كوب أسفي للحقيقة وكوب مراكش للخديعة
محمد النواية
ندوة أسفي الدولية للمناخ التي نظمتها أطاك المغرب يوم 4 و5 نوفمبر2016 تحت شعار ” لنغير النظام الرأسمالي ، لا المناخ ” وقبل يومين من انطلاق أشغال مؤتمر الأطراف بمراكش هي صورة من الوجه الحقيقي لما يهدد العالم من تغيرات المناخ والتدمير البيئي ، والتي قرر المنظمون أن تكون بمدينة أسفي بعيدا عن الأضواء والبريق الزائف، والإصلاحات الأنية المغشوشة والأموال المهدورة لهدا الحفل ،وقريبا من المشاهد الصادمة للتخريب البيئي بالمدينة والمخاطر التي تهدد ساكنتها.
في صباح اليوم الأول للندوة زار المشاركون بعض المواقع بالمدينة كمركب كماويات المغرب ومصانعه التي تلوث هواء المدينة من خلال ما تنفث من دخان وما ترميه من سوائل سامة في مياه البحر ، والتي باتت تشكل حالة هلع ورعب في أوساط الساكنة وعاينوا ما تقذفه مصانع تصبير الأسماك على طول الساحل .كما وقفوا على مشروع إنشاء المحطة الحرارية التي ستعمل بالفحم الحجري المصنف ضمن أخطر المواد المسببة للاحتباس الحراري في الكون ؛بإضافة هده الطامة الجديدة ستشهد مدينة أسفي أخطر مشروع مضر بالمغرب.
خلال الندوة عرض المشاركون الممثلون لدول شمال إفريقيا والشرق الأوسط وباقي الدول الأفريقية فقامة المشاكل التي تسبب فيها الاستعمار الجديد من أضرار من فرط استغلالهم للثروات في المنطقة الفوسفاط ، البترول ، الغاز، المعادن ، الماء ، الغابة والبحر ومعانة شعوبها من الفقر وضراوة العيش والديون المالية التي تكبل اقتصادها والديون الإيكولوجية التي على عاتق الدول الناهبة لثروات هده الشعوب على مدى الحقبة الاستعمارية وفترة الاستعمار الجديد .
تطرقت مداخلات الدول المشاركة لمختلف الموضوعات التي تهم التغيرات المناخية والى مدة العشرين سنة الفارطة من المفاوضات التي لم تستطع وقف انبعاثات الغازات الدفيئة المسؤولة عن الاحتباس الحراري ورغم كل التحذيرات المرفوعة من طرف الخبراء ومراكز البحت فان كبار العالم لم يستجيبوا لدعوة البحت عن حلول تحد من المخاطر واكتفوا بنداءات يتيمة لا تتضمن أي التزامات محددة بل أقروا بدائل عبارة عن مشاريع مربحة تحت اسم البيئة النظيفة و محاربة التلوث .
وضعت هده المداخلات رصدا لتغيير المناخ وتحليل الأضرار الناجمة عن النموذج الانتاجوي المتبع في الزراعة ،الصيد ،السياحة والطاقة . وألحت على أن قضية التغييرات المناخية ليست شأنا خاصا بالخبراء والدول بل هي شأنا يهم الشعوب وأن المسؤولية تكمن بالدرجة الأولى على الهجوم الليبرالي في تدهور واقعنا الاجتماعي والبيئي ، وأن فتح النقاش حول العدالة المناخية بات قضية ملحة وضرورية باعتبار أن العواقب تفاقم التفاوتات في توزيع الثروات .في الندوة عرضت نماذج وشهادات عن غياب المعادلة المناخية في الدول المشاركة وشهادتين وتقرير من المغرب ،الشهادة الأولى من اسقي المنكوبة معززة بشريط ، والثانية من اميضر الصامدة في معتصمها قدمتها”حركة على درب96 ” وهي معركة ضد جشع منجم الفضة الأغنى في إفريقيا ألدي استنزف الثروة المائية للقرية التي تعاني العطش والجوع وتفتقر الأبسط البنيات التحتية والحيوية ؛ ويطرح المنجم سوائل سامة كنفايات سائلة وغازية وصلبة بشكل عشوائي مما يخلف تأتيرا مباشرا على البيئة والساكنة المحلية التي تعاني من أمراض خطيرة خاصة أمراض الجهاز التنفسي والعصبي والسرطان وأمراض مزمنة قد تلاحق العاملين في المنجم .
أما التقرير فهو من قرية “بنصميم” وهي جماعة قروية تابعة لإقليم افران تعيش على وقع نهب أهم مورد مائي “عين افران” تم تفويته لشركة أجنبية،أي قانون هدا الذي يسمح بالتحكم في مصير قرية تعيش من ماء هده العين ،الغابة الموجودة بالقرية يتم كذلك بيعها لأمراء قطريين قطعواأشجارها لتشييد قصورهم على أنقاض الغابة.
خلصت الندوة على أن تغيير المناخ هو بالدرجة الأولى حرب ، حرب يشنها الأغنياء على الطبقات العاملة وصغار الفلاحين والفقراء والتي ستؤدي الى تدمير بلدان إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية وغرب جنوب أسيا وكافة البلدان الفقيرة ، وسيضطر الملايين إلي الهجرة ، الصحراء أخدة في التوسع والمحاصيل تقل وصيادو الأسماك يفقدون مصادر رزقهم وستنقص إمدادات المياه وتكتر العواصف . الصيف سيصبح أكتر سخونة والشتاء أكثر برودة وستدمر الأرض الخصبة بسبب ارتفاع مستوى البحر وستنمحي المنشئات الصناعية والسياحية المتمركزة على السواحل، وسينخفض إنتاج الأغدية وستهدد المدن الكبرى بالعطش مثل القاهرة والدار البيضاء والجزائر.إدا تركنا الجواب على التغييرات المناخية للنخبة يعني أننا لن نتمكن من البقاء على الأرض .
يجب أن يكون النضال من أجل العدالة المناخية ديمقراطيا باشراك المجتمعات المحلية الأكثر تضررا.