمنة سياساتها أمر حيوي لتقدم النضال الاجتماعي بالمغرب. فلن نتصور الحد الأدنى من تلبية المطالب الاجتماعية إلا بفك الارتباط بهاته القوى..

 

الدائرة الجهنمية للدين والتبادل الحر تعميق لأزمة الاقتصاد التبعي

 

يدرك اليوم العديد من خدام النظام الحالي أن أسباب الأزمة الحالية تتمحور حول مسألتين اساسيتين:

–         الأولى ظرفية تتعلق بانتفاء أو تقلص العوائد الضريبية ومداخيل الرأسمال من الخارج ، والتي غطت بطفرتها الأزمة منذ 2008.

–         والثانية بنيوية تتعلق بمحدودية النموذج المغربي في التنمية والذي يجب أن يراجع ، خاصة اتفاقات التبادل الحر والتي لم يستفد منها الاقتصاد المحلي . -14-

وكحل للوضعية المتأزمة لجأت الحكومة منذ مدة إلى التلويح ”بالسياسة الاقتصادية الجديدة”، والتي ترمي من خلال العديد من الإجراءات وقف النزيف وتثبيت الاستقرار الماكرو اقتصادي.

يتعلق الأمر بجملة من التدابير كالإصلاح الضريبي ومراجعة بعض البرامج القطاعية وتدابير للحد من الواردات الخ..

وعلى العكس من اعتبارها استراتيجية جديدة وشاملة كما يحلوا للعديد من الوزراء التغني بذلك-15-، فإنها لا تعدوا كونها حلولا تقنية لمشاكل بنيوية، ويتحكم فيها الهاجس المحاسباتي اكثر من وجود استراتيجية تنموية وطنية ، كما أن غياب القرار السياسي لدى القائمين بالتدبير كما الحاكمين الحقيقيين يجعل هذه الحلول مجرد تدابير ظرفية.

فبالأمس ثم التغني بمحدودية اتفاقات التبادل الحر وأنها أفادت القوى الخارجية وساهمت في تراجع الاقتصاد الوطني ، وتعالت الأصوات مطالبة بمراجعة تلك الاتفاقات.ولكن اليوم يتجاوزون تلك الدعوات لينخرطوا في مسلسل ”دوفيل” ،وبدل المراجعة يجلسون لتعميق اتفاق التبادل الحر مع سادتهم الأوروبيين.

وكمثال أخر اتفاق الصيد البحري، فعندما أسقط البرلمان الأوربي الاتفاق السابق تسابقوا للتهليل بأنه فرصة للمغرب لدعم الاستهلاك المحلي وتعزيز برنامج” اليوتيس” الذي سيعزز تصنيع المنتوج الوطني ويزيد من قيمته المضافة، وهو ما سينتج عنه خلق مناصب شغل إضافية وموارد مالية للخزينة وسيساهم في تقليص العجز التجاري… كل هاته المبررات اختفت اليوم للوراء أمام السعي إلى اتفاق جديد ، وبدلها ستقذف الحكومة بشعارات أخرى لتسويغ تبعيتها.

إن المشكل الحقيقي لانحباس الاقتصاد المحلي وتموجه في الأزمات ، هي تبعيته واندراجه في إطار الهامش وخدمة الاقتصاد الأوروبي خاصة، فنظر الأوروبيين له يتم من خلال السياسة الاوربية للجوار ودوره في دعم تنافسية الاقتصاد الأوربي وكسوق لتصريف المنتجات والتموين بأقل تكلفة. بصيغة أخرى فهو في نفس مستوى قسمة العمل الموروثة عن الاستعمار بكليشيهات جزئية مختلفة.

إن ما يسعى الحاكمون اليوم لتطبيقه هو ما يملى عليهم ويندرج في سياق السياسة الخارجية للاتحاد الأوربي، وهو ما يبقي تلك السياسات في حدود اجراءات لتثبيت التوازنات الماكرو اقتصادية لضمان أرباح الرأسماليين في الداخل والخارج.

ما يهم الطبقات الحاكمة اليوم هو فتح المجال لتسويق منتوجاتها خاصة القطاعات التقليدية كالفلاحة والنسيج وتسويق صورة المغرب كنافذة نحو استعمار جديد وبأيادي مغربية لإفريقيا ، لتعزيز مصالحها ودعمها.

كانت برامج التقويم الهيكلي أداة لفرض سياسات لا شعبية، وكانت القنطرة لاتفاقيات التبادل الحر، التي أزمت اقتصادنا وعمقت تبعيته.

اليوم أمام توسع العجز وانعدام أية سياسة للتصنيع تعتمد السوق المحلي ، لاستحالتها في ظل التبادل الحر والانفتاح الاقتصادي ، تبقى البرامج الحكومية من ”إقلاع” و ”اليوتيس” و”المغرب الأخضر”.. برامج في مصلحة الرأسمال الخارجي. وتساهم بدورها في تعميق العجز التجاري والمالي. وهو ما ترتب عنه اليوم توسع للعجز التجاري وميزان الأداءات والمديونية العمومية إلى أرقام غير مسبوقة في الثلاثين سنة الأخيرة.

اليوم وبالملموس تنهار كل الشعارات التي رافقت الثلاثين سنة الأخيرة ، منذ تطبيق سياسة التقويم الهيكلي فالدائرة الجهنمية للانفتاح والدين العمومي رحلت الثروات العمومية إلى جيوب الطبقات السائدة وخدامها من الامبرياليين. وهو سبب جوهري لاحتداد الأزمة اليوم .

