غير مصنفملفات دراسية

خلفيات و أهداف حملة التخويف من ڤيروس H1N1 و علاقتها بلقاحات الأنفلونزا

خلفيات و أهداف حملة التخويف من ڤيروس H1N1 و علاقتها بلقاحات الأنفلونزا

 تقديــم :

سادت حالة من الذعر وسط المغاربة في الأيام القليلة الأخيرة بعد انتشار أخبار حول تفشي مرض الأنفلونزا و تسجيل وفيات في صفوف المصابين. من الطبيعي أن يتساءل المغاربة خصوصا بعد وقوع ضحايا و من حقهم أن يتوفروا على المعلومة الصحيحة بغض النظر عن درجة تفشي المرض، لكن الغريب هو طريقة تعامل وزارة الصحة و وسائل إعلام مختلفة في الإجابة عن هذه التساؤلات. توالي الأحداث يذكر بأحد الأساليب التي تعتمدها شركات الأدوية لبيع منتجاتها، ، في البداية تعمل على زرع حالة من الخوف و بعدها يأتي المنقذ أي الدواء أو اللقاح المعني الترويج له،لمثل هذه الممارسات تخصص ميزانية للترويج و التسويق و الإشهار أكبر بكثير من تلك المخصصة للبحث و التطوير .

بدأت الحملة “التحسيسية” السنوية لوزارة الصحة من أجل التلقيح منذ أشهر أي قبل سقوط ضحايا لكنها لقيت صدى ضعيفا لدى عموم المغاربة، و بسقوط موتى توسعت حالة الخوف ثم جاء تدخل الوزارة عبر طمأنة المغاربة بأن حالة تفشي المرض طبيعية مقارنة بالسنوات الماضية لكن دون تزويدنا بتقارير عن هذه الحالة و المعلوم أن المؤسسات الرسمية بالمغرب توجه منذ عقود تقارير دورية عن حالة فيروس أنفلونزا إلى منظمات دولية و على رأسها منظمة الصحة العالمية فمن المفروض أن يكون للمغاربة علم بهذه التقارير و هذا حقهم قبل أي مؤسسة أخرى.على طول الحملة تحولت تصريحات رسمية للوزارة و أطباء و وسائل إعلام مختلفة إلى وصلات إشهارية لماركات تجارية بعينها لأدوية ولقاحات و الترويج لمعلومات غير صحيحة حول فعالية اللقاح و حول غياب أضرار صحية ناتجة عنه وهذا تغليط مقصود للمغاربة.

 

برنامج “خطة العمل الدولية للقاحات الأنفلونزا” بالمغرب تبذير للأموال و تعريض المغاربة لمخاطر اللقاحات المستعملة

لفهم تطور الأحداث الأخيرة لا بد من العودة قليلا إلى الوراء، في أواسط التسعينيات بدأت صناعة الأدوية تعرف انحصارا في مبيعاتها نتيجة عوامل عدة:

  • تباطؤ مبيعات شركات الأدوية في الأسواق التقليدية بأوروبا و أمريكا الشمالية
  • فقدان براءة اختراع أدوية كانت تذر مليارات الدولارات كل سنة على الشركات المصنعة و أصبحت معرضة لمنافسة الأدوية الجنيسة
  • مراجعة أسعار الأدوية في الكثير من البلدان نتيجة ارتفاع تكلفتها و تأثيرها على صناديق الحماية الاجتماعية
  • انحصار البحث و التطوير في مجال الأدوية، نتيجة تعقد و تكلفة الأبحاث المختبرية و السريرية و طول مدتها، ما دفع بشركات الصناعة الصيدلية بتقليص نفقاتها في هذا المجال و هو ما يعكسه تقلص في عدد الأدوية -الدواء هو المادة الفاعلة و ليس الاسم التجاري- الجديدة المرخص لها و ذات الخدمة الطبية الحقيقية

هذه العوامل و غيرها جعلت من اللقاحات أحسن منقذ لتجاوز “أزمة” شركات الصناعة الدوائية و الرفع من أرباحها، ولن يكون ذالك ممكنا بدون وضع برامج لبلوغ هذا الهدف.

سنة 2005 عرفت الإعلان من طرف منظمة الصحة العالمية عن ” الإستراتجية العالمية للقاحات” تمخض عنها العديد من البرامج و على رأسها “خطة العمل الدولية للقاحات الأنفلونزا GAP Influenza Vaccines” سنة 2006 و قد حُددت له ثلاثة أهداف:

  • زيادة جرعات اللقاحات المستعملة ضد الأنفلونزا
  • زيادة إنتاج اللقاحات
  • دعم البحث العلمي و التطوير

يدير هذه الخطة منظمة الصحة العالمية و اليونيسيف و التحالف الدولي من أجل اللقاحات و التلقيح- GAVI  و هو تجمع لأبناك و شركات الأدوية المنظمين في الفيدرالية العالمية لصناعة الأدوية “FIIM”،تأسس هذا التحالف لمواجهة تباطؤ نسب التلقيح في الدول النامية و من ضمن المشرفين على هذه الخطة المراكز الأمريكية لتتبع الأمراض و مؤسسة ميليندا و ﯖيتس-Fondation Melinda et Bill Guets و بدعم من حكومات العديد من الدول من بينها المغرب.

سنة 2010 أُعلن خلال اجتماع سنوي للمؤتمر الاقتصادي العالمي دافوس Davos عن مبادرة للملياردير الأمريكي المالك السابق لعملاق البرمجيات المعلوماتية مايكروسوفت، تبنتها منظمة الصحة العالمية في اجتماعها السنوي لسنة 2012 أطلق عليها اسم “خطة العمل الدولية حول اللقاحات – عقد اللقاحات 2011-2020”

بعد عشرة سنوات على بدأ تنفيذ “خطة العمل الدولية للقاحات الأنفلونزا”بالمغرب و تحت إشراف مديرية الأوبئة و محاربة الأمراض عقد ممثلو منظمة الصحة العالمية و المركز الأمريكي لمراقبة الأمراض بأطلنطا و وزارة الصحة المغربية و بمشاركة قطاعات مختلفة (التعليم، المالية، الاتصال، الداخلية و الدفاع …) مشاورات دامت خمسة أشهر، من شتنبر 2015 إلى فبراير 2016 لتقييم تقدم هذا البرنامج و ضم التقرير العام الصادر عن هذا اللقاء محورين:

  • تدبير مرحلة الأنفلونزا الوبائي 2009-2010
  • برنامج التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية

 

1 اللقاحات المستعملة ضد الأنفلونزا الوبائية أو الجائحة A(H1N1) 2009-2010 : مخاطرها و كلفتها

 

بعد انتشار متوسط لإصابات بفيروس H1N1 الوبائي بالمكسيك في أبريل 2009 و انتقاله إلى الولايات المتحدة و دول أخرى أعلنت منظمة الصحة العالمية بلوغ الدرجة السادسة أي القصوى في سلم الخطر و أعلنت حالة وباء عالمي وفق معايير مشكوك في مصداقيتها،بعدها مباشرة انطلقت آلة تصنيع اللقاحات و اللوازم الطبية ) الكمامات، الإبر …)، و بلغ عدد الجرعات المنتجة عالميا ما يقارب مليار و نصف بطلب من هذه المنظمة. كانت هذه الصفقة مربحة جدا لشركات صناعات الأدوية خصوصا عملاقي صناعة اللقاحات الفرنسية سانوفي Sanofi و البريطانية ﯖلكسو GSK، و تبذيرا للأموال على مستوى عالمي و محلي.

 في هذا الإطار وقع المغرب اتفاقيات لشراء 6 ملايين و 500 ألف جرعة خصصت لها الدولة أكثر من 200 مليون درهم، همت اللقاحات التالية:

–  Pandemrix    و Arepanrix  للشركة البريطانية كلاكسو- GSK

– Panenza  للشركة الفرنسية سانوفي Sanofi-

استلمت وزارة الصحة 4 ملايين و 50 ألف جرعة، أي اقل من مجموع الكمية المبرمجة في الصفقة و الطبيعي جدا أن الفارق الغير المُستلم -2 ملايين و 450 ألف- له تبعات تعويض للشركات المصنعة عن المبالغ المستحقة عن هذه الكمية و كذالك كلفة التخلص من حوالي 2 مليون جرعة لم يتم استعمالها و ما تتطلبه من تقنيات و كلفة مالية.

جاء تحديد الفئات المعنية بالتلقيح من طرف مجموعة خبراء البرنامج و اللجنة الوطنية الاستشارية العلمية و التقنية المعنية بوضع سياسة الدولة في التلقيح (البرنامج الوطني للتمنيع و جدول اللقاحات بالمغرب.

لم يكن ضمن أولويات خبرائنا مراقبة الأعراض الجانبية لهذه اللقاحات ،بالنسبة للقاحات الأنفلونزا فهي تتشابه في مجملها و يتوفر لقاح Pandemrix(1) الأكثر استعمالا بالعالم في حملة التلقيح ضد الأنفلونزا الوبائي A(H1N1) على لائحة طويلة تتضمن عشرات الأعراض البسيطة و المتوسطة و الخطيرة سواء تلك المدرجة في ملخص خصائص الدواء (RCP résumé des caractéristiques du produit) أو الغير المدرجة.

ارتبط هذا اللقاح بالتسبب في مرض الخدر- Narcolepsie و بنسب كبيرة وهو مرض ناذر يمس الجهاز العصبي يؤدي إلى اضطراب في النوم  مُرفق بفشل في العضلات Cataplexie، المصاب به يعرف خلال اليوم فترات متعددة من النوم القهري يكون مُجبرا عليه في أي زمان و مكان ( القسم، العمل، أثناء المشي أو السياقة …) و يفقد المريض كل إمكانية للاستقلال الذاتي في أبسط الحاجيات اليومية !

خلال و بعد حملة التلقيح العالمية لوحظ ازدياد في حالات مرضى الخدر، و ارتفاع هذه النسبة و ارتباطها بلقاح Pandemrix و أصبحت هذه العلاقة ثابتة، كما أجريت دراسات في دول عديدة ( فرنسا، بريطانيا،ايرلندا،ألمانيا،النرويج، ايسلاندا …) و من طرف مؤسسات صحية عمومية، من بين هذه الدراسات:

  • 2012 دراسة(2) بفرنسا للمعهد الوطني للصحة و البحث الطبي-ISERM بشراكة مع المركز الإستشفائي و جامعة بوردو، جاء في خلاصتها

 ” استنادا إلى قاعدة بيانات الأشخاص الملقحين بـ Pandemrix فإن النتائج تأكد المعطيات العلمية السابقة، حول العلاقة بين التلقيح ضد أنفلونزا A(H1N1) و ظهور مرض الخدر وعكس ما كان معتقدا سُجلت هذه العلاقة كذالك لدى الأشخاص البالغين أكثر من 19 سنة”

  • 5201 دراسة(3) لوكالة سلامة الأدوية الألمانية خصت الفترة 2007-2011 أكدت على ارتفاع نسبة حالات مرض الخدر لدى الأطفال و المراهقين الملقحين بـ Pandemrix، بعنوان ” نسبة مرض الخدر في ألمانيا”

بعد التأخر الكبير أقرت منظمة الصحة العالمية مهندس هذه الحملة في اجتماع(4) اللجنة الاستشارية لسلامة اللقاح GACVS في دجنبر 2016

بأن اللقاح الذي أوصت به لأكثر من مليار و نصف من البشر يتسبب في أضرار خطيرة، و أن أحد المواد المضافة للقاحات الأنفلونزا و المعروفة بـ ASO3 أو السكوالين مرتبطة بالتسبب في مرض الخدر!

مادة ASO3 و المواد السامة الأخرى المتواجدة في لقاحات الأنفلونزا الوبائية و الموسمية

عند الحديث عن التلقيح غالبا ما يتم التغاضي عن مكونات اللقاحات و درجة سميتها على الجسم، يتكون اللقاح من المادة الفاعلة و هي المكون الأساسي و في هذه الحالة إما فيروس أو بكتيريا، يمر بالعشرات من عمليات التعديل الوراثي في المختبر و تدخل في عملية التصنيع و في مكونات اللقاحات العديد من المواد المحفظة Conservateurs و المواد المضافة Adjuvants.

تعتبر مادتي ASO3 وMF59  الأكثر جدلا و الأكثر استعمالا في لقاحات الأنفلونزا لتحفيز جهاز المناعة من أجل زيادة فرز مضادات الأجسام، كما تقلل من تكلفة الإنتاج بالنسبة للشركات المصنعة ، لأن تصنيعها ليس مكلفا عكس المادة الفاعلة التي تشكل النسبة الأكبر من هذه التكلفة.

العشرات من الدراسات نشرت في أكبر الصحف الطبية و العديد من التقارير الرسمية لعدد من مؤسسات مراقبة سلامة الأدوية و اللقاحات لدول أعضاء بمنظمة الصحة العالمية رغم كل هذا تطلب الأمر منها أكثر من ستة سنوات للإقرار بسمية و خطورة ASO3 المتواجدة بلقاح Pandemrix،لكن المثير للاستغراب في موقف هذه المنظمة هو الإقرار بسمية المادة المضافة ASO3 و تبرير MF59 من أية مخاطر رغم أنهما متشابهان من حيث المكونات،فالمكون الأساسي لهاتين المادتين هي السكوالين Squaline المتهمة بالتسبب في مرض الخدر و باعتراف المنظمة نفسها و أمراض أخرى خطيرة تمس الجهاز المناعي، مثل متلازمة ﯖيان باري-Guillain Barré و هو خلل في عمل نظام المناعة الذاتية للجسم يقوم فيها بتدمير الجذور العصبية و التسبب في الشلل الكامل.

إصرار منظمة الصحة العالمية على إنكار سمية و خطورة MF59 ليس له أي تفسير إلا الحفاظ على أرباح الشركات المصنعة للأدوية،جاء تجريم مادة ASO3 بعد أكثر من 6 سنوات على استعمال لقاحات الأنفلونزا الوبائية Pandemrix و Arepanrix و قد أصبحت هذه الفضيحة الصحية من أحداث الماضي لدى الغالبية العظمى، أما بالنسبة لمادة MF59 فمازال استعمالها شائعا في لقاحات الأنفلونزا الموسمية المسوقة عالميا.

العشرات من المحفظات و المضافات المصنعة الأخرى تدخل ضمن مكونات اللقاحات، كمادة الزئبق الخطيرة في لقاح Panenza الخاص بالنساء الحوامل خلال حملة التلقيح لسنة 2009-2010  ولقاح الأنفلونزا الموسمية المسوق حاليا بالمغرب Vaxigrip و اللقاح المضاد لفيروس الكبد ب Engerix و غيرها.

تحتوي اللقاحات على مواد معروفة بخطورتها، كالفورمول Formaldéhyde المصنف عالميا من طرف المركز الدولي لأبحاث السرطان كمادة مسرطنة و على مادة الألمنيوم السامة على البيئة و الحيوان و الإنسان و الموجود في أكثر من نصف اللقاحات المستعملة بالمغرب. العشرات من المواد المحفظة و المضافة لم تتم دراسة سميتها  و خطورتها على أطفال رضع لم يكتمل بعد جهاز المناعة لديهم و نساء حوامل و كبار السن، هل يجب انتظار سنوات أخرى عديدة و ضحايا أكثر حتى يتم الإقرار بخطورتها ؟

 3 المؤسسات الصحية المغربية على دراية بمخاطر لقاحات أنفلونزا

 

 يتم الترخيص للأدوية بالمغرب بدون أدنى مراقبة و التوقيع على الرخص يتم على مستوى وزير الصحة بعد استشارة اللجنة الوطنية لرخصة الطرح في السوق حول فعالية و سلامة الدواء المراد تسويقه و حول الخدمة العلاجية أو الطبية التي يقدمها و تُشرف عليها مديرية الدواء و الصيدلة.

الترخيص يجري فقط على قاعدة الملف المقدم من طرف المصنع و عينات الأدوية المراد الترخيص لها لا يتم فحصها في معظم الحالات من طرف المؤسسة المكلفة بذالك أي المختبر الوطني لمراقبة الأدوية،و كمثال خلال أربعة سنوات 2008-2011 لم يتجاوز عدد العينات المراقبة 7 مواد من بين المئات تم الترخيص لها في نفس الفترة و من بينها لقاحات الأنفلونزا الوبائية و الموسمية و لقاحات أخرى ضد الإسهال  Rotavirusو الجرثومة المكورية Pneumococcique

بعد التسويق يأتي دور متابعة سلامة اللقاحات و أعراضها الجانبية و تتم عبر نظام الاحتراز الدوائي الذي يلعب فيه المركز المغربي لليقظة الدوائية الدور الأهم في عملية المراقبة و رغم أن التلقيح بالمغرب بدأ منذ السنوات الأولى للاستعمار بلقاحات الجدري و السل و صولا إلى البرنامج الوطني للتمنيع الذي يشمل “باقة من اللقاحات” مع ذالك فمراقبة الأعراض الجانية الناتجة عنها لم يكن ضمن أولويات المؤسسات الصحية بالمغرب إلا مع بداية سنة 2000.

حسب تقرير للمركز المغربي لليقظة الدوائية غطى مرحلة 2009-2013 بلغ عدد الحالات المسجلة للأعراض الجانبية للقاحات 2167 حالة و من بينها 1000 حالة أي أكثر من 45% مرتبطة بحملة التلقيح ضد الأنفلونزا الوبائية باستعمال لقاحات Pandemrix وArepanrix  و Panenza

خلال هذه الحملة تم تلقيح حوالي 839 ألف مغربي(ة) ليبقى سؤال عدد ضحايا مختلف أضرار هذه اللقاحات و ما هي طبيعة الأعراض الجانبية مطروحا للإجابة عليه من طرف المؤسسات الصحية بالمغرب، من جهتي و لتقريب الصورة و الوقوف أكثر عند حجم و نوع هذه الأضرار جاء الاعتماد على تقرير(5) للجنة الوطنية لليقظة الدوائية التابعة للوكالة الوطنية لمراقبة سلامة الأدوية بفرنسا و الخاص بفترة مراقبة تمتد من 21 أكتوبر 2009 إلى 31 مايو 2011. أهمية التقرير في تشابه أنواع اللقاحات المستعملة بفرنسا و المغرب و قد تضمن الأعراض الجانبية المسجلة و أنواعها و اللقاحات المسببة لها و لتسهيل القراءة جرى تلخيصها في الجدول التالي :

 اسم اللقاح عدد الجرعات المستعملة أعراض غير خطيرة أعراض مهمة طبيا* أعراض خطيرة أعراض ذو أهمية خاصة**
Pandemrix 4 100 000 3975 355 240 99
Panenza 1 600 000 469 59 77 18
المجموع العام 5 700 000 4444 414 317 117

 

* الأعراض الجانبية المهمة طبيا هي تلك الناتج عنها خلل و/ أو عجز مؤقت في وظيفة أحد أعضاء الجسم أو تطلب استشفاءها أقل من 24 ساعة

** الأعراض الجانبية ذو الأهمية الخاصة تشمل: أمراض الجهاز العصبي و النخاع الشوكي- التهابات الدماغ و الأعصاب و الأوعية الدموية- الشلل النصفي- فقدان الحساسية – متلازمة ﯖيان باري و إلى كل هذه الأعراض تنضاف الإصابة بمرض الخدر أو النوم القهري الذي سجل ما مجموعه 28 حالة: Pandemrix 26 – Panenza حالتين.

ضم التقرير أيضا فقرة خاصة بتلقيح النساء الحوامل تغطي فترة مراقبة من 21 أكتوبر إلى 31 دجنبر 2010 بلغ خلالها عدد الأعراض الجانبية الخطيرة جدا 43 حالة من بينها 15 و فاة جنينية (ٍ Pandemrixحالة واحدة – Panenza 14 ) و 13 حالة إجهاض (ٍPandemrix 3 – Panenza 10 )

هذا الكم و التنوع في الأعراض الجانبية المسجلة و التي لا تتجاوز في أحسن الأحوال 10 % من التأثيرات الفعلية، يمكن اعتمادها لوضع تقديرات حول حجمها لدى المغاربة مع اعتبار أن لقاحات Pandemrix و Arepanrix لهما نفس الخصائص و نفس المكونات الأساسية و الكميات و نفس الشركة المصنعة البريطانية كلاكسو GSK.  في نفس الفترة اقتنى المغرب  ما مجموعه 4 ملايين و 50 ألف جرعة موزعة على الشكل التالي:

2 مليون و 555 ألف من Pandemrix وArepanrix  – مليون و 500 ألف من Panenza

من الممكن إذا استنباط المعطيات المتضمنة في التقرير الفرنسي على الحالة المغربية و استخلاص أن مجموع الأعراض الجانبية لحملة التلقيح ضد الأنفلونزا الوبائية يتجاوز 2000 حالة على أقل تقدير و أن عدد حالات مرض الخدر قد يصل إلى 10 أشخاص أو أكثر و مجموع الأعراض الجانبية الخطيرة جدا لدى النساء الحوامل الملقحات يتجاوز 15 حالة،إنها حصيلة تبذير ملايين الدراهم على شراء لقاحات تحتوي مواد سامة و مشكوك في فعاليتها.

 الحملة حول الأنفلونزا الموسمية 2018-2019 : الكثير من المغالطات و التسويق و غياب المصداقية

 بدأ التلقيح بالمغرب ضد هذا الفيروس سنة 2006 و تخصص الدولة كل عام حوالي 400 ألف جرعة من اللقاح مقسمة على المؤسسات الصحية التابعة للوزارة (250 ألف جرعة) بتكلفة تفوق 10 ملايين درهم سنويا و الباقي ( 150 ألف) موزعة على معهد باستور و القطاع الخاص عبر الصيدليات.

المرحلة الأولى لهذه العملية خصت مهنيي الصحة عبر توفير حوالي 60 ألف جرعة و رغم مرور أكثر من 10 سنوات لم تتجاوز نسبة الملقحين في هذا القطاع 50% و هذا دليل على حذر الأشخاص المفترض فيهم إقناع المغاربة بمنافع التلقيح ضد الأنفلونزا، كما شملت الحجاج وفقا للتوصيات السعودية

 سنة 2014 قامت وزارة الصحة ا بتوسيع قاعدة الفئات المستهدفة بإضافة طلبة كليات الطب و الصيدلة و طب الأسنان و المعاهد العليا لمهن التمريض كما قامت الوزارة في نفس السنة و بتعاون مع المركز الأمريكي لمراقبة الأمراض  بتلقيح مرضى السكري و كبار السن باستعمال 123 ألف جرعة مهداة من هذا الأخير! و عرف موسم 2015-2016 تجربة بجهة الرباط- سلا و بتعاون مع نفس المركز عبر تخصيص 20 ألف جرعة لتلقيح مرضى السكري و الأشخاص البالغين أكثر من 60 سنة، و بالموازاة مع استهداف بعض الفئات في عمليات التلقيح أطلقت وزارة الصحة بتنسيق مع مديرية الأوبئة تحقيقات لدراسة مدى قابلية لقاح الأنفلونزا الموسمية لدى هذه الفئات و أخرى تمت إضافتها تماشيا مع توصيات المنظمات الدولية (الأطفال،الأمراض المزمنة …) كل هذه الفئات مجموعة تمثل ملايين المغاربة يجب تلقيحهم ضد الأنفلونزا الموسمية.

حصيلة عشرة سنوات لم ترقى إلى تطلعات “خطة العمل من أجل لقاحات أنفلونزا” التي وضعها بيروقراطيو منظمة الصحة العالمية و بضع مئات من الخبراء و شركات الأدوية و أثرياء على رأس “منظمات خيرية” تسير بمنطق السوق،فنسبة التلقيح لازالت ضعيفة و الحذر اتجاه اللقاح لازال سائدا، لهذا السبب جاءت أهم توصية للقاء التقييم لهذه الخطة بالمغرب و هي تغيير آليات التواصل و ما الحملة الحالية لوزارة الصحة إلا تنفيذ لها.

في تصريحات رسمية لمختلف المؤسسات الصحية و في البرلمان و الإعلام، أعلن وزير الصحة و مسئولون بمؤسسات أخرى ( معهد باستور، مديرية الدواء و الصيدلة، مديرية الأوبئة …) مرات عديدة على أن حالة تفشي فيروس الأنفلونزا الموسمية لهذه السنة تبقى عادية مقارنة بالسنوات الماضية و هذا صحيح مادام الكلام ينحصر على عدد الحالات المسجلة، و الذي بلغ 148 إلى حدود 5 فبراير 2018 من بينها 144 من النوع A (H1N1/116 – H3N2/28) و 4 إصابات بفيروس نوع B ومع نهاية الموسم في أواخر أبريل قد يرتفع العدد لبلوغ متوسط السنوات الأخيرة الماضية، و بقي هذا المعدل مستقرا كما يوضح الجدول التالي وفق نشرات مديرية الأوبئة و محاربة الأمراض

الموسم A(H1N1) A (H 3N2) B مجموع الإصابات
2015-2016 164  (70%) 47   (20%) 22  (10%) 233
2016-2017 0 164  (70%) 70  (30%) 234
2017-2018 37 (15,40%) 71 (29,60 %) 132 (55%) 240

لكن هل عدد الوفيات يعتبر عاديا ؟

خلال الموسم الحالي بلغ هذا العدد حسب وزارة الصحة 16 ضحية أي ما يعادل 11% من مجموع الإصابات و تعتبر هذه النسبة مرتفعة جدا حتى بالمقارنة مع موسم 2009-2010 الذي أُعتبر وضعا “وبائيا عالميا”. ففي الفترة الفاصلة بين 10 يونيو 2009 إلى 16 مارس 2010 (8 أشهر) بلغ عدد المصابين بفيروس H1N1/2009 الوبائي 3057 حالة وعدد القتلى 64 أي حوالي 2 % من مجموع المرضى و هي نسبة أقل بكثير من تلك المسجلة في هذا الموسم (11%) و يبقى التفسير المنطقي لهذه الظاهرة موجود في استمرار تدني الخدمات الصحية بالمغرب لأن الإصابات الحادة بالفيروس تتطلب تدخلا استعجاليا ولن يكون ذالك ممكنا مع غياب الطاقم المتخصص و بنيات الاستقبال و هذا ما لا يتوفر في جميع المستشفيات العمومية المستقبل الوحيد لهذا النوع من الحالات، هذا الغياب هو أحد أسباب تدهور حالات جزء من المرضى.

