النضالات في المغربملفات دراسية

جمعية أطاك المغرب: عشرون عامًا من النضال من أجل مغرب آخر ممكن، مغرب العدالة الاجتماعية والبيئية والكرامة والحرية

جمعية أطاك المغرب، عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير المشروعة

عشرون عامًا من النضال من أجل مغرب آخر ممكن، مغرب العدالة الاجتماعية والبيئية والكرامة والحرية

عناوين النص:

  1. سياق التأسيس
  2. في قلب النضالات الاجتماعية
  3. من أجل إلغاء الدين العمومي غير المشروع
  4. من أجل إلغاء الديون الخاصة غير المشروعة (القروض الصغرى)
  5. ضد اتفاقيات “التبادل الحر” التي هي اتفاقيات استعمارية ضد الشعوب
  6. من أجل التصدي للأزمة البيئية والمناخية: بناء المقاومات وبلورة البدائل
  7. من أجل السيادة الغذائية في المغرب
  8. الالتزام النسوي
  9. الاندماج في الديناميات العالمية للحركات الاجتماعية وفي الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير المشروعة CADTM
  10. مسألة الهجرة
  11. ضد الاستبداد ومن أجل السيادة الشعبية
  12. اشتغال ديمقراطي أفقي.
  1. سياق التأسيس
  2. السياق الدولي

تميزت سنوات 1990 بتصاعد النضالات ضد العولمة النيوليبرالية التي أطلق سقوط جدار برلين عنانها. تشكلت مجموعة من الشبكات الدولية مثل لجنة إلغاء ديون العالم الثالث في سنة 1990، وحركة نهج المزارعين الدولية La Via Campesina في 1993، والمسيرة العالمية للنساء في 2000، ويوبيل جنوب Jubilé Sud في 1999، ثم أطاك في 1998. ويعد منع انعقاد قمة منظمة التجارة العالمية في سياتل في نوفمبر 1999 من قبل 40 ألف متظاهر-ة إحدى الاحتجاجات الرئيسية الكبرى للحركة من أجل عولمة بديلة. تلاقت مختلف هذه الحركات في إنشاء المنتدى الاجتماعي العالمي في سنة 2001. سمح هذا الأخير بتقارب عديد من الموضوعات (إلغاء الديون، السيادة الغذائية، تحرر النساء، تضريب المعاملات المالية، إلخ) من أجل فهم شمولي للهيمنة الرأسمالية وتدميرها لكوكب الأرض وتطوير بدائل من أجل عالم آخر ممكن وتنسيق التعبئات، بروح الإجماع النضالي، ضد المؤسسات المالية الدولية (البنك العالمي، صندوق النقد الدولي، منظمة التجارة العالمية، إلخ) والقوى الإمبريالية (الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الأوروبي، إلخ).

  • السياق الوطني

في هذا السياق العالمي للتعبئات النضالية ولدت جمعية أطاك المغرب. بدأت النقاشات الأولى في بداية سنة 2000 بين مناضلات ومناضلين من مشارب مختلفة، وجرى تنظيم أول جمع تأسيسي لأطاك المغرب بالرباط في يوليوز 2000 على الرغم من مضايقات السلطات[1]. عقد المؤتمر الوطني الأول يومي 14 و15 يوليوز 2001 بالدار البيضاء، وحصلت الجمعية على وصل إيداعها القانوني في 29 مارس 2002. وبعد ثلاث سنوات من الأزمة التنظيمية، قامت المجموعات المحلية التي استمر نشاطها في بناء الجمعية ودعم النضالات، وخاصة ضد خصخصة الخدمات العمومية (حي يعقوب المنصور بالرباط، ليديك بالدار البيضاء، النقل الحضري بأكادير، إلخ.) بعقد مؤتمر استثنائي في دجنبر 2005، والذي شكل طورا نوعيا في سيرورة بناء أطاك المغرب وتدعيم التثقيف الشعبي الموجه نحو النشاط الميداني وتعزيز التحالفات مع منظمات النضال الأخرى مثل الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، والنقابات، وتنسيقيات الاحتجاجات الشعبية، وعديد من المبادرات الأخرى حول مواضيع مختلفة (الهجرة، حقوق الإنسان، إلخ).

في سنة 2006، انخرطت أطاك المغرب في شبكة اللجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث، والتي ستصبح اعتبارًا من مايو 2016، شبكة اللجنة من أجل إلغاء الديون غير المشروعة CADTM.  وتجسدت هذه العضوية في القانون الأساسي للمؤتمر الوطني الرابع المنعقد في 29 يناير 2012 حيث سيصبح اسم الجمعية: أطاك المغرب، عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث (من أجل إلغاء الديون غير المشروعة حاليا) ATTAC CADTM Maroc.

تميزت تلك الفترة بتدبير الانتقال الهادئ للسلطة بعد موت الحسن الثاني في يوليوز 1999، والذي كان قد دفع بتشكيل ما سمي بحكومة التناوب (2002-1998) لتسهيل هذا الانتقال والتخفيف من جسامة آثار “سنوات الرصاص”. وفي نفس الوقت، كانت تتواصل السياسات الليبرالية التي تتضمنها برنامج التقويم الهيكلي (1993-1983). وشهد المغرب ثلاث انتفاضات شعبية كبرى (يونيو 1981 ويناير 1984 ودجنبر 1990) بغالبية كبيرة من الشباب، مما يشهد على عنف سياسات التقشف على الأجراء والأجيرات والشرائح الفقيرة من السكان.

استضاف المغرب مؤتمر الغات (الاتفاق العام للتعريفات الجمركية والتجارة) الذي انعقد بمراكش في الفترة من 7 إلى 15 أبريل 1994، والذي كرّس توقيع وثيقة تأسيس منظمة التجارة العالمية. فبالإضافة إلى تجارة السلع التي كانت تنظمها اتفاقية الغات، شملت مقتضيات منظمة التجارة العالمية تجارة الخدمات والملكية الفكرية وكذا إجراءات تسوية المنازعات التجارية. وأصبح المغرب عضوا في هذه المنظمة في فاتح يناير 1995. وبعد سنة، وقع مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية التبادل الحر في 26 فبراير 1996 دخلت حيز التنفيذ في 1 مارس 2000، وتتعلق بالإلغاء التدريجي – على مدى عشر سنوات – للرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية بين الطرفين.

وتسارعت خصخصة المؤسسات والمقاولات العمومية التي كانت قد بدأت في سنة 1993. وشملت الخصخصة أيضا الخدمات العمومية، بموجب أحكام الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات التي سنتها منظمة التجارة العالمية، وذلك من خلال التجارب الأولى لــ “التدبير المفوض” لتوزيع الكهرباء والماء الصالح للشرب والصرف الصحي السائل في المناطق الحضرية:

  • في سنة 1997 بالدار البيضاء لصالح ليديك التابعة لشركة سويز الفرنسية متعددة الجنسيات التي تسمى اليوم إنجي Engie.
  • في سنة 1998 بالرباط لصالح شركة ريضال التابعة لشركة فيوليا الفرنسية متعددة الجنسيات.
  • بطنجة وتطوان سنة 2002 لصالح أمانديس التابعة أيضا لشركة فيوليا.

وتوسع مجال عقود “التدبير المفوض” لتشمل النقل الحضري، وجمع النفايات المنزلية، وتدبير المطارح العمومية، إلخ.

وجرى إطلاق برنامج واسع من الإصلاحات الليبرالية في قطاع التعليم مع اعتماد ” الميثاق الوطني للتربية والتكوين ” في سنة 1999. ومن جهة أخرى، صدر مرسوم في 30 مارس 1999 يضرب مجانية الخدمات الصحية.

أدت خصخصة الخدمات العمومية إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد ارتفاع الأسعار وتدني نوعية الخدمات.

وهكذا، وجد المبادرون/ات بتأسيس جمعية أطاك المغرب أنفسهم/ن منذ البداية في قلب تأثيرات العولمة الليبرالية على بلدنا. وسعوا/ين لإغناء النقاش، استنادا لتجارب المقاومة على المستوى العالمي، حول كيفيات توسيع الحركة الاجتماعية في المغرب وأشكال التنظيم التي يجب تبنيها لخلق ميزان قوى ضد الهجمات النيوليبرالية.

  • في قلب النضالات الاجتماعية

انخرطت أطاك المغرب منذ بدايات تأسيسها في النضالات الاجتماعية الكبرى التي شهدها المغرب خلال عقد 2000-2010 منها نضالات:

  • الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب (2006-2000).
  • سكان الرباط ضد ارتفاع فواتير استهلاك الماء الصالح للشرب (2003-2002).
  • عمال منجم إميني (المنغنيز) بجنوب شرق المغرب التي برأت ستة نقابيين حكم عليهم ابتدائيا بالسجن بعشر سنوات نافذة (2004-2003).
  • سكان تماسينت بالحسيمة ضد التهميش (2005).
  • سكان طاطا من أجل مجانية الخدمات الصحية (2005).
  • سكان سيدي إفني (2008-2005) من أجل عديد من المطالب الاجتماعية بما في ذلك إقامة مشاريع تنموية لخلق فرص عمل للشباب.
  • التنسيقات المحلية ضد ارتفاع الأسعار (2008-2006)، حيث تشكلت أكثر من 70 تنسيقية عبر المغرب.

عانت مختلف هذه النضالات المختلفة من القمع والاعتقالات. في مدينة صفرو، جرى قمع عنيف لانتفاضة السكان في 23 سبتمبر 2007 ضد ارتفاع أسعار المواد الأساسية، مما أدى إلى إصابة 150 شخصا واعتقال 40 متظاهر-ة. في سيدي إفني، وبعد عدة تدخلات عنيفة ضد التعبئة الشعبية التي كانت قد بدأت في مايو 2005، شن الجيش والشرطة في 7 يونيو 2008، هجوماً لقمع الانتفاضة مرفقا بانتهاكات صارخة (اغتصاب وتعنيف النساء والاطفال، سرقة، إلخ)، خلف أكثر من 300 معتقل-ة من بينهم عديد من أعضاء المجموعة المحلية لأطاك إفني وكاتبها العام بارا إبراهيم. ونظمت أطاك المغرب في 15 يونيو 2008 قافلة تضامنية وطنية لرفع الحصار عن المدينة.

وساهمت أطاك المغرب في مختلف حملات التضامن الوطنية والدولية ضد قمع وتجريم النضالات الاجتماعية في بلادنا.

كان جمعية أطاك المغرب جزءًا من حركة 20 فبراير 2011 التي برزت في سياق الانتفاضات الشعبية التي شهدتها المنطقة العربية / شمال إفريقيا والشرق الأوسط منذ نهاية عام 2010. نزلت جميع الفئات الشعبية إلى الشوارع للمطالبة بالعدالة الاجتماعية والكرامة والحرية. وشكل ذلك إدانة عميقة لنظام الاستحواذ على الثروات وتركزها في ظل “العهد الجديد”. فتطبيق السياسات النيوليبرالية على نحو مطرد بتعاون مع المؤسسات المالية الدولية ساعد على ظهور مليارديرات جدد في اقتصاد قائم على الريع، على حساب غالبية الفئات الشعبية التي ما فتأت تتردى أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية. انخرطت المجموعات المحلية لأطاك المغرب جسدا وروحا في المسيرات والاعتصامات الشعبية بمناطقها (2012-2011).

اندلع الحراك الشعبي بالريف في أكتوبر 2016 بعد جريمة قتل بشعة لبائع السمك محسن فكري داخل شاحنة للنفايات. ويندرج الحراك ضمن هذا السياق الجديد للنضالات الاجتماعية التي فتحتها حركة 20 فبراير2011. استمر قرابة عامين وتعرض لحملات قمع شرس، وصدرت أحكام بالسجن في حق حوالي 400 شخصا، وضمنهم الزعماء الرئيسيون الذين حكم عليهم بعشرين سنة سجنا نافذا.

شاركت أطاك المغرب في المسيرة الكبيرة بمدينة الحسيمة يوم 20 يوليوز 2017 والتي تم قمعها بعنف[2]. كما شاركت أيضا في المسيرات الوطنية الأخرى للتضامن مع حراك الريف: 08 يوليو 2018 بالدار البيضاء، 15 يوليوز 2018 بالرباط، 21 أبريل 2019 بالرباط. وقامت في فبراير 2018 بإصدار كتاب بعنوان “حراك الريف: نضال شعبي بطولي من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية”[3]، وزعت منه 1200 نسخة. وأنتجت فيلمًا وثائقيًا بعنوان “الموت ولا المذلة”[4].

حفز حراك الريف تعبئات شعبية أخرى، لا سيما حراك جرادة الذي انطلق في 2017-2018 بعد وفاة شخصين يبحثان عن الفحم في بئر مهجورة. حُكم على 17 شخصًا بالسجن النافذ من سنتين إلى أربع سنوات.

وشاهدت عديد من مدن وقرى المغرب عدة احتجاجات اجتماعية وضعت مرة أخرى موضع تساؤل “نموذج التنمية” القائم على المنطق الرأسمالي. فالغالبية تعيش أوضاع البؤس والبطالة والهشاشة بينما تراكم أقلية مرتبطة بدواليب السلطة الثروات. وتستمر انتهاكات الحريات العامة والمضايقات ضد منظمات النضال. وينتج عن كل هذا شعور عام بالحكرة خصوصا وسط الشباب الذين لم تعد لديهم ثقة في نظام الظلم الاجتماعي والاستبداد السياسي. وتعد حملة مقاطعة مواد استهلاكية تسوقها بضع عائلات ثرية بالمغرب[5] أحد الأشكال الجديدة للاحتجاج المواطني. كانت هذه الحملة التي بدأت من خلال الشبكات الاجتماعية ناجحة للغاية. ودعمت جمعية أطاك المغرب هذه المبادرة[6] التي تشكل استمرارًا للحراكات الشعبية والتي قد تفتح آفاقًا أخرى للحركة الاجتماعية في المغرب.

ارتبطت جمعية أطاك المغرب منذ تأسيسها بشكل عضوي بالنضالات الاجتماعية في المغرب، وساهمت بشكل كبير في تطوير أدوات التثقيف الشعبي ضد هيمنة الرأسمال، وفي بلورة البدائل من أجل العدالة الاجتماعية والبيئية.

  • من أجل إلغاء الدين العمومي غير المشروع

لطالما كانت قضية الدين العمومي في صميم نشاط أطاك المغرب. كانت المديونية الخارجية أحد الأسباب الرئيسية لاستعمار البلد من قبل الإمبريالية الفرنسية منذ سنة 1912. وترابطت مع توسع التبادل الحر لتؤدي الى تغذية التخلف البنيوي للاقتصاد.  ونال المغرب استقلاله سنة 1956، لكنه كان مصحوبًا بالتزام الملكية بسداد ديون الفترة الاستعمارية. وهكذا استفادت من مساعدة المؤسسات المالية الدولية منذ بداية 1960 من خلال سلسلة من القروض بينما كانت قد فرضت حالة من الرعب استمرت حتى نهاية 1990. ومنذ 1978-1980 لم يعد المغرب قادرًا على سداد خدمة الدين. وحتى يستفيد من إعادة الجدولة، انخرط في برنامج التقويم الهيكلي الذي أملته المؤسسات المالية الدولية (1993-1983) والذي سيدشن حقبة من الانفتاح الليبرالي والاندماج أكثر في السوق العالمية. ولم ينخفض حجم الدين العمومي الاجمالي، بل بالعكس زاد ارتفاعا حيث انتقل من 56٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2008 (أزمة الرأسمالية العالمية) إلى 87٪ في عام 2019.

في أوائل 2000، ارتكز نشاط أطاك المغرب فيما يتعلق بالدين العمومي على الحملات ضد خصخصة:

  • الشركتين العموميتين صوديا وصوجيطا اللتين كانتا تدبران الأراضي الزراعية المسترجعة (2003-2006)[7].
  • الخدمات البريدية (2007).
  • منابع الماء الطبيعية في بن صميم (2009-2007).
  • الخدمات العمومية مثل الصحة والتعليم والنقل الحضري، إلخ.

كان قانون المالية أيضًا موضوع عمل واحتجاج بالتعاون مع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب. فالديون وسياسات التقشف تفاقمان عجز صناديق الدولة، وتؤديان الى تقليص ميزانيات القطاعات الاجتماعية وتجميد مناصب الشغل في الوظيفة العمومية وارتفاع البطالة والهشاشة.

وبدءا من سنة 2010، أصبح الدين موضوعًا رئيسيًا في تفكير وتدخل أطاك المغرب. أطلقت الجمعية حملة وطنية ضد الديون في أكتوبر 2010: “الشعب يؤدي، وهم يغتنون…لنكن واقعيين، ونطالب بالمستحيل: لنوقف سداد الديون!… على الذين استفادوا من هذه الديون أن يسددوها !!”[8]. وفي أبريل 2013، أطلقت نداءها “من أجل تدقيق الدين العمومي المغربي: لا تنمية دون إلغاء المديونية”[9]. ونظمت في مايو 2013، ندوة دولية أولى حول الديون بمشاركة أكاديميين مغاربة وخبراء دوليين منهم أعضاء وعضوات من شبكة لجنة إلغاء ديون العالم الثالث (من أجل إلغاء الديون غير المشروعة فيما بعد ماي 2016) CADTM بالإضافة إلى عديد من ممثلي/ات المنظمات المغربية التقدمية.

تستند أطاك المغرب الى خبرة شبكة CADTM الدولية وتستلهم من نضالها الطويل ضد الديون. ومن خلال مسؤوليتها في السكرتارية الدولية المشتركة (مع لجنة إلغاء الديون ببلجيكا)[10] التي أرساها الجمع العالمي لشبكة CADTM المنعقد ببوزنيقة في مايو 2013، تمكنت من إقامة روابط مع المقاومات عبر العالم، وبلورة تحليلات لنظام الديون في الرأسمالية المعولمة، وتقديم البدائل.

وفي المؤتمر الوطني الخامس المنعقد ايام 28 فبراير و1 و2 مارس 2014 بالرباط، حددت جمعية أطاك المغرب أولوياتها الاستراتيجية. ويتعلق الأمر بالدين العمومي كمسألة مركزية واتفاقيات “التبادل الحر”، وهما أداتا الهيمنة الإمبريالية.

في أبريل 2014، نظمت الجمعية الدورة الثانية من الندوة الدولية حول الديون والمؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي). وتضمنت الندوة قسمين: القسم الأول ركز على الديون والمؤسسات المالية الدولية، والقسم الثاني تعلق بتدقيق الديون بوصفه ضرورة ديمقراطية.

عقدت الدورة الثالثة من الندوة الدولية حول الديون والبدائل في تونس العاصمة في دجنبر 2015 لدعم إطلاق مبادرة إنشاء لجنة تقصي الحقيقة حول الدين في تونس. تلتها الدورة الرابعة في نونبر 2016 والتي ركزت بشكل خاص على مشروع قانون تدقيق الديون المقدمة إلى البرلمان التونسي. وفي هذه الدورة، جرى الربط بين قضية الديون واتفاقيات “التبادل الحر” وسياسات التقشف الليبرالية.

تعتبر جمعية أطاك المغرب نظام الديون آلية للسيطرة والنهب. وفي ندائها من أجل تدقيق الدين العمومي بالمغرب، طورت بشكل واضح بديلها ومنهجيتها: هذه الديون ترهن سيادتنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وغذائيا وبيئيا. وهي مرتبطة بالخيارات الاستراتيجية ببلادنا التي تمليها المؤسسات المالية الدولية، ويصادق عليها برلمان لا يعكس الإرادة الشعبية حقيقة، وتنفذها حكومات شكلية. فلا تنمية اقتصادية أو اجتماعية أو بشرية دون الخروج من هذه الحلقة المفرغة للمديونية، وهذا ما يتطلب اجراء تدقيق شامل لمجموع الديون العمومية المغربية (الداخلية والخارجية). فالحقّ في طلب الاطلاع على دفاتر الحسابات حقّ ديمقراطي أساسي يسمح لنا بإرساء آليات الرقابة على خيارات الدّولة، ويشكل وسيلة تعبئة شعبية واسعة ضد المديونية ونتائجها الكارثية.

لهذا، فنحن نطالب بــ:

  • إنشاء لجنة تشارك فيها جميع منظمات النضال عمالية وشعبية من نقابات، وأحزاب يسارية، ومنظمات حقوق الانسان، وتنظيمات المعطلين والنساء والشباب، والأساتذة الجامعيون، والخبراء الاقتصاديون والقانونيون، والبرلمانيون، إلخ، أي جميع ما أمكن من شرائح الشعب المغربي الذي يؤدي ثمن المديونية. وطبعا، ستجري الاستعانة بخبراء دوليين لديهم تجربة في تدقيق الديون عبر العالم.
  • تعليق تسديد مبالغ خدمة الدين وتجميد الفوائد حتى تظهر نتائج التدقيق.
  • إلغاء الديون غير المشروعة والكريهة التي سيحددها تدقيق الديون، خصوصا تلك المرتبطة بما سمي بسنوات الرصاص، والتي استعملت فيها الديون لتعزيز آلية القمع واستعباد الشعب المغربي، والمطالبة بالتعويض التاريخي عن المبالغ المسددة[11].

وقامت أطاك المغرب بتحيين هذا النداء في 9 نونبر 2014 وأعادت التأكيد على نفس المطالب[12].

وفي 20 يونيو 2018، أصدرت الجمعية بيانا تؤكد فيه على مطلبها بإلغاء الديون العمومية كشرط ضروري لأي تنمية اقتصادية واجتماعية وبشرية حقيقية[13]. فالدين العمومي أداة لشن هجوم عنيف للغاية ضد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة وصغار المنتجين/ات ومجمل الكادحين/ات. لذا، فإن النضال ضد سياسات التقشف (تخفيض الميزانيات الاجتماعية، تخفيض الدعم لمواد الاستهلاك الأساسية، تفكيك الخدمات العمومية، إلخ) هو جزء من النضال ضد نظام الديون.

في نوفمبر 2017، نظمت أطاك المغرب ندوة وطنية حول الديون والتعليم. وجاءت هذه الندوة في سياق هجوم الدولة على مجانية التعليم وتعميم العقود محددة المدة في هذا القطاع. رافقت الجمعية نضالات الأساتذة والاستاذات الذين/اللواتي فرض عليهم/هن التعاقد (2019-2016)، وشاركت في أشكال التضامن ضد قمعها. وخصصت الدورة الخامسة عشر لجامعتها الربيعية التي نُظمت في مراكش في أبريل 2019، لتقييم الهجوم النيوليبرالي على التعليم ونضالات تنسيقية الذين/اللواتي فرض عليهم/هن التعاقد.

وعملت أطاك المغرب على تدعيم التنسيق مع مختلف منظمات النضال في المغرب لتجسيد مقترحات بدائلها للديون. لكن ما أنجز لحدود الآن ضعيف للغاية. وسوف يتطلب الأمر مزيدا من الاصرار ومزيدا من التثقيف الشعبي.

  • من أجل إلغاء الديون الخاصة غير المشروعة (القروض الصغرى)

دأبت أطاك المغرب على توسيع التضامن والدعم لنضالات ضحايا القروض الصغيرة طيلة الفترة الممتدة من 2012 الى 2017.  فضحايا القروض الصغيرة، غالبيتهم نساء، ولا سيما في جنوب شرق المغرب (أكثر من 4500 امرأة)، نزلوا إلى الشوارع في 2011-2012، للمطالبة برفضهم أداء أسعار الفائدة الباهظة (30 حتى 40٪ وأحيانًا أكثر) والتنديد بانتهاكات مؤسسات القروض الصغرى. ونظمت الجمعية في مارس 2012، قافلة تضامنية وطنية، ثم قافلة دولية في أبريل 2014 والتي مكنت، في نونبر 2016، من تبرئة أمينة مراد وناصر الإسماعيلي، على التوالي، رئيسة جمعية الرعاية الشعبية من أجل التنمية الاجتماعية (جمعية ضحايا القروض الصغرى) ونائبها اللذان حُكم عليهما بسنة سجنا وغرامات ثقيلة. أصبحت القروض الصغرى كجزء من الديون الخاصة غير المشروعة، موضوع نشاط وتفكير داخل أطاك المغرب والشبكة الدولية اللجنة من أجل إلغاء الديون غير المشروعة CADTM. وأصدرت الجمعية كتابًا باللغتين العربية (2016) والفرنسية (2017) بعنوان “نظام القروض الصغيرة في المغرب: فقراء يمولون أغنياء. دراسة ميدانية وتحليلية لنظام السلفات الصغيرة بالمغرب[14]“. ونشر عدد كبير من التحليلات على موقعي أطاك المغرب وشبكة CADTM التي نظمت عديدا من الندوات الدولية والإقليمية والوطنية بإفريقيا وجنوب آسيا لتعزيز التكوين وتبادل تجارب النضال ودراسة البدائل ضد القروض الصغرى والديون غير المشروعة.

في كتابها، لخصت أطاك المغرب تحليلها على النحو التالي: “لا يمكن لسوق السلفات الصغيرة أن يشكل أداة لمحاربة الفقر، لأن هذه “الهدف” ليس مندرجا أصلا ضمن غاياته. فالمنطق الذي يشتغل وفقه، أي توزيع قروض من أجل الحصول على فوائد مالية، يؤدي إلى تفقير الفقراء وتحويل جزء هام من دخلهم للسوق المالية والبنكية. يتعارض منطق الربح الذي تشتغل وفقه مؤسسات التمويل الأصغر مع منطق محاربة الفقر. إن تطبيق معدلات فائدة فاحشة الذي يشكل ثمنا باهظا لربط ملايين الفقراء بالأسواق المالية وبالبنوك تحديدا لا يؤدي في كل البلدان سوى إلى تكريس الفقر. لذا، يبدو لنا من الضروري وقف نشاط مؤسسات التمويل الأصغر وفتح تحقيق حول مختف أشكال النهب والتعسفات التي تقترفها هذه المؤسسات في حق الضحايا. إننا نساند كل التحركات النضالية لهؤلاء الضحايا للدفاع عن حقوقهم، وبالأخص حركة ضحايا القروض الصغرى بورززات المطالبة بوقف تسديد القروض الصغرى لأن معظمها غير مشروع وغير قانوني”. الأسس القانونية لعدم شرعية عقود القروض الصغرى جرى تفصيلها في الفصل الثاني من الكتاب.

وفي فترة الاستثناء الصحي المرتبط بجائحة كوفيد-19، قامت جمعية أطاك المغرب بحملة إعلامية من أجل وقف تسديد القروض الصغرى لفترة 6 أشهر قابلة للتمديد مع الاعفاء من جميع الفوائد[15]، وأنشأت عريضة للتوقيعات، ونشرت فيديوهات لمعاناة الضحايا، إلخ. وأشارت الى تداعيات جائحة فيروس كورونا على المشاريع الصغيرة والفلاحة المعيشية وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية لضحايا القروض الصغرى. وأكدت الجمعية على ضرورة توحيد الضحايا في جمعية وطنية للدفاع من مطالبهم إزاء الممارسات التعسفية لمؤسسات القروض الصغرى.

إن مآسي أوسع الفئات الشعبية الفقيرة التي ستنتج عن مديونيتها البنكية في وقت تغتني فيه أقلية من المضاربين في القطاع المالي، تجعل هذه القروض غير مشروعة. هذا علاوة على عدم قانونيتها المرتبطة بعيوب عقودها. وكما هو الشأن بالنسبة للتدقيق المواطني للدين العمومي، يستدعي الأمر تعبئة مواطنية واجتماعية للتحقيق في مختلف أشكال النهب والخروقات التي تقترفها مؤسسات القروض الصغرى ومؤسسات قروض الاستهلاك والمؤسسات البنكية في حق ضحاياها، والتدقيق في الأسس غير المشروعة وغير القانونية التي تستوجب ضرورة إلغاء هذه القروض.

  • ضد اتفاقيات “التبادل الحر” التي هي اتفاقيات استعمارية ضد الشعوب

يشكل النضال ضد اتفاقيات “التبادل الحر” أيضا إحدى الأولويات الإستراتيجية أطاك المغرب. فالجمعية نددت دائما بضغوط القوى الإمبريالية العظمى مثل الاتحاد الأوروبي وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي أبرمت أيضًا اتفاقية “تبادل حر” مع المغرب دخلت حيز التنفيذ في فاتح يناير 2006. كما نددت بمخاطر فتح الحدود أمام حركة السلع والرساميل الأجنبية على سيادتنا الشعبية والغذائية.

وقع المغرب عددا كبيرا من اتفاقيات “التبادل الحر” مع بلدان مختلفة في الشمال والجنوب (56 بلدا). ويدافع الحاكمون على انفتاح الاقتصاد المغربي أمام المنافسة الدولية بكونه “فرصة المغرب للاندماج في العولمة والسماح للمقاولات المغربية بدخول الأسواق العالمية”. وبهذا الطموح صار المغرب “البطل” الإقليمي في ابرام اتفاقيات “التبادل الحر”. وقد لا يختلف اثنان على نتائجها السلبية: الاختلالات الخارجية للبلاد، تدمير النسيج الصناعي المغربي الهش أصلا، ارتفاع البطالة، التبعية الغذائية، إلخ.

هكذا إذن تشكل مسألة اتفاقيات “التبادل الحر” مسألة حاسمة بالنسبة لمستقبل المغرب وشروط عيش المغاربة. ولذلك توليها أطاك المغرب أهمية كبيرة، أولا، من أجل رفع الصمت المحيط بهذه المسألة، ثم لعرض عناصر التفكير والبدائل حولها، وتعزيز مبادرات التوعية والأنشطة المشتركة ضدها.

أصدرت جمعية أطاك المغرب كتابًا باللغتين العربية (2015) والفرنسية (2016) بعنوان “اتفاقيات التبادل الحر: اتفاقيات استعمارية ضد الشعوب. تحليل لاتفاقيات التبادل الحر بين الاتحاد الأوروبي والمغرب[16]“. ونظمت في أكتوبر 2015 ندوة وطنيًة من أجل وقف “اتفاق التبادل الحر المعمق والشامل ” والذي يوصف بالجيل الجديد من اتفاقيات “التبادل الحر” التي يتفاوض عليها الاتحاد الأوروبي مع المغرب (و “شركاء” آخرين في الجنوب مثل تونس، أو جورجيا ومولدوفا وأوكرانيا بــ “جنوب” أوروبا) بدءا من 2010-2011 لملاءمة الإطار التشريعي والتنظيمي المغربي مع إطار الاتحاد الأوروبي، وزيادة حماية الاستثمارات والملكية الفكرية، وتوسيع المنافسة في الصفقات العمومية، وتعميق خصخصة الخدمات العمومية.

ونظمت أطاك المغرب ندوة دولية حول اتفاقيات “التبادل الحر” بالدار البيضاء في 1 أكتوبر 2016 والتي انتهت بدعوة لخصت الأسس التحليلية للجمعية بخصوص هذا الموضوع: “إن اتفاقيات التبادل الحر سواء كانت ثنائية أو متعددة الأطراف قد صيغت كلها لضمان أرباح المقاولات الكبرى. هاته الأخيرة، تحتكر الموارد والخدمات العمومية، والأراضي الزراعية الخاصة بالمزارعين/ات، وتدمر البيئة. كما تدمر فرص الشغل، وتخفض أجور العاملين/ات عن طريق إحداث تنافس بين اليد العاملة، وتزيد من نسبة البطالة. وتشدد هذه المقاولات إحكام قبضتها خصوصا على دول الجنوب من خلال تعميق التبعية الهيكلية لهذه الأخيرة على المستويات الغذائية والمالية والتكنولوجية، وإغراق أسواقها بمنتجات مدعومة من قبل الشمال ذات نوعية مشكوك فيها، علاوة على تدميرها للنسيج الإنتاجي. ويتم تدعيم وطأة هذه القبضة بآليات فض النزاعات بين الدول والمستثمرين والتي تعطي لهؤلاء الأخيرين سلطات كبيرة على الدول والشعوب التي استنزفت بتسديد خدمات الدين وما يستتبعها من سياسات تدميرية للحقوق الاجتماعية. أما العبء الملقى على كاهل النساء فهو، على وجه الخصوص، مضطهد ولا إنساني[17]“.

وأيام 15 و16 و17 دجنبر 2017، نظمت جمعية أطاك المغرب ندوة مغاربية حول اتفاقيات “التبادل الحر” والزراعة والسيادة الغذائية تحت شعار: لنوقف الاتفاقيات الاستعمارية، دفاعا عن الحق السيادي للشعوب على نظامها الزراعي والغذائي والبيئي. وعقدت الندوة بأكادير بالمغرب بمشاركة نشطاء ونشيطات من مصر وتونس والجزائر والمغرب[18].

هذه المبادرات هي جزء من عمل تثقيف شعبي مكثف تقوم به أطاك المغرب للتنديد باتفاقيات “التبادل الحر”، واقتراح آفاق للنضال، وتقوية أواصر التضامن بين شعوب الشمال والجنوب. وعلى مستوى المغرب، ساهمت أطاك المغرب في الائتلافات المناهضة لهذه الاتفاقيات. هذه الائتلافات هي متوقفة عن النشاط أو حتى لم تعد موجودة.

  • من أجل التصدي للأزمة البيئية والمناخية: بناء المقاومات وبلورة البدائل

إن الأزمة البيئية ليست سوى إحدى تجليات (أكثر كارثية) أزمة الرأسمالية والحضارة التي يعيشها العالم اليوم.

وفي المغرب، يرتبط الوضع البيئي ارتباطًا وثيقًا بهيمنة الرأسمالية العالمية ولكن أيضًا بالخيارات السياسية والاقتصادية للنظام. وتبدو آثار التغيرات المناخية في الواقع مؤدية إلى تفاقم المشاكل التي تعاني منها الفئات الكادحة كالفقر والإقصاء ونقص التغذية والبطالة والتمييز ضد المرأة، إلخ. هؤلاء الضحايا غالبًا ما يكونون بعيدين عن تحمل مسؤولية هذه التغييرات. ومن هنا مطلب العدالة المناخية الذي ترفعه جمعية أطاك المغرب.

إن المغرب، وكذا بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو رمز هذا الظلم. ففي الوقت الذي لا تسبب فيه هذه المنطقة سوى نسبة تلوث ضعيفة مقارنة بمناطق أخرى من العالم، فهي تعد من بين الأكثر تضررًا خاصةً بالظواهر الحادة كالجفاف والفيضانات التي تتضرر منها الزراعة على نحو خاص.

إن رؤية أطاك المغرب للأزمة البيئية والمناخية وكيفيات التصدي لها مفصلة في الأرضية البرنامجية التي اعتمدها المؤتمر الوطني الرابع المنعقد في نهاية يناير 2012، والتي جرى تحديثها في المؤتمر الخامس الذي عقد في بداية مارس 2014. حللت الورقة الوضع البيئي وطبيعة المشاريع الخضراء في المغرب والتي ليست سوى فرصا جديدة للاغتناء بدعوى حماية البيئة. ونادت بضرورة التخلص من وهم حماية البيئة عن طريق ميكانيزمات السوق وما يسمى بالرأسمالية الخضراء، والانخراط في الحركة العالمية من أجل عدالة مناخية ومن أجل بدائل حقيقية للأزمة الإيكولوجية.