الطبقات الحاكمة وحفاظا على مصالحها التي تكونت وتركزت خلال الطور السابق، تسعى جاهدة لإعادة هيكلة مصالحها بتوافق ضمني مع الامبريالية-16-. لذا فهي منخرطة في تعميق سياسات أفلست شعبيا واجتماعيا ،بمسميات جديدة. ومن اجل توفير الشروط الضرورية لتمريرها ،خاصة ضمان سلم اجتماعي فهي تسعى جاهدة في تسويغها باسم ” مصلح الوطن”.

”مصالح الوطن” الحقيقية ، هي بناء اقتصاد وطني حقيقي ، ينبني على تلبية الحاجيات الأساسية للمواطن ، ومستقل عن مصالح الامبريالية ومؤسساتها. خيار واقعي وممكن وأثبتت العديد من تجارب الشعوب الحديثة إمكانيات فعلية لتحقيقه. فصمود قوى ناشئة للازمة العالمية الراهنة اليوم هو بسبب انجازاتها الداخلية وليس بسبب تطبيق سياسات التقشف و الانفتاح . فلنخلق الشروط الاجتماعية الكفيلة بدلك.

أوبها ابراهيم

17/05/2013.

===============================================

الهوامش:

-1- عدم انجاز الاستثمارات المبرمجة إشكال حقيقي بالنسبة للسنوات الأخيرة ، وهو راجع بالأساس إلى الدور السياسي الذي تلعبه الإدارة وعوامل الزبونية والمحسوبية ولكن الأهم هو التحكم في عجز الميزانية. لكن الحل هو معالجة الاختلالات تلك للحفظ على الاستثمار العمومي وليس خلق وضع اقتصادي واستغلاله للقضاء على تلك الاستثمارات.

-2- البرنامج الحكومي والأرضيات المشكلة لقوانين المالية تقدم الاستثمار العمومي كرافعة للنمو ومساهمة القطاع العام في المجهود الوطني ”لخلق الشغل والثروة”. فكيف أصبح اليوم تقليصه لن ينتج عنه خفض للشغل.

-3- تكاليف الاقتراض من الأسواق المالية ارتفعت بشكل كبير .فاقتراض 2008 إبان عهد مزوار كان بشروط أفضل من اقتراض 2012 ولم يستوجب كل هاته الضمانات. أما اقتراض 2012 فلم يكن ممكنا إلا بعد قرض الائتمان وضمان رسالة النوايا…

-4- القانون البنكي ل2005 اقر استقلالية بنك المغرب ومنع بذلك اقتراض الخزينة المباشر من بنك المغرب ، الدولة اليوم تقترض من الأبناك وبدورها تقترض من بنك المغرب. فارق الفائدة وان كان ضعيفا فحجم القروض يرفع الربح إلى مستويات قياسية.

5+6+7- جريدة المساء عدد2047 بتاريخ24/04/20

-8- نتذكر حملة العدالة والتنمية على مزوار وحكومة سنة 2008 عند سعي الدولة للاقتراض من الأسواق المالية ، واعتبر ذلك تفريطا في السيادة الوطنية وقيادة البلاد نحو المجهول. اليوم وهم في موقع تدبير مصالح الطبقات الحاكمة يقرون ذلك باسم ”مصالح الوطن” ومقابل ذلك يواجههم خصومهم المدبرون القدامى بنفس أسلحتهم السابقة. في الحقيقة مسرحية هزلية مملة ولكنها ضد مصالح الشعب ولفائدة الذين يتسابقون للإعلان عن نمو أرباحهم كمثال بنجلون وغيره.

-9- صرح الملياردير عثمان بنجلون في الندوة الصحفية التي أعلن فيها عن أرباح مجموعته وتزايدها رغم الأزمة ، انه لو كان مكان بنكيران لفعل الأمر نفسه- قرار حذف 15 مليار من الاستثمارات-. لم لا و الأزمة بالنسبة له زيادة في الأرباح وبنكيران يقوم بواجبه ربما أحسن منه.

10- انظر شروط خط ”الوقاية والائتمان ” في موقع الصندوق وكذا الرسالة المتضمنة في تقرير نشره الصندوق غشت 2013 تحت رقم 12/239 والذي نشر موقع لكم أجزاء منه.

USINENOUVELLE.COM-11

LES ECHOS.MA19/04/201312-

13- الاتحاد الاشتراكي عدد10381 بتاريخ 25/04/2013

14- جريدة ليكونوميست 17/04

15- انظر كذلك البرامج الانتخابية للتحالف الحكومي الحالي.

16- المخطط الاستراتيجي لاونا التي ركزت مساهماتها في الشركة الوطنية للاستثمار ، تخلت عن احتكارها لقطاعات الحليب والزيت وبيمو والسكر لفائدة احتكارات جديدة تابعة للشركات العملاقة الأجنية للتموقع في القطاعات المربحة الآن كقطاعات المال حيث احتكار اكبر بنك خاص محلي يستحود على “أكثر من 30% من السوق وكذا قطاعات التوزيع والتجهيز.. وكذلك الحال بالنسبة للعديد من التجمعات الاقتصادية الكبرى محليا.

 

زر الذهاب إلى الأعلى