الحملة الرسمية للدولة و الشركات تعمل على تقديم المنقذ الوحيد حسب تصورهم لوقف تفشي الأنفلونزا و أن الوقاية منه لا يمكن أن تتم بدون اللقاح، ففي تصريحات لمسئولين و مهنيين بقطاع الصحة و في الوصلات الإشهارية للوزارة أو غيرها يجري العمل على ترسيخ فكرة أن اللقاح ضد الأنفلونزا الموسمية فعال و مضمون و هذا غير صحيح مطلقا.

ما المقصود بالفعالية ؟

بداية لا بد من التأكيد على أن اللقاح يعتبر فعالا عندما يكون الشخص المستهدف بالتمنيع ضد مرض ما لا يصاب حتى و إن تعرض إلى البكتيريا أو الفيروس المسبب لهدا المرض و دليل هذه الفعالية يتطلب متابعة ميدانية لأشخاص يعيشون نفس الظروف المحيطة، منهم من تلقى اللقاح ومن لم يتلقاه و بهذا الشكل يمكن التأكد من هذه الفعالية و هذه العملية تتم عبر التجارب السريرية.

خاصية فيروس الأنفلونزا هي قدرة التحول و هذا ما يجعل فعالية التلقيح ضده غير مضمونة،هذا التحول هو ما يجعل صعبا تصنيع لقاحات متطابقة مع أنواع و أنماط و سلالات الفيروسات المنتشرة فعلا أي في الواقع. كل سنة تعمل منظمة الصحة العالمية على وضع قاعدة بيانات انتشار الأنفلونزا الموسمية عالميا تعتمدها الشركات في تصنيع لقاحات السنة المقبلة، بمعنى آخر أن اللقاحات المستعملة في الموسم الحالي 2018-2019 تم تصنيعها بالاعتماد على قاعدة بيانات أنواع الفيروسات الأكثر انتشارا في موسم 2017-2018.

التلقيح ضد الأنفلونزا لا يمكن أن يكون فعالا بشكل مطلق بسبب التحول الدائم لهذا الفيروس و تنوعه لذا فتقييم فاعلية اللقاح تتم على مستوى كل نوع و سلالة و خريطة انتشارهما،و قد قامت منظمة الصحة العالمية بتقسيم العالم إلى شطرين النصف الشمالي و النصف الجنوبي، و فق هذا التقسيم يتم كل سنة تصنيع اللقاح الخاص بكل منطقة و تقييم فعاليته. و من أجل التوضيح أكثر جرى الاعتماد على نشرة لهذه المنظمة هي بدورها تجميع لمعطيات بيانات مختلف المراكز القليلة للمراقبة عبر العالم، صدرت في أكتوبر 2018 حول فعالية التلقيح لموسم 2017-2018 في النصف الشمالي للعالم، و جاء في مقدمتها ” بشكل عام التقديرات الأولية حول فعالية اللقاح تشير إلى ضعفها ضد A(H 3N2) و أفضل ضد A(H1N1) و B “

تضم النشرة إحصائيات حول نسب فعالية التلقيح ضد فيروسات الأنفلونزا و يمكن تلخيصها كالتالي:

  • A و B مجتمعين : كندا 42% – أمريكا 36-55% – بريطانيا 52% – اسبانيا 25 %
  • B : كندا 55% – أمريكا 63% – بريطانيا 39-54%
  • A(H1N1): أمريكا 67% – مجموعة دول أوروبية 68%
  • A(H 3N2): كندا 17-25% – أمريكا 37-52% – اسبانيا%7 – بريطانيا فعالية سلبية 27- % أي أن نسبة الإصابة بفيروس A(H 3N2) مرتفعة لدى الملقحين مقارنة بغير الملقحين
  • B : كندا 55% – أمريكا 63% – بريطانيا 39-54%

تطرقت النشرة كذالك إلى تشابه هذه النسب مع تلك الخاصة بموسم 2016-2017 الذي عرف فيه المغرب هيمنة لفيروس A(H 3N2) و غياب A(H1N1)

و بالإضافة إلى كونه ينتمي لنفس المنطقة فإن فعالية تلقيح المغاربة لم تكن لها آثار حقيقية على الوقاية من الأنفلونزا خلال المواسم الماضية و لن يختلف الأمر خلال الموسم الحالي 2018-2019. فكيف لنا أن نستوعب ادعاءات خبرائنا بالمغرب بالتأكيد على ضرورة التلقيح باعتباره الوسيلة الأفضل للوقاية من الفيروس و هو شعار الحملة “التحسيسية” لوزارة الصحة !

خلاصة

 المعلومة الطبية الصحيحة و الدقيقة من حق المغاربة،و المؤسسات الصحية الرسمية بخبرائها و مختلف لجانها العلمية و التقنية ملزمة بتوفيرها،لكن بوضعها الحال و طرق اشتغالها تبقى هذه المهمة بعيدة المنال،كما يتحمل الأطباء و الصيادلة جزء من مسؤولية إيصال هذه المعلومة يلزمهم بها وضعهم المهني و أخلاقية المهنة و القانون كما نصت على ذالك المادة 2 من مدونة الطب و المادة 29 من مدونة الدواء و الصيدلة و في اعتقادي الشخصي أن الطريق المتاح أمام المغاربة هو التكوين الذاتي على المستوى الفردي على الأقل حول مكونات اللقاحات، منافعها و أعراضها الجانبية لكسب جزء من المعلومة الطبية المستقلة و كذالك على المستوى الجماعي من خلال جمعيات المرضى و جمعيات ضحايا الأعراض الجانبية للأدوية و اللقاحات.

كل سنة أو سنتين يتم تسويق لقاح أو أكثر و العشرات منها في مرحلة التطوير و التجارب السريرية، ما يعني المزيد من ضحايا مختلف الأضرار الناتجة عن التلقيح و قد أبانت تجربة لقاحات الأنفلونزا الوبائية و الموسمية عن مدى عجز مؤسسات مراقبة سلامة الأدوية و اللقاحات بالمغرب، هذا الوضع يجب أن يتوقف و قبل كل ذالك يجب الكشف عن العدد الحقيقي لضحايا أضرار اللقاحات المستعملة في حملة الأنفلونزا الوبائية Pandemrix وArepanrix  و Panenza و إنشاء نظام للتعويض و العلاج المجاني لهؤلاء يتحمل تكاليفه الشركات المصنعة و الدولة.

نظام مراقبة اللقاحات( المركز المغربي لليقظة الدوائية، اللجنة الوطنية العلمية و التقنية للتلقيح….) لا يشتغل إلا ناذرا و مرتبط بالشركات المصنعة عبر جمعيات “المجتمعات العالمة-sociétés savantes” و غيرها من القنوات،يجب فك هذا الارتباط لضمان قرارات مستقلة لهذه المؤسسات.

تقييم سياسة التلقيح بالمغرب يجب أن يشمل كل اللقاحات سواء تلك المدرجة في البرنامج الوطني للتمنيع أو غيرها بدءا بلقاح مرض السل أو ما يعرف بـ BCG الذي بدأ استعماله بالمغرب منذ الاستعمار في أواخر الثلاثينات و أصبح إجباريا إلى يومنا هذا و كل سنة يتم تلقيح أكثر من 650 ألف مولود جديد و مئات الآلاف من الأطفال و البالغين و رغم مرور أكثر من 80 سنة لازال مرض السل يفتك بصحة فقراء المغرب بمعدل تجاوز 30 ألف حالة جديدة و أكثر من 3 آلاف من الموتى كل سنة و يحتل المغرب المرتبة الثالثة بعد جيبوتي و الكونغو من حيث نسبة المصابين بالعالم. منذ عقود ألغت العديد من الدول هذا اللقاح من برامج التمنيع لديها و دول أخرى حصرت استعماله في فئات محددة فما الهدف وراء تمسك مؤسساتنا الصحية بإجبارية التلقيح ضد مرض السل رغم أضراره و عدم فعاليته و كلفته المادية.

للتحميل

عبد الـواحد أحتيـتـش

بتاريخ 13 فبراير 2019

إحــالات:

 

1-   https://www.ema.europa.eu/documents/product-information/pandemrix-epar-product-information_fr.pdf

2-  file:///C:/Users/ADMIN/Downloads/pi-120920-Etude%20NarcoFlu-VF%20(2).pdf

3-  https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4576336/pdf/aasm.38.10.1619.pdf

4-  https://www.who.int/vaccine_safety/committee/topics/influenza/pandemic/h1n1_safety_assessing/Dec-2016/fr

5-  file:///C:/Users/ADMIN/Downloads/commission-pv-compte-rendu-270911_v2.pdf

 

زر الذهاب إلى الأعلى