في دجنبر 2015، أصدرت جمعية أطاك المغرب تقريرًا عن وضع العدالة المناخية في المغرب[19]. كان ذلك في سياق انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الحادي والعشرين للمناخ في باريس (30 نونبر – 12 دجنبر 2015) حيث نظم المناهضون/ات للعولمة والمناضلون/ات البيئيون/ات أنشطة للتنديد بنقص الموارد المالية والإرادة السياسية لدى كبار صانعي القرار في العالم لوقف الاحتباس الحراري. يعد نشر هذا التقرير أيضًا بداية التحضير لأنشطة القمة المضادة لمؤتمر الأطراف 22 حول المناخ في مراكش الذي سيعقد في الفترة من 7 إلى 18 نونبر 2016.

إننا نناضل من أجل كشف الوجه الحقيقي للرأسمالية الخضراء ونفاق الحكام وكبار الرأسماليين الذين يسعون قبل كل شيء لتنمية أرباحهم. أدمجنا ​​مفهوم الاستخراجية لفهم تسابق الرأسماليين للاستيلاء على الموارد من معادن ومواد أحفورية وزراعات وبحر. نحن نطالب بالديون البيئية التي تدين بها الدول الصناعية للبلدان الفقيرة بسبب نهب الموارد الطبيعية في الماضي (الحقبة الاستعمارية) والحاضر (الاستعمار الجديد). فتحليلنا لتمفصل نظام الديون والاستخراجية هو الذي يحكم فهمنا للمرحلة الانتقالية نحو عالم العدالة الاجتماعية والبيئية الذي يتطلب قطيعة كاملة مع النمط الرأسمالي السائد للإنتاج والتوزيع والاستهلاك.

على المستوى الوطني، تساهم أطاك المغرب في فتح نقاش حول مستقبل الطاقة والغذاء في بلدنا وتطالب بتدبير عمومي للموارد تحت رقابة شعبية، تدبير بيئي واجتماعي يعزز الحلول الأكثر بيئية والتي تسمح في نفس الوقت لغالبية المواطنين والمواطنات بالوصول إلى هذه الموارد.

بالإضافة إلى عمل التحليل والتحسيس، تدعم أطاك المغرب النضالات ضد الاستخراجية وتدمير البيئة من قبل الرأسماليين، وشاركت في جميع أشكال التضامن مع النضالات ذات البعد البيئي وضد الاستخراجية لسكان:

  • قرية بن صميم التي تقع غرب مدينة افران (2010-2008) ضد خصخصة منابع المياه الطبيعية، والتي تعرضت للقمع ومتابعة 12 منهم.
  • إيميضر في الجنوب الشرقي للمغرب، ضد الشركة المنجمية إميتر التي تستغل منجم الفضة، وهو الأكبر في إفريقيا، والتي تنهب ثروات القبيلة، وتدمر الموارد المائية، وتسمم الهواء والأرض والمياه الجوفية الزئبق والسيانيد وغيرها. ومنذ يوليوز 2011 وحتى عام 2019، احتل القرويون/ات جبل “ألبان” وقطعوا جزءا من المياه على المنجم. في سنة 2014، تم قمع الحركة بعنف وسجن عديد من نشطائها، تم الإفراج عن آخرهم في نهاية 2017 – أوائل 2018.[20]
  • بني وكيل بالقرب من مدينة وجدة (2017-2014) ضد مشروع استخراجي (مقلع الحصى) الذي يدمر البيئة والأنشطة الزراعية وجزء من الذاكرة التاريخية (“جبل الدشيرة”) لأهالي القرية، ويؤثر على أوضاعهم المعيشية والصحية ويهدد سلامتهم. تعرضت احتجاجاتهم أيضا للقمع وجرت متابعة النشطاء[21].
  • مدنية آسفي ضد مشروع بناء محطة طاقة حرارية (2017-2014) في الوقت الذي تعاني فيه المدينة أصلا من تلوث صناعي خطير لمجمع تكرير الفوسفات المسؤول عن تدهور البيئة والموارد السمكية وصحة السكان. يصعب حصر الآثار الخطيرة لهذه المحطة لتوليد الطاقة الكهربائية انطلاقا من الفحم واستخدام مياه البحر على النظام البيئي للمنطقة. المحطة جرى تشغيلها في أوائل دجنبر 2018[22].
  • قبيلة أولاد سبيطة بسيدي بوقنادل بين سلا والقنيطرة ضد استيلاء شركة الضحى العقارية على أكثر من 800 هكتار من أراضيها. كافحت نساء السلاليات (أكثر من 400 أسرة) من أجل الحفاظ على أراضيهن الجماعية والزراعات المعيشية (2017-2014)[23].
  • القبيلة السلالية بسيدي عياد (منطقة ميدلت) ضد الاستيلاء على أراضيهم الجماعية ومواردهم الطبيعية بعد أن أقامت الدولة مشروعًا لإنشاء محطة للطاقة الشمسية تسمى “نور 4” على مساحة تقدر بأكثر من 4500 هكتار. نظم صغار المزارعين/ات والأسر التي جُردت من أراضيهم ومياههم ومراعيهم عدة احتجاجات (2019-2017) جرى قمعها. اعتُقل أوبا ميمون سعيد، رمز هذه المعركة، مرتين على التوالي: في أبريل 2018 حيث حُكم عليه بالسجن لمدة 4 أشهر وفي أبريل 2019 حيث حُكم عليه بالسجن لمدة 10 أشهر[24].

في نونبر 2016، نظمت جمعية أطاك المغرب ندوة دولية حول “العدالة المناخية” على هامش الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في مراكش (كوب 22) لإبراز هذه النضالات البيئية وتوسيع التضامن ومناقشة البدائل التي تتجاهلها عمدا المؤتمرات والقمم الرسمية. سمحت هذه الندوة أيضا بتدعيم الصلة مع مناضلات ومناضلين من البلدان المغاربية والقارة الأفريقية لوضع أسس حركة من أجل العدالة المناخية تنسق أنشطتها بمنطقة شمال افريقيا ومجمل القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الندوة شكلت محطة فاصلة مع تيار ليبرالي من المجتمع المدني المغربي الذي احتواه النظام. فقد جمعية انسحبت أطاك المغرب من “الائتلاف المغربي للعدالة المناخية”، وأدانت هذا التيار الذي هيمن عليه والذي حاول كبح هذا الوعي البيئي الناشئ في حدود الرأسمالية الخضراء والمبادرات حول المناخ التي تقترحها المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، وإبعاده عن النقاش الحقيقي حول العدالة المناخية المرتبط بالخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تديم تدمير البيئة. وبعدها انخرطت مع عديد من الجمعيات الحقوقية والمنظمات التقدمية والنقابات في الشبكة الديمقراطية لمرافقة كوب 22. كانت هذه الشبكة تهدف إلى بناء حركة بيئية وديمقراطية في المغرب، مستقلة عن السلطة السياسية والاقتصادية ببلدنا وعن المانحين الدوليين، وبالارتكاز على تعبئات الضحايا الحقيقيين للأضرار البيئية[25]. للأسف، لم تعد هذه الشبكة موجودة بعد هذه التعبئة المرتبطة بمؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ (كوب 22) بمراكش. لا يزال الوعي البيئي والمناخي في بلدنا في بداياته ويتطلب جهودًا طويلة في التثقيف والبناء.

  • من أجل السيادة الغذائية في المغرب

استنادا الى تعريف حركة نهج المزارعين الدولية (La Via Campesina) الذي تتبناه جمعية أطاك المغرب، تعني السيادة الغذائية حق الشعوب في تحديد سياساتها الزراعية والغذائية دون تدخل مؤسسات خارجية أو إغراق السوق المحلية بمنتجات خارجية بأسعار منخفضة. كما تعني السيادة مشاركة الشعوب في تحديد السياسة الزراعية لبلدانهم وفي تنفيذ الإصلاحات الزراعية. تستند السيادة الغذائية على منح الأولوية للإنتاج الزراعي المحلي وضمان الغذاء الأساسي للسكان وحرية الوصول إلى البذور والحق في حماية منتجاتهم الوطنية. السيادة الغذائية هي نقيض النظام الصناعي لإنتاج الغذاء المسؤول عن تدمير الموارد الطبيعية والمناخ الذي يهدد الفلاحين/ات وحياة ملايين البشر.

انخرطت جمعية أطاك المغرب طيلة سنتين (2019-2018) في مشروع دراسة حول السيادة الغذائية في المغرب لحفز التفكير في بديل للنموذج الزراعي الإنتاجوي والتصديري. تهدف هذه الدراسة إلى إجراء تشخيص للسياسات النيوليبرالية في القطاع الفلاحي في بلدنا وإبراز الآثار المتعددة لهذا النموذج على الفلاحين/ات والعاملات والعمال الزراعيين والبحارة وعلى الزراعات المعيشية ونوعية الغذاء والبيئة[26]. واستندت على بحوث ميدانية في المناطق الزراعية الرئيسية بالمغرب. تم عرض النتائج وإغناؤها خلال اللقاءات الجهوية التي شارك فيها مختلف المتدخلين/ات في القطاع الزراعي[27].

كانت جمعية أطاك المغرب أحد المبادرين الرئيسيين في تأسيس شبكة شمال إفريقيا للسيادة الغذائية في يوليوز 2017 بتونس. وحفزت السكرتارية الاقليمية لهذه الشبكة تأسيس تنسيقيات قطرية في تونس والمغرب ومصر من أجل توسيع التفكير حول مسألة السيادة الغذائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتبادل تجارب نضالات الفلاحين/ات، والعاملات والعمال الزراعيين، والبحارة، إلخ)، وتطوير بدائل ملموسة.

  • الالتزام النسوي

يمثل تعميق المقاربة النسوية للعولمة الرأسمالية والبطريركية المحور الرئيسي للالتزام النسوي لجمعية أطاك المغرب. ولدت هذه الرؤية من دونية المرأة في المجتمع وتعرضها لجميع أشكال التمييز التي يعاد انتاجها على جميع المستويات. هذا الاضطهاد تعززه السياسات النيوليبرالية التي تزيد من حرمان المرأة من حقوقها في التعليم والصحة والعمل ومعاشات التقاعد والأرض والسكن والغذاء والإرث والإجهاض، إلخ.

بادرت مناضلات أطاك المغرب الى تشكيل لجنة نسائية سنة 2013 داخل الجمعية للمساعدة في تعميق التحليلات وتطوير الالتزام النسوي للجمعية الذي ترد مبادئه في الميثاق السياسي لشبكة اللجنة من أجل إلغاء الديون غير المشروعة[28] (ضمان حق تقرير المصير للنساء كما تطالبن به من خلال نضالاتهن التي تندرج في المعركة من أجل التحرر من النظام الأبوي والرأسمالي والإمبريالي والاستخراجي،  ووضع حد للتمييز بين الرجال والنساء في جميع مجالات الحياة من خلال التمييز الإيجابي والتثقيف الشعبي النسوي…)، وكذا في ميثاق تسيير الشبكة[29] (احترام مبدأ “المناصفة”…).

أعدت اللجنة مقررا حول النساء اعتمده المؤتمر الوطني الرابع المنعقد في أوائل مارس 2014. ويحلل هذا المقرر أوضاع النساء في الطور النيوليبرالي من الرأسمالية المعولمة والمتأزمة ومختلف أشكال الاضطهاد المرتبطة بالبطريركية. كما يحدد أسس الأنشطة الضرورية لتجسيد الالتزام النسوي على المستوى الداخلي للجمعية وعلى مستوى النضال والتضامن وطنيا وإقليميا ودوليا.

وأصدرت اللجنة في سنة 2018 كتابا بالعربية بعنوان: “نساء المغرب في زمن العولمة”، ستكون نسخته الفرنسية جاهزة للطبع قبل نهاية 2020.

قامت لجنة نساء جمعية أطاك المغرب بأدوار كبيرة جدًا في التضامن مع نضالات النساء ضحايا القروض الصغرى (2017-2012)، وفي أنشطة التثقيف حول مسألة القروض الصغرى كأداة لإفقار الفقراء، ولا سيما النساء، لفائدة الرأسمال المالي.  فقد قامت بحملات لتقديم الكتاب حول القروض الصغرى في عدة مدن بالمغرب.

يتجسد الالتزام النسوي لجمعية أطاك المغرب بشكل عام من خلال جهد دائم لإبراز دور النساء في:

  • النضالات الشعبية في المغرب ضد سياسات التقشف النيوليبرالية والخصخصة وتدمير الخدمات العمومية والاستخراجية والاستيلاء على الأراضي، ودعم مشاركة النساء وعملهن المشترك مع المنظمات المنخرطة في هذه النضالات من أجل توسيع معاركهن.
  • الأنشطة المختلفة للجمعية: أوراش عمل، ندوات تكوينية، أوراش موضوعاتية في دورات الجامعة الربيعية ومخيم الشباب، إلخ.
  • بنيات جميعة أطاك المغرب وعلى مستوى المسؤوليات المختلفة. ازدادت المساهمة النشيطة للنساء داخل الجمعية، وتمكنن من اكتساب الثقة بالنفس. ورغم ذلك، مازال هناك جهد كبير يتعين القيام به لتحقيق المناصفة الحقيقية وكسر تأثيرات النظام الأبوي.

مناضلات أطاك المغرب منخرطات في تنسيق النضالات النسوية لشبكة اللجنة من أجل إلغاء الديون غير المشروعة CADTM، وشاركن في أنشطتها وندواتها الدولية، كتلك المتعلقة بــ “النساء والديون والقروض الصغرى” التي نظمت بالقارة الافريقية (في البنين عام 2011، وفي المغرب عام 2014، وفي مالي عام 2017). اكتسبت منخرطات الجمعية الى جانب رفيقاتهن في شبكة CADTM، خبرة نضالية في:

  • تأثير الديون والقروض الصغرى على النساء وخاصة في إفريقيا وآسيا.
  • الآليات التي يؤثر بها نظام الديون على النساء.
  • خصوصيات مديونية النساء.
  • النضالات التي تخوضها النساء في إفريقيا وآسيا والبدائل التي يبنيها البعض منهن.

لا يمكن أن يكون لاكتساب هذه الخبرة معنى إلا إذا تم وضعها في خدمة ضحايا النظام الرأسمالي من خلال دينامية تثقيف شعبي متجه نحو بناء المقاومات. وهذا ما تحاول نساء أطاك القيام به رغم الصعوبات.

  • الاندماج في الديناميات العالمية للحركات الاجتماعية وفي الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير المشروعة CADTM

انخرطت جمعية أطاك المغرب في سيرورة المنتدى الاجتماعي المغربي من خلال المساهمة في دورته الأولى التي عقدت في بوزنيقة في دجنبر 2002، والثانية في الرباط في يوليوز 2004. دافع مناضلو ومناضلات أطاك المغرب عن روح المقاومة والديمقراطية والتوافق في اتخاذ القرارات التي حددها ميثاق المنتدى الاجتماعي العالمي. للأسف، استولى أخيرًا على المنتدى الاجتماعي المغربي تيار ليبرالي من المجتمع المدني المغربي يسعى الى توجيه النضالات الاجتماعية نحو منطق الخضوع والوساطة مع النظام. وجد هذا التيار شركاء من نفس الطينة في البلدان المغاربية من خلال المنتدى الاجتماعي المغاربي. كما أن له حضورًا في المجلس الدولي للمنتدى الاجتماعي العالمي وشارك في إفراغ هذا الأخير من محتواه النضالي.

إن مسؤوليات جمعية أطاك المغرب ضمن السكرتارية الدولية لشبكة CADTM التي تشاركها مع لجنة CADTM بلجيكا منذ سنة 2014 تسمح بتعزيز التزام الجمعية ضمن الشبكة وتفتح إمكانيات كبيرة لتطوير أنشطتها على المستويات الدولية والإقليمية (شمال افريقيا والشرق الأوسط) والوطنية. فبالإضافة إلى المواقف السياسية والبيانات باسم الشبكة، تساهم جمعية أطاك المغرب في دورات تكوينية دولية حول قضايا الديون والمؤسسات المالية الدولية وبدائل لأزمة الرأسمالية البطريركية والإنتاجوية. وبشكل أكثر تحديدًا، لديها مهام تعزيز:

  • أنشطة شبكة CADTM في إفريقيا وخاصة تطويرها في شمال إفريقيا والشرق الأوسط من خلال موقع الشبكة بالعربية[30] وترجمات كتب وتحليلات CADTM إلى اللغة العربية.
  • العلاقة مع سيرورة المنتدى الاجتماعي العالمي.
  • التآزر مع الحركات والشبكات العالمية المناضلة، حركة نهج المزارعين الدولية، المسيرة العالمية للنساء، تنسيق أطاكات الدولي، الحملة الدولية ضد إفلات الشركات متعددة الجنسيات من العقاب، حملة “مقاطعة عقوبات سحب الاستثمارات” (BDS) للتضامن مع الشعب الفلسطيني، إلخ.

لعب هذا الاندماج في الديناميات العالمية للحركات الاجتماعية والشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير المشروعة CADTM دورًا مهمًا للغاية في حملات التضامن الدولية مع النضالات الاجتماعية وضد القمع في المغرب.

  1. مسألة الهجرة

أدمجت جمعية أطاك المغرب مسألة الهجرة في أنشطتها وتعاونت مع عديد من المنظمات التي تشتغل على هذا الموضوع كــ “المجموعة المناهضة للعنصرية والمدافعة عن حقوق الأجانب والمهاجرين”، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلخ، ولكن أيضًا مع بعض تنظيمات المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء. تعرض هؤلاء الأخيرين، منذ سنوات 2000، وخاصة في 2005-2006، لحملات قمع من قبل الشرطة المغربية المدعومة من طرف الاتحاد الأوروبي في الغابات القريبة من سبتة ومليلية ومدن أخرى بالمغرب، والتي خلفت عشرات القتلى، والاعتداءات الجسدية والجنسية ضد الأطفال والنساء، ومئات الاعتقالات وعمليات الإبعاد القسرية الى المناطق الصحراوية القاحلة، إلخ.

شاركت جمعية أطاك المغرب في عدة أشكال من التضامن والأنشطة حول الهجرة منها:

  • مسيرة عالمية ضد البطالة ودفاعا عن المهاجرين عام 2002 بطنجة.
  • لقاء دولي حول موضوع الهجرة في تطوان في نوفمبر 2005.
  • لقاء في شفشاون حول الهجرة وحقوق الإنسان في أبري 2006.
  • تنظيم مجموعات شمال المغرب لجمعية أطاك يومًا دراسيًا حول قضية الهجرة التي جمعت بين التجارب الميدانية والتفكير للتقدم في صياغة المقترحات والبدائل[31].

كما جرى دمج مسألة الهجرة أيضًا في الأنشطة الداخلية للجمعية وفي التكوينات.

 “ومما لا شك فيه أن لا الجدران ولا الأسلحة قادرة على حل ما تسميه وسائل الإعلام بأزمة الهجرة، لأنها ليست سوى نتيجة انعكاسات السياسات النيوليبرالية المفروضة منذ عقود على شعوب العالم… تكمن الحلول الجذرية بالنسبة لشعوب بلدان الجنوب في وقف حد لــ:

  • نهب موارد بلدان الجنوب مع وقف للمواجهات المسلحة التي لا هدف لها غير السماح بتدخل عسكري للبلدان الغربية.
  • نظام المديونية الذي يشتغل اليوم كآلية لضخ ثروات الشعوب لصالح البنوك.
  • اتفاقيات “التبادل الحر” التي تنتهك سيادة الشعوب وترفع وثيرة نهب ثروات الجنوب لفائدة البنوك والشركات المتعددة الجنسية لبلدان الشمال.

وفي انتظار ذلك، من المستعجل احترام الحقوق والاتفاقيات المتعلقة بالهجرة واللجوء ووضع آلية للاستقبال والدمج تسمح بإرساء روابط ذات بعد إنساني وباحترام للكرامة[32]“.

  1. ضد الاستبداد ومن أجل السيادة الشعبية

إن تحديد الأولويات الإستراتيجية لجمعية أطاك المغرب: الديون العمومية والديون الخاصة واتفاقيات “التبادل الحر” والعدالة المناخية والسيادة الغذائية والالتزام النسوي والاندماج في الديناميات العالمية للحركات الاجتماعية وشبكة CADTM الدولية ناتج عن تحليل شامل لخصوصيات الرأسمالية المتخلفة في بلدنا وتبعيتها للإمبريالية، وللطبيعة الاستبدادية للنظام السياسي. وتتمفصل هذه الأولويات في أنشطة التثقيف الشعبي للجمعية، وفي تدخلها الميداني لمؤازرة النضالات الاجتماعية، وكذا في بدائلها. وجسدت هذا كله في مطالب السيادة الشعبية كجزء من سيرورة شاملة لإحداث قطيعة مع نظام الديون والتبادل غير المتكافئ والتبعية ومع مؤسسات الرأسمال. فنحن ندعم وننسق مع جميع المنظمات والائتلافات والحركات التي تناضل من أجل الحقوق الإنسانية والعدالة الاجتماعية والبيئية والنسوية والحرية والكرامة والتضامن الأممي.

حاول النظام احتواء مطالب الإصلاح السياسي والاجتماعي التي رفعتها الحركة الاحتجاجية الشعبية الكبيرة التي انطلقت في 20 فبراير 2011، وذلك بموجب دستور “جديد”. رفضت جمعية أطاك المغرب المشاركة في المشاورات التي نظمها النظام بشأن هذا الدستور الممنوح (أبريل 2011) ودعت إلى جانب منظمات اجتماعية وسياسية أخرى لمقاطعته (يونيو 2011)[33]. إنه دستور يكرس الاستبداد بآلياته للنهب والفساد. وهو يستند على المبادئ النيوليبرالية للمؤسسات المالية الدولية التي تعمق تبعية البلد ومديونته وتعمم التقشف والخصخصة والهشاشة. هذا في الوقت الذي تتعرض فيه الأصوات المعارضة للقمع وتنتهك الحريات العامة (حق التعبير والتنظيم). إن دستورا ديمقراطيا لن يكون هبة ممنوحة من قبل الحاكمين. إنه سيكون ثمرة معركة اجتماعية وسياسية طويلة النفس، وثمرة سيرورة تأسيسية شعبية تبنى من الأسفل.

استضاف المغرب المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في مراكش في الفترة من 27 إلى 30 نونبر 2014. قاطعت أطاك المغرب، إلى جانب منظمات اجتماعية وسياسية أخرى، هذا المنتدى الذي عقد في سياق متسم بالقمع المنهجي. لقد أراد النظام أن يجعل من هذا المنتدى فرصة لتزيين صورته من خلال تعبئة مؤسسات ديمقراطية الواجهة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني للتطبيل وإضفاء الشرعية على واقع قمع الحريات وعلى السياسات التي تقوض مبادئ حقوق الإنسان[34].

خلال الانتخابات الجهوية والبلدية في شتنبر 2015، انضمت جمعية أطاك المغرب إلى مبادرة مجموعة من جمعيات المجتمع المدني لتقديم برنامج بعنوان: “100 إجراء من أجل جماعات ترابية عادلة اجتماعيا”[35]. لم تكن مبادرة للمشاركة في الانتخابات، ولكن لفتح نقاش حول برنامج انتخابي حقيقي ينبثق من الشعب ويطرح مطالب تتعلق بالتدبير الديمقراطي والعدالة الاجتماعية واقتصاد التضامن والدفاع عن البيئة، إلخ. للأسف، لم يكن لها أي صدى. فتلك الانتخابات لم تكن في الواقع سوى مهزلة وتروم إضفاء الشرعية على ديمقراطية الواجهة.

لطالما تعرضت جمعية أطاك المغرب للمضايقات من قبل السلطات، وتم منع عديد من أنشطتها، وحوكم العديد من نشطاءها وسجنوا، منهم مؤخرا عمر الراضي الذي مازال يقبع في السجن بالدار البيضاء منذ 29 يوليوز 2020 في انتظار المحاكمة.

ومنذ سنة 2002، ما زالت وزارة الداخلية ترفض تجديد وصل الإيداع القانوني للجمعية. وهذا ما يحرمها من حقها في استعمال القاعات العمومية وفتح حساب بنكي، إلخ. رفعت الجمعية دعوى ضد هذا القرار بعد كل مؤتمر وطني طيلة ست سنوات (2018-2012) دون أن تنصفها المحكمة الإدارية بالرباط.

تواصل جمعية أطاك المغرب مسيرة كفاحها التي ساهم فيها مئات المناضلات والمناضلين على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية. يجب أن تلهم حصيلة هذه السنوات العشرين وتراكماتها الأجيال الشابة التي تشارك في المقاومات من أجل مغرب آخر، مغرب العدالة الاجتماعية والبيئية والكرامة والحرية.

هكذا وفي سياق الوضع الاستثنائي المرتبط بتفشي كوفيد-19، ومفاقمته للأزمة الاقتصادية، أصدر مجلس التنسيق الوطني المنعقد بتاريخ 7 ماي 2020، ورقة حول “الوضع الراهن في ظل جائحة كورونا: منظور جمعية أطاك المغرب للأزمة ومطالبنا والبدائل التي نطرحها”[36]. تقدم الورقة السمات الرئيسة للوضع على المستويين العالمي والمحلي، والتأثيرات الاجتماعية للازمة الوبائية خاصة على وضعية الكادحات والكادحين في بلادنا، والمطالب التي وجب التركيز عليها في المرحلة الحالية على مستويات الصحة والتعليم والفلاحة والديون والسيادة الشعبية، إلخ، علاوة على مقترحات للنضال هنا والآن لأجل تحقيق تلك المطالب. ويتعلق الأمر بضرورة ربط صلات وثيقة بضحايا السياسات النيوليبرالية ومحاولات تحفيز تنظيماتهم ومقاوماتهم من خلال مواصلة التثقيف الشعبي، مع العمل على إبداع وتطوير اشكال للتنسيق والنضال والاحتجاج تتماشى والظروف الاستثنائية التي تفرضها الدولة كالحجر، ومنع التجمعات، وصعوبة التنقل بين وداخل المدن، إلخ.

  1. اشتغال ديمقراطي أفقي

رفضت المجموعات المحلية الأولى لجمعية أطاك المغرب، وهي تستلهم نقاشات الحركة من أجل عولمة بديلة وتجاربها، الهيكلة الهرمية العمودية المعتمدة في المنظمات التقليدية. وتبنت منهجية اشتغال تنظيمي ديمقراطية أفقية، حيث أن توجهات الجمعية وخياراتها الاستراتيجية تنبع من المجموعات المحلية عبر مجلس التنسيق الوطني، وهو أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر الوطني. ويتكون المجلس الوطني من ممثلين/ات تنتخبهم المجموعات المحلية. ولا ينتخب المؤتمر سوى السكرتارية الوطنية كهيئة تنفيذية مسؤولة أمام مجلس التنسيق.

تواجه المجموعات المحلية لأطاك المغرب عديدا من العقبات لتنغرس في محيطها المحلي. وان كانت جميعة أطاك المغرب تحظى بإشعاع واسع، فإنه لا يترجم على مستوى توسع الانخراطات. لا تزال قوى الجمعية جد متواضعة، إلا أن أنشطتها الملموسة على الموضوعات الأساسية التي سردناها أعلاه في أوساط الطبقات الشعبية ضحايا النيوليبرالية والاستبداد تشكل آفاقا واعدة.

05 دجنبر 2020

أزيكي عمر

عضو السكرتارية الوطنية لجمعية أطاك المغرب.


[1] – كان من المزمع عقد هذا الجمع التأسيسي بالمدرسة الوطنية العليا للمعادن بالرباط. لكن السلطات حاصرت المدرسة ومنعت المناضلات والمناضلات من ولوجها. وفي الأخير انعقد الجمع في مقر جمعية “الفضاء الجمعوي”.

[2] – تقرير حول مشاركة جمعية أطاك المغرب في مسيرة الحسيمة يوم 20 يوليوز 2017. https://bit.ly/33ACvW6

[3] – تحميل الكتاب على موقع أطاك المغرب: https://bit.ly/2L33jI9 أو على موقع شبكة CADTM: http://arabic.cadtm.org/2018/08/01/2180/  

[4] – رابط الفيلم الوثائقي: https://youtu.be/PDKNgJpz2j8

[5] – يتعلق الأمر بالمواد الثلاث حليب سنطرال والماء المعدني سيدي علي ووقود افريقيا غاز التي تسوقها بالتوالي شركة سنطرال التابعة للشركة متعددة الجنسيات الفرنسية دانون مختصة بالحليب ومنتجاته، وشركة المياه المعدنية بأولماس التابعة لمجموعة هولماركوم لعائلة بنصالح، وشركة توزيع المحروقات أفريقيا التابعة لمجموعة أكوا لعائلة أخنوش. انظر مذكرة أطاك حول هذه المقاطعة.

[6] – مذكرة جمعية أطاك حول مقاطعة المواطنات والمواطنين لمواد استهلاك تسوقها مجموعات رأسمالية كبرى، 31 مايو 2018.

https://bit.ly/3mwtuVn

[7] – مذكرة حول خوصصة شركة التنمية الفلاحية (صوديا) وشركة تسيير الأراضي الفلاحية (سوجيطا)، 6 نونبر 2003.

http://arabic.cadtm.org/wp-content/uploads/2016/01/Sdya_sojika.pdf

[8] – أطاك المغرب، نداء الحملة الوطنية ضد الديون العمومية للمغرب، 15 أكتوبر 2010.

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=232081

[9] – أطاك المغرب: نداء من أجل تدقيق الديون العمومية المغربية: لا تنمية دون إلغاء المديونية، 9 ماي 2013.

https://bit.ly/3qkMjgz

[10] – ملتمس بشأن إحداث سكرتارية دولية مشتركة للشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث. صودق عليه بالإجماع من قبل الجمع العام العالمي للشبكة المجتمع ببوزنيقة (المغرب) من 19 إلى 22 ماي 2013.

https://bit.ly/36yWW7H

[11] – نداء من أجل تدقيق الديون العمومية المغربية: لا تنمية دون إلغاء المديونية (2013)، مرجع سابق.

[12] – جميعة أطاك المغرب: نداء من أجل تدقيق الديون العمومية المغربية: لا تنمية دون إلغاء المديونية، 9 نونبر 2014.

https://bit.ly/3fYRttV

[13] – جمعية أطاك المغرب تؤكد على مطلبها بإلغاء الديون العمومية كشرط ضروري لأي تنمية اقتصادية واجتماعية وبشرية حقيقية، 20 يونيو 2018. https://bit.ly/2VvKUFz

[14] – تحميل الكتاب بالعربية على الرابط: https://bit.ly/3qg0WSa . وبالفرنسية:

https://attacmaroc.org/fr/wp-content/uploads/2018/01/ATTAC-Maroc.Etude-microcr%C3%A9dit.-PDF.pdf

[15] – نداء جمعية أطاك المغرب من أجل وقف تسديد القروض الصغرى لفترة 6 أشهر قابلة للتمديد مع الاعفاء من جميع الفوائد، 29 مارس 2020. https://bit.ly/2VqpjP3

[16] – نشر الكتاب على مقالات متتالية على الموقع العربي للشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير الشرعية (CADTM)

https://bit.ly/39AqxPT

[17] – الإعلان النهائي للندوة الدولية حول اتفاقيات التبادل الحر التي نظمتها جمعية أطاك المغرب، 1 أكتوبر 2016. https://bit.ly/39AbLZn

[18] – البيان الختامي للندوة المغاربية حول اتفاقيات “التبادل الحر” والحق في السيادة الغذائية، 17 دجنبر 2017. https://bit.ly/3fYexJe

[19] – تقرير أطاك المغرب حول وضع العدالة المناخية بالمغرب. https://bit.ly/2JFSgDK

[20] – حوار مع معتصمي اميضر/ألبان: السكان يحتجون ضد نهب ثرواتهم وتلويث بيئتهم، 18 مايو 2017. https://bit.ly/3qmAVk6

[21] – أطاك المغرب تدين اعتقال ومحاكمة من يناضلون من أجل حقهم في ثرواتهم وفي الحفاظ على موروثهم البيئي، في ايميضر وبني وكيل وكل جبهات النضال البيئي بالمغرب. https://bit.ly/3lAburU

[22] – فيديو أطاك المغرب: الكوب في مراكش والتلوث في آسفي، 8 نونبر 2016. https://youtu.be/LtW5ISNauJA

[23] – بلاغ أطاك المغرب، كل الدعم لسكان اولاد اسبيطة ضد مصادرة أراضيهم، 25 يناير 2017. https://bit.ly/2KTGqGK

[24] – من أجل إطلاق سراح المناضل النقابي أوبا ميمون سعيد وتلبية مطالب معتصمي ومعتصمات سيدي عياد بميدلت، 19 مارس 2019.

https://bit.ly/33DO4fb

[25] – بيان أطاك المغرب: مؤتمر الأطراف حول التغيرات المناخية كوب 22 بمراكش: أية استراتيجية للحركات الاجتماعية إزاء التغيرات المناخية؟، 15 شتنبر 2016. https://bit.ly/2JNuxBK

[26] – مقدمة الإصدار الجديد لجمعية أطاك: دفاعا عن السيادة الغذائية بالمغرب، 23 أكتوبر 2019. https://bit.ly/2IcLeGe

[27] – المدخل المنهجي للإصدار الجديد لأطاك المغرب: السيادة الغذائية بالمغرب، 25 أكتوبر 2019. https://bit.ly/2L4yPFn

[28] – الميثاق السياسي للشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث (إلغاء الديون غير المشروعة) جرى اعتماده في بيليم في يناير 2009.

https://bit.ly/39KQ8py

[29] – ميثاق التسيير للشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث (إلغاء الديون غير المشروعة)، جرى أيضا اعتماده في بيليم في يناير 2009.

https://bit.ly/2VJ0E8c

[30]http://arabic.cadtm.org/

[31] – دفاتر أطاك المغرب: الهجرة والعولمة. يوم دراسي من تنظيم مجموعات الشمال لأطاك المغرب، 8 فبراير 2011.

http://www.cadtm.org/IMG/pdf/brochure_table_ronde_avec_photos.pdf

[32] – لوسيل دوما: “أزمة” الهجرة: السحر ينقلب على الساحر، 12 شتنبر 2015. https://bit.ly/2JtN6eD

 لوسيل دوما مناضلة ساهمت في تأسيس أطاك المغرب واشتغلت من بين قضايا عديدة في محاور اشتغال الجمعية على محور الهجرة سواء على صعيد التفكير والتضامن.

[33] – أطاك المغرب: عشرة أسباب لمقاطعة الاستفتاء على مشروع الدستور الممنوح، 25 يونيو 2011. https://bit.ly/2JQTFaV

[34] – بلاغ حول بعض مرتكزات عدم مشاركة جمعية أطاك المغرب في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، 8 نونبر 2014. https://bit.ly/2JPTa0C

[35] – مشروع برنامج أولي لتسيير ديمقراطي للجماعات الترابية: 100 إجراء من أجل جماعات ترابية عادلة اجتماعيا”، غشت 2015.

https://bit.ly/37Ec3f7

.

[36] – جمعية أطاك المغرب: الوضع الراهن في ظل جائحة كورونا: منظور جمعية أطاك المغرب للأزمة ومطالبنا والبدائل التي نطرحها، 7 ماي 2020. https://bit.ly/3qytaaT

زر الذهاب إلى الأعلى