متابعة النضالات

تونس: النضال في الشارع من أجل تحسين الوضع الاجتماعي

تونس   النضال في الشارع من أجل تحسين الوضع الاجتماعي

تشهد تونس احتجاجات جماهيرية انطلقت في الأول من يناير العام 2018 ، منذ الإعلان عن الرفع من الضريبة على القيمة المضافة و البدء في تبني إجراءات التقشف التي تعدم حقوق الأكثر فقرا بتونس. إن مطالب الاحتجاجات الجارية الآن هي نفسها مطالب العام 2011، تلك التي دفعت بن علي للهرب. مطالب من أجل الشغل و الحد من غلاء المعيشة بالإضافة إلى مطالب تتعلق بالحرية و حفظ الكرامة. على عكس انتظارات التونسيين، ارتفعت المعيشة  منذ العام 2011 ( عام الثورة بتونس ) بنسبة 35  بالمئة  وتجاوزت البطالة معدل 15 بالمئة.

لم يتوقف الشباب عن التظاهر بإعلان مطالبه بل تواصلت المسيرات عشية مقتل شاب تونس على إثر مواجهات مع الشرطة.

الشغل و المعيشة على رأس المطالب

تدل شعارات المسيرات الشعبية الهائلة على مدى نقمة الشباب التونسي على التحالف الحاكم. توسعت الحريات العامة بعد سقوط بن علي خلال ثورة 2011، ومع ذلك يتواصل تطبيق سياسات التقشف حيث زاد معدل البطالة، لاسيما بطالة الشباب، وارتفعت تكلفة المعيشة و انتشر الفقر. تلك هي الشعارات التي  رفعها المحتجون تعبيرا على عدم رضاهم على توجه الحاكمين منفذي سياسات صندوق النقد الدولي التقشفية : “يا حكومة عار عار، الأسعار شعلت النار” و”يا شعب يا مقموع زاد الفقر زاد الجوع” . يحس  التونسيون و التونسيات فعليا بأن لا شيء تغير منذ رحيل بن علي ، على العكس تفاقمت أوضاعهم بؤسا: فسعر الدجاج ارتفع بنسبة 12.7 بالمئة و السمك بنسبة 8 بالمئة  و زيت الزيتون بنسبة 21.3 بالمئة و الخضروات بنسبة 12.8 بالمئة و الفواكه بنسبة 9.5 بالمئة في حين ارتفعت اللحوم الحمراء بـ 14.5 بالمئة .

لقد أعلنت الحكومة أن المواد الأساسية لم تشملها زيادات مثل : الخبز و الكسكس و السكر و العجائن و الكتب المدرسية . لا شك أن هذا الإعلان يدل على خوف الحاكمين بتونس و أيضا مجرد محاولة احتواء غضب المحتجين . لكن  الأكيد أن الرفع من أسعار هذه المواد الأساسية سيأتي دوره لا محالة ، لأن الخطة المعمول بها  في شتى البلدان هي: تمرير الزيادات تدريجيا . تغيرت الحكومات منذ سقوط بن علي وكثر الكلام الفارغ عن مستقبل تونس. في حين أن السياسات الليبرالية التقشفية لم تتغير، والوضع الاجتماعي لفقراء تونس على حاله: فقر و جوع و بطالة وعمل هش…..

يتبث قانون ميزانية 2018 انصياع حكام تونس المطلق لصندوق النقد الدولي. فميزانية 2018 و خيارات البلد الاقتصادية و الاجتماعية يعدها سلفا خبراء الصندوق للحفاظ على مصالح الشركات المتعددة الجنسية و الرأسمال العالمي. فتونس ستقترض هذه السنة من الخارج 7336 مليون دينار و من المتوقع أن يبلغ الدين العمومي 76165 مليون دينار أي بنسبة 71.4 بالمئة من الناتج المحلي الخام.كما أقر وزير المالية في جلسة برلمانية أنّ نسبة الدين قد تتجاوز 89% وقد تصل إلى حدود 100 % من الناتج المحلي الخام. أكيد أن هذا سيشكل ضغطا إضافيا على القدرة الشرائية للمواطنين بمزيد من الرفع في الأسعار.

ردت السلطة التونسية بعنف فقتلت شابا ببلدة طبربة التي تبعد عن تونس العاصمة 40 كلم  واعتقلت شباب صغار كتبوا على الحيطان شعارات ضد الحكومة و أخرين قاموا بتوزيع نداءات مناهضة لها . إنه الخوف من اتساع دائرة الاحتجاج و درس 2011 لا زال قائما أمام أعين الحاكمين أزلام بن علي. حيث كان للقمع نتيجة عكسية، بانتشار الاحتجاج ضد الحكومة و ضد سياساتها الليبرالية.

     هاهي الجماهير التونسية تبرهن مرة أخرى تشبتها بالعيش الكريم و الحرية و العدالة الاجتماعية عبر رفضها للعودة للمنازل  متشبثة بالتظاهر في الشوارع ، ضد كل المحاولات الديماغوجية لثنيها عن النضال و جر غضبها نحو الصناديق الانتخابية و المؤسسات الممسوخة . إن الشارع هو الذي أسقط بن علي العام 2011 و هو الذي سيسقط النهضة و قائد السبسي و خدام المؤسسات الإمبريالية العالمية . إن الجماهير المناضلة بالشوارع و الأحياء و المعامل هي التي سترسم طريقا ديمقراطيا  حقيقيا يجعل من الاولوية تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين ، عبر اختيار ممثلين حقيقيين يقطعون مع سياسات المؤسسات العالمية الليبرالية. ممثلو الجماهير الحقيقيون الذين سينظمون النقاشات تلو النقاشات حول الخيارات الاقتصادية و الاجتماعية ذات النفع الحقيقي للفقراء و الكادحين التونسيين (نساء و رجال) ليس في غيابهم بل في حضورهم و بأماكن عملهم:  المعامل و الأحياء و القرى…..

شعوب المغرب الكبير إلى الأمام

بقلم : و.ع

—————–

لمزيد من المعطيات  :

https://www.europe-solidaire.org/spip.php?rubrique130

مقال :  ميزانية 2018 : حربٌ على الشعب وانحيازٌ لِلُّوبيات والمصالح الاستعمارية   – موقع cadtm

